بقلم : د. فايز أبو شمالة ... 27.07.2011
إن شئت في منتصف الليل أو في مطلع النهار، اضغط على الرقم 101، يأتيك الجواب سريعاً: إسعاف. حدد له المكان، يأتيك كطائر البرق، إنه إسعاف قطاع غزة، المقاتل الذي تعود على المواجهة في كل الميادين، وفي جميع الأوقات، رغم كل المتغيرات، وهم يؤكدون أن العمل المهني أرقى من الخلافات، وأن واجبهم الإنساني أسمى من كل الرايات.
الرقم 101 نموذج على التفاني في العمل الصحي في قطاع غزة، عمل متواصل بلا كلل، وبلا تشكي، وبلا تأفف، وبلا التفات لنصف الراتب المقطوع، أو المتأخرات من الرواتب، حتى صار الرقم 101 له مشاعر إنسان، وله قلب عاشق، وله رسالة صدق مع النفس، رغم تشكي الدكتور باسم نعيم وزير الصحة الفلسطينية من النقص الحاد في الأدوية، جراء الحصار، فقد ظل الإنسان الفلسطيني العامل في الحقل الصحي يصنع المعجزات.
قد يظن البعض عكس ما أقول، ولكن لتأكيد فكرتي، سأورد الحقائق التالية:
ثلاثة عشر عاماً زمن السلطة الفلسطينية، تعاقبت على الصحة في قطاع غزة عدة وزارات، ووزراء، ووكلاء وزراء، ومدراء عام بالعشرات، وجميعهم لم ينجح في إيجاد طبيب مختص، وغرفة عمليات لمعالجة أمراض القلب، لم توفر أي من الوزارات السابقة ما يساعد مرضى قطاع غزة، بالتالي كان على مئات المرضى السفر إلى مصر أو عمان للعلاج، وكان على السلطة أن تدفع مبالغ باهظة جداً لإجراء عملية قلب مفتوح، أو حتى "الكسترة" في فترات سابقة، ولطالما أنتقد الأطباء، والمختصون عمل الوزارات الفلسطينية السابقة على قصورها في حق غزة، وعجزها عن توفير غرفة عمليات، وطبيب مختص، يساعدها على توفير الملايين من الدولارات، وتوفير العناء على المرضى.
منذ مطلع عام 2010، لحقت غزة بركب الأمم، لقد تم ذلك رغم الحصار الإسرائيلي، ورغم نقص الأدوية، وصارت غزة تجرى عمليات القلب المفتوح في مستشفى الشفاء، لقد حلت المعضلة، وفكت اللغز، ونجحت وزارة الصحة الفلسطينية في التعاقد من الطبيب المختص مروان الصادق، ويرافقه في العمل الدكتور المختص مروان ياغي، ثنائي طبي يرافقهم عشرات المختصين نجحوا في إجراء جراحة القلب المفتوح لعشرات المرضى، وهم يوصلون الليل بالنهار في عمل لا يقدر بمال، ولا تجيزه الكلمات، ومن يدخل وحدة القلب في مستشفى الشفاء في غزة، تشده التهاني والشكر للدكتور مروان الصادق والدكتور مروان ياغي، على نجاحهما في إجراء عمليات القلب المفتوح لعشرات الحالات.
يقول العارفون في غزة، إن تحويل مئات الحالات المرضية إلى مستشفيات إسرائيل والأردن ومصر وأوربا، كان وراءه "بزنس" وهنالك من يتكسب مالاً وفيراً من خلال هذه التحويلات، التي تتم بالتنسيق مع وكلاء في مستشفيات تلك الدول التي يحول إليها المرضى!. هكذا يقال، وهذا أمر يستوجب تقديم الدليل والبينة، ويستوجب التحقيق، والتدقيق.
ضغطت على الرقم 101 أكثر من مرة، وتأكدت من سرعة الاستجابة، ولكنني في أحدى المرات سألت: ماذا سيحدث بعد أيلول، بعد أن يتوجه السيد عباس إلى الأمم المتحدة؟ أقفل الموظف الخط بعد أن قال: ما بعد أيلول إلا القشل السياسي، ولم يقل الفشل الفلسطيني!