بقلم : ريم عبيدات ... 30.11.2010
من بين الرفوف أطلت لتفاجئنا بثوبها العربي الأنيق ولتفتح مجلة “ناشيونال جيوغرافيك العربية” عيونها للشمس الساطعة مكتحلة بأجمل الصور المميزة والموضوعات الشائقة من كافة أركان الكون .
وأظنه الأسعد بالمفاجأة المدهشة، ذلك الجيل الرصين من مثقفي الوطن العربي، الممتطين لنظارات طول النظر وربما العدسات المكبرة، الذين امتدت أياديهم مبكراً نحو منتجات العالم الرفيعة، إذ شكلت “ناشيونال جيوغرافيك” إطلالتهم على العالم الآخر، وأداتهم حتى لتمكين لغتهم الإنجليزية، وبابهم الحقيقي نحو المنتج المعرفي العالمي، رغم صعوبة وصولها إلى الوطن العربي، وقلة عدد الناس الذين كانوا يتداولونها وبالذات متحدثي اللغة الإنجليزية .
الهدية النادرة التي تقدمها الإمارات للوطن العربي، ليست حدثاً عابراً في بوصلة الثقافة العلمية والآثارية والجغرافية والأنثروبولوجية، بل سعي حقيقي لملء فراغ كبير في المكتبة العربية في القضايا العالمية المهمة .
ولا تزال عيون الطفل ترقب باهتمام المناقشات العلمية والثقافية والتنموية التي كانت تثيرها “ناشيونال جيوغرافيك” بين مثقفي العالم العربي وأغلبيتهم من التكنوقراط وأعضاء الطبقة الوسطى، الحالمين بوطن معرفي، وخاص بملامحه وهويته وتماسكه الثقافي، وانفتاحه على العالم وتجاربه اللافتة، ولن تنسى عيون الطفل مدى جاذبيتها كمجلة تتعدى اهتمامات المثقفين والكبار للذوق الرفيع والإتقان في الإخراج والفرادة في التصميم .
ناهيك عن مبدأ السهل الممتنع لتمكين قراء العالم، من الوصول إلى موضوعات شائقة ومهمة جداً عبر لغة متماسكة وسلسة وتقارير وقصص شائقة، ووسائل مبتكرة في تقديم المعلومة، والتحقيقات الموغلة في إبداعها الفني والصحافي والعلمي .
وحدهم قراؤها يعرفون القيمة الفعلية لمجلة تعدت حدود غلافها إلى تفكير مدني وسلوك عالمي، للتحول إلى مؤسسة دولية غير ربحية حقيقية لها أنديتها وجمعياتها ومؤسساتها، وصدروها بأكثر من 33 لغة، وتغطيتها لأكثر من 60 دولة حول العالم .
هدية “أبوظبي للإعلام” للقارئ العربي ستمكنه من الاطلاع على المقالات التي حازت جوائز عديدة، والمختصة في الجوانب الجغرافية وعلم الآثار والعلوم الطبيعية، وفرصة الاطلاع على الصور الإبداعية التي تقدمها لرصد روائع الطبيعة في كافة أرجاء العالم، إضافة إلى 20% من المضمون العربي المميز لنسخة قارئ الضاد .
في تهانينا للمجلة العربية نتذكر المعادلات الموغلة في دقتها وخصوصيتها التي تمكنت المجلة الأم من تجاوزها عالمياً مع قارئ من مختلف الجنسيات والمواقف والثقافات، فيما براعتها الفنية تتعدى الممكنات، ووثوبها في الوقت ذاته لفك لغز الإمكانية والإتاحة لموضوعات صعبة للشريحة الأكبر من قراء العالم، وجعلها المطبوعة العملية والبيئية الأكثر تداولاً، ونقل الحديث العلمي حبيس المكاتب والمحافل المتخصصة إلى آفاق المشهد الأوسع واهتمامات القارئ بديمقراطية فريدة .