أحدث الأخبار
السبت 23 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
التحليل الإخباري لخطاب السيد الرئيس..!!

بقلم : سهيل كيوان  ... 25.08.2011

كنا قد قرأنا وسمعنا عن مصطلح السفسطائية والسفسطائيين دون أن نعي ذلك، وقد بدأ هذا التعبير بالتغلغل إلى جميع فئات الشعب منذ خطاب السيد الرئيس الأول بعد بدء ما يسمى انتفاضة المدسوسين، بدأ الشعب يعي بشكل ممتاز ماذا تعني الفلسفة السفسطائية، وفي كل خطاب لسيادته تزداد معرفتنا بهذا المذهب الفلسفي، كان آخرها لقاء سيادته التلفزيوني الذي أبدع فيه وسفسط، ونستغرب أن البعض لم يستمتع بقدرة سيادته على تسفيط الكلام، لقد تابع العالم بشرقه وغربه وشماله وجنوبه وحتى في المحطات الكونية الخارجة عن الجاذبية الأرضية كلماته مبهوراً من قدراته في عجن الكلام وتخميره وصبّه في قوالب مبهرة، إذ أكد سيادته أن موقع كلمة في القانون قد يغير من فهم القانون نفسه، وقد يقع البعض في فخ الالتباس. لقد قال سيادته الكثير من الكلام دون أن يسمي شيئاً باسمه، وهذا درس لقيادات العالم لتتعلم من سيادته هذا الأسلوب الممتع في الإنشاء، كي لا يختصروا خطبهم الجافة إلى بضعة أسطر يحشون فيها ما هب ودب من القرارات العسكرية والاقتصادية والاجتماعية المصيرية بدون الأخذ بعين الاعتبار الجانب الجمالي للغة، فالرئيس لا ينتخب فقط لاتخاذ القرارات بل لإمتاع الشعب في طريقة تقديم هذه القرارات وكما قال سيادته 'القانون نفسه له عدة قوانين إضافية لاحقه تفسّره وتدعمه، والقوانين التي تفسر القانون لها أيضاً تشعبات كثيرة لتفسيرها قد تحتاج إلى خبراء محترفين، فالقانون قد يكون في ظاهره الرحمة وفي باطنه البلاء أو العكس وإلا لما كنا لنسميه قانوناً أصلا'.
إذاً سيداتي سادتي وكما قالت سعاد حسني ضحية نظام كامب ديفيد البائد 'الدنيا ربيع والجو بديع' في بلدنا الحبيب ولا حاجة للإزهار والتلقيح الاصطناعي، وإذا كان للعرب ربيع بالفعل فقد بدأه سيادته منذ كان في ميعة الشباب، وإذا كانت الثورات على الفقر فما شأننا نحن في بلد يعاني من الرخاء، وإذا كانت على البطالة فأين هي البطالة عندنا، نعم لدينا متبطلون وليس بطالة، أما إذا كانوا يحتجون على التوريث فمن يختاره الشعب لا يعتبر وريثاً حتى لو كان والده حاكماً من قبله، وإذا كان الثورات ضد الفساد فحلقاتنا التلفزيونية برعاية سيادته كفيلة بمحاربته، فمسلسلاتنا الله حاميها، وإذا كانت ثورة بعض الشعوب ضد قوانين الطوارئ فقد أنهاها سيادته بغمزة واحدة، وليس على الشعب سوى فهم القانون واستيعابه كي لا تقع التباسات، وإذا ثارت الشعوب انتصارا لكرامتها القومية فهذا بالذات ما ليس ينقصنا بل ونصدره عبر حدودنا لمن يحتاجه، إذاً من هذا المنطلق وإذا كان كل ما تريد أن تضحي لأجله موجوداً فلماذا تضحي مرة أخرى، ولتوضيح هذه النقطة المفصلية قال سيادته 'عندما تكون بوابة الوطن مفتوحة على مصراعيها فلماذا تحضرون مطرقة بوزن طن لفتحها بالقوة! ولماذا تصرخون 'الشعب يريد فتح البوابة' فهي مفتوحة بقرار رئاسي، إذاً فهم يريدون خلع البوابة وليس فتحها، ولماذا يصبح الدخول غير مرغوب فيه إذا كان شرعياً ومع وردة وفلة وياسمينة، طبعا لا ورد ولا ياسمين لمن اختاروا خلع بوابة الوطن والتطاول عليها، وأضاف سيادته 'لقد أرادت قلة قليلة مزعجة تخريب اقتصادنا الوطني ولكن ليرتنا الله حاميها، فقد قويت مقابل الدولار واليورو والين، وهذه معجزة اقتصادية أخرى، وأضاف سيادته' في الغرب يستغربون كيف أن ليرتنا صمدت رغم كل محاولات التخريب والحصار، وهذا ببساطة لأننا افترضنا عدم وجود أوروبا، والآن لا توجد مشكلة في افتراض عدم وجود أمريكا، وقد نضطر لإصدار مرسوم رئاسي بعدم وجود اليابان وتركيا، أما الأصدقاء مثل الصين وروسيا والبرازيل فنطمئنهم بأننا لن نتجاهل وجودهم، لسبب بسيط هو أن ليرتنا الله حاميها، وعمليا فإن القدر يحمي ليرة كل من لديه إرادة للصمود وهذا متوفر لدينا، وتساءل سيادته 'ما الذي يزعج الغرب وما سر هذا العداء لبلدنا الحبيب فقال 'دعونا نميز أولا بين الدول الاستعمارية وبين الغرب، فليس كل الغرب دولاً استعمارية، وحتى الدول الاستعمارية ليست بنفس مستوى العدائية لنا، مثلما أن الشرق ليس كله ثورياً ولا كلّه يتذوق طعام الـ(سوشي)، فلو نظرنا إلى الخارطة لوجدنا أن إسبانيا تقع إلى الغرب من فرنسا وها هو رئيس الوزراء الإسباني يدعوني وأسرتي لنعيش في إسبانيا في أمان شرط أن أترك السلطة وهذا هو المستحيل بعينه، ليس لأنني عاشق للسلطة فالجميع يعلم أنهم أحضروني ورجوني لتسلم السلطة ولست من أولئك الذين سفكوا الدماء لأجلها، ومن هنا فأنا خيار الشعب، ومن يختاره الشعب لا يترك المسؤولية، إلا بعد ضمان أمن واستقرار الشعب والقضاء على المؤامرات المحيقة به بصورة حضارية ديمقراطية حقيقية وليست مزيفة! ثم إذا توغلنا غرباً أكثر، أليست كوبا وفنزويلا في الغرب، إذاً يجب علينا التمييز بين غرب وغرب وحتى بين استعمار واستعمار، ورغم ذلك يطالبوننا بالديموقراطية فعن أي ديمقراطية يتحدثون'.
وهنا قال سيادته 'للديمقراطية عدة نكهات مثل (الآيس كريم)، فالآيس كريم الأمريكي ليس مثل نظيره الإيطالي أو البلجيكي وحتى الإسباني، ونحن لدينا(الآيس كريم) بطعم خاص بشهادة طهاة ومستطعمين غربيين، وأدعو الغرب لزيارتنا في أسواقنا الشعبية وتذوق (آيس كريمنا) المصنّع يدويا، وبهذه المناسبة أقول لجارنا التركي إنتبه (للدندرما)بتاعتك ودعك من آيس كريمنا! ثم لماذا لا تفرض إيطاليا أيس كريمها على أمريكا ولا تفرض أمريكا(أيس كريمها)على ألمانيا بينما جميعهم يريدون فرض آيس كريمهم علينا،وهنا يقول سيادته 'لكم آيس كريمكم ولنا آيس كريمنا' وأضاف سيادته' إن ما يغيظ الاستعمارهو أننا استبقنا الربيع بعقود بل بقرون، ببساطة لأن الربيع عندنا دائم، ولم نحتج لربيع مصطنع، وندعو وسائل إعلامهم لزيارة عرائش الياسمين في وطننا الحبيب ليتعلموا كيف يكون الربيع أبدياً منذ بدء الخليقة وليس موضة طارئة'. هذا وكانت لحظة مؤثرة عندما تحدث سيادته عن رأيه بأداء إعلامنا الوطني فقال:'فضائيتنا وكاميراتنا الله حاميها...فقد وقعت معظم الفضائيات الكبرى والغنية والممولة من النفط العربي في الفخ وأعلنت عن اعتقال سيف الإسلام القذافي وسقوط طرابلس بأيدي المتمردين، ويسجل لإعلامنا أنه تجاهل الأمر نهائيا حتى اليوم التالي وهذا ذكاء كبير، فعندما حصصت حقيقة سيف الإسلام وزهقت الجزيرة والعربية ومصطفى عبد الجليل، تبينت الحكمة من سكوت إعلامنا. واسترسل سيادته'البعض يقول إن لنا أرضا محتلة وإن الجبهة هناك صامتة منذ أربعة عقود، لهؤلاء نقول خسئتم فمرتفعاتنا ليست محتلة، لأن أهلها أحرار أولاً، والقضية ليست في احتلال هضبة هنا أو مرتفع هناك، هناك دول محتلة بكل مقدراتها دون وجود أي جندي أجنبي ظاهر على أراضيها، ولكنها موجهة من بعيد بواسطة (الريموت كونترول) فيفعلون ما يؤمرون به عبر المحيط، أليس مسخرة أن يدّعي الثورية من يمنع المرأة من قيادة السيارة ثم يطالبنا بالحرية والإصلاحات، نحن على تفاهم تام مع الإنسان في مرتفعاتنا غير المحتلة، وكل النساء هناك يقدن السيارات والجرارات رغم أنف الاحتلال الوهمي، أما المحرضون علينا والذين يستكثرون على المرأة قيادة السيارة في بلدانهم فقد قال فيهم سيادته'لو استحى القاق ما غنى..'سيداتي سادتي إلى اللقاء مع خطاب سيادته القادم والذي سيتناول فيه موضوعة 'الإنشاء اللغوي في مواجهة المؤامرة' والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.