بقلم : ... 25.05.2012
كان دوما يضع مفتاح قفل صندوق الخشب العتيق في مكان امن لايعرف مكانه الا هو وامينة سره, كان صندوقه بمثابة مكتبة احداث مغلقه جل جلها يتعلق بالارض وملفات وسندات لا تحصى ولا تعد وكانت الملفات مرتبه ومنظمه تنظيما دقيقا باليوم والتاريخ والعام والمكان والزمان والحدث ومن بين الملفات كانت ملفات قضايا عشائريه وعائليه و محاضر ومعاهدات صلح وملفات قضوات وملفات شخصيه لقضايا كان قاضيها وراعيها هو نفسه او اخرين, والحديث يدور عن المرحوم الشيخ سلامه سلمان الهزيل شيخ عشيرة الهزيل من عام 1982 وحتى عام 1997 العام اللذي وافته فيه المنيه بتاريخ 22.9.1997 عن عمر ناهز الثمانين عاما..الشيخ سلامه الهزيل كان قاضيا عشائريا لعقود طويله وبث في قضايا عشائريه واجتماعيه لاتحصى ولا تعد في النقب وفي كامل فلسطين, والحديث عن الشيخ سلامه الهزيل يطول بطول وعرض الملفات التي كانت تملا صندوق الخشب منذ اربعينات القرن الماضي ومرورا بعام 1948 وحتى وفاته, حيث ظل الشيخ سلامه الهزيل يقارع الدوله الاسرائيليه على ملكية الارض عقود طويله في المحاكم الاسرائيليه والمحافل الدوليه وكتب الكثير من الرسائل الى هيئة الامم والى البرلمان البريطاني وغيره يشتكي فيها من جور اسرائيل ومحاولتها الاستيلاء على ارضه وارض عرب النقب وكان الشيخ سلامه الهزيل قد ولد في بداية عشرينات القرن الماضي في عشيرة الهزيل قضاء بئر السبع النقب ودرس لمدة ثمانية اعوام في مدرسة بئر السبع قبل العام 1948 وكان الى حد ما يتحدث اللغه الانجليزيه ومثقف وقارئ دائم للصحف العربيه والاخبار ولا يمر يوم دون ان يقرأ صحيفته المفضله ويخبر من حوله بما قرأ وكان مستمع دائم للاخبار في الاذاعات العربيه وكان مساء ا يتفرغ لسماع الاخبار والنشره الكامله والتحاليل التي كانت تذاع انذاك من" راديو لندن" والشيخ سلامه الهزيل كان شيخا كريما ومتسامحا و نصير للحق وسندا للمظلومين وكل من يطلب العون سواء كان دخيلا او طنيبا او عابر سبيلا وكان بيته بمثابة بيت ضيافه مفتوح ومأوى للنساء البدويات والعربيات المعنفات الذين كانن يهربن من الجور والظلم والعنف اللذي يمارس ضدهن من قبل عائلاتهن او ازواجهن وكان يرعاهن ويصون لهن حقوقهن ويؤمن لهن الماكل والملبس والعلاج ومن بينهن من عاشت في بيته طويلا و تزوجت وخرجت عروسا من بيته وواضبت على زيارته وشكره بعد زواجها.. كان الشيخ سلامه الهزيل صاحب مقولة " ما بُني عليها غصبا سيزول حتما يوم من الايام عاجلا ام اجلا" وهو كان يعني الارض ومصادرتها بالقوه من قبل الاسرائيليين وبناء المستوطنات اليهوديه عليها وقد خاض الشيخ الهزيل معارك قانونيه طويله في المحاكم الاسرائيليه وكان يدون الاحداث في مفكرته بقلمه وخط يده ودَّون في سبعينات القرن الماضي قول قاضي اسرائيلي في المحكمة يقول له "ان الارض كل الارض للدوله الاسرائيليه ولا يوجد شئ اسمه ارض عرب او ملكية عرب"فرد عليه الشيخ بالقول " انت قاضي تمثل دولة سرَّاقه وانا لا اشدو العداله من امثالك..هنالك رب في السما ء سينصفنا", وفي سبعينات القرن الماضي عارض الشيخ سلامه الهزيل توطين البدو وطالب بالمحافظه على نمط حياتهم وبقاءهم في ارضهم كمزارعين ومربيي مواشي وفي العام 1972 هدمت سلطات الهدم الاسرائيليه بيت الشيخ سلامه الهزيل ولفقت له تهم كاذبه وحكمت عليه بالسجن الفعلي لمدة عامين قضاهن في سجن الرمله " معسياهو" وبعد خروجه من السجن واصل طريقه في النضال وشارك في مناسبات وطنيه كثيره وواضب لاحقا على المشاركه سنويا في فعاليات يوم الارض في النقب وكانت خطبه موجهه للشباب وضرورة محافظتهم على الارض وضرورة رفض التوطين والثبات في ارض الاباء والاجداد, وكانت سلطات الخراب الاسرائيليه تنتظر سنويا موعد حصاد الارض الذي كان يزرعها الشيخ سلامه الهزيل وتقوم بحراثة الزرع وتخريبه عنوة قبل حصاده, الا انه كان يعيد الكرَّه ويزرع الارض في العام القادم ولا ينكسر رغم معرفته بانهم سيحرثونها مره اخرى. ظل يسكن في بيته العتيق والمتواضع على البطين[ التله] في عشيرة الهزيل شمال مدينة بئر السبع ورفض التوطين وكل الاغراءات والمحاولات الاسرائيليه ليرحل عن هذه الدنيا والى جوار ربه في عام 1997 كشيخ ارض وشيخ عشيره وقاضي حق جليل ومناضلا عنيدا تاركا وصيه توصي بالحفاظ على الارض واحترام الناس وتكريمهم والذود عن المظلومين.. كانت مفكرته مليئه بالعناوين والاحداث المدونه.. ظلت خيله تصهل رحيله ورحيل الفارس عن البطين وظل تاريخ ميلاد فرسه التي عاشت طويلا بعد وفاته مجهول بالنسبه لابناءه وعائلته الى ان عثر بعد اعوام على صفحة في مفكرته دوَّن فيها تاريخ ميلاد الفرس ونسبها ولم ينسى كتابة ساعه الميلاد.. الحاديه عشر ليلا..المرحوم الشيخ سلامه الهزيل: شيخ الارض ونصير الحق وصاحب المفكره والقلم والسيره الطيبه.. الاسم الكامل والسلاله: الشيخ سلامه سلمان بن علي بن سلمان بن علي بن عزام الهزيل!!