أحدث الأخبار
السبت 23 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
برهان غليون يسيء لقضيته!!

بقلم : د.عبد الستار قاسم ... 02.12.2011

قرأت مقابلة الدكتور برهان غليون مع Wall Street Journal الأمريكية، وقد لاحظت فيها هجومه على المقاومة بالتحديد، وقرأت حرصه على حل مشكلة الجولان بالطرق السلمية. فهو يقول لنا إنه لن يتعامل مع حزب الله ولن يسمح بمرور الأسلحة عبر سوريا، وسيوقف الدعم السوري لحماس، وسيفك التحالف بين إيران وسوريا. وواضح أنه لن يكون بحاجة للمقاومة أو للأسلحة فيما إذا أصبح رئيسا لسوريا لأنه سيتبع خطوات السادات ومبارك والملك حسين وبقية أمراء وملوك العرب والتي تتلخص في البحث عن حل تفاوضي لمشاكل سوريا مع إسرائيل، وسيطبع العلاقات السورية الإسرائيلية في النهاية، وسيفتح سفارة إسرائيلية في عاصمة الأمويين.
والدكتور برهان غليون يقول إنه سيتخلى عن العلاقات أعلاه لصالح علاقات جديدة مع القوى الرئيسية في المنطقة والتي لم يسمها. أتكهن بأن هذه القوى الرئيسية تشمل السعودية وتركيا وإسرائيل، ولكنني أستبعد مصر الجديدة لأنها لن تكون من ذات ثوب هذه القوى.
لم يقل الدكتور برهان غليون شيئا عن القضية الفلسطينية، وفيما إذا كان سيلعب دورا في مواجهة إسرائيل، ولم يتحدث عن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وكيف سيحلها من خلال التفاوض مع إسرائيل. ولم يضع بدائل فيما إذا رفضت إسرائيل إعادة الجولان إلى أصحابها.
هل سيكتفي الدكتور غليون بحل على نمط الحل في سيناء فيقبل بحل إداري للجولان دون عودة السيادة السورية إليها؟
هل سيقبل بشروط إسرائيل الأمنية كما قبل السادات ومبارك، وتصبح سوريا حارسا على الأمن الإسرائيلي؟
هل سيتحالف مع السعودية والدول القبلية التي طالما وصفها هو بالرجعية؟
وهل سينشد الحل لسوريا من خلال الدول الغربية بالأخص الولايات المتحدة والتي طالما هاجمها على أنها امبريالية استعمارية يجب وقفها عند حدها؟
هل أصبح الدكتور برهان غليون عدوا لأفكاره التي طالما قرأناها في كتبه ومقالاته؟
وما هو موقفه من وحدة أرض الشام؟ أليست سوريا التي يتحدث عنها هي سوريا الصغرى والتي هي جزء لا يتجزأ من سوريا الكبرى أو بلاد الشام؟
هل يتنازل عن فلسطين، ويترك الفلسطينيين يخلعون أشواكهم بأيديهم وحدهم؟
وهل من الحكمة أن يبدأ الدكتور غليون بتسخين عداوات لنظام حكم يأمل هو أن يتبلور في سوريا، أم أن الحكمة التركيز على شأن داخلي يجب تسويته بأقل الخسائر الممكنة؟
واضح أن الدكتور غليون يحاول أن يرضي بل يستعطف الأمريكيين والآوروبيين بصورة عامة، وهو يدعو إلى التدخل الخارجي في الشأن السوري. هو يرى أن إيران تتدخل في سوريا، ولكن لا يبدو أنه من العيب أن يتدخل حلف الأطلسي في سوريا. فما الذي يجعل حلف الأطلسي أفضل من إيران؟ لا أدري ما هي إجابة الدكتور غليون، لكنني أعرف أن بريطانيا وفرنسا تآمرتا على أرض الشام وقسمت البلاد والعباد، وقامت فرنسا التي يحتمي بها بطرد الملك فيصل من دمشق، ودمرت إمكانية قيام المملكة السورية. وفرنسا هي التي زودت إسرائيل بمختلف أنواع الأسلحة بعد عام 1948، وبهذه الأسلحة احتلت الجولان، وهي التي زودت إسرائيل بالمفاعل النووي، وقدمت لها مختلف أنواع الدعم. ولا ضرورة أن أعد ما فعلته الولايات المتحدة بالشعب السوري منذ عام 1946 حتى الآن، وأكتفي بالقول إنها طالما صنعت انقلابات عسكرية ألحقت أضرار هائلة بالشعب السوري.
فهل يبحث الدكتور غليون عن حرية أم يريد أن يستبدل ما هو قائم بالاستعمار الغربي؟ وإذا كان البديل لنظام يقمع الناس هو الاستعمار، فلا ضرورة للبحث عن الحرية من الأساس.
حضرة الدكتور برهان
كلنا مع حرية الإنسان العربي، لكن يجب أن نكون مبدأيين في سعينا إلى الحرية. أنظمة الخليج القبلية ليست نموذجا نتمسك به لكي يساعدنا ضد الطغاة لأنها هي أنظمة طاغية باغية، ومن العار أن نستنجد بمن يكرهون الحرية من أجل تحقيق الحرية. أما الدول الاستعمارية، فتاريخها معنا مرعب ودموي ومليء بالحقد الكراهية، ومن قماءة النفس أن نلجأ إليها لتوفير الكرامة لنا. نحن لا نضحي بالمبدأ لنحصد اوهاما من جهات لا يمكن أن تكون مع المواطن العربي أو مع الأمة العربية والأرض العربية.
أنا اكره الاستبداد، وأعتبر نفسي على رأس المحرضين ضد الأنظمة العربية وممارساتها القمعية الاستبداية القهرية، لكنني لا أقبل استبدال الاستبداد بالعار. أنا أبحث عن الحرية، وسأنتزعها بقوة سوادي وليس بقوة الطائرات الأمريكية او أموال آل سعود. فتوقف لأنك تسيء لنفسك وللشعب السوري العظيم.