بقلم : المحامية راوية ابوربيعة* ... 17.12.2010
انطلقت لجنة العمل للمساواة في قضايا الاحوال الشخصية بحملة اعلامية تحت عنوان "لا مبرر لتعدد الزوجات". وتأتي هذه الحملة في أعقاب البحث النوعي الذي أصدرته اللجنة قبل أشهر قليلة بعنوان "تعدد الزوجات: الخطاب والممارسة في المجتمع الفلسطيني" بحيث ظهرت من خلاله الاسقاطات النفسية، الاجتماعية، الاقتصادية والقانونية التي تتكبدها النساء والاطفال، لتكون مقولات الحملة مشتقة من مقولات النساء اللواتي شاركن بالبحث وفيها يعبرن عن وضعيتهن في ظل تعدد الزوجات. بحيث تعمل اللجنة منذ سنوات على رفع مستوى الوعي لمخاطر الظاهرة من خلال المحاضرات التوعوية، التوجيه والاستشارة القانونية والنفسية لتكون هذه ألحملة جزء من عمل اللجنة المتواصل لرفع الوعي لمخاطر هذه الممارسة.
فوجئت من ردود الفعل على الحملة وعلى الجمعيات النسائية التي تقوم بها وخصوصاً فوجئت من عدم التعامل مع قضية تعدد الزوجات بموضوعية وشفافية كظاهرة تهدد الاسس الاجتماعية وتحول النساء والاطفال ضحايا لهذه الممارسة، وقد أدت عدم الموضوعية الى التستر خلف "الغطاء الديني" كوسيلة اخراس، وتهميش لكل من ينتقد الظاهرة ويحاربها.
وهنا أتسائل لماذا ترفضون التعامل مع قضية تعدد الزوجات كقضية اجتماعية من الدرجة الأولى تنتهك حقوق النساء والأطفال؟ لماذا تتهربون من مسؤولياتكم المجتمعية وتؤيدون ظاهرة تكرس الاضطهاد والمعاناة النفسية للنساء والأطفال؟ لماذا تتسترون خلف الغطاء الديني؟
التستر وعدم الموضوعية يعكس كيفية تعامل مجتمعنا مع قضايا تخص مكانة المرأة، بحيث ينعتون هذه القضايا بنعوت مختلفة، متعاملين معها كقضايا "داخلية"، "حساسة" أو "دينية" وعندما تحاول الجمعيات النسوية والحقوقية رفع هذه القضايا ألهامة، ونزع القناع عنها , يسمونها "مدعومة من صناديق صهيونية".
لا شك ان رفض المجتمع أن يتعامل مع هذه القضايا وتفضيل قبرها عميقاً نابع من كون التعامل معها يعني التعامل مع أنفسنا ومع حقيقتنا كمجتمع أبوي، ذكوري، قبلي لا يريد التخلي عن موقع السيطرة والقوة. وهذه قضية "حساسة", "شرعية" وينهون النقاش. ولكن النقاش والجدل بدأ ولن ينتهي لأنه عندنا الكثير ما يقال ونقوله بأعلى صوت وبدون تردد:
نصبو للعيش في مجتمع حضاري يعتمد على أسس الديمقراطية, المساواة والعدالة الاجتماعية. نصبو لمجتمع سليم يرفض الظواهر الاجتماعية السلبية ويعزز القيم الإنسانية. فيه مكان متساو للنساء والرجال. وبالتالي إن استمرار ممارسة تعدد الزوجات يهدد هذه القيم ويشكل عقبة امام النهوض بمجتمعنا قدماً.
أناشدكم بالتعامل مع القضية بموضوعية كقضية اجتماعية تنتهك حقوق النساء والأطفال وتسيء لجميع أفراد المجتمع، فلينزع القناع!