بقلم : د. مهند العزاوي ... 11.11.2011
مبادئ استرشادية للسياسة الأمريكية
دولة اللاقانون والطائفية الأصولية
التطهير الطائفي واحتكار السلطة
شهد العراقيين الازدواجية القانونية والأخلاقية للمجتمع الدولي تجاه ثورة الشعب العراقي في 25 شباط , حيث تم قمعها بشكل وحشي وبحضور ممثل الأمين العام ووسائل الإعلام الدولية والعربية والمنظمات الأممية , بالرغم من مقولة الرئيس الأمريكي "أنهم يدعمون خيار الشعوب"!, وبالوقت نفسه يدعمون نظام سياسي قمعي أوتوقراطي فاسد يمارس الإرهاب السياسي بشكل مزمن ضد شعبه , وقد هجر ملايين العراقيين على أسس طائفية مقيتة وبشكل راديكالي مقزز ولا يزال يمارس الاستبداد واحتكار السلطة وفق "نظرية المزرعة والقطيع التائه" , ونلمس انهيار مكونات الكيان العراقي الدولة والشعب والوطن ويتجه إلى التقسيم الطوعي إلى أقاليم , كنتاج أساسي لفشل السلطة وطائفيتها وغياب العدالة, ويسال المواطن العراقي منظري الديمقراطية, أين حقوق الشعب والعدالة الاجتماعية , أين الاستقرار السياسي والأمني؟ , أين القدرة الدفاعية التي تشكل مرتكز السيادة الوطنية والمكانة الدولية ؟, أين التنمية والشعب يجتث طائفيا وتجرف مكوناته؟, أين الخدمات الأساسية ؟, أين الضمان الصحي والاجتماعي ؟, وأين المال العام الذي يسرق يوميا؟, وهل الديمقراطية تتمثل بالتحايل السياسي وترسيخ حكومة طائفة أو مذهب على حساب التنوع الاجتماعي, وان التحضر يعني مسك المليشيات الطائفية الخارجة عن القانون بزمام السلطة ومنحها رتب عسكرية بالجملة لرفع منسوب الرعب والهلع مع هستريا الاعتقالات لديمومة الصدمة والترويع, وقد أكد الدستور العراقي في المادة (9) الفقرة (ب) على حضر تكوين المليشيات العسكرية خارج أطار القوات المسلحة, أليس هذا نفاق سياسي أممي وازدواجية في المعايير وشعب العراق يقتل يوميا دون مسائلة جلاديه.
مبادئ استرشادية للسياسة الأمريكية
أضحى شبح الموت وحمامات الدم المنظر السائد في المشهد العراقي في ظل الانهيار الأخلاقي والقيمي وبيع الوطن مقابل منافع مالية وصفقات سياسية مشبوهة, ويبدوا أن النظام السياسية قد أدمن على استباحت دماء العراقيين دون مسائلة دولية , وبات يصنف المواطنين طائفيا ويعمل على ترسيخ "ولاية الفقيه بالتقية السياسية" تحت عنوان "حكومة المذهب" .
أكدت وصايا الباحثين والخبراء الأمريكيين في المبادئ الاسترشادية للسياسة الأمريكية في العراق عام 2003 عند احتلال العراق وفي بند إرساء حكم القانون, على ضرورة الحفاظ على الجيش العراقي!, وكذلك بند الخطر الناجم عن فرض الحلول ويؤكد وجوبا على الولايات المتحدة إلا تقع تحت أغراء تأسيس حكومة مؤقتة! أو تفرض حكومة يسيطر عليها قادة المعارضة اللذين عاشوا في المنفى مدة طويلة! فحكومة مماثلة ستفقد الشرعية الداخلية وتعمل على زعزعة الاستقرار في الداخل, ويجب النظر أليها كصوت بين أصوات عديدة في الداخل )),هذه توصيات استرشادية ملزمة لتشكيل العملية السياسة وقد أهملت واغتصبت العملية السياسية من قبل الأحزاب الإيرانية الوافدة , وبذلك جرى تخطي القانون الدولي والدستور والمبادئ الاسترشادية, أذن لماذا يسلم العراق إلى إيران على طبق من ذهب , ما هو الغاطس الحقيقي للتعاون الأمريكي الإيراني ضد العراق.
دولة اللاقانون والطائفية الأصولية
عضدت النيودكتاتورية بالطائفية الأصولية, وجرى تخطي الكوابح الصارمة في الدستور "المادة (7): أولا: يحظر كل كيان أو نهج يتبنى العنصرية أو الإرهاب أو التكفير أو التطهير الطائفي أو يحرض أو يمهد أو يمجد أو يروج أو يبرر له" وبذلك تجرم الطائفية سلوكا وفكرا وترويجا وتمجيدا, وقد مارس النظام السياسي الإرهاب الفكري والتكفير السياسي والتطهير الطائفي والسماح لوسائل الإعلام بترويج السموم الطائفية والتعسف المسلح ضد المجتمع وبما ليتسق مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ويتناقض مع الدستور (( وبذلك لاشرعية للدستور وفقا للقاعدة القانونية في العلاقة بين القانون الدستوري والقانون الدولي العام كلاهما يشتركان بكونهما من فروع القانون العام وعندما يتعارض قوانين لدستور مع القانون الدولي يعتبر غير شرعي)).
استخدم الطائفيون الجدد عبارات الخطاب المزدوج في الدعاية السياسية, لتطبيع المجازر الدموية والجرائم ضد الإنسانية, وتحت شعارات محاربة الإرهاب, فرض القانون,دولة القانون,الوحدة والشراكة الوطنية" وتلك الشعارات مثيرة للسخرية والاستهجان في ظل اغتصاب السلطة طائفيا واغتصاب أصوات الناخبين بالتحايل القانوني والانتهازية الشركاتية الضاغطة في واشنطن, خصوصا إذا علمنا أن من يتبنى تلك الشعارات أحزاب راديكالية عقيدتها طائفية مليشياوية اقصائية, وكانت قد مارست الجريمة السياسية والإرهاب المنظم ضد المجتمع العراقي مسبقا.
التطهير الطائفي واحتكار السلطة
أن المهمة الأساسية والأولى للدولة هو تحقيق الدفاع والأمن, والخروج من حالة الفوضى وشريعة الغاب, والأمن بمفهومه البسيط هو "غياب الخوف واختفاء التهديد وسيادة الاطمئنان النفسي لدى الفرد والمجتمع" وهذا ما لم تستطيع تحقيقه الحكومات طيلة سنوات الماضية للشعب العراقي بل أشاعت البطش المطلق والإرهاب الطائفي السياسي.
على العكس من النظريات السياسية والأعراف القانونية فقد شهد الشعب العراقي مجازر التطهير الطائفي التي ارتكبتها حكومة الجعفري 2005 وتختزن الذاكرة بأبشع مناظر التعذيب بالدريل والذبح والشواء البشري في مؤسسات الحكومة ووزارتها ,وازدهرت السجون السرية للمليشيات والأحزاب الطائفية ووثقتها تقارير هيومن رايتس ووتش ولكن دون مسائلة قانونية دولية تذكر ولم تجري أي محاكمة لرموز تلك الحكومة المليشياوية , بل على العكس منحهم المجتمع الدولي الحماية وكافأتهم أمريكا وسمحت لرموزها بتسلق مناصب وزارية حساسة وسيادية والبعض منهم أعضاء في البرلمان.
أكملت الحكومة الحالية منهجية القمع المجتمعي والإقصاء الطائفي وباستخدام مثلث التطهير الطائفي والاحتكار للسلطة ( الإرهاب فوبيا – البعث فوبيا- العملية السياسية فوبيا) وطوعت الاستراتيجيات الأمريكية الحربية بشكل طائفي وضللت الرأي العام بأكاذيب مفبركة مثيرة للسخرية عن الكوارث الأمنية ,وامتهنت تلفيق الملفات الكيدية والاغتيال السياسي, وألحقتها مؤخرا بنظرية المؤامرة والوصاية على الشعب, ويبدوا أن هناك مواطنين من الدرجة الأولى وهم القلة الحاكمة المسلحة , ومواطنين من الدرجة الثالثة الشعب الأعزل المبرر قتله , وهذا التمييز الطائفي حظره الإعلان الدولي لحقوق الإنسان ودستور العراق, ولابد من تسمية سلطة العراق المغتصبة طائفيا "دولة اللاقانون والمسالخ البشرية"أذا ما نظرنا إلى قوائم الضحايا البشرية من الاعتقالات والتعذيب والقتل خارج القانون والمهجرين والتي بلغت ثلث شعب العراق , ناهيك عن إرهاب إيران في العراق الذي يقتات على الدم العراقي وقد أكده الناطق باسم القوات الأميركية في العراق جيفري بوكانن في 6-11 مصرحا "أن“إيران وخصوصاً “قوة القدس” التابعة للحرس الثوري تدعم “ميليشيات شيعية متطرفة” بهدف عزل العراق عن علاقاته بمحيطه العربي وبالولايات المتحدة”، كاشفا عن وجود محادثات مفصلة مع الحكومة العراقية لتسليم القيادي البارز في “حزب الله اللبناني” علي موسى دقدوق إلى السلطات العراقية بعد نهاية الاتفاق الأمني بين بغداد وواشنطن" ولم تجيب الحكومة ما هو دور قيادي من حزب الله اللبناني في العراق منذ عام 2006 وتم القبض عليه 2008 متلبسا ويعد من اخطر الإرهابيين المعتقلين.
نسال الرئيس الأمريكي اوباما راعي الانسحاب المسئول أين الديمقراطية والسجون تعج بآلاف المعتقلين الأبرياء وفق نظرية المؤامرة المزمنة , أين هي المصالحة الوطنية التي استنزفت ملايين الدولارات وهما وتضليلا , أين التعددية السياسية وحزب طائفي يحتكر السلطة 7 سنوات ,أين حكومة لا طائفية تقبل المسائلة وهي تمارس الإرهاب السياسي بمباركتكم والمجتمع الدولي, أين قوات أمنية غير مسيسة وقد اتشحت بلون حزبي واحد وأدمجت فيها مليشيات طائفية لفرض الطائفية الأصولية, أين عوده المهجرين ونحن نخوض حرب التهجير الثانية , أين الاستقرار الأمني والعراق متخم بالمليشيات العابثة بأمنه وتقتل بحصانة حكومية, هل جرى تسليم العراق إلى أهله أم إلى إيران ؟ أليس من المفترض أن يحاكم فلول إيران في العراق وفق المادة (7) من الدستور لتجريف القدرة العراقية وقتل الضباط والعلماء والنخب الوطنية وبيع أصول الدولة العراقية , هل يستفيق المجتمع الدولي وينقذ الإنسانية المعذبة في العراق وخارجه ويطلق مشروع دوليا لدعم شعب العراق واستعاده كيانه المغتصب إيرانيا, ولابد التذكير أن التواطؤ الاممي وتجاهل مطالب الشعب العراقي بالحرية والكرامة يعزز الشرعية الوطنية بانتزاع الحقوق العراقية أينما كانت وبكافة الوسائل الشرعية المتاحة, ودعونا نقول للرئيس الأمريكي اوباما والإيراني نجادي كفاك ذبح العراق ولم يعد أضحية لبطاقتكم الرئاسية وسترون كيف يفكك شعب العراق شفرات الهندسة المعكوسة, ويرسمون هندسة سياسية واجتماعية تليق بمكانة العراق والعراقيين, فليسمع المجتمع الدولي النائم والمنتفع بنفط العراق صرخة العراق الثائر.