بقلم : يحيى السماوي ... 20.10.07
مَـدَّتْ لمحزون ٍ يَـدا ً .. فاسْـتـَرْجَعا
ما كانَ أهْـرَقَ من صِباهُ .. وضَـيَّعا
يمشي بـه ِ غـَدُهُ .. ويـركضُ خـلفـَهُ
ماض ٍ تحَـسَّـرَ إذ رآك ِ فـــأََََدْمَـعـا
فـَوَدَدْتُ لو مَـدَّتْ لذي عَطـَش ٍ فـَما ً
ليـََبُـلَّ منهُ الأصغرين ِ .. وأضـلـُعا(1)
قد كان عادَ إلى الديار ِ ... فـَراعَـهُ
أنْ قدْ رأى حقلَ المُـنى مُـسْـتـَنقـعـا
فأتـاك ِ يـلتمِــسُ الـملاذ َ لــروحـِه ِ
أوَلـيسَ ( للإنسان ِ إلآ ما سـعى )؟
حُلـُمٌ ولا أحلى .. فَـَمَـنْ لِـمُـشــَيِّع ٍ
في الغـُرْبتين ِ شـَبابَـه ُ لو شـُيِّعـا ؟
هل يارعاك ِاللهُ مثلي في الهـوى
صَـبٌّ توَسَّـلَ في هواهُ المَصْرَعا ؟
عَـفُّ السَريرة ِ والسرير ِ فـَقلبُـهُ
لم يَتـَّخِذ غـيرَ المـوَدَّة ِ مـَنـْزَعـا(2)
هَتَفَتْ لهُ شـَفة ُ المجون ِوأوْمأتْ
مُـقـَلٌ لكأسِ خـطيئَـة ٍ فـَتـَـرَفـَّعـا
نكثتْ به ِ " ليلاه ُ" حين تمَكـَّنتْ
من قـلبـِه ِ كيما يفيض تـَضـَرُّعـا
خبَزَتْ له السلوى رغيفا ً فارتدى
من دِفئِها ثوبـا ً وقـدْ رَجَـفا مَـعا
فـَغـَفـا يُـدَثـِّرُهُ حـريـرُ جـديـلــة ٍ
طفلا ً يُناغي مُسْـتبيه ِالمُرْضِعا
نسَجَتْ لهُ من أقحوان ِ هَـديلِـها
ثوبا ً وألـْبَسَها القصائدَ بُـرْقـعـا
وَعَدَتْ دُجاهُ بصُبحِـها وحقولـَهُ
بقِـراح ِ عـَذبِ نميرِها فتطلـَّعـا
حتى إذا بلغَ الفِطامَ مـن الأسى
وحَبا على دربِ الهيام ِ مُمَتـَّعا
واختارَها دون الحِسان ِ لـقلبـِه ِ
قلبا ً وللمُقل ِ السَـنا والمَطمَـعـا
كفرَتْ بنبْض ِ فـؤاده ِواسْتبْدَلتْ
بالـراحِ جمرا ًوالأزاهر مِبضَعا
**
ونديمة ٍ في الغـُربتين ِ رأتْ بـه ِ
فـَرَسا ً لمُهْرَتِها الجموح ومُرتعى
فرَشَتْ لهُ بالوردِ دَغـْلَ فِـراشِـه ِ
طمَعا ً بِـشَـهْـدِ لـذاذة ٍ فـَتـَمَـنـَّعـا
بَعَـثتْ إليهِ قلائــِدَ النعمى وقــد
كان المُقيمَ على الكفافِ فأرْجَعا
وتـلاقيا يوما ً بـواحـة ِ خـلـوَة ٍ:
حقلا ً من العُشبِ النديِّ وبلقعا
ما كان ذا فحْش ٍ ولكن لم يكـنْ
مُتَعَـبِّدا ً نبَذ الرحيقَ ولا ادَّعى
أبى مخافة َ أنْ يكونَ مُـوَدِّعـَا ً
شرفَ المروءةِ أويكون مُوَدَّعا
ولربَّما غـَمَـزَ الهديلُ لأيـْكـتي
فأغضُّ عنهُ ربابتي والمَسْـمعا
سبعٌ وخمسون انتهين وهـا أنـا
أتوَسَّـلُ الندمَ الصَدوقَ ليَشـْفـَعا
أسَفي على زهرالشباب ِطحَنتهُ
برُحى غروري فانتهيتُ مُصَدَّعا
أتَعَكـَّزُ الأضلاعَ خوفَ شماتتي
بيْ لو سـقطتُ بخيبتي مُـتـَلفـِّعـا
أغوى الشبابُ فسائلي يا ليتني
لم أتـَّخذهُ لحقل ِأُنـس ٍ مـَوضِعا
لو تـُعْـشِبُ الأيامُ حقلَ كهولتي
لسقيتُ عشبَ الأمنيات الأدمعا
بَعُدَالطريقُ فلا المكانُ يفرُّ من
زمني ولا جمعَ الزمانُ الأرْبُعا
إلآ الصدى والذكريات وكلـُّهــا
زادتْ على وجَعِ الفراق ِتوَجُّعا
ما للهموم ِأبَتْ سـوايَ لنارِهــا
حَطـَبا وقلبي للأسى مُسْتودَعا ؟
ألأنني لا أشـتـكي إنْ مَــسَّـني
ضرٌّ ولستُ بمُسْـتحِث ٍ أدمُـعا ؟
أمْ أنه ُ حـظـُّ ابن ِ دجلة َ يومُـهُ
دهرٌمن البلوى يقضُّ المضجعا؟
ستون إلآ بضعة ً... أمـضيتها
طاوي الديارعلى الدروب مُوَزَّعا
مدّي ـ رعاكِ الله ـ من رفق ٍ يَـدا ً
للمُسـتغيث ِ.. فقد أتاك ِ مُـرَوَّعـا
***
(1) يبل : يروي الغليل
(2) المنزع : الغاية