أحدث الأخبار
السبت 23 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
مصر : ولاده عسيره لرئيس وسط فوضى دستوريه عارمه !!

بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 05.07.2012

انتظرت مصر طويلا وبعد مخاض عسير ولد رئيسها الجديد من رحم المأساه السياسيه والوطنيه التي تعيشها مصر منذ عقود من الزمن وبالرغم من عدم رضاء الكثيرون عن مرسي وشفيق فلم يكن هناك خيار ثالث فإما مرسي او الفلولي احمد شفيق ولذلك حبذ الكثيرون مقولة "مكرها اخاك لابطل" وان يتقبلوا في النهايه انتخاب مرسي وهزيمة شفيق لانقاذ ما يمكن انقاذه من بقايا ثوره مصريه شاب مسارها كثير من الاخطاء ومن بين هذه الاخطاء مسلكية حركة الاخوان الذين فازوا في النهايه بصعوبه بكرسي الرئاسه, لكن في المحصله يبقى فوز مرسي ارحم بالف مره من امكانية فوز شفيق ودخول مصر في نفق مظلم.. المهم والاهم هو ان مصر قد دخلت مرحله جديده وهي مرحلة ما بعد الانتخابات الديموقراطيه وعند حسابنا لميزان الربح والخساره فمصر الشعب قد ربحت الكثير ومصر الثوره اسقطت نظريا وعمليا اخر فلول النظام السابق ولذلك فل نعتبر الاربع اعوام القادمه مرحله انتقاليه وتجريبيه وبعدها ستخاض الانتخابات الرئاسيه من جديد والى حين بلوغنا ذلك الموعد سترتب الاحزاب والناس اوراقها وسيكون بالفعل صندوق الاقتراع هو الحكم في حال تخلى العسكر الى ذلك الحين عن ممارسته دور الوالي على الرئيس والاحزاب..!!
الان وبعد ان انقشع الضباب جزئيا وبدات الامور تنجلي لابد لنا ان نتذكر اشعار واغاني الشيخ امام بقوله.." يا مصر قومي وشدي الحيل.. كل اللي تتمنيه عندي.. لا القهر يطويني ولا الليل.. آمان آمان بيرم أفندي..**رافعين جباه حرة شريفة.. باسطين أيادي تأدي الفرض.. ناقصين مؤذن وخليفة..ونور ما بين السما والأرض.. يا مصر عودي زي زمان.. ندهة من الجامعة وحلوان.. يا مصر عودي زي زمان"..نعم هذا هو المطلوب اليوم بان تشد مصر حيلها بسواعد شعبها وتعيد مصر الى مكانها ومكانتها كدوله عربيه تحترم شعبها وامتها وان تنهض مصر وتستمر في ثورة التغيير وبناء الدوله المصريه القويه لكل شعبها وطوائفها بغض النظر عن الطائفه او الدين او العرق او اللون.. بناء دولة المواطن والمواطنه والمساواه لكل المصريين على ان يكون لهذا المواطن حقوق تصونها الدوله وواجبات يلتزم بها المواطن نحو الدوله وان تكون لمصر حكومه كفاءات تمثل جميع الاطياف السياسيه وليست حكومة الحزب الواحد والقطب الواحد وان تنهي مصر الجديده حكم الحزب الواحد وحزب الرئيس الواحد كما كان في عصر المخلوع حسني مبارك وبطانته الفاسده والعميله وان ترسخ مصر ثقافة التعدديه والديموقراطيه وحقو ق الانسان المصري الذي لطالما انتهكها النظام المخلوع ومشتقاته من عصابات نهب وسلب سطت على مقدرات وموارد الدوله المصريه..ان تنهض مصر استراتيجيا وتبدأ بمعالجة ومحاربة ظاهرة الفقر المتفشيه في مصر وهي ظاهره تعاني منها نسبه كبيره من الشعب المصري.. ان تبني مصر ميزان ومقومات للعداله الاجتماعيه والاقتصاديه تؤدي الى تحسين وضع الشعب المصري وليست نهب قوته وموارده الطبيعيه و الوطنيه كما فعلت عصابة حسني مبارك.. !!
يخطا من يظن ان انتخاب محمد مرسي سينهي الازمه المصريه وان العسكر سيعودوا طوعيا الى الثكنات ويسلموا الحكم الى مؤسسة الرئاسه والبرلمان في مصر لان ذلك لن يحدث الا بإصرار الجماهير والثوار على الاستمرار في الثوره والاصرار على ابعاد العسكر نهائيا عن دفة الحكم ومن ثم دسترًّة المؤسسات المصريه بما فيها مؤسسة الرئاسه التي تسير دون دستور ودون مرجعيه تحدد صلاحيات الرئيس الجديد والحقيقه المره هي ان العسكر قد انقلبوا على الدستور وصنعوا لهم دستورا مفصل على مقاسهم وليس على مقاس طلبات الشعب المصري وبالتالي ماهو مطلوب اليوم هو ضخ زخم جديد في محركات الثوره وتحشيد الجماهير في الميادين حتى يسقط حكم العسكر نهائيا في مصر وينحصر دوره في الدفاع البلاد ويبتعد نهائا عن التدخل في الحكم او التدخل في تعيين وزراء في الحكومه المصريه القادمه الذي من المفروض ان يشكلها ويشرف على تشكيلها رئيس منتخب وليست العسكر..اما حكم مدني او حكم عسكري او خليط بين الاثنين يتعايش فيه الرئيس المنتخب مع مطالب وشروط العسكر!.. لا يمكن للديموقراطيه ان تكون عسكريه ومدنيه في ان واحد ولا يمكن اصلا للعسكر ان يمارسوا لعبة الديموقراطيه ولنا في تجربة الحكم العسكري في تركيا والجزائر[1980 ..1992] عبره تاريخيه لايمكن اعادة صياغتها او تطبيقها في مصر 2012!!
علينا ان نفرق بين كون الجيش المصري جيش وطني وله تاريخ حافل بالوطنيه ودوره هو الدفاع عن الوطن وبين مجلس عسكري معين من قبل قيادات المؤسسه العسكريه التي تريد
ان تلتف على نتائج صناديق الاقتراع وتشارك الرئيس المنتخب في الحكم لابل تريد تقاسم السلطه معه دون حق ودون دستور.. الاعلان الدستوري التكميلي يقصقص سلطات واجنحة وصلاحيات الرئيس وعدم اسقاط هذا الدستور التكميلي يعني عبثية الانتخابات ونتائجها.. لا معنى اصلا لوجود رئيس منتخب يتلقى الاوامر من مجلس عسكري ومن جيش من المفروض ان يكون هو رئيسه ومصدر الاوامر له وليس العكس...الرئيس هو القائد العام للقوات المسلحه وليس ضباط الجيش وجنرالاته... التشاور مطلوب بين الجهتين, لكن الصلاحيات يجب ان تخضع لسلطة الرئيس المنتخب...دستوريا!!
واضح ان ولادة رئيس مصر كانت عسيره ولربما الى حد بعيد فوضويه ودون دستور ودون مرجعيه ثوريه كامله اساسها الشعب والميادين التي صنعت الثوره المصريه التي من الواضح ان مرسي لم يكن مرشحها المفضل وبالتالي يبدو لي ان تسلسل الامور في عملية انتخاب الرئيس المصري الجديد تشير الى صدفة الترشيح وظروف الترشيح و مجرى الانتخابات التي ادت الى انتخاب مرسي بفارق بسيط بينه وبين شفيق ضمن نسبة مصوتين ليست عاليه.. انتخاب مرسي اسعد ويسعد رفاق الفكر والطرح الواحد على مستوى مصر والعالم العربي والاسلامي, لكن في الحقيقه مجئ مرسي للسلطه بهذه الطريقه سيجعله دوما تحت رحمة العسكر في ظل غياب وجود دستور وبرلمان.. نعم.. مجئ مرسي افضل بكثير من احتمال فوز شفيق وضمن هذه المعادله[ بين وبين] ربح مرسي الانتخابات..معادلة الشعب والديموقراطيه الحقيقيه والدستوريه لم تكن حاضره في الانتخابات المصريه التي اصبحت جولتها الاخيره قسريه...اما مرسي او شفيق..مرسي اصبح رئيس, لكن اي رئيس واي صلاحيات..الامر ما زال مبهم والسؤال الاهم: هل سيبقى مرسي رئيس دائم لحقبه رئيسيه كامله ام انه سيبقى رئيس مؤقت ؟... هل سيصطدم مع العسكر ا و يندمج معهم؟.... اسئله سيجيب عليها الزمن القادم... لامحاله..!
ما لا يجب ان ننساه هو ان امريكا والغرب يريدان الضغط على الرئيس الجديد من خلال عصا العسكر وجزَّر الغرب...مساعدات اقتصاديه تبقي مصر تدور في فلك السياسه الامريكيه والغربيه...سياسة العصا والجزره والحفاظ على معاهدة كامب ديفيد... مصر : ولاده عسيره لرئيس وسط فوضى دستوريه وسياسيه...لننتظر ونرى مجرى الاحداث والتطورات في مصر.. طريق الرئيس الجديد لن تكون مفروشه بالورود والسجاد...ستكون هناك عقبات ومطبات اكثر من كثيره..!!