بقلم : راسم عبيدات ... 28.11.2011
..... بداية من الهام جداً القول بأن استهداف القدس سكاناً وممتلكات (عقارات وأراضي ) بغرض الأسرلة والتهويد والتطهير العرقي،هي عملية تشارك به كل المستويات الحكومية الإسرائيلية وأجهزتها المختلفة السياسية والقضائية والأمنية والشرطية،وتلك الأجهزة ومستوياتها المختلفة تنسق كل خطواتها وإجراءاتها مع الجمعيات الاستيطانية(العاد وعطروت كوهانيم وغيرها) وما يسمى بسلطة أرض إسرائيل والصندوق القومي اليهودي وعبر ما يسمى بقانون أملاك الغائبين،هذا القانون الذي يعتبر بمثابة السيف المسلط على رقاب المقدسيين،والذي يجري تفعيله كلما شعرت الحكومة الإسرائيلية بأن هناك أرض او عقار له أهمية إستراتيجية في عملية توسيع الاستيطان في مدينة القدس تقوم بتطبيقه،وتقوم من خلاله بالاستيلاء على العقار او الأرض المستهدفة،فهذا القانون العنصري يعتبر كل فلسطيني مقدسي موجود له شقيق أو قريب من الدرجة الأولى خارج القدس،حتى لو كان في الضفة الغربية وليس خارج فلسطين هو غائب،وتجري عمليات نقل وتسريب لأملاك المقدسيين من أراضي وعقارات إلى تلك الجمعيات الاستيطانية،ليس من خلال قانون أملاك الغائبين،أو الاستيلاء القسري من قبل حكومة الاحتلال،أو إدعاء الملكية والشراء من قبل الجمعيات الاستيطانية،بل يجب التنبه إلى قضية على درجة عالية من الخطورة،ألا وهي قيام جهات مشبوهة محلية يتعاون فيها بلطجية ومشبوهين وسماسرة ورجال أعمال ومحامين ومهندسين وبعض المأجورين النافذين في مواقع تسمح لهم وتمكنهم من الإطلال والاطلاع على أوضاع ملكية أراضي وممتلكات المواطنين،وهل هم موجودين في البلد أو خارجها؟،حيث يقومون بتزوير ملكية تلك الأراضي والعقارات وتسريبها الى الجمعيات الاستيطانية،أو يقوموا باستغلال أي خلاف أسري أو عائلي أو عشائري حول ملكية عقار أو أرض ووجود عدد او أحد الورثة في الخارج،فيقوموا برفع قضية أمام المحاكم الإسرائيلية،وبما يعني ذلك أنهم وفروا الغطاء لما يسمى بحارس أملاك الغائبين لكي يصبح شريكاً في العقار او الأرض كخطوة على طريق نقل ملكيتها الى الجمعيات الاستيطانية،وبموجب هذه السياسة سربت أملاك في الشيخ جراح كرم المفتي وعدة بيوت هناك وبيوت في الطور والبلدة القديمة وسلوان وغيرها،وبيوت أخرى في شعفاط والشيخ جراح ستؤول الى نفس المصير،إذا لم يجري تدخل جدي من قبل السلطة الفلسطينية والحركة الوطنية والمؤسسات الدينية والمجتمعية لوقف ضعاف النفوس والجشعين وفاقدي الانتماء والضمير من مواصلة طريق المحاكم الإسرائيلية،وليس هذا فحسب بل في ظل إحاطة القدس بجدار الفصل العنصري،ومنع سكان الضفة من دخول القدس،وجدنا أن هناك بلطجية وزعران ومافيات من بعض أصحاب الربطات الفاخرة والسيارات الفارهة،ومن يسمون أنفسهم بعالية القوم، يقومون بوضع أيديهم على تلك الأراضي او الممتلكات زوراً، وفي العديد من الأحيان وجدت تلك الممتلكات طريقها للتسريب إلى الجمعيات الاستيطانية وحارس أملاك الغائبين.
إن الأكثر استهدافا بهذه السياسة الإسرائيلية هي ما يعرف بالحوض المقدس (سلوان والشيخ جراح والطور ومشارف العيسوية،فبيت سمرين في سلوان والذي أمهلت السلطات الإسرائيلية عائلة سمرين المالكة له إخلاءه حتى يوم الاثنين 28/11/2011 بادعاء ملكيته للصندوق القومي اليهودي، ولكن حركة السلام الآن الإسرائيلية تؤكد على ان هذا المنزل هو واحد من عدة منازل يتم استهدافها في سلوان بعد أن تمت عملية مقايضة اشترك فيها حارس أملاك الغائبين والصندوق القومي اليهودي ومنظمة "هيمنوتا" التابعة له والمنظمات الاستيطانية في سلوان.
وقالت السلام الآن " على مدى السنوات العشرين الماضية عمل الصندوق القومي اليهودي على نقل عقارات فلسطينية في القدس الشرقية الى المستوطنين.عشرات الدونمات والمنازل التي تأوي عشرات الفلسطينيين في سلوان تم إخلائها من قبل الصندوق القومي اليهودي عبر إجراءات متعددة ونقلت الى المستوطنين في جمعية "العاد" وفي الكثير من الحالات نفذ الصندوق القومي اليهودي هذه الأعمال من خلال منظمة "هيمنوتا" التابعة لها".
وذكرت السلام الآن انه" في سنوات 1980 وبداية 1990 تم الإعلان عن عشرات العقارات في سلوان باعتبارها أملاك غائبين وبيعت لسلطة التطوير.وفقا للقانون فانه يطلب من سلطة التطوير ودائرة أراضي إسرائيل إدارة هذه الأملاك بمساواة ودون تمييز على أساس القومية ، ولكن خلافا لذلك عمل الصندوق القومي اليهودي و"هيمنوتا" على أساس مذكرة من قبل الصندوق القومي اليهودي يتم بموجبها تأجير او نقل ملكيات عقاراتها الى ملكية اليهود فقط ، ومن اجل الالتفاف على المساواة قامت السلطات في بداية ال1990 باستخدام الصندوق القومي اليهودي و"هيمنوتا" لنقل العقارات في سلوان الى المستوطنين".
وأكدت على انه "في 23 ايار 1991 تم التوقيع على اتفاقية مقايضة ما بين سلطة التطوير و"هيمنوتا" بموجبها تقوم سلطة التطوير بنقل 30 دونما من املاك الغائبين في سلوان الى "هيمنوتا" بمقابل اراض تمتلكها في منطقة وادي عاره ، والغرض من هذه الصفقة ، كما عرفه مدير دائرة الأراضي في الصندوق القومي اليهودي وهيمنوتا كان "إبقاء هذه الممتلكات تحت الملكية اليهودية" ، ولاحقا تم تأجير بعض هذه العقارات الى منظمة "العاد" الاستيطانية بدون مناقصة".
وقالت السلام الان"غالبية هذه العقارات كانت مأهولة بالعائلات الفلسطينية التي لم تعرف حتى ان بيوتها تم الإعلان عنها كأملاك غائبين وقد بيعت في اتفاقية المقايضة الى "هيمنوتا" وتم تأجيرها للمستوطنين ، وقد بدأت "هيمنوتا" بمطالبة الفلسطينيين بإخلاء منازلهم".
وأضافت" لقد بنى المستوطنون مركز الزوار"مدينة داود" بالقرب من منزل عائلة سمرين ولذا فان المنزل هو ذات أهمية إستراتيجية للمستوطنين لأنه يمنحهم امتداد اكبر في مدخل سلوان بما يؤدي الى تغيير كبير في الحي".
وأشارت إلى انه "يمكن لعملية الإخلاء ان تتوقف وذلك أولا، بأن تقرر هيمنوتا بإبقاء البيت للعائلة الفلسطينية التي عاشت فيه لسنوات طويلة بدلا من نقل ملكيته للمستوطنين وثانيا فان بإمكان الشرطة أن تقرر عدم المساعدة في إخلاء العائلة بل ووقف العملية ، فقد امتنعت الشرطة عن إخلاء المستوطنين من بيت "يوناثان" في سلوان منذ أكثر من 3 سنوات حتى بوجود قرارات من المحكمة التي طلبت منها مراراً ان تخلي المستوطنين منه".
وبيت سمرين ليس الوحيد المستهدف،بل الاستهداف يطال عشرات العقارات والممتلكات والأراضي المقدسية وتحديداً في الحوض المقدس،في إطار تغير الواقع الديمغرافي في المدينة ،وضمن سياسة إسرائيل التي تهدف إلى تحريف تاريخ مدينة القدس أيضاً، منحت حكومة نتنياهو وما يسمى بحارس أملاك الغائبين الجمعيات الاستيطانية حق السيطرة على عقارات مقدسية تشمل أراضي ومنازل في القدس وخاصة في البلدة القديمة وسلوان والشيخ جراح، وخصصت لها الموازنات اللازمة.
كما طرحت حكومة الاحتلال الإسرائيلية، مخططات'لإقامة حديقة توراتية على الجهة الشرقية من جبل المشارف والطور والعيسوية'، يتم بموجبها تغيير تصنيف هذه الأراضي من مناطق بناء ومناطق مبان عامة إلى حدائق وطنية توراتية ويحدد فيها البناء بشروط مشددة وضمن قيود صارمة بهدف إقامة اتصال جغرافي بالمستوطنات الإستراتيجية حول مدينة القدس.
وهذا المخطط الخطير يأتي ضمن سلسلة من الخطوات الاستيطانية المتسارعة في القدس والتي في مجملها تكمل بعضها البعض من أجل تغيير الطابع الديمغرافي للقدس لتصبح ذات غالبيه يهودية على حساب الوجود العربي الفلسطيني والذي يمثل انتهاكا فاضحاً للشرعية الدولية والقانون الدولي .
ان الوضع الحالي في مدينة القدس على درجة عالية من الخطورة،والمدينة تتعرض لعملية ذبح واستهداف شاملة،جزء كبير منها مسؤول عنه الاحتلال،ولكن هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتقنا أيضاً،فلا يجوز ان نشارك نحن في عملية الذبح تلك،من خلال ترك الحبل على غاربه لمن يعبثون بأرضنا وممتلكاتنا،ويساهمون في ضياعها وتسريبها خدمة لجشعهم وطمعهم وغياب الوازع الاخلاقي والضميري عندهم،وفقدان الانتماء.