أحدث الأخبار
السبت 23 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
الجَمَلْ والجَمَالْ في البادية!!

بقلم : موسى الحجوج ... 30.09.2010

ويسموه أهل البادية والصحراء بالبعير وهو أيضا سفينة الصحراء عاش ومازال يعيش مع اهل البادية حتى يومنا هذا. للجمل قدرة غير عادية على تحمل العطش والجوع، فهو باستطاعته أن يبقى لمدة ثمانية أيام كاملة بلا ماء ولا طعام في الصحراء ,وهو يحمل أمتعة وحمولة أهلنا حيث تنقلهم من مكان إلى مكان في هذه الدنيا. والذكر يسمى : جمل - بعير والصغير يسمى حوار أما الأنثى فتسمى حواره وعند الولادة فاطر ,وعندما يبلغ عمره عامين فهو يسمى مفرود وأيضا يطلقون عليه اسم "حاشي".
وبعد الخمس سنوات يسمى "رباع للذكر ورباعية للأنثى ,وعندما يظهر نابه يسمى انوب أو هناك من يسميه "سداس", والناقة تسمى بعد الولادة وتلد حتى عشرة أو اثني عشر مولودا .ويقتات الجمل على الأعشاب وأحب إليه من الأعشاب تلك التي تحمل الأشواك ومن الجدير ذكره أن طعم الحليب مربوط بالأعشاب التي اقتات عليها الجمل أو الناقة.
ومدة حمل الناقة تستمر حوالي سنة وترضع حوارها أيضا سنة كاملة , ويعيش الجمل حوالي ثلاثون عام ,وعندما يكبر ويهرم يطلقون عليه اسم الهرش كونه أصبح هرما أما الناقة فيسمونها بالفاطر ,ويصاحب الجمل أهلنا دائما في أسفارهم وهي صبورة وتتحمل المشاق والتعب وكذلك تجد عند كل بيت جمل وهناك من يملك العشرات بل المئات منها حتى يومنا هذا . ومن الأمور التي يضعوها على جسد الجمل عديدة سنورد هنا منها:
الوثر :-والوثر يصنع من الخشب وعادة الخشب الصلب وعلى الوثر يضعون اللوازم وكل ما يريدون أن ينقلوه في أسفارهم.
الشْداد :-والشداد يصنع من الخشب وتحته يضع القش أو التبن وأحيانا الصوف ويوضع على ظهر الجمل.
الميركه:- والميركه توضع على الشداد وهي للزينة والجمال وتكون عادة فيها ألوان عدة مزخرفة الشكل تعطي الجمل رونقا وجمالا.
الرسن:- الرسن يلجم البعير أو الناقة ويصنع من الحبال المتينة أو القيد ومكانه وجه الناقة .الهودج:- وهو عدد من الأخشاب الرقيقة سهلة التشكيل تقوس على شكل يشبه القُبة، تعلو منبسط من أخشاب اقوي منها ويتصف بالمتانة وهو قوي او هو بالأحرى مقعد متنقل يوضع على الجمل تركب داخله المرأة والعروس. ويكسى الهودج كله أعلاه وجوانبه بنسيج من صوف أو غيره ويزين بالألوان والزخارف ويبطن فلا يبرز من أخشابه سوى بعض أطرافه كمقابض من الخارج لحمله أو إنزاله، والهودج في مجمله شبيه بمظلة تقي من بداخلها من البرد والريح وكذلك الناس من رؤية لمن بداخلها وقد صنع الهودج أساسا لتحقيق الستر للمرأة أثناء ركوبها على البعير.
الخزام:- وموضعه انف الجمل حيث يستطيع الراكب ان يتحكم ويسيطر على الناقة أو الجمل.
الغُرظَة :-وهي للجمال والأناقة مصنوعة من الشعر وهي منسوجة بشكل جميل وفيها شراشب جميلة مربوطة بالشداد.
كان ومازال حليب الناقة من اقوي الألبان وفوائده الصحية معروفة ومثبتة ويعالج به أمراض عديدة وتحلب الناقة من الجهة أليُسرى ويسموها أهلنا بالناقة المسوح عندما يمسح على شطرها فإنها تحلب وتدر بالحليب, والناقة التي لا تريد أن تدر الحليب يسموها جاحدة .وللإبل ألوان عديدة منها الناقة البيضاء وهي الناقة صاحبة اللون الأبيض والمجاهيم حيث يطلق على الناقة صاحبة اللون الأسود ,.والمرأة الجميلة يشبهونها بالناقة أو البكرة وهي من أسماء الإبل في البادية .
والوان الابل في البادية تختلف أحيانا عنها في مناطق أخرى فالناقة الوظحى هي ذات اللون الأبيض أما الشقحى فهي التي يختلط فيها لونان الأبيض مع اللون الاحمر أما ذات اللون الازرق فلونها اسمر واما ذات اللون الاحمر فيسمونها الحمرى والملحا هي نفسها ذات اللونين الأبيض مع الأحمر .
وكثرت القصص والأساطير الشعبية عن الجمال وعن هذا المخلوق غريب الأطوار ففي بعض الروايات الشعبية كان الجمل يظهر للمارة أو عابري السبيل أو السائرون ليلا على شكل شبح مرعب ومخيف يسبب لهم الذعر الشديد وهناك من يشاهده يسير من أمامه بسرعة فائقة وشديدة وهناك من يُجزم انه شاهد جمل يظهر ومن ثم يختفي او سمع صوت الجمل ولكن عند بحثه عن مصدر الصوت لم يعثر له على اثر.
ولا يثق أهلنا في البعير، لأن الجمل هو الحيوان الوحيد الذي لا ينسى من ظلمه، ويقولون: "فلان حقود زي الجمل"، ولذلك فقد أخذ أهلنا الحيطة والحذر من الجمال لأنهم آمنوا بأن الجمل ليس له أمان.
وفي إحدى القرى البدوية في الجنوب عثر في الصباح على جمل وهو بارك على صاحبه وقد كسر عظام صدره, لأن صاحبه كان قد أهانه قبل عدة أيام.
وفي قصة أخرى أن أحد الجمال رفع أحد أطفال صاحبه الذي يملكه من شعره عالياً انتقاماً من صاحبه بسبب ما لاقاه منه ومن أفعاله.
ويحكى أن رجلاً كان يركب ظهر جمله ويسير في الصحراء، وحدث أن المنطقة كانت خلاء، فتوقف الجمل ونظر للرجل نظرة مكر وغدر، وكانت عيناه توحي بما يفكر فيه من المكر والغدر، وعرف الرجل ما في نية الجمل فسار به حتى وصل لشجرة وقربها عرب يسكنون في المكان, فنزل من على ظهر الجمل وأخذ الجمل يرتع ولكنه كان ينظر للرجل ويتحين الفرص للغدر به، فما كان من الرجل إلا أن رمى عباءته ووضع داخلها عوداً، وبدت العباءة مع العود وكأنها تشبه الرجل صاحب الجمل، وكان الرجل في هذه اللحظة قد تسلق الشجرة وأخذ يراقب البعير، فنظر البعير ورأى العباءة فظن أنها الرجل فهجم عليه، ويقال إن الرجل نادى عليه من على الشجرة ونزل إليه وذبحه بسيفه، ووصل للعرب القريبة منه وأخبرهم بقصته مع الجمل فساروا وتقاسموا لحمه فيما بينهم.
وغنى اهلنا في البادية أروع الألوان الغنائية على ظهر الجمل وهو الهجيني حيث الصحراء والصفاء والمحبة وكان الجمل أو الناقة يطربان للغناء ويزداد نشاطهما وتسرع مع سماعها الهجيني ومن هذا الغناء:
يا عيال يا مشرقين اثنين يا مزهرين المناديل
ياحمده جتكو تجر الثوب تمشي على ناعم الريشِ
يا صيت أبوها مع البدوان من دقاقين المهابيش
يا قلبي يللي غديت قلبين تفرقن كيف نجمعهن
طيري سرح وابعد المِسْراح شوحت أناه وابعد المشواح
ومن الغناء الشعبي للابل كان الحداء حيث كانت الابل تطرب جدا لسماع الاغاني لها وتتمايل فرحا مع انغامه وتفرح له وتنشط للغناء وخاصة عند البئر للشرب ومن هذا الغناء
عـلى ري الــفـاطــر - لـمـا يـطـيـب الـخاطر
ياِحـِسْن طلي وشوفى وايش على ألبير وقوفي
عـشـيـرك يـاريـــــا عـلـى الركايب عـيــــا
واللي يرن سوارهـــا نحلب الخواره ألـــهـــا
ياابو خـليق ابيــض ريظ على اللمى ريـظ
يا رقيق العصــــلوب تميت لك مــصــلــوب
يابــو شنـيف فضـة والـهرج عـنو غضــــــه
يابو قنيع محجـــر والــزيـن تـوة صــــــدر
يابو ثويب مطـــرز اقـــــرب ولا تبــــــرز
ماهدنى و اضنـانـى غير انت ياالغيدانــــى