أحدث الأخبار
السبت 23 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
نخسات فيسبوكية من وحي الثورات العربية !!(2)

بقلم : د.فيصل القاسم ... 14.08.2011

بإمكان الحكام العرب المحاصرين بالثورات أن يدخلوا التاريخ بالرحيل
• تحية إجلال وإكبار للمنتفضين العرب في كل الأصقاع، فلولاهم لما تغير شيء في بلادنا. أما قطعان المطبلين والمزمرين الذين يخرجون أو يتم إخراجهم إلى الشوارع كقطيع من الأغنام والماعز لتأييد هذه الطاغية أو ذاك فهم كغثاء السيل لا أكثر ولا أقل. وليعلموا بأنهم ليسوا سوى عبيد في سوق نخاسة!
• متملق عربي مأجور هاجم في برنامج تلفزيوني إجراءات تفتيش المسافرين في المطارات الأمريكية كي يبرر سياسات بلاده القمعية والهمجية بحق الشعب، فرد عليه معارض من نفس البلد قائلاً: أعطونا نفس الديموقراطية الأمريكية وفتشونا من رؤوسنا حتى أخامص أقدامنا.
• أحياناً وأنا أرى جموعاً تهتف للحكام العرب وتتمنى لهم طول العمر في بعض البلدان العربية أشعر بأن تلك الشعوب تستحق حكامها بجدارة. ولا أدري لماذا يضحي البعض بحياته من أجل تلك القطعان البشرية. لقد هرشت رأسي كثيراً وأنا استمع لمواطن عربي تبدو عليه كل ملامح البؤس والشقاء وهو يدعو لرئيسه بالشفاء العاجل. هل استمرأت تلك الشعوب العبودية ولم تعد تستمتع بغيرها. أم هي متلازمة ستوكهولم التي يدافع فيها الضحايا عن جلاديهم، كما فعل موظفو البنك المحتجزون من قبل عصابة من اللصوص عندما راحوا يذودون عن محتجزيهم في وجه الشرطة التي كانت تحاول تخليصهم من براثن الخاطفين؟
• الإنسان العربي بعد عقود من القمع أصبح منافقاً بامتياز. وهو يتعامل مع حكامه بنفس الطريقة التي يتعاملون معه فيها، أي أنه ينافقهم من أجل مصالحه. بالأمس اتصلت بشخص فإذا به يضع أغنية وطنية شهيرة لرنة هاتفه الجوال، فسألته عن السبب فقال إن الظروف تجعله أكثر وطنية. لكن عندما سألته فيما إذا مازال يحتفظ بمدخراته بالعملة المحلية أم لا، فأكد لي فوراً بأنه حولها إلى عملة صعبة منذ شهور. يا للوطنية.الحكام يكذبون على الشعوب والشعوب تكذب عليهم
• أعتقد أن نفس القطعان التي تهتف للحكام ستضربهم بالنعال عندما يسقطون كما فعل العراقيون. فبالرغم من صدام حصل على مائة بالمائة من أصوات العراقيين في آخر استفتاء قبل الغزو الأمريكي،إلا أن العراقيين أشبعوا صوره وتماثيله أحذية وحجارة عندما سقط. كم كان غوستاف لوبون صاحب الكتاب الشهير سيكولوجية الجماهير محقاً عندما وصف الجماهير بأنها متقلبة على نحو خطير، ويمكن أن تنقلب بين لحظة وأخرى. على العموم الأيام قادمة وسنرى.
• من سخرية التاريخ أن يسقط النظام المصري الذي كان أكثر الأنظمة العربية تسامحاً وديموقراطية بالمقاييس العربية، ويبقى الفاشيون والنازيون العرب جاثمين على صدور الشعوب.
• عندما يتنطع الحكام العرب ويقولون نحن لسنا مصر فهم محقون في ذلك، لأن النظام المصري المسقوط كان أفضل منهم على مستوى الحريات بتسعة آلاف ترليون مرة فقط لا غير.
• أول شيء أشعر به عندما أسمع كلمة مؤامرة هو التقيؤ، فلا أعتقد أن هناك شيئاً يبعث على الغثيان أكثر من هذه الكلمة الوضيعة التي تاجر بها الطغاة العرب منذ عشرات السنين، فيا ليت نتقيأ تلك المفردة مرة وإلى الأبد. على العموم لدي انطباع أن غالبية الشعوب العربية باتت تسخر من مستخدمي تلك الكلمة لكثرة ما عانوا بحجتها الزائفة.
• القوانين التي تسنها الحكومات العربية بهدف الإصلاح تساوي صفرا مكعباً، ولا تغير في الأوضاع شيئاً، بدليل أن الدساتير العربية مليئة بالمواد والقوانين الرومانسية التي تؤكد على حقوق الشعوب، والحفاظ على حرياتها، بينما في واقع الأمر يتم الدوس على الشعوب ولا يسمح لها بالحديث عن أسعار البطاطا دون أي اعتبار لما جاء في الدساتير. وبالتالي، فإن التغيير يجب أن يبدأ في رؤوس الحكام وأجهزتهم الأمنية لا من خلال القوانين الخلبية.
• هل يعقل أن يبقى الحكام العرب الذين لم يتركوا نوعاً من البطش والتنكيل والبلطجة والسحل والإرهاب إلا ومارسوه بحق المنتفضين في الشوارع،هل يعقل أنهم لا يعلمون أن الأمور وصلت بينهم وبين الشعوب مرحلة اللاعودة؟ عجبا، ألا يعلمون أن الثقة تحطمت إلى غير رجعة بينهم وبين شعوبهم؟هل يتوقعون أن تأمن الشعوب جانب أولئك الحكام وأجهزة بطشهم وبلطجيتهم وزعرانهم بعد كل ما اقترفوه من فاشية ونازية ووحشية وهمجية لم يشهد لها التاريخ مثيلاً؟
• فعلا شيء غاية في الغرابة. هل يعقل أن الحكام العرب الذين تحطمت هيبتهم داخليا وخارجيا ولفظتهم شعوبهم ومسحت الأرض بكراماتهم، هل يعقل أنهم مازالوا يفكرون بالاستمرار في الحكم. فعلا شيء صاعق. إذا لم تستح فافعل ما شئت.
• لو جرى في الغرب ربع المظاهرات التي جرت في العديد من البلدان العربية لإسقاط الأنظمة لتغيرت حكومات، وجرت انتخابات وتنحى حكام خلال أيام لأنهم يحترمون أنفسهم وشعوبهم، أما عندنا نحن العرب فقد مسحت الشعوب الأرض بكرامة حكامها وداست على صورهم وحطمت تماثيلهم وهشمت هيبتهم ونزعت عنهم الشرعية، مع ذلك فهم متشبثون بعروشهم كما تتشبث القرادة بذنب الجمل. فعلاً حكام لا يستحون، وإذا بصقت في وجوههم حسبهم أن يقولوا: الدنيا تمطر.
• مشكلة الطواغيت العرب الذين تمور الأرض تحت أقدامهم أنهم يريدون أن يمارسوا بحق شعوبهم أسوأ أشكال الهمجية والوحشية والبطش والتنكيل لمجرد مطالبتها بالتحرر من الطغيان. والويل لأي وسيلة إعلامية تحاول فضح ممارسات أولئك الحكام الجهنمية الفاشية النازية القذرة.
• بإمكان الحكام العرب المحاصرين بالثورات أن يدخلوا التاريخ من خلال الاستجابة الفورية والصادقة لمطالب الشعوب إما بالرحيل المشرف أو بالإصلاحات الجذرية، لكنهم على ما يبدو آثروا الخروج من التاريخ تحت ركلات الشعوب الثائرة.