بقلم : ساهر الأقرع ... 29.02.2012
يوم أمس حلمت حلما جميلا ورائعاً ولكن سرعان ما تحول إلي كابوس قاتل ، حلمت إنني نائم على فرشة مهترئة، وحولي نسوان ورجال وأطفال، يسيل علي وجوههم الدمع، كنت غريق بالنوم كنوم الموت الأخير، كان هناك من يقرأ فوق بطني و التي تقرأ فوق رأسي، وهناك من يهذي أيضا، ولولات لامرأة شقت ملابسها ونفشت شعرها، كنت أحملق بهم وأقهقه، وهم مستغربون من ميت يبتسم، كانوا يتهامسون ان يذهب احد للتفتيش عن مكان لحفر القبر، وآخرون يهيئون أنفسهم لإحضار عربة من سوق فراس، وهناك من اقترح ان يتم نقلي على متن سيارة زبالة تابعه لبلدية غزة وآخر علي تكتك لا يهم !! وليس احد أفضل مني.
سألوني: ما هي وصيتك الأخيرة يا عملاق .. أوصيت ان يكون صديقي:" إياد قاعود" امام المصلين، و"سمير قديح" يغسلني، وعملاقتي تحمل نعشي، وقبلا أريد ان أسجى وانقل فوق فرشة مهترئة رمتها عملاقتي على قارعة الطريق، لان الفرشة كانت أمام الضيوف نظيفة مثل الوطن بمعنى (من برة هالله هالله …. ومن جوه يعلم الله)، وان يكون القبر شبيها بغرفة معالي دولة رئيس وزراء غزة وان يعلن عن موتي في المقاهي وعبر مكبرات الصوت وفي المساجد، وان يكون النعي (عملاق فاطس)، وان يمتنع الأصدقاء والصديقات في الصراخ وشق الجيوب، وان تكون حبيبتي الورقاء حتى تنزل دمعتها الأخيرة، ثم تسافر إلى برية أخرى، وان يبكيني أخي العزيز (( يحيي رباح)) وان يدفع فاتورة الدفن تاجر كبير على ان يكون أول حرف من اسمه ( م )، وان يصنع لي "محمد سكر" بوستراً ملوناً، ود"عبد الله ابو سمهدانة" يفتح لي بيت عزاء يليق بموت عملاق مثلي في غزة، ولا أمانع ان يكتب عني الفقير باسم عملاق السفاحين، صحوت من نومي على صوت الجوال كانت الساعة الخامسة فجراً، قلت في سري (يحيي العظام وهي رميم) تناولنا طعاما فاسدا غير صالح للاستهلاك البشري وغير البشري، تمت صناعته في غزة قبل أيام، ثم خرجتُ لا اعرف إلى أين؟ لم اسمع الإخبار، وانزويت في مقهى علي شاطئ البحر ارقب الناس، إلى أين يذهب هؤلاء ؟؟ اسأل في سري، كانوا يدخلون المطاعم وأنا أقف على الزجاج اشتم رائحة الطعام، وعيناي تلاحق المارة، اتصلت بأصدقائ ، لم أجد أحدا في بيته، قررت ان اشتري بعض المكسرات إلي عملاقتي وأحدي صديقاتها، هكذا قررنا ثلاثة، حتى أحرجها وتصنع لنا طعاما في بيتها، اللعين "حسام سعيد" كان مغلق هاتفه، اتصلت بي امرأة لتسألني ان كنت قد تناولت الطعام، أخبرتها إنني أكلت !! كنت اكذب!! كتبت شيئا يشبه الفاجعة واستدنت قلما من "صديق لي قابلني في وقتها" هذا الرجل الطيب الذي رفض ان يأخذ منا نحن العمالقة ثمن القهوة في "احدي المطاعم" أصبت باكتئاب، عدت إلى مكاني علي قمة الهرم اقلب أرقام الهاتف أصدقاء كثيرون يمرون في الذاكرة، توقفت عند رقمين كان رقم الأخ "سمير قديح"، احدهما، اتصلت به وأخبرته ان امن داخلي حماس أطلق سراحي .. قهقه كثيرا ثم نام تفاجأت بان التي ترد علي الهاتف "عملاقتي" قالت لأختها: هذا انا العملاق "ساهر الأقرع" !! كيف حالك يا أختاه !، اتصل بي زميلي "يحيي رباح" ليقول لي بأن أجهزة أمن حماس تواصل الاعتقالات السياسية، قلت هكذا يكرم الفتحاويين، كم كنت فرحا بهذا التكريم وشكرت رئيس"وزراء غزة ونائبة علي إيعاز تعليماتهما باعتقال الفتحاويين و الصحفيين في ضل الحديث عن قرب تطبيق المصالحة وتشكيل حكومة الانقاد الوطني.
قلت لامرأة اعرفها: الذين طردوكِ من امام أبواب مكاتبهم وأنت تريدي توفير قوت أطفالك سيعرفون ان هناك من يتابع أمر الفقراء وعائلاتهم، وان الذين طردوكِ لن يفعلوا شيئا ومن الأفضل ان لا تذهبي إليهم، لأنهم لا يملكون حتى وجوههم، وكفي عن البكاء، لان الحق سيظهر والشجاع سيكرم رغم انفهم.
استميحكم عذرا أريد ان أعود إلى حلمي لان الموت أجمل من هكذا مواقف تافهة لا تستحق الوقوف عندها، اذا دعوني أموت فارس قبل ان أتجندل على أبواب عصابات المافيا.