بقلم : حسن احمد مراد ... 15.12.2010
في الايام القليلة الماضية و من على شاشات الفضائيات وموقع يوتيوب الالكتروني شاهدنا الوحشية والقسوة المفرطة في جلد فتاة سودانية مجهولة الهوية والاسم والتهمة بالنسبة لي على اقل تقدير، راينا بوضوح ومن دون الحاجة الى تأملات وقراءات خاصة المستويات والمعايير التي وصلت اليها الاساليب القمعية في بعض الانظمة ما يولد شعورا مفعما بالحزن والاندهاش والغضب لدى المشاهد مهما كانت جنسية او عرقه او دينه ، ولاحظنا في خلفية الصورة تجمهر عدد لاباس به من السودانيين ينظرون الى تلك الفعلة الشنعاء دون التجرؤ على ابداء الرأي جراء هذا الانتهاك الذي يلقي بكرامة الانسان الى الحضيض ضاربا عرض الحائط جميع القوانين الدولية والمعتقدات والاديان الداعية الى احترام ذات الانسان وصيانة كرامته .
وما زاد القلب اعتصارا والما ظهور نائب رئيس الشرطة السوداني على شاشة قناة عربية فضائية ليتجرأ بشكل سافر على الذين قاموا بتصوير الشريط وعملوا على ايصاله الى المحطات والقنوات الاعلامية وتأكيده على الاستمرار في البحث عن اولئك الجناة الذين شوهوا صورة السودان في المحافل الدولية والاقليمية متجاهلا بشكل لافت للنظر الحدث الرئيسي والاسباب التي ادت الى ممارسة هذه القسوة المفرطة من قبل الدولة واجهزتها الرسمية .
وهنا و كرد فعل على هذه الصورة البشعة التي وصلت اليها بعض انظمة الحكم في التعاطي مع مسالة حقوق الانسان ، ارى انه من الحري بالمؤسسات والمنظمات الداعية لترسيخ ثقافة حقوق الانسان ان تمارس دورها الفعال في التنديد بهذا الخرق الانساني الفاضح لجميع المفاهيم الانسانية متخذين كل الوسائل والسبل المتاحة لذلك والسعي للكشف عن هوية الجناة ومن خلفهم واتخاذ الاجراءات القانونية بحقهم وتجاوز اعتبار هذه الخروقات والانتهاكات لحقوق الانسان شأنا داخليا خاصا لايجوز المساس به بزعم انها تمس السيادة الوطنية ، فالانظمة الاستبدادية التي تمكنت من وضع شعوبها داخل مسيجات واقفاص كبيرة اطلقوا عليها مجازا تسمية "الوطن " ومارست وتمارس ابشع انواع الديكتاتوريات تحت غطاء "السيادة " لهي انظمة فاقدة للشرعية في الاساس ولا يتلائم وجودها مع ما يصبوا اليه المجتمع الانساني في مستهل القرن الحادي والعشرين ، ومن الجدير بالمنظمات والهيئات الدولية والمحلية العاملة والداعية لثقافة حقوق الانسان على امتداد العالم ان تصطف في مسار واحد لتطلق صرخة احتجاج ازاء تلك الانظمة للحيلولة دون تكرار هذه الانتهاكات ، فالسياط التي نزلت على جسد تلك الفتاة كانت تمس ايضا جسد كل داع وداعية لحقوق الانسان بل يجوز لنا القول بانها عملية جلد للمجتمع الانساني من اقصى الارض الى اقصاها .