بقلم : راسم عبيدات ... 23.09.2011
.. بلدية الاحتلال ودائرة معارفها أصدرت قرارها بتاريخ 6/9/2011، بتوزيع الكتب على المدارس الحكومية والخاصة والأهلية التي قامت بطباعتها( أي الكتب المحرفة والمشوهة للمنهاج الفلسطيني في القدس)،وعندما شعرت بأن هناك تحرك جدي من قبل هيئة العمل الوطني- الأهلي في القدس واتحاد لجان أولياء الأمور والحملة الأهلية للحفاظ على المنهاج الفلسطيني وغيرها من الاتحادات الشعبية في القدس للتصدي لهذه الخطوة والحرب المعلنة على المنهاج الفلسطيني من خلال عقد مؤتمر صحفي في الفندق الوطني بالقدس بتاريخ 13/9/2011 والعديد من اللقاءات الصحفية والإعلامية والخطوات الاحتجاجية)دعوة طلبة المدارس في القدس الى اعتصام احتجاجي( وما تبع ذلك من رصد لكل الانتهاكات والتغيرات والتحريفات التي طالت المنهاج وغيرها من قبل تحالف المؤسسات الحقوقية الفلسطينية،بادرت إدارة معارف الاحتلال وبلديتها إلى الطلب عبر رسالة إلى مدراء المدارس الحكومية والخاصة من أجل القيام بعملية توزيع الكتب مجاناً على كل طلبة مدارس القدس،وهي لم تكتفي بتلك الخطوة،بل وجهت رسالة تحذيرية إلى كل مدراء المدارس الحكومية المنضوية تحت المظلة التعليمية الإسرائيلية،بأن أي مدير مدرسة يتجاوب أو يتعاطى مع الإضراب الاحتجاجي الجزئي الذي دعا إليه اتحاد لجان أولياء الأمور يوم الثلاثاء 13/9/2011 في المدارس المقدسية احتجاجاً على تحريف المنهاج التعليمي الفلسطيني سيقدم إلى المحكمة،وبالمقابل اتسم رد السلطة الفلسطينية ووزارة التربية والتعليم الفلسطينية بالعفوية والارتجال،ولم تكن هناك لا خطة ولا إستراتيجية للمواجهة،بل من خلال الضغوط التي تعرضت لها من قبل المقدسيين مؤسسات واتحادات أعلنت استعدادها لتوزيع كتب المنهاج الفلسطيني على الطلبة المقدسيين مجاناً،ورغم أهمية صدور مثل هذا القرار الذي جاء متأخراً،فإن هناك عقبات تعترض نقل مثل هذا القرار إلى حيز التنفيذ فعدا أن مخازن التربية والتعليم في الرام ( خارج جدار الفصل العنصري )،لا تتوفر فيها كميات الكتب اللازمة لكل المدارس المقدسية،ناهيك عن أن عملية إدخال الكتب الى المدارس الفلسطينية داخل الجدار عملية صعبة ومعقدة،وتلقي بالأعباء المالية على من يتولون القيام بعملية إدخالها.
وقد كشفت قضية تحريف المنهاج الفلسطيني في القدس عن عدة حقائق جوهرية،أنه لا على المستوى الرسمي (سلطة ومنظمة تحرير ووزارة تربية وتعليم فلسطينية)،وبنسبة أقل القوى والمؤسسات الأهلية المقدسية والاتحادات الشعبية (أولياء أمور وطلبة ومعلمين ) لديها الخطط والبرامج من أجل التصدي لهذه الخطوة وإفشالها،رغم أن هناك قراراً من وزارة المعارف الإسرائيلية وبلدية الاحتلال صدر عبر رسالة عممتها مديرة دائرة المعارف العربية في بلدية الاحتلال الآنسة لارا مباركي في 7/3/2011 على مدراء المدارس الحكومية والخاصة والأهلية والمقاولات تطلب منهم فيها عدم الحصول على كتب المنهاج الخاص بالطلبة المقدسيين إلا من خلال بلدية الاحتلال،وهذا يفترض أن يكون ناقوس خطر لكل المستويات الفلسطينية رسمية وشعبية بأن هناك خطر جدي يحيط بالمنهاج التعليمي الفلسطيني في القدس،والخطوة تلك اتبعتها مديرة دائرة المعارف العربية في بلدية الاحتلال برسالة أخرى في نفس الشهر 18 3/2011 تطلب فيها من مدراء تلك المداس بضرورة ان يقوموا بعرض ما يسمى بوثيقة استقلال دولة الاحتلال في مكان بارز في المدرسة لكي يطلع عليها الطلبة،على أن يقوم المعلمون بشرح ما فيها من قيم" المحبة والتسامح والاحترام والعدل وغيرها"،وكانت هذه رسالة واضحة لكل المعنيين في الأمر عناوين ومرجعيات مقدسية شعبية ورسمية بأن هناك قرار سياسي إسرائيلي بالسيطرة الكاملة على التعليم الفلسطيني في القدس،ويفترض التنبه لمثل هذه الخطوة الجد خطيرة من خلال ما أقدم عليه وزير التربية والتعليم الإسرائيلي العنصري "جدعون ساغر" بحق التعليم العربي في الداخل الفلسطيني حيث اصدر قراراً في تموز 2009 بإخراج مصطلح النكبة من المنهاج التعليمي العربي في الداخل الفلسطيني،واتبع ذلك بفرض مواضيع يهودية على الطلبة العرب من الصفوف الرابع وحتى التاسع.وكذلك من خلال جملة القوانين العنصرية والقرارات التي تسن وتشرع لحسم مسألة السيادة الإسرائيلية على القدس،وتخفيض نسبة الوجود العربي فيها الى اقل حد ممكن،مثل قانون الولاء وقانون اعتبار القدس أولية وطنية في التطوير "قانون التهويد" وقانون الاستفتاء وقانون اعتبار القدس عاصمة لكل يهود العالم.
ولكن لم يتم التعاطي بشكل جدي مع مثل هذه الرسائل التي وجهت إلى إدارات المدارس الحكومية والأهلية والخاصة،بل تم الركون إلى رسالة وجهتها مديرة دائرة المعارف العربية إلى إدارات المدارس وبعض المؤسسات في 18/8/2011،بأنه لن يجري تغير على المنهاج الفلسطيني المطبق في مدينة القدس،لنكتشف لاحقاً أن ذلك بمثابة فخ ومصيدة،ولنكتشف في بداية العام الدراسي حجم التحريف والتشويه الذي طال منهاجنا الفلسطيني في القدس،من حيث الحذف والشطب للعديد من الدروس والمواضيع الجوهرية في كتب اللغة العربية والتربية الإسلامية والتاريخ والجغرافيا والرياضيات والصحة والبيئة،تغيرات قصد منها كي الوعي الفلسطيني وتخريبه وتشويه ثقافتنا ومحاولة محو ذاكرتنا والعبث بهويتنا ومحاولة شطب وجودنا ونفي حضارتنا وتاريخنا وتقزيم جغرافيتنا.
إن عملية التصدي للحرب المعلنة على المنهاج الفلسطيني،تفترض منا جميعاً مؤسسات ومرجعيات وعناوين رسمية وشعبية أن نتجاوز كل ثغراتنا وأخطاءنا وقصوراتنا وأن نغلق باب الندب والبكاء والردح،وان ننتقل الى باب تحمل المسؤوليات كل في موقعه ومجاله،مع نقد وفضح وتعرية كل من لا يقوم بدوره وواجبه ومسؤولياته ومهامه في هذا الجانب أي كان،فهذه مسألة جداً خطيرة لا يجوز العبث بها بالمطلق،والمواجهة هنا من أجل التصدي والإفشال بحاجة الى ما يلي:- ضرورة أن يمتلك الجانب السياسي الفلسطيني منظمة وسلطة إرادة سياسية بالمواجهة،على ان تترجم تلك الإرادة الى فعل على الأرض ووضع كل ما يصدر عنها من قرارات وتعليمات وتوجيهات موضع التنفيذ،مع المسائلة والمحاسبة لكل من لا يلتزم أو يطبق ذلك.
على وزارة التربية والتعليم الفلسطيني أن تأخذ دورها ومسؤولياتها تجاه العملية التعليمية في القدس دون تلكؤ أو ابطاء،وهذا يتطلب منها أن تعمل على طباعة الكتب الخاصة بالمنهاج الفلسطيني للمدارس الفلسطينية داخل الجدار العنصري في مطابع فلسطينية داخل الجدار العنصري،لكون هذا يسهل جهد ووقت ومال وحركة.
عليها ان تقوم برصد ميزانيات كافية لقطاع التعليم في القدس،وصندوق طوارئ يتولى توفير الأموال للمدارس التي قد تتعرض إلى وقف ما تحصل عليه من أموال من بلدية الاحتلال،هذا المال المشروط الذي وفر أرضية لبلدية الاحتلال ودائرة معارفها وشجعها على إصدار مثل هذا القرار،يجب البحث له عن بدائل،مع ضرورة ان تكون هناك لجنة رسمية وشعبية يشارك فيها المقدسيين بشكل فاعل للوقوف على حقيقة احتياجات المدارس الخاصة المالية في هذا الجانب،فلا يحق لها أن تأخذ أقساط مرتفعة جداً،وتتقاضى أموالاً من بلدية الاحتلال عن الطلبة،ولا تقبل بالمساءلة أو المحاسبة في مثل هذه القضية الجوهرية والهامة.
يجب أن تكون معركة المنهاج مقدمة لاستعادة السيطرة على قطاع التعليم كاملاً في القدس،وخصوصاً أن المظلة التعليمية الكبرى ( المدارس الحكومية والمقاولات) تخضع لإدارة الاحتلال 54،4 %،وهذا يحتاج إلى رسم إستراتيجية جدية وليس مجرد شعارات وتنظير ومزايدات كلامية.
الاتحادات الشعبية (أولياء أمور واتحادات طلابية واتحاد معلمين ) هي حجر الزاوية في هذه المعركة،فعليها بناء اتحاداتها على أسس ديمقراطية وخلق أذرع ولجان لها في كل المناطق،بحيث تكون قادرة على الفعل والعمل من خلال تثبيت المنهاج الفلسطيني في المدارس المقدسية بغض النظر عن المظلة التعليمية،استبدال المنهاج المعدل والمحرف والمشوه بالمنهاج الفلسطيني
القيام بأوسع عمليات توعية وتحريض بالتعاون مع المؤسسات الأهلية والحقوقية والقوى الوطنية للطلبة وذويهم بخطورة ما يتعرض له طلبتنا من تجهيل وتشويه،ادارات المدارس والمعلمين مطالبة بالشرح والتوضيح للطلبة عن عمليات الحذف والتشويه التي يتعرض لها المنهاج الفلسطيني،والإدارات والمعلمين في المدارس الحكومية بسبب القيود المفروضة عليهم تتولى لجان الآباء القيام بالمهمة او من خلال نشرات وتعاميم في هذا الجانب.
السلطة الفلسطينية تقع عليها مسألة منع تمدد وتوسع وتوالد المدارس التي تدرس المنهاج الإسرائيلي في القدس "البجروت" من خلال عدم تصديق كشوفات العلامات والشهادات التي تدرس المنهاج الإسرائيلي في القدس،وعدم قبول خريجيها في الجامعات الفلسطينية.
ضرورة التوجه الى كافة المؤسسات الدولية بما فيها اليونسكو،لرفع قضية قانونية على حكومة الاحتلال،لخرقها للقانون والمواثيق الدولية وتعديها على حق الملكية في كتب المنهاج،ومخالفاتها للاتفاقيات الدولية التي تلزم حكومة الاحتلال بتوفير التعليم الحر للشعوب الواقعة تحت الاحتلال،وحقها في استخدام لغتها ومنهاجها الخاص.
هناك حرب حقيقية على وجودنا في القدس بشر وحجر وشجر،والأخطر هنا الحرب على الجبهة التعليمية،فعلينا جميعاً أن نجعل من معركة المنهاج معركة لاستعادة السيطرة على العملية التعليمية كاملة في القدس،ولا مناص هنا من تفعيل دور الاتحادات الشعبية والفعل والعمل الجماهيري،فبعد الاحتلال مباشرة،لعبت نقابات المعلمين في المدارس الخاصة دورا حاسما في إفشال مخطط اسرلة وصهينة التعليم في القدس،وعليها في هذه المرحلة بالذات الاتحادات الشعبية ( لجان واتحاد أولياء امور واتحادات طلابية) أن تستكمل هيكليتها وبنيتها بشكل ديمقراطي) وان تعزز من حضورها ودورها في ارض الواقع،فهي حجر الزاوية في هذه المعركة.