أحدث الأخبار
السبت 23 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
الغرب الامبريالي ليس صديقا للشعوب العربيه ولا للقضيه الفلسطينيه!!

بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 23.09.2011

يعيش العالم العربي في هذه الاثناء نشوة الثورات واسقاط الطغاه واحدا تلوى الاخر بعد ان عاثوا وما زالوا يعيثوا خرابا ودمارا في الوطن العربي الذي ظل على مدى عقود يخضع لمطرقة الحكام وسندان الغرب الامبريالي الطامع في ثروات العرب من جهه والطامح دوما للحيوله دون وحدة العرب والعالم العربي من جهه ثانيه وبالتالي ما نلحظه في تسلسل علاقة الغرب الامبريالي بالشعوب العربيه والوطن العربي ما هو الا سجل متواصل من الاستكبار والعدوان والاحتلال والاجرام ومحاولة السيطره السياسيه والاقتصاديه الدائمه على الوطن العربي والملاحظ انه وبعد عقود وقرون على نهاية الاستكبار والاستعمار المباشر نجد ان الغرب ما زال يمارس نفس السياسه ونفس النهج ونفس الفكر نحو العالم العربي وجُل فحوى هذه السياسه ومدارها يدور حول كيفية استمرار السيطره على العالم العربي وعلى موارده الطبيعيه وعلى راسها النفط والبترول الذي تعتمد عليه الصناعات الغربيه اعتمادا شبه كامل ولا يمكن الاستغناء عنه ,ولذا ومن اجل تامين تدفق النفط بشكل دائم حاول ويحاول الغرب السيطره على العالم العربي اما من خلال الاحتلال والاستكبار المباشر او من خلال التحالف مع انظمة الحكم العربيه بغض النظر ان كانت دكتاتوريه او مزركشه نوعا ما بالديموقراطيه, لكن اللافت للنظر في مسار علاقات الغرب مع العرب هو زرع هذا الغرب الامبريالي للكيان الاسرائيلي في قلب العالم العربي بهدف تمزيقه جغرافيا والحيلوله دون وحدته وعلى ان تكون اسرائيل القلعه المحصنه عسكريا وبمثابة الذراع الطويل للامبرياليه الغربيه التي تدعم هذا الكيان عسكريا واقتصاديا وسياسيا وفي نفس الوقت يحاول الغرب تثبيت "يهودية" ووجود اسرائيل على حساب انكار حق الشعب الفلسطيني اللتي اقيمت اسرائيل على ترابه الوطني ووطنه فلسطين...الغرب الامبريالي وعلى راسه امريكا وفرنسا وبريطانيا والمانيا يحاول منذ اكثر من قرن تثبيت وجوده ونفوذه في المغرب و المشرق العربي من خلال تثبيت اسرائيل وجعلها متفوقه عسكريا على جيرانها العرب من جهه ومن خلال تحالفه مع الدكتاتوريه والرجعيه العربيه كما هو جاري منذ عقود من جهه ثانيه والاسئله المطروحه اليوم : هل يدعم الغرب الامبريالي حقا الثورات العربيه؟ ام انه يحاول الالتفاف عليها واختراقها من الداخل بهدف احتواءها وضمان استمرار السيطره الغربيه على العالم العربي باشكال جديده من السيطره والتمويه؟وهل يمكن ان يكون الغرب الامبريالي صديقا للشعوب العربيه والقضيه الفلسطينيه؟؟
الجواب على السؤال اعلاه يبدأ بالقول ان الغرب الامبريالي لم ولن يؤمن في يوم من الايام على مدى تاريخه السئ بمنح العرب حقوقهم الديموقراطيه والانسانيه لابل امن باهمية الاحتلال المباشر والاستكبارفي فتره من الفترات ومن ثم دعم الدكتاتوريات العربيه لتامين النفط من جهه وتأمين وجود اسرائيل والاستمرار في انكار الوجود الفلسطيني من جهه ثانيه وبالتالي قامت وتقوم السياسه الخارجيه الامبرياليه بما يتعلق بالعالم العربي على اساس ثابت وتكتيك مُتغير وهو احتواء العالم العربي والحيلوله دون وحدته ودون دمقرطته ضمن استراتيجية الحفاظ على نهج السيطره المباشره والغير مباشره من منطلق ان دمقرطة العالم العربي واسقاط النظم الدكتاتوريه لن يصب في صالح الغرب و لا في صالح اسرائيل ولذا نرى كيف تاتي ردة الفعل الغربيه الهستيريه على اقتحام السفاره الاسرائيليه مؤخرا في القاهره دون ان يعلق هذا الغرب الامبريالي على سقوط عدد من القتلى والاف الجرحى من المصريين اثناء هذا الحدث, بمعنى بسيط وبهذا المثال البسيط يثبت الغرب الامبريالي للمرة الالف ان جل اهتمامه مُركَّز على بقاء اسرائيل حتى لو كان الثمن محو الشعب الفلسطيني او قتل عدد كبير من العرب لابل ان الغرب الامبريالي يحاول اليوم الحيلوله دون الاعتراف بدوله فلسطينيه شبه كارتونيه داخل فلسطين المحتله فما بالكم لوكانت هذه الدوله حقيقيه وذات حدود وسياده,, بمعنى بسيط ومبسط نرى ان اسرائيل ليست وحدها التي روجت لاكذوبة السلام بهدف كسب الوقت لمزيد من الاحلال والاحتلال في فلسطين لابل الغرب الامبريالي هو المُرَّوج الاساسي والرئيسي لهذه الاكذوبه وهو [اي الغرب] يدعم التوجه الاستيطاني الاسرائيلي ولا يدعم باي حال من الاحوال لا الدوله ولا الحقوق الفلسطينيه... الغرب راى دوما و يرى في تحقيق الحق الفلسطيني خطر على اسرائيل والمصالح الغربيه في المنطقه العربيه ,والغرب يرى اليوم في ان الثورات العربيه الداعمه للقضيه الفلسطينيه هي بمثابة زيادة هذا الخطرعلى وجود اسرائيل والمصالح الغربيه...اسرائيل والطغاة العرب والغرب الامبريالي شكلوا معا حلفا معاديا للقضايا العربيه والقضيه الفلسطينيه[وكرشرم الشيخ ووكر الرياض مثلا] على مدى عقود من الزمن وهذا الحلف اخذ بالانهيار يوم بعد يوم ولذلك يحاول الغرب الامبريالي تشكيل اطار جديد في هذا الصدد ولهذا الهدف من خلال زرع الفوضى في مسار الثورات العربيه حتى يتسنى له ترتيب اوراقه والامساك بحبال تنقذ مصالحه وتحافظ على امن ووجود اسرائيل ولذلك نرى كيف ان الثوره المصريه تتعثر نسبيا بسبب موقف الشعب المصري من اسرائيل والامر نفسه يحدث في تونس لابل ان ماجرى ويجري في ليبيا غير معروف النتائج ولربما انه يصب بالكامل لصالح الغرب الذي شارك في طرد القذافي عن كرسي الحكم وما يجري في اليمن مثال صارخ على تدخل الغرب والرجعيه العربيه لافشال الثوره اليمنيه, وما يجري في سوريا هو ان النظام فعل ويفعل ما يتمناه الغرب واسرائيل وهو قمع الشعب السوري و تدمير سوريا وما جرى في البحرين من قمع هو انذار وتهديد مباشر لشعوب الخليج العربي والجزيره العربيه وسنرى فصول اخطر من التدخل الغربي الامبريالي عندما يصل موس الثورات العربيه الى الجزيره العربيه ومنابع النفط الذي يسيطر عليها الغرب والعائلات العربيه الحاكمه منذ عقود من الزمن....الغرب بوجهه الاستكباري البشع يحاول اليوم برموزه الجدد من امثال ساركوزي فرنسا واوباما امريكا وبراين بريطانيا ان يظهر بمظهر الداعم لثورات الشعوب العربيه وهو الذي يسعى لتخريب هذه الثورات وتدميرها لتأمين النفط وابعاد الخطر عن اسرائيل التي تحتل فلسطين وتحاصر الشعب الفلسطيني بدعم من الغرب الامبريالي واوباما وساركوزي...
..الغرب يمد للعرب يد فيها قطعة "حلوى" ويصفعهم باليد الاخرى!.. كمن يزفنا على دميه حتى يزيدنا جنونا وتيها!...يزعم انه داعم للثورات العربيه في الوقت نفسه يدعم الحصار الاسرائيلي المفروض على غزه والاستيطان في الضفه والقدس ويحاول بشتى الطرق هضم الحقوق الفلسطينيه وعزل القضيه الفلسطينيه عن مجرى الاحداث في العالم العربي التي تحتضن شعوبه العربيه القضيه الفلسطينيه وتحاصر وتقتحم اليوم ماهو موجود من سفارات اسرائيليه في الدول العربيه...الغرب الامبريالي يرى ان سلطة وجوده وتواجده في العالم العربي مرتبطه بوجود اسرائيل وقوتها ولذا نرى كيف تصاب امريكا بالجنون لمجرد اقتحام سفاره اسرائيليه في القاهره ولا تحرك ساكنا عندما تدمر اسرائيل غزه وتحاصر شعبها لابل ان امريكا المجرمه تحتل العراق ودمرته دولة وشعبا والمجرم بوش يعيش طليقا في امريكا وكأنه لم يشرد ويقتل ويجرح الملايين من العراقيين! .. ولذلك نرى ايضا كيف يحاول ساركوزي الصهيوني الظهور بمظهر انساني في احداث ليبيا بينما فرنسا المجرمه تاريخيا لم تعتذر بعد عن قتل اكثر من مليون جزائري ابان استعمارها واحتلالها للجزائر ناهيك عن دعم ساركوزي المطلق للسياسه الاسرائيليه ودور فرنسا التخربيي في المشرق والمغرب العربي. لاحظوا الازدواجيه الامبرياليه وكيف ان المانيا ما زالت تدفع التعويضات لاحفاد ضحايا النازيه من اليهود في اسرائيل حتى يومنا هذا...الاحفاد وليست الضحايا الذين توفوا منذ زمن.. بينما فرنسا المجرمه لم تقدم مجرد اعتذارا عن قتل وجرح الملايين من الشعب الجزائري وهذا القتل الاجرامي التي مارسته فرنسا بالامس القريب.. قبل نصف قرن..ساركوزي الفرنسي لم يقدم اعتذارا للجزائر ويزعم بانه يدعم الثوره الليبيه؟...يريد النفط.. الدم الليبي لايهم ساركوزي بقدر ما يهمه النفط....قنابل لطرد القذافي مقابل استيلاء الغرب وفرنسا على النفط الليبي...ماذا سيجري لليبيا او امكانية دمقرطتها او حرب اهليه قبليه ليبيه فهذا لايهم فرنسا والغرب الامبريالي...فرنسا تعقد المؤتمرات في باريس بحضور براميل نفط عربيه قادمه من وراء القاعده الامريكيه في السيليه وبحضور ملك البحرين الذي قمع ويقمع شعبه لدعم الديموقراطيه في ليبيا!..عجيبه هذه المعادله تماما مثل قناة الراي والراي الاخر وفضائية الملايين اللتي تصبح بين ليله وضحاها فضائية نظام و ثوريه على طريقة امير السيليه..عبد امريكا يريد تحرير ليبيا عبر فرنسا وطائرات الناتو تماما كما فعلت الطائرات الامريكيه التي انطلقت من قاعده السيليه في قطرعام 2003 لتدمر العراق وتقتل شبابه وشيبه و اطفاله ونساءه!!
لاحظوا معنا ترابط الامور بين السيليه وامريكا المجرمه التي قتلت وشردت الملايين في العراق قبل وبعد عام 2003على اساس حجج كاذبه وواهيه ولا تعتذر للشعب العراقي حتى يومنا هذا لابل لسخرية التاريخ يعيش رئيسها السابق المجرم بوش حرا طليقا دون اي مساءله او محاكمه.. الشعوب العربيه تحاكم وتطارد اليوم حلفاء امريكا من امثال حسني مبارك وغيره بينما مجرمي امريكا الذين اجرموا بحق الشعوب العربيه من امثال بوش ورامسفيلد ورايس وتشيني يعيشون طليقين احرار ويتحدثون عن الديموقراطيه الامريكيه التي ما زالت تدعم الاحتلال الصهيوني في فلسطين وتدعم القوى الرجعيه والدكتاتوريه في العالم العربي...الرئيس الامريكي الحالي الذي أصموا اذاننا بديموقراطيته وشجاعته المزعومه يبدو اليوم صهيونيا اكثر من الصهيونيه نفسها لابل انه رئيس تافه ولم يقدم للسلام المزعوم اي شئ والعكس هو الصحيح وهو ان اوباما ليس من داعمي القضايا العربيه ولا السلام ولا القضيه الفلسطينيه...اوباما يدعم الانقسام الفلسطيني واحتلال فلسطين واضطهاد العرب وحتى وعده بفتح ملفات الغزو الامريكي للعراق كان وعد كذب وتضليل..لا اكثر..هَّم اوباما الوحيد اليوم هو استعمال حق النقض الفيتو ضد الاعتراف بدوله فلسطينيه كارتونيه في هيئة الامم المتحده.. رئيس امريكي تافه وكاذب وصهيوني مثله مثل ليبرمان ونتانياهو.... الغرب اراد السلطه الفلسطينيه فقط كشركه امن لموظفين فلسطينيين[مرتزقه] يدفع رواتبهم الغرب مقابل دعم وجود الاحتلال الاسرائيلي في الضفه والحفاظ على امن اسرائيل...السلام والدوله الفلسطينيه كان مجرد خديعه والدليل القاطع على هذا هو ان الغرب الامبريالي لا يوافق حتى على دوله فلسطينيه كارتونيه, فكيف له ان يتحدث عن السلام ووقف الاستيطان واقامة الدوله الفلسطينيه وعاصمتها القدس الشريف؟؟!
واخيرا وليس اخرا تبدو لي زيارات زعماء الغرب الامبريالي لليبيا ما بعد القذافي وكأنها تأتي في اطار قديم جديد وهو اطار استكباري واستعماري رخيص لا علاقه له بالثوره الليبيه والشعب الليبي العروبي الذي عانى الامَّرين من حكم طاغيه كان مدعوما من الغرب..الصمت على الدكتاتوريه مقابل النفط واليوم يحاول ساركوزي اظهار نفسه كمحرر لليبيا من القذافي وكأنه يخلق معادله جديده...النفط مقابل تحرير ليبيا من القذافي...الغرب الامبريالي برمته يريد فقط بقاء السفاره الاسرائيليه في القاهره والاردن ولا يهمه شكل الحكم ولا مصير الثوره المصريه ولا مستقبل 80 مليون مصري لا بل ان الغرب الامبريالي لايهمه مستقبل مئات الملايين من الامه العربيه.. المهم النفط وامن اسرائيل وضمان بقاءها... الكذابون الجدد هم انفسهم احفاد القدامى الذين استعمروا العالم العربي ودعموا حكم الطغاه واحتلال فلسطين على مدى عقود...هم انفسهم فكرا وممارسه..الغرب الامبريالي ليس صديقا للشعوب العربيه ولا للقضيه الفلسطينيه.. لا تصدقوا وسائل اعلام السيليه ومشتقاتها ولا الغرب الامبريالي..!!

كاتب فلسطيني , باحث علم اجتماع, ورئيس تحرير صحيفة ديار النقب الالكترونية