بقلم : عبله عبدالرحمن ... 21.07.2011
مرحبا بكم في فلسطين! إنها العبارة الأثيرة المشتهاة، وهل في الدنيا أجمل من هذه الدعوة غير المشروطة؟ وكأنها الحبيبة التي تعد بالكثير، ولكنها لا تواعد الا في وضح النهار، وأمام الأشهاد.
مرحبا بكم في فلسطين، أي عاشق يمكنه ان يقاوم مثل هذه الدعوة؟ وأي عاقل لا يترك الحرير وكل ما جمعه من مال الحياة وهموم الغربة، ولا يحط براحلته راكعا أمام هذه الحبيبة المشتهاة؟ أي مسلم وعربي يستطيع ان يقف صامدا ولا يلبي نداء الأقصى بالصلاة فيه؟
متى سنعتاد جمال هذه الارومة في حلنا وترحالنا كلما عبرنا فلسطين، كم من الوقت يجب أن ننتظر ونقرأ عبارة فلسطين تستودعكم السلامة، بأمل اللقاء.
مفاتيح البيت ما زالت في مكامنها معلقة، على جدران تصدعت من تقادم السنوات ومن دموع الشوق.
فلسطين الحبيبة نتطلع إليك وفي النفس أمل التحرير، لا أنسى ذلك الشيخ الذي انحنى ظهره وأصبح يمشي متكئا على عصاه، وقد كان يافعا حين خرج من فلسطين،اذ رأيته هذه المرة باشا ومتألقا أملا، وبفضول الملهوف سألته عن سر هذا الشباب البازغ كالفجر الذي يأتي بعد طول انتظار؟ فقال : بأنه بات يرى فلسطين وقد تحررت، ولم يبقى الا ساعة من نهار.
فتملكني الخوف عليه، أن يكون قد أصابه خرف من نوع خاص، فهناك خرف يعود بالإنسان إلى مربع الطفولة ولا يبارح إلا ويتذكر تفاصيل صغيرة تراكمت عليها السنوات، وربما يكون هو كذلك قد عاد بذاكرته إلى حيث فلسطين بربوعها وربعها، حيث الزي ألفلاحي الذي يتميز بنوع التطريز ما بين مدينة فلسطينية وأخرى ، حيث الأطباق التقليدية كالمسخن والمفتول والمقلوبة والقدرة الخليلية، وسيكون حالنا معه حال المترف لو كان فطورنا خبز ساخن محشو بالكنافة النابلسية،وقد يضيق القلب بفرحة إذ تفيئنا بظلال فلسطين وتسكعنا بمروجها، واكتسبنا صفاء البحر، بحر فلسطين، الم تقل غادة السمان لا بحر في بيروت إشارة منها أن بحر لبنان هو جزء من بحر فلسطين الأبية، أين نحن وحكايات ذلك الشيخ وهي تصف الزفة والعرس الفلسطيني الذي ما زال محفوظا سالف عن سالف كحلقة وصل ثابتة بين الماضي والحاضر، بأغاني الدلعونا والعتابا والروزانه وظريف الطول بمرافقة الآلة الموسيقية اليارغول ، لكنه بادرني باليقين، حين قال: إن هذا الربيع العربي بثوراته التي تجري على واقع أرضنا العربية تجعله يشعر بأنه على قيد خطوات من أسوار فلسطين.
وكأن حالي صار باشا ومتفائلا كحال ذلك الشيخ، وأنا لا استطيع التقاط ذلك التزاحم من الأفكار والتداعيات التي تهافتت إلى راسي وحملة مرحبا بكم في فلسطين!! تجري على قدم وساق لتحط في ارض فلسطين تاريخيا وجغرافيا والتي تقوم بها أكثر من 40 منظمة غير حكومية من خلال دعوة أكثر من 600 ناشط أوروبي وأمريكي إلى جانب عائلاتهم للقدوم إلى فلسطين باسمها الحقيقي، بعيدا عن هذا الاسم المصطنع،إلى فلسطين الإسراء والمعراج والأجداد.
كثيرون سقوا بدمائهم الذكية ثرى فلسطين، كثيرون قضوا على ارض فلسطين حياتهم بعيدا عن أوطانهم، كثيرون قدموا حياتهم مهرا للمعشوقة فلسطين، ودفاعا عنها، وسوف لن نذهب بعيدا ونحن نتذكر راشيل كوري تلك العروس الأمريكية التي ماتت من اجل فلسطين بعيدا عن وطنها وأهلها، وسوف نكون داخل الإطار الزمني ونحن نحيي البطل والمتضامن والصحفي الايطالي فيتوريو اريغوني، بعيدا عن المؤامرة الصهيونية التي قضت على حياته من اجل فلسطين وعدالة قضيتها.
أهلا وسهلا بكم في فلسطين.