أحدث الأخبار
السبت 23 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
الحياة التجارية المقدسية في مهب ريح "ماميلا"!!

بقلم : ميساء ابو غنام ... 30.06.2011

حياة وسوق
عرفت بزهرة المدائن ويبوس ومدينة السلام وبيت المقدس ،عمل سكانها بالسياحة منذ مئات السنين وكانت محطة اقتصادية عريقة للكثير من الصناعات والحرف ومحجا تجاريا،يقصدها السياح من كافة بقاع الارض سواء اكانوا حجاج اوراغبين بالراحة والاستجمام، تجد خلف كل حجر من حجارتها حكاية قوم او اناس سكنوا فيها.
يعتمد سكانها على التجارة السياحية في حياتهم اليومية،محلات داخل السور وخارجه تبيع مقتنيات تراثية وصور للقدس ومجسمات لها واكسسوارات ولوحات وغيرها في باب الخليل والاسباط والمغاربة والساهرة وحارة النصارة وسوق العطارين،ترى العديد من الاطفال والشباب والرجال يحيطون بالسياح يتحدثون بلغاتهم في كنيسة المهد والجثمانية وطريق الالام والمسجد الاقصى محاولين اقناعهم شراء بطاقات وعقود ومسابح وصور للقدس.
سياح يتجولون بداخلها كل يسمع رواية مختلفة عن تاريخ المدينة واسماء حاراتها،ادلاء سياحيون اسرائيليون يزيفون الحقائق للزوار،صراع يتضح حين ترى مجموعات سياحية في نفس المنطقة،يروي مرشديها حكاية مختلفة تعبر عن وجهة نظر الطرف الراوي،فهناك حكاية فلسطينية تثبت احقية الفلسطينين فيها،واخرى اسرائيلية مزيفة تغير التاريخ والحقائق واسماء الامكنة والشوارع واحيانا يأخذ الجدل مداه امام السياح حين يستفز الفلسطيني من زيف الحديث ليكذب نظيره الاسرائيلي،ومرات عديدة يأخذ التحريض درجة يتهم فيها العربي الفلسطيني في المدينة بالسارق والحرامي ويطلب من السياح عدم التوجه لمحلاتهم والشراء منهم.
سياسة ليست بالجديدة،فشركات السياحة الاسرائيلية توجه السياح نحو الفنادق والمطاعم ومحلات السنتواري"محلات بيع الحلي والقطع الاثرية"الى القدس الغربية،عوضا عن الممارسات التي تتخذ بحق البائعين الذين يواجهون الضغط عليهم بعرض مبالغ مالية طائلة عليهم مقابل بيع محلاتهم في القدس القديمة وبالاخص داخل السور،او تغريمهم مبالغ مالية كضرائب على مبيعاتهم علما ان السياحة في الاشهر الثلاث الاخيرة قد تراجعت الى حد كبير.
وهنا يعلق يعقوب زكارية احد المرشدين السياحيين في القدس"ان الوضع السياحي في القدس في الاشهر الثلاث الاخيرة قد تراجع بشكل كبير ويعود السبب في ذلك الى الثورات العربية في المنطقة وخصوصا في مصر وسوريا قد اثر حيث غير بعض السياح حجوزاتهم الى تركيا لاعتقداهم ان المنطقة غير امنة خصوصا احداث الجولان وقت النكبة،ويؤكد ان مشكلة العرب سواء اكانوا تجار او ادلاء هو في السياسة الاسرائيلية والاشاعات التي تطلقها وزارة السياحة الاسرائيلية من خلال العاملين فيها عن العرب وانهم ليسوا اهلا للثقة ويجب الحذر منهم"،ويعمل احد اقرباء يعقوب"صهره"في محل سنتواري حيث رفض الحديث الى الجريدة خوفا من اعطاء اي معلومات يعاقب او يلاحق عليها من قبل اسرائيل وبرر رفضه بوجود سياح في داخل المحل علما انه حين توجهنا للداخل لم نر احدا.
اما احد بائعي المشروبات الروحية والغازية الذي رفض اعطائنا اسمه يقول"انت اشتريت قنينة الماء هذه ب 8 شواقل ولكن السائح يرفض شراءها ويفاصلنا عليها لعدم ثقته بالعربي ولكنه يشتريها من القدس الغربية وهذا ناتج عن الصورة التي ينقلها الاسرائيليون اليهود عن العرب".
سامي منير صاحب محل صرافة وسنتواري في باب الخليل يضيف"بيحاربونا بلقمة عيشنا،وهناك مثل باللغة العبرية يقول الاقتصاد هو السلاح،فاليوم نعيش حالة سيئة كفلسطينين في القدس،فقد اسس الاسرائيليون قبل سنة في باب الخليل مكتب استعلامات وخدمات للسياح يعتبر بمثابة دليل سياحي يهودي يحدد من خلاله مسار السياح واماكن مكوثهم وتواجدهم،وعززوا مفهوم العربي السارق الحرامي وهذا يدفع السائح لعدم الشراء منا عوضا عن طلبهم المستمر منا بيع محلاتنا او تاجيرها لليهود الا اننا صامدون وبقاءنا هو استمرارية للوجود الفلسطيني في المدينة،فالمرشدين السياحيين اليهود يزورون التاريخ وايضا نسمعهم يقولون لا اريد ان ابيع محلي للعربي على الرغم احيانا من خسارته،وبالنسبة لنا فأن باب الخليل يعتبر خط دفاع اول للبلد القديمة وان خسرناه خسرنا المدينة خصوصا باب السلسلة وسوق البزار الذي يطلق عليه الاسرائيليون اليوم "سوق دافيد"وسوق اللحامين وسوق العطارين وسوق الخواجات".
ويعتبر سوق ماميلا الذي نشأ حديثا بالقرب من باب الخليل بديلا عن الاسواق العربية القديمة،حيث تسعى اسرائيل لاعطاء صورة مغايرة عن القدس القديمة فانشأت سوقا حديثا على الطراز القديم يوحي للسائح انه جزءا من القدس وتاريخها لابعاد هؤلاء السياح عن المحلات والتجمعات العربية،وسوق ماميلا"مأمن الله باللغة العربية" الذي لا يتجاوز عمره الخمس سنوات محطة اقتصادية منافسة للتجار العرب،فمحلاته مليئة باحدث وافخم الماركات والمنتجات العالمية،بالاضافة الى المطاعم والمقاهي ومحلات السنتواري والذهب،حيث اصبح محط انظار السياح الاجانب وايضا العرب المقدسيين،وهذا اثر على اقتصاد السوق الفلسطيني في داخل السور وخارجه،وهنا يعلق اسحق احمد صاحب محلات تراثية في القدس القديمة"لقد بنت اسرائيل سوق ماميلا وهو سوق تجاري بديلا عن اسواق القدس القديمة ووضعت به حجارا مرقمة اخذت من قلب المدينة،فقد كان السياح سابقا يأتون الى داخل السور ليأكلوا الحمص والفول ولكنهم حاليا يتوجهون الى ماميلا،وقد اسست شركة تدعى فري تور تقدم خدمات مجانية للسياح في الاحياء والاسواق اليهودية وتروي الرواية الاسرائيلية المزيفة عن القدس،وتوصف العرب بأسوأ الصفات وهنا اريد الاشارة الى الضرائب الهائلة التي تفرضها بلدية القدس على المحلات العربية فنحن ندفع 270 شيقلا على كل متر مربع ولكن المشكلة ان الدخل المادي لا يكفي لعيشنا اليوم نتيجة سياسة اسرائيل وبالتالي تكون النتيجة احيانا الحجز على محلاتنا وتراكم الديون،وكبديل يعرضون علينا بيع محلاتنا وبشيك مفتوح".
محمود سلامات مرشد سياحي في القدس يضيف"ان انشاء سوق ماميلا هدفه ربط القدس الشرقية بالغربية وجعله جسرا وبوابة رئيسية من باب الخليل بديلا عن باب العامود،وهذا يعني توحيد القدس بشقيها الشرقي والغربي،وهنا اورد حادثة فقد كنت في احد الايام مع مواطن امريكي جاء لزيارة القدس وتعجب للوجود العربي داخل داخل السور معتقدا انها فقط احياء يهودية،وعلى الرغم من محاولات البعض من عمل دراسات احصائية عن السياحة في القدس الا انه تم اعتقالهم".
اما الرد الفلسطيني على واقع السياحة في القدس كان على لسان وزيرة السياحة خلود دعيبس"اود دائما الحديث عن الجانب الايجابي في القطاع السياحي الفلسطيني ولكن كون القدس مازالت تحت الاحتلال الاسرائيلي فنحن دورنا محدود ولكن نشجع القطاع الخاص لتطوير السياحة في القدس خصوصا ان هناك العديد من الفنادق الاسرائيلية التي انشئت واقتربت من السور علما انه سابقا كان مقتصرا على الفلسطينين،بالاضافة الى سيطرت اسرائيل على المواقع السياحية في القدس وخصوصا في سلوان واعمال الترميم التي تحدث في باب العامود جعلت باب الخليل بوابة رئيسية للقدس القديمة،واصبحت بلدية القدس تقيم احتفالاتها وفعالياتها في هذه المنطقة بشكل يمنعنا من المنافسة،فاسرائيل تحكم سيطرتها على القدس وصراعنا معها ليس بالسهل خصوصا في قضية تغيير معالم المدينة وتزييف حقائقها وايضا توجيه السياح الى فنادق القدس الغربية ومحلاتها بحكم سيطرتها على المعابر والمطارات"!!