بقلم : عبله عبدالرحمن ... 08.08.2011
يسير على هدى متراكضا بين السيارات باحثا عن راغب لسلعة لها مريدها الخاص، معرضا حياته بين لحظة وأخرى إلى الموت، كنت ارقب خطواته السريعة ولم استطع بما أوتيت من قوة ملاحظة من ملاحقته. شردت بذهني بعيدا وأنا أفكر بمدى الصعوبة التي يكابدها مثل هذا الرجل الذي ضاع منه شبابه وهو يزاحم السيارات مستغلا لحظة حمراء ليكسب بعضا من الشلنات، وربما حصلت على أحلى إجابة لم أكن لأتخيلها مرسومة على أحلى وجه، ضحكة جميله سكنت عيناه تجعدت على أثرها خداه، لان سعادته ربما تكمن في سر عطائه، انه بائع الصحف. وعلى الجانب الآخر نرى أشخاصا غيرهم يتمتعون بوظائف مرموقة وارصده في البنوك أصابتهم التخمة في كل شيء حتى في السعادة إلى أن غابت عنهم ملامحها فلم يعودوا يتذكرون كيف تكون، لأنهم لا يحتاجون شيئا ماديا، ولكنهم يحتاجون الكثير من الأشياء غير المحسوسة التي تبقي على حياتهم رونقها ليس اقلها الإحساس بأهمية العطاء والإيثار بدلا من الأنانية والاكتفاء بالإنفاق على النفس، فنراهم يتراكضون على العيادات النفسية والنوادي الرياضة التي يرتادونها لا بنية التخسيس وإنما لأنهم يحتاجون لان يفضفضون من فيض كلام أثقل صدورهم. ربما نتساءل لماذا غابت تلك الضحكة النقية التي فاز بها بائع الصحف نتيجة لبضعة شلنات امن فيها خبز اليوم لأولاده عن أولئك الذين يملكون الجاه والمال. كثيرة هي الأشياء التي تذهب منا في معمعة الحياة، وكثيرة هي الأشياء التي نحتاجها لتستقيم حياتنا قد تكون أشياء صغيره ولكننا نفتقدها. ما زالت الوصفة السحرية لمعنى السعادة حبيسة في أدراج الفلاسفة والمفكرين، وما زلنا نلهث للوصول إليها، دائما سكنت ذاكرتي، تلك الأسطورة التي تتحدث عن ذلك البائس الذي كاد يهلك من شدة الجوع وكان مستعدا للرضا ولو بلقيمات معدودة تسد رمق الموت بعد أن زهقت روحه جوعا وكيف أصبح حاله عندما جاءته الفرصة، نسي جوعه، وحث لسانه اللاهث بما أوتي من قوة في مجادلة المارد الذي يملك الإصبع السحرية، ليحصل على إصبعه، ونسي أن ذلك المارد قد خرج من الركام لمساعدته وليس للمساومة على إصبعه الذي يستخدمه حين سماعه صوتا يستحق المساعدة وانتهى هذا البائس، بالموت طمعا وليس جوعا، حين صورت له نفسه انه بحصوله على الإصبع فأنه سيتمكن من تأمين كافة احتياجاته وتحقيق السعادة الأبدية. ماذا نريد ربما هو السؤال الذي نحتاج الإجابة عليه لنرضى. الحياة لم يعد فيها مفتاح سليمان، ولم يعد فيها ظهورا للمارد بعبارته الشهيرة شيبك لبيك، نستطيع أن نجعل الحياة سعيدة وكلها نجاح إذا حققنا معادلة التناسق التام ما بين قيمنا الشخصية وقيم الطبيعة، لان أي صراع مع قيم الطبيعة سيؤدي إلى صراع مع النفس، لأننا جزء من الطبيعة مثلما أن الطبيعة جزء منا، وهذا يفسر لنا مصير الكثير من الطغاة من أمثال زين العابدين[الهاربين] بن علي وحسني مبارك والقائمة تطول لرؤوس حان قطافها عاندت قوانين الطبيعة بقيم الغطرسة والجشع والخداع لتنتهي حرقا أو في غرف العناية الحثيثة أو باركين ومنبطحين أرضا، لان قيمهم كانت تتعارض مع القيم التي تحفظ للعالم بقاءه.
إذا استطعنا جميعا أن نقف بقوة على ارض صلبة، واستطعنا أن نحدد أولوياتنا بحسب حاجاتنا وما الذي يمكن أن نفعله بعملاتنا النقدية الخمسة التي نملكها من الوقت والمال والطاقة والموهبة وأخيرا حسن اغتنام الفرصة فأننا نكون قد أضاءنا الطريق أمامنا وعرفنا جواب ماذا نريد.