أحدث الأخبار
السبت 23 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
لا تدع مطالب الحياة تخنق خيالك..؟

بقلم : عبله عبد الرحمن ... 12.09.2011

وأنا أقف متسمرة أمام هذه الورقة البيضاء اشحذ خيالا أملئ فيه هذا البياض، أخذتني الأفكار إلى كثير من المواضيع التي يمكنني الكتابة فيها ولكن مع الأسف، شدة الميلان في اختيار أي من هذه المواضيع كانت متساوية، كما إنني لا أريد أن أقول ما يقوله أكثرنا من أين لي بأفكار خلاقة؟، ولكنه مجرد تساؤل هل جرب احدنا ابتكار أفكارا خلاقة، هل بذلنا الجهد الصادق لزمن طويل في تدريب عقولنا على التفكير الخلاق ولم ننجح، ها هو برنارد شو يقول: بأنه استطاع أن يكتسب خبرته الدولية لأنه فكر مرة أو اثنتين في الأسبوع، المقصود هنا بهذا التفكير: التمحيص، والتحليل، والمقارنة، واستخلاص النتائج. احد العلماء قال بأننا نكون في عداد الموت الجزئي إذا نحن لم نستخدم كل مقدراتنا، فالشخص الذي أوتي خيالا خلاقا، يستطيع أن يكون حرا ولو كان رهين زنزانة في سجن، ولا أنسى احد أقارب والدتي حين جاء صوته من خلال هاتف نقال كان لوالده الذي يزوره كل نصف شهر، حينها خجلت من نفسي عندما سألني ماذا تعملين في الحياة، فترددت وصوتي خرج مني ضعيفا وأنا أجيبه على سؤاله، بأنني درست عامين دراسيين في تخصص الرياضيات بعد الثانوية العامة وإنني ما زلت بلا عمل، وكيف جاءني صوته زاجرا.. كيف ترضين بذلك.. لماذا لا تكملين تعليمك أو تعملين شيئا يحسب لك في هذه الحياة، والحقيقة أن هذه المحطة التلفونية كانت فاصلا لحياتي القادمة، حيث أعدت دراسة الثانوية العامة، وتخرجت من الجامعة من الكلية التي أحب، بقي أن أعرفكم بان السجين قريبي محكوم أربع مؤبدات في سجون الاحتلال الإسرائيلي، أنهى الربع الأول من المدة، بذات السنة التي انتهى فيها من دراسته للماجستير، لكنه بخياله الخلاق، تمكن من تجاوز محنته بالرضى، وبالعودة إلى الدراسة وهو حبيس زنزانته، أما غيره ممن لا يمتلك خيالا خلاقا، فمثله كالحيوان الذي يسير في عالم مجهول! ما بين بقائه بالفراش او مغادرته. قد يفوت الكثير منا أهمية الخيال في تهيئة الفرصة، وقد تكون الثورات التي اجتاحت معظم الأقطار العربية جاءت نتيجة لخيال قوي للفوز بالحرية، فلولا الخيال لم نرى للمجد طريقا، باعتبار الخيال قلب أخر لنا، يبقي على حيويتنا، ويسهم في حل الكثير من مشاكلنا التي تواجهنا في الحياة، وفي انجاز الكثير من المخترعات والمبتكرات. وليس أدل على ذلك من الدراسة التي قام بها الدكتور ويلز والتي بين فيها أن من يصلون إلى ارفع المراتب كانوا أكثر من سواهم مقدرة على التفكير. كم من المرات نسمع على السنة الصغار،تذمرا يصل للدرجة التي لا يطاقون فيها، والسبب ربما العلب السكنية التي أخذت تتطاول على حساب خيالهم، فالطفل يمضي اغلب ساعات يومه متسمرا أمام شاشة الحاسوب، وهذا مما يعيق التدريب على الخيال الخلاق وتمرينه لديهم، كما يمنع عنهم اكتساب بهجة الحياة ومتعتها وسينعكس اضمحلال الخيال هذا علينا بالكبر وهذا يكون أصعب من اضمحلال الجسد بحسب الدراسات. ولان الخيال يتأثر بالبيئة الحديثة، فالحاجة هي الدافع للابتكار والشعور بالأمن والطمأنينة قد يكون العائق لنمو الخيال الخلاق الذي يكون محفزه عدم الاطمئنان كقوة محركة للإبداع. فالبيئة الحديثة بما توفره من أسباب الراحة تكون مقبرة للخيال ومخدرة لقوى الفكر، قد نستعيد بعضا من رونق الحياة وخيالها النابض بالأمل والحكايا، والتي نكتسبها بالتجمعات العائلية أو الاستمتاع بحسن الصداقة،وتحزين الذكريات الجميلة التي نعود إليها بخيالنا الخلاق. لنبدأ من الآن بإيقاظ عقلنا وإيقاظ خيالنا وننعم بالحياة ونشعر ببهجتها اليوم وغدا.