بقلم : د. فايز أبو شمالة ... 29.08.2011
هل تصدق أيها الصائم لشهر رمضان أن بيننا فلسطينياً يقول: فلسطين هي الأراضي المحتلة سنة 1967 فقط، ويكفينا نحن 22% من أرض فلسطين، وليبارك الله لليهود ما اغتصبوه سنة 1948، ليس لنا عندهم أي حقوق، فقد اعترف لهم بذلك المجتمع الدولي، والمبادرة العربية للسلام!؟ وإن كل فلسطيني أو عربي يهمس في سره غير ذلك فهو مجرم، وكل مسلم يحلم أن للفلسطينيين حقاً في أرضهم المغتصبة هو جاسوس لإسرائيل، ويتقاطع مع اليمين الإسرائيلي، ويزوده بمبررات رفض قيام دولتنا الفلسطينية على مساحة 22% فقط.
وهل تصدق أن فلسطيني آخر يقول: فلسطين لنا، اغتصب اليهود 78% من أرضها سنة 1948، وصار اسمهم "دولة إسرائيل"، التي احتلت باقي فلسطين سنة 1967، وأي حل سيفضي إلى دولة فلسطينية على حدود سنة 67، هو حل مؤقت، حل يمليه الواقع الميداني والدولي، ولا يعني الاعتراف بوجود إسرائيل، والتسليم لليهود بما اغتصبوه سنة 48، وكل من يفهم دولة فلسطين على حدود سنة 67 فقط، هو مفرط بالحق التاريخي للشعب الفلسطيني، ونحن سنواصل التمسك بالبندقية، والمقاومة حتى نقوض دولة الكيان الذي اغتصب ترابنا.
من لا يصدق هذا التباين في المواقف السياسية بين خط المفاوضات وخط المقاومة، فليقرأ بيان الناطق الرسمي باسم السلطة الفلسطينية السيد "أبو ردينه" الذي قال:
نقلت وكالات الأنباء تصريحات للرئيس الإيراني "محمود أحمدي نجاد"؛ زعم فيها: "أن إقامة دولة فلسطينية ستكون مجرد خطوة أولى على طريق محو إسرائيل من الوجود". وإذا كنا نرفض هذه الأقوال، فإننا ننظر إليها بريبة، حيث أنها لا تخدم إلا أهداف اليمين الإسرائيلي؛ الذي يعارض توجهنا إلى الأمم المتحدة، والتشكك بالنوايا الفلسطينية، وصدق التزامنا بحل الدولتين على حدود سنة 1967. إن تصريحات الرئيس الإيراني تتناقض مع ما أقرته المبادرة العربية للسلام وصادق عليه مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية في طهران، والتي تؤكد على إشاعة السلام بين العرب والمسلمين من جهة وبين إسرائيل من جهة أخرى، وأجمعت عليه قرارات الشرعية الدولية خاصة القرار 1515.
انتهى بيان السيد "نبيل أبو ردينه" الذي يفرض على كل فلسطيني وعربي أن يصرخ بأعلى صوته: هنيئاً لليهود بأرض فلسطين! فقد توفر لهم جيش من الإعلاميين والسياسيين الفلسطينيين المدافعين عن باطلهم، والمبطلين لحقوقنا!
انتهى بيان السلطة الفلسطينية الذي يفرض علينا أن نقول: كيف سيلتقي الفلسطينيان المختلفان فكراً وإستراتيجية ونهجاً وسياسة وتكتيكاً وحلماً؟ على أي قواعد سيلتقيان، ويتصالحان؟ وهل سيتشاركان في مواجهة العدوان، أم في معانقة الخلان؟
هل سمعتم بالمثل فلسطيني الذي يقول: جاء يعاونه في قبر أبيه، فأخذ الفأس وشرد! فلماذا شرد؟ لماذا لم يحتذ بالغراب الذي وارى جثمان أخيه، ويوظف مواقف "أحمدي نجاد" لخدمة قضيته ومحبيه؟ لماذا أخذ الفأس وشرد، وترك الآخر يحفر بيديه، كي يواري جثة أبيه؛ الذي يموت قهراً ممن حسبوا أنفسهم بعض بنيه!!.