بقلم : آمال عوّاد رضوان ... 08.06.2011
على استحياءٍ يظلُّ يَسكنُها الشّعرُ بصمْتِهِ الخجول، يدعوها، وتُؤجّلُ تلبيةِ نداءِ جمْرِهِ في أيّامِنا العصيبة، إلى أن اتّصلَ بها أحدُ أصدقائِها، ليغمرَها بعطرِ المفاجأة، وتغوصُ كلماتُها المتهدّجةُ في كذبةٍ تخشى أن تصدّقها.. كيف؟ متى؟ أين؟ لا علمَ لي..
- منذ أيّامٍ والخبرُ يتطايرُ بين الفائزين!
وتمضي إلى ذاك العنوانِ المفقود علّها تؤمن، فإذا ببريقِهِ يندهُ سراجَيْ عينيها ليستضيئا بعطرِ المفاجأة، وتتلاحقُ الحروفُ مهرولةً تُسابقُ لحاظها ولحظاتها في الإعلان:
الشاعرة آمال عوّاد رضوان تفوزُ بجائزةِ الإبداع، ضمنَ خمسةٍ وخمسين فائزًا جديدًا بجوائزِ ناجي نعمان الأدبية!
جائزة الإبداع التي تقيمها سنويًّا دار نعمان للثقافة، وبلغَ عددُ المرَشَّحين المُتقدِّمين لنَيل جوائز ناجي نعمان الأدبيَّة للعام الحالي 1322 مشتركًا ومشتركة، جاؤوا من ثلاثةٍ وخمسين دولة، وكتبوا في تسعٍ وعشرين لغةً ولهجة، هي: العربيَّة (الفصحى والمَحكيَّة في أكثر من لهجة)، الفرنسيَّة، الإنكليزيَّة، الإسبانيَّة، الرُّومانيَّة، التُّركيَّة، البلغاريَّة، الأسوجيَّة، الصِّربيَّة، الألبانيَّة، الرُّوسيَّة، الصِّينيَّة، النَّروجيَّة، الإيطاليَّة، الأرومانيَّة، الغاليسيَّة، الألمانيَّة، اليونانيَّة، اليابانيَّة، المقدونيَّة، المايا، البولونيَّة، الأوكرانيَّة. وأمَّا قِطافُ هذا الموسم (الموسم التَّاسع) فجاءَ جوائزَ نالَها خمسةٌ وخمسون فائزًا وفائزة، وتوزَّعت على النَّحو الآتي:
1- جوائزُ التَّشجيع: هايل المذابي (اليمن)؛ سيلين دواليبي وسناء سبَيتي (لبنان).
2- جوائزُ الاستحقاق: بول-إرسيليان روشكا (رومانيا)؛ جوزيان ميكايل كواغو شيمو (الكاميرون)؛ صابر الحباشة (تونس-البحرين)؛ إيمان الشَّافعي (مصر)؛ عبد السَّلام الجعماطي، توفيق بوشري، يونس لَشهَب (المغرب)؛ رائد غنيم (فلسطين)؛ أثير الهاشميّ (العراق).
3- جوائزُ الإبداع: نور سوجي-بهات (جزيرة موريس)؛ آمال عوَّاد رضوان وعزَّت أبو الرَّبّ (فلسطين)؛ كارمن كُرتِز ونيسولينا أوبرِيا وغوران مراكِش، وفلورُنتينا ستانسيو (رومانيا)؛ حسن النوَّاب (العراق-أُستراليا)؛ خالد خشان، ومهنَّد التَّكريتيّ (العراق)؛ طوني رِبِتشي (فرنسا)؛ عمار بوخروفة (جمل جيجي)، وعبد الله التواتي (الجزائر)؛ خليد خريبش ومحسن الوكيلي وعبد السَّميع بنصابر، وخديجة موادي ومصطفى النَّفيسيّ ويوسف الأزرق وقاسم لوباي (المغرب)؛ حميد الهجَّام (المغرب-سنغافورة)؛ إيناكسيو غولداراسينا (إسبانيا)؛ محمَّد عبَّاس علي (مصر)؛ محمَّد أخرس (سوريا)؛ ناجي يونس، ورَلدَه كرم، ولمى ناصر (لبنان).
4- جوائزُ التَّكريم (عن الأعمال الكاملة): نالَها كلٌّ من الكاتب المغربيِّ أحمد حفضي؛ الشَّاعر الصِّربيّ ألكسندر بلجاك؛ الشَّاعرة ومروِّجَة الثَّقافة الرُّومانيَّة أنجِلا باسيو؛ الشَّاعرة والمؤلِّفة الفرنسيَّة أرلِتّ أُمْس؛ الشَّاعرة والباحثة والدِّبلوماسيَّة الرُّومانيَّة كارولينا إيليكا؛ المسرحيّ والرِّوائيّ الكنديّ دُني-مارتِن شابو؛ الشَّاعر والنَّاقد الصِّينيّ ديابلو (زانغ زي)؛ الشَّاعر الإيطاليّ فابريزيو كارامانيا؛ المسرحيّ والشَّاعر والموسيقيّ وكاتب الأغاني والرِّوائيّ الفرنسيّ جيلبِر ماركِس؛ الشَّاعر والنَّاثر الرُّومانيّ يوان رادو فاكارِشكو؛ الشَّاعر والمُحرِّر ومُقَدِّم البرامج الإذاعيَّة والتِّلفازيَّة التُّركيّ ميسوت سينول؛ الشَّاعر البولونيّ ميزيسلاف كوزلوفسكي؛ الشَّاعر الصِّربيّ ألكسندر كوتريتش؛ الشَّاعرة وعالمة الاجتماع الفرنسيَّة نيكول باريير؛ الشَّاعرة والنَّاقدة اللُّبنانيَّة صباح خرَّاط زوَين؛ مُغَنِّية الأوبرا والسُّوبرانو والباحثة في الموسيقى العربيَّة والتُّراث الأندلُسيّ المغربيَّة سميرة القادري.
وللمناسبة، عيَّنَت مؤسَّسة ناجي نعمان للثَّقافة بالمجَّان السَّيِّدة سميرة القادريّ سفيرةً فوق العادة للثَّقافة بالمجَّان، كما عيَّنت السَّيِّدة كارولينا إيليكا سفيرةً فخريَّةً لها.
هذا، وسيتمُّ خلال شهر تمُّوز المُقبِل نشرُ الأعمال الفائِزَة، جزئيًّا أم بالكامل، في كتاب الجوائز لهذا العام من ضمن سلسلة "الثَّقافة بالمَجَّان"، كما ستوزَّعُ الشَّهاداتُ الخاصَّةُ على الفائزين، علمًا أنَّ تلك الشَّهادات تمنحُ هؤلاء عضويَّةَ "دار نعمان للثقافة" الفخريَّة.
والمعروف أنَّ جوائزَ ناجي نعمان الأدبيَّة الَّتي انطلقَت عامَ 2002 تهدفُ إلى تشجيع نشر الأعمال الأدبيَّة على نطاقٍ عالميّ، وعلى أساس إعتاق هذه الأعمال من قيود الشَّكل والمضمون، والارتقاء بها فكرًا وأسلوبًا، وتوجيهها لما فيه خَير البشريَّة ورفع مستوى أنسَنَتها.
ولعلَّ من المُفيد الإشارة، هنا، إلى أنَّه، نظرًا للإقبال الهائل على الاشتراك في هذه الجوائز، فقد تقرَّرَ خَفضُ نسبة الفائزين فيها إلى ما دون الخمسة في المئة من عدد المُشارِكين كلَّ عام.
وأمَّا مؤسَّسةُ ناجي نعمان للثَّقافة بالمجَّان، وهي جمعيَّةٌ من جمعيَّات المجتمع المدنيّ، ولا تبغي الرِّبح، فقد وُجِدَت مؤخَّرًا لتضمَّ أنشِطَةَ ناجي نعمان الثَّقافيَّة المجَّانيَّة المُنطَلِقَة منذ عام 1979، وتلك الَّتي قد تليها، على أن تُشاركَ فيها نخبةٌ من رجالات الثَّقافة ونسائها عبرَ العالَم، وبحيث تؤمَّنُ للثَّقافة بالمَجَّان الاستِمراريَّةُ والتَّوسُّعُ والانتِشار، أكثرَ فأكثر، وتؤمَّنُ، بالتَّالي، خدمةُ أهل القَلَم بنَشر أعمالهم، ولاسيَّما خدمةُ القرَّاء بوَضع المَزيد من الأعمال المَنشورة بين أيديهم، إلى استِمراريَّة تَفعيل الأنشِطَة الثَّقافيَّة المَجَّانيَّة الأخرى، وتوسُّعِها وانتشارِها (من مِثل الجوائز الأدبيَّة في النِّطاق العالميّ، أكشاك الكُتُب المجَّانيَّة للعُموم، الصَّالونات الأدبيَّة والثَّقافيَّة، المكتبات العامَّة المتخصِّصَة بالأعمال الكاملة...).
ولأوّلِ مرّةٍ تعجزُ الحروفُ المغموسةُ بالرّهبةِ عن ملامسةِ محابرِ فرحِها الدّامع!
بلحظة؛ تغدو طفلةً تسرقُها أحضانُ الفرحةِ في غفلةٍ مِن مشاغلِ حياتِها الّتي تفوقُ طاقاتِها، وتحملُها الذّكرى على أجنحةِ الرّهبةِ الأولى، حينَ حلّقتْ تتخفّى بحروفِها تتلمّسُ ردودَ فِعلِ قرّائِها، تجسُّ بمجسّاتِ نبْضِها دروبًا شعريّةً وعرةً قد تأتي عليها، وأمامَ إلحاحِ قرّائها بفكِّ لغزِها العَصيِّ، تخرجُ مِن قشرةِ الأسماءِ المستعارةِ (سحر الكلمات)، لتبوحَ باسْمِها الثّلاثيّ (آمال عوّاد رضوان)، ويتلقّفُها نورٌ طازجٌ يُبلّلُ قلبَها بوجلِ مسؤوليّةِ الكلمةِ والوطنِ والإنسانِ دونَ مواربة!
هي التي ما انفكّت طفلةً تتكوّرُ في رحمِ حلمٍ بهيج، تخشى أن يمسُسْ عنقَ قلبِها أفعوانُ يأسٍ وغرورٍ يندسُّ في تلابيبِ آمالِها، وتُصرُّ بجَلَدِها أن تعتمرَ قبّعةَ نحلةٍ مشاغبةٍ لا تلسع، لكنّها تستنهضُ شِفاهًا مدهونةً بروجِ اللاّمبالاة، تعطّلت عن تذوّق الحقيقة، وبشقاوةِ حرفِها تحاولُ أن تُفكفكَ هنا وهناك أسئلةً مُسيّجةً مِن عقالاتِها، لتشهدَ البرايا خفايا القِرش، الذي يُمرّغُ طحينَ البُسطاءِ بطعمِ سمكٍ شهيٍّ وهميّ، ليَصطادَ المُغفّلين ويقتنصهم!
تلك؛ مَن تدأبُ بإيمانِها على رسْم أماراتِ السّرورِ وتوزيعِ الابتساماتِ على وجوهِ الآخرين، نذرتْ قلمَها للإنسانيّة البيضاء، تُعاضدُ هذا بكلمةٍ طيّبةٍ بحلاوتِها البعيدة، وتمنحُ تلك شارةَ أملٍ تُسندُ بها قلبَها، ليصبحَ رصيدُها محبّةً جائعةً لا تغفو شهوتُها، وتتكلّل بإيمانٍ زلالٍ يتلقّفُ عطرَ فرَجٍ آتٍ مِن رمشِ المستحيلِ المُجفّفِ لا محالة، فالإنسانُ جوهرُ هذا الكونِ الحريريّ، تنسجُهُ ديدانُ قزّ المحبّة والتواضع شرانقَ حياةٍ وفراشَ إنسانيّةٍ خلاّبة، كي تتصدّى لمخالبِ الشّرورِ التي تعبثُ بها، وتتحدّى أنيابَ الحروب التي تُشوّهُها!
وما فتئَ إيمانُها المتوهّجُ بالكلمة يحثُّها بانسيابِه المسترسِل المؤمن بالخلاص قائلا:
هذا الزّمنُ المُتخشّبُ بالقلقِ والخوفِ والتّوتّر، يعتاشُكِ بأيّامِهِ الممزوجةِ بغبشِ تفاصيلِهِ المريرةِ وأعوامِهِ المصبوغة بالحيرة، ولا بدّ لفِكرِكِ أن ينبجسَ أيضًا في مقالاتِكِ المباشرة المبطّنةِ بالهمزِ والإيعاز، ليسَ بالشّعرِ وحدَه!
مغبوطٌ كلُّ ذي قلبٍ أضفى لروحي ذرّةَ محبّة، ومبارَكةٌ كلّ عينٍ تابعتْ وقدّرتْ هذه الحروفَ المغموسَة بالرّهبة!
أتراها تنجحُ بأن تُساهمَ بحبرِ قلبِها مع محبّي شرقِنا الحبيب، لتشهدَ عبورَ مرحلةِ المخاض بولاداتٍ تُبشّرُ بالحرّيّة والكرامة؟!