أحدث الأخبار
السبت 23 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
هَل في الجسمِ متَّكأٌ لروحكِ!؟

بقلم : نمر سعدي ... 22.09.2011

بعبارةٍ شفَّافةٍ كالأقحوانةِ
أو كبوحِ الثلجِ حاولتُ التماهي في القصيدةِ
كيْ أُزيحَ غبارَها المتراكمَ الألفاظِ
لم أجدْ الحقيقةَ في الوضوحِ وفي السرابِ
بلهفةِ المحمولِ فوقَ النهرِ أعبرُ ضفَّتي الأخرى
أُحاولُ أن أُمسِّدَ ذكرياتِ غدي
بما يرِثُ الحمامُ من الحنينِ أو التوجُّعِ...
مُثقلاً كالسندبادِ أجُرُّ صاريتي إلى بحرٍ بلا ماءٍ
وأرفعُ من خطيئاتي بيارقَ لا سماءَ لها
لتخفقَ في هدوءِ الغيمِ
أهجسُ مرَّةً أخرى بهذا الشاعرِ المنسيِّ
يسكنُ فسحةَ اللا وعيِ
هل فعلاً أنايُ الشاعريَّةُ في الحياةِ أنا..؟
وهل من شُرفةٍ لترابِ ذاكرتي
لكَيْ أرتاحَ فوقَ الزهرِ من وجعِ التأمُّلِ
مُرهفاً قلبي إلى اللا شيءِ مثلَ بكاءِ نورسةٍ..؟
وهل متأبِّطاً ندَمي وحزنَ دمي
وسرَّ النشوةِ الكبرى
أطيرُ إلى النهايةِ ؟
ما النهايةُ قلتُ ؟
ما هذا الطريقُ الأوَّلُ الأبديُّ
نحوَ الحبِّ في معراجهِ الأزليِّ ؟
حيثُ خُطايَ تنقرُ وجهَ هذا الليلِ
مثلَ الطائرِ الدوريِّ
تبصرُ صفحةَ الأيامِ كيفَ تشيخُ
من هولِ الذنوبِ
وكيفَ تنحلُّ ابتساماتُ النساءِ
كرغوةِ الصابونِ في ثبجِ الهواءِ
وفي أديمِ العطرِ حينَ يُزاوجُ الليمونَ والنعناعَ..
ملتُ على يدينِ صغيرتينِ تُلوِّحانِ لفتنةِ الإيقاعِ
ملتُ على حريرٍ أجنبيٍّ ناصعٍ كالإثمِ
لا ينصاعُ إلاَّ للغوايةِ
ما الغوايةُ قلتُ ؟
أفراسٌ مطَّهمةٌ تطيرُ إلى حدودِ الغيمِ
والجسدِ المعبَّأِ بالسَفرجلِ والرياحِ...
وألفُ مجمرةٍ يضيءُ بياضُها السحريُّ أنثى الليلِ
في أقصى دماءِ الشاعرِ الملعونِ
أطيارٌ وأزهارٌ مقاتلةٌ
وبحرٌ من رمادِ الجسمِ
أسئلةٌ محنَّطةُ الرؤى في متحفِ الشمعِ القديمِ
وخطوةٌ عمياءُ أو ندَمٌ خجولٌ أبكمٌ...
بإشارةٍ شفَّافةٍ خبَّأتُ برقاً تائباً في مقلتَيْ قلبي
ولم أنبسْ بأيَّةِ رغبةٍ في الحزنِ
أو في نشوةِ الفرَحِ المعتَّقِ دونما سببٍ
ولم أسلُكْ طريقاً سالكاً
مُتأبِّطاً ندَمي وشرَّ إشارتي الأولى وماءَ الشعرِ...
ماءَ القبلةِ المنقوعَ بالنارِ الخفيفةِ والرضابِ الحلوِ..
هل في الجسمِ متَّكأٌ لروحكِ
حينَ تحملُ لعنةَ التعبِ الجميلةَ ألفَ عامٍ؟
صائمٌ جسدي عن الحبِّ
انتظاري صائمٌ ومرتَّبٌ شغفي على رفِّ النهارِ
كما تُرتِّبُ في القصيدةِ نسوةُ الأحلامِ والصُدفِ الصغيرةِ
ما تناثرَ من فراشٍ طائشٍ في الأفقِ
أو أصصَ الزهورِ على اختلاجاتِ الصباحِ
يدايَ صائمتانِ عن حجرِ الفراغِ الناصعِ الشفَّافِ
عن عشبِ التأمُّلِ والرؤى
عينايَ صاريتانِ تشتعلانِ في يمٍّ يؤرجحهُ
غيابُ الطيرِ بينَ سماءِ هاويتينِ
قلبي مركبٌ سكرانُ في أشعارِ رمبو
خرقةٌ جسدي تخاطُ إلى أديمِ الأرضِ مثلُ أبي العلاءِ
وليسَ هذا البحرُ في عينيكِ أقربَ لي إلى الرؤيا
ولا السرُّ المعتَّقُ في الدماءِ وفي غصونِ الروحِ
ليسَ البرُّ أبعدَ لي من الكُحليِّ
حيثُ يدايَ كالمهرِ الجموحِ تطرِّزانِ أهلَّةَ الأشياءِ
في الجسدِ/ الغدِ / الأملِ الذبيحِ
وحيثُ مهدُ الأقحوانِ وقبرُ أسئلتي
وما نثرَ المسيحُ عليَّ من ماءٍ ومن حَبقٍ
تجفِّفهُ خطايا الأرضِ والقلقُ السريعُ
كأنني أمضي إلى ما ليسَ لي
أزنُ الهباءَ بحكمةِ الضلِّيلِ في ميزانِ خسراني
أُروِّضُ وردتي.. تلكَ التي أدمنتُ نشوةَ ذنبها
حتى لتقتُلني مخالبُها
أنا لن أمشِ مثلَ الإبلِ فوقَ صراطِ تحناني
لكَيْ أصلَ الحقيقةَ فوقَ نارِ الحبِّ أو سيفِ السكينةِ...
أطمئنُّ إلى النجومِ المستديرةِ كالفقاعاتِ الصغيرةِ
أطمئنُّ إلى غيومٍ ضاحكاتٍ كابتساماتِ الصبايا...
أو إلى الجبلِ المعبَّأِ بالنشيدِ الليلكيِّ وبالطيورِ
وبالصراخِ الأبكمِ المكتومِ...
من وحلٍ تلفَّعَ بالنصاعةِ شعَّ نجمٌ في مدى جسدي
ومن قُزحٍ بلا جذرٍ شمختُ
كأنني بُرجٌ من الضوءِ الخفيفِ الماءِ
جسمي كوكبٌ في الكونِ يسبحُ
أو كبوحِ الثلجِ ينبضُ في المجرَّةِ
كيفَ صُغتُ عبارتي
ودمي على دَرَجِ الطفولةِ بعدُ لم يحبو
ولم يجدْ القصيدةَ بعدُ في المجهولِ
لم يندمْ على شيءٍ من الأشياءِ أو يفهمْ إشارةْ ؟
الماءُ ملءُ فمي وملءُ دمي وأخيلَتي
فهل لي بعدَ طوفانِ الأحاسيسِ الغريبةِ والرؤى...
هل من عبارة ؟