بقلم : عبله عبدالرحمن ... 22.08.2011
وانأ أحث الخطى كعادتي بعد دوام طويل ثقيل خاصة على متدربة لم تعتد الجلوس لفترات طويلة معزولة على كرسي شبيه بكرسي الاعتراف تقرأ ما طاب لها من الأخبار والمقالات والتحقيقات كجزء من تدريبي الذي اقتصر على ذلك فقط . كنت أتساءل وأنا احدث نفسي عن الفائدة التي حققتها من هذا التدريب، فأجيب باسمة بأنني ربما تعلمت ركوب المصعد كدلالة على بؤس الفائدة العظيمة التي حققتها من هذا التدريب . والتدريب في زماننا هذا أصبح عنوانا لكثير من المؤسسات التي تستخدم هذا المنهج وكما رأيت،من خلال متدربين صادفتهم أثناء ما كنت اقضي محكوميه التدريب واختلاطي بالكثير من الخرجين ممن يلهثون لكسب الخبرة، بأمل التعيين، والدخول لسوق العمل بأحلامهم العريضة في الحصول على وظيفة وللأسف فان تلك الأحلام لا تشبه إلا أحلام جحا بالبيض. ولا يفوتنا أن ننسى أو نذكر بالفائدة التي تحققها تلك المؤسسات،والتي تستخدم التدريب غطاءاً لانجاز الكثير من الأعمال والكسب من عرق أناس ما زالوا يأملون بالدنيا خيراً، والفرار من فكرة التعيين ودفع الراتب، محققين بذلك عدة عصافير بحجر واحد بحجة شهادة الخبرة للمتدرب الذي يغيب عن باله أن مصلحة صاحب العمل تقتضي بعدم تعيينه حتى لو كان جهبذ زمانه. أعود لأقول وأنا أتنفس حرية الهواء النقي بعيدا عن المكتب وضجر الموظفين الذين نالوا شرف التثبيت، أن ما رأيته فاق كل توقعاتي،ودار الفكر بي يمينا وشمالا، وربما كنت مع الروائي الفلسطيني جبرا إبراهيم جبرا حين قال: في حياة كل إنسان أمور لا يتحدث عنها، ولكنها تؤثر في نمط معيشته أو في مواقفه وفي أرائه، ومع هذه السيدة التي تجاوزت الخمسين ويزيد، وهي تقف بإصرار أمام كشك لبيع الكتب لتشتري كتابا عنوانه ما زال يضرب في رأسي، أكد تلك المقولة، ومع أن التفكير أخذني إلى البعيد فرحا بحال تلك السيدة وهي تهم بشراء كتاب ، فقد أكبرتها في نفسي لفعلها العظيم هذا، على الأقل حتى نكون امة تقرأ، وقلت حامدة وشاكره أن القراءة ما تزال في خير، تلكأت في خطوتي لفضول بنفسي وخطر على بالي وأنا أتوقع ذوقها فيما ستختار من أمهات الكتب، بأنها ربما تشتري كتابا في الفقه أو حتى بالتاريخ أو كتب بالجغرافيا والأسفار أو حتى روايات عالمية وربما بأضعف الإيمان بذوقها بالقراءة ستشتري كتبا تساعد في الطبخ أو الرشاقة ولكنها ولصدمتي ابتاعت كتابا يحمل عنوانا صارخا. وللحقيقة أيضا تصورت أن أرى استغرابا من بائع الكتب لأن البيع عنده بحسب ذاكرتي به يأتي ترسيخا لمبدأ القراءة ولم يكن يخطر ببالي انه تطور في البيع ليجاري العصر في ظلامه. ربما هناك من يستعجلني لأفصح عن اسم الكتاب الذي اشترته تلك السيدة والذي حمل عنوان " أجمل مسجات بالحب " وقد يشاركني استغرابي الكثير منكم في اختيار تلك السيدة للكتاب الذي أحبت أن تحتفظ به والتي كانت كما رايتها مثالا للوقار الظاهر على محياها لأقف مصدومة وكثير من الأسئلة تتدافع برأسي، يمينا وشمالا، كيف ولماذا؟! أي مرآة كانت لتلك السيدة لترى فيها أكثر من ظلالها، وأي اتساع في المدى امتد إليه أملها، وأي حياة وأحلام بالشوق ما زالت تمضي بها، أي يأس كانت ستدفع به خارج حياتها وأي أمل استطاعت ابتكاره وهي تشتري مثل هذا الكتاب. كان من الممكن أن اشبع فضولي وأسأل تلك السيدة عن السر في اختيارها مثل هذا الكتاب ولكنني آثرت ألا اسألها تاركة لخيالي التفكير في هذا السر وأنا أقول في نفسي هل للقلب بابا حتى في الخمسين ليحب ويعشق،الجواب لديكم.