بقلم : يوسف جمل ... 06.03.2012
لا تحتاج إلى إجازة من أحد كي تكتب !
الكتابة ليست مرهونة بلقب ولا بأسوار يجب على الكاتب أن يتسلقها ولا بدروب ولا طرق الآم يتعداها أو يتخطاها حتى يصل إلى استحقاق درجة أو مرتبة من أحد مهما كانت قناعات هذا الأحد بذاته وقدراته وغيرته على الأدب وأنا هو الشاعر وبس والباقي كله خس !.
الكتابة تعبير عن تفاعل بين الإنسان وبين نفسه وكل ما ينتج عن هذا التفاعل من كلام نثراً أو شعراً إنما هو نتيجة لنبض وقلب من يكتب ولا أحد يملك أن يعترض أو يقيم أو يرفض ما ينبض به غيرة ولكنه يملك أن يُعرِض عنه ويتفرغ لكتابة نبضه هو وبالطريقة والأسلوب والكلمات التي يجدها تمثله وتعرضه على الملأ .
الشعر شعور وليس شعيراً وكل فرد يشعر بالطريقة التي يراها مناسبة له
الشعر حرية ومساحات وليس قيود وسلاسل وإطارات .
الشعر حروف وكلمات تتجمع مع بعضها البعض لتؤدي رسالة وتتضمن فحوى ومضمون لتنتج بها لوحة كلوحة الرسام تراها العيون كيفما تراها وتفهمها العقول والقلوب كيفما تفهمها أو لا تفهمها , تستعذبها أو لا تستعذبها , ترفضها أو تقبلها , لكنها تظل لوحة الإنسان كيفما يشعر بها هو وكيفما عبر بها هو عن أحاسيسه ومشاعره .
كلنا نملك حق الإعجاب أو عدم الإعجاب لكننا لا نملك أن نغلق الأبواب لأننا لا نملكها وليس لنا عليها أي أحقية أو صكوك ملكية أو تفرد !
لكل منا الحق أن يكتب ما يشاء وما يشعر به ويعبر كيفما يرى ويقدر ويملك من دواخله , ومن يكتب لا ينتظر مني أو منك أن تمنحه لقباً ولا ذهباً ولا مجداً ولا سعادة .
لا أحد منا ولد وصولجان الشعر بيده ولا أحد يملك أن يصعد برجاً عاجياً ينظر منه إلى غيره بكونه ملك الشعر الذي يأمر وينهى فالشعر ليس مملكة ولا جمهورية ولا مقاطعة ولا ولاية ولا أمارة ولا طابو لأحد على شيء .
الشعر ليس جزيرة محاطة بالماء من ست جهات لا يستطيع النفاذ إليها إلا من نال الاستحقاق مني أو منك بكوننا نرى في أنفسنا الفحولية ونعتقد أننا أهل هذه الجزيرة الذين يملكون حق السماح لغيرهم بالوصول إليها على متن قوارب الشعر التي أعجبتنا ألوانها وأشكالها وتشكيلها وتعابيرها أو عدم السماح لقوارب لا تروق لنا بالدخول إلى مياه الأدب الإقليمية ونحن فقط من يملك زمام الإعجاب أو عدمه من مناظيرنا وعيوننا وغرورنا .
الشعر قنديل أخضر كيفما يراه نزار لكن هناك ألوان كثيرة يمكن أن تكون لقناديل أخرى وبجميع ألوان الطيف وكل منا يعيش بقنديله وبزيته وبلونه الذي يستسيغه .
وإذا استطاع من يكتب أن يشعل قنديلاً بأي يلون يشاء وكان نبراساً ونوراً له واستطاع أن يضيء لغيره ومهما كان هذا الغير قليل فقد أدى جانباً ومنح دفئاً وبصيصاً من أمل وحقق من غايات الكلام ما قد انعقد وتيسر له وأدى بكلامه رسالة وحقق انجازاً ولعب دوراً في أسواق الشعر وفي ميادين الكلام .
الشعر كالخبز لكل الناس , كالهواء كالماء .
الشعر كالبحر وكل غواص فيه يستخرج من أعماقه ما قد وجد وما أعجب به وما استطاع عليه وكل غواص كانت له المرة الأولى فلماذا لا نشجعه على الغوص بدلاً من خذلانه وكسر شوكته وتحطيم عزيمته .
الاختلاف في الأذواق والطباع والرغبات هو الأساس ولا يمكن أن افرض ما أحب وما أراه مناسباً على غيري والذي استساغه الخليل بن أحمد الفراهيدي ليس بالضرورة أن أعيش بظله إلى يوم يبعثون والشعر والعروض والأوزان والبحور والقوافي والصدر والعجز والقفل كلها بأهميتها لا يجب أن تحاصر وتحصر الكاتب فيها وبالرؤية التي كانت لا يمنع من وجود رؤى أخرى تحقق أهدافاً مشابهة أو مغايرة ومن المنطقي أن نخرج كلٌ من قوقعته التي يتشبث بها ويتحسس ويتخير ما يراه مناسباً في سرده ونثره وقرضه وحتى لو كان في كل بيت شاعر أو كاتب أو أديب وهناك مساحة للجميع !