أحدث الأخبار
السبت 23 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
لعنة ألقذافي!!

بقلم : عطا مناع ... 22.10.2011

كلنا تابعنا على الفضائيات كيف قتل القذافي، معظمنا صفق وهلل ورقص في الشوارع فرحاً برحيل الطاغية الذي ارتكب جرائم لا تعد ولا تحصى الوطنيين الليبيين، وحتى نفهم بعضنا جيداً علينا أن نقرأ الحقائق كما هي، والحقيقة الأولى تقول أن القذافي دكتاتور يستحق أن يعلق على حبل المشنقة، ولكن وهذا مربط الفرس في ما يسمى بالربيع العربي الذي اعتقد انه الشتاء الأمريكي الذي بات يحرك شعوبنا العربية لتنفيذ مأربه دون أن تعي الحقيقة التي تحدثت فيها وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندليزا رايس عن الفوضى المنظمة التي ما عادت منظمة.
كم نحن خائبون! أيعقل أن التواقين للحرية والذين ذاقوا الامريين من الدكتاتور قد أصبحوا انعكاساً وظلاً له؟؟؟ ما الفرق بين القذافي وبين قاتلة؟؟ أين الثورة ولماذا الثورة؟؟؟ بماذا نفكر ونحن نرى الفتى احمد الشيباني الذي تصدرت صورته الوكالات والمواقع الالكترونية كقاتل للقذافي.
مات القذافي نعم، لكن الاستحقاق كبير وخاصة إننا نعيش حركات احتجاجية وثورات في سوريا واليمن، وتحصيل حاصل تتعرض شعوبنا العربية للقتل والمجازر التي تعبر عن الوجه القذر للأنظمة العربية، وجاء موت القذافي بهذه الطريقة ليفتح أبواب جهنم على شعوبنا العربية، صحيح أن الحرية بحاجة إلى تضحيات، ولكن هل كان هناك داعي لقتل القذافي بهذه الطريقة البشعة وعرض صورة على الفضائيات؟؟؟ إن في ذلك رسالة.
الرسالة بكل وضوح للنظام العربي الرسمي، والرسالة وصلت، ومفادها مصيركم كما القذافي، هي رسالة خطيرة جداً تنذر بالخطر القادم والقريب، رسالة تحمل في طياتها الرائحة الأمريكية التي دخلت إلى وطننا العرب من الباب الواسع، هي الرسالة اللعنة التي سندفع ثمناً باهظاً ومجانياً مقابلها.
إنها لعنة القذافي، اللعنة التي جلبت الأساطيل إلى ليبيا،لعنة أسست لثقافة القتل والسحل في الشوارع،واللعنة التي حولت الفتيان إلى قتلة، القوا القبض علية حياً وقتلوه رغم على رؤؤس الأشهاد وأمام عدسات الكاميرا، لماذا، وما الهدف، هل هي الرسالة، الرسالة فشلت.
القذافي دكتاتور نعم كما مبارك وبن علي، لكن للثورة أخلاقياتها وشعاراتها وممارستها، الثورة تختلف عن الدولة الدكتاتورية، القذافي كان يبطش ويقتل ويعدم من غير حساب، كان الفرد الذي تحكم برقاب شعب لأكثر من أربعة عقود، لكنة نجح بتفريغ الثورة من مضامين كثيرة وعلى رأسها حماية الأجيال القادمة من السادية التي تحولت إلى مرض لدرجة انك لم تعد تفرق ما بين الدكتاتور والتواق للحرية.
لقد جاء الترحيب الدولي بمقتل القذافي رغم بشاعة المشهد ليعكس المصالح الغربية في النفط الذي قسم مسبقاً وكأننا أمام مرحلة جديدة من الاستعمار وتقسيم العالم العربي اقتصادياً بعيداً عن الجغرافيا، مما يعطي إشارة أن العنف الممارس من قبل الثوار وحلفائهم مبرراً وخاصة إذا أخذنا بالاعتبار أن الغرب لاعب رئيسي في الملعب الليبي.
لقد خرجت الثورات التي كان من الممكن أن تبشر بالربيع العربي عن مسارها المتوقع، ومن الواضح أن هناك من يتحرك بالرموت كنترول الأمريكي، وأننا أمام مرحلة ليست بالأفضل من التي سبقتها، فالشعارات المطالبة بالحرية من الأنظمة القمعية والاضطهاد وحكم الفرد سقطت في ليبيا، فلا فرق بين نظام العقيد البائد والنظام الذي سيليه وخاصة أن الاستحقاقات ستكون كبيرة.
بعيداً عن العاطفة بشقيها، لا أرى إلا الشتاء القاسي في وطننا العربي، وان من التنظير للربيع العربي درب من الخيال، فلا ربيع عربي بمباركة غربية ودول الاستعمار القديم، ايطاليا التي خرجت من ليبيا مرغمة لن تكون معنية بتعزيز الحريات في ليبيا، وفرنسا التي خرجت من تونس بفعل الثورة لم تنسى أطماعها في تونس، هي عودة الاستعمار إلى بلادنا العربية وتقسيمها من جديد.
إن الثورات الممولة أمريكياً لن تجلب لشعوبنا الحرية، وسيكشف القادم من الأيام عن الدور الأمريكي الكبير في الأحداث الجارية، والمقصود الدور الدقيق الذي يلمع شخصيات مدموغة بالدمغة الأمريكية، وقد كشف مؤخراً عن التمويل الأمريكي للمجلس الوطني السوري الذي أعلن عنة مؤخراً في اسطنبول والذي يمثل مجموعة من الأطياف الإسلامية ولم يعد ممكنا أن نقتنع بان ما يجري في الوطن العربي نتاج الفيس بوك، فالذين اعدموا القذافي سيشكلون لعنة على الشعب الليبي الذي يعيش فرحة الخلاص دون إدراكه لما تخبئة له الأيام.
لقد وصف العقيد شعبة بالجرذان، واستخدم العقيد كل الوسائل لذبح الشعب الليبي، الخوف أن يتقمص المجلس الانتقالي صديق الغرب الجديد دور القذافي، والخوف أن تنتهي الجمعة المشمشية وتعود ليبيا لعهد القذافي، والمتوقع أن تنقلب الثورة على الثورة وتفتح ليبيا المختار أبوابها للأجنبي واستخباراته، هي ضريبة التحالف مع الأجنبي الذي لن يرحم الشعوب التي تخون تاريخها.