أحدث الأخبار
الاثنين 25 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
بدو النقب وقُمقُم الظلم والاجتثاث الاسرائيلي المبرمج!!

بقلم : د. شكري الهزَّيل ... .28.12.06

يبدو أن ما لا تدركه الصهيونيه الاحلاليه والاجتثاثيه هو أنه من الصعب اخفاء جرائمها الجاريه منذ امد بحق عرب النقب من جهه ومن الصعب ايضا تضليل ماتبقى من بدو في قراهم الاصليه بعدما اجتثت اسرائيل اكثر من نصف عدد بدو النقب وزجت بهم في مدن وقرى التوطين القسري من جهه ثانيه وبالتالي ما لم تدركه الصهيونيه ومشتقاتها من عملاء بدو هو ازدياد الوعي العربي النقباوي العام بشكل ملحوظ وان لم يبلغ بعد المطلوب ,و هو بالتأكيد وعي يختلف عن وعي وواقع الستينات والسبعينات من القرن العشرين حيث اقترفت اسرائيل اول جرائمها التاريخيه بحق عرب النقب حين قامت بتخطيط وتطبيق مشروع اجتثاث عرب النقب من أراضيهم وديارهم والزجّ بهم في معسكرات تركيز أطلقت عليها اسم مدن وقرى تطوير وتوطين البدو, وهي مدن وقرى تبدو شكلياً عصرية ولكنها في الجوهر تعكس مأساةً إنسانية يعاني منها سكان ما يمكن تسميته بـ"مدن الحجارة" الذين هم في الدرجة الأولى ضحايا قمقم الظلم والاجتثاث الاسرائيلي اللتي تُشرعنه قوانين غابة العنصريه الاسرائيليه, والحقيقة أن شجرة زيف "التطوير" الإسرائيلية كانت وما زالت تخفي وراءها غابةً من الاجتثاث والدمار الاجتماعي والاقتصادي الذي يعيشه اليوم عرب النقب على جلودهم سواءً في مدن التوطين القسري أو القرى والمضارب البدوية غير المعترف بها من قبل اسرائيل.
من الواضح أن عرب النقب قد تعرضوا ويتعرضون الى مَوجات اجتثاثية إسرائيلية متتاليه ومبرمجه ومُوجهة ضد كيان ووجودعرب النقب على ارض الاباء والاجداد حيث تتجلى نظرية الاجتثاث بوضوح في: إبادة مزارع البدو وهدم بيوتهم وقراهم بشكل تام كما حدث مؤخرا لقرية الطويل ابوجرول بحجة عدم الترخيص التي تستعملها إسرائيل كواجهة ورُخصة من "رُخص" وحجج كثيرة كغطاء لمشروع اسرائيلي اجرامي قذر وعنصري يهدف بكل وضوح إلى اجتثاث عرب النقب جُغرافياً وتاريخياً وديموغرافياً من أرض يعيشون عليها منذ قرون وقبل قيام إسرائيل بكثير, وقبل قيام المدن والمستوطنات اليهودية في النقب بعقود كثيرة, ولكن اللافت للنظر منذ أمد بعيد أن سارق الأرض وهادم بيوت عرب النقب لا يريد أن يُبقي شيئاً من معالم تاريخ البدو العرب في النقب، لا بل إن الهدف الاستراتيجي هو محو معالم الإنسان والأرض والتاريخ العربي في النقب وتحويله إلى مُجرد ظاهرة أو شكل أو كيان مُصَنَّع ومُصطنَع يعيش على هامش الوجود الإحلالي الإسرائيلي في النقب.. فإستراتيجية إسرائيل تهدف إلى تعليب عرب النقب داخل محميات صغيرة ومدن ملح تعيش داخل مُحيط ذي أكثرية يهودية تملك أكثرية الأرض والمصادر الاقتصادية في النقب,وتتحكم ليس بوجود عرب النقب فحسب لابل تتحكم ايضا في لقمة عيشهم وموتهم وحياتهم!!.... الجاري في النقب هو تدمير مبرج للقرى العربيه الغير معترف بها من قبل اسرائيل, والزج بسكانها في مخيمات لاجئين اطلقت عليها اسرائيل وعملاءها تسمية مدن وقرى توطين بدو النقب كما هو حال رهط وغيرها من مخيمات لاجئين " عصريه" كارثيه بوجودها وحالها الاجتماعي والاقتصادي والانساني!!!
تعتمد إسرائيل بكل وضوح في سياستها نحو عرب النقب على استراتيجية الاجتثاث والتعليب اللتي تعني اجتثاث أكبر عدد ممكن من عرب النقب من أراضيهم وديارهم الأصلية والاستيلاء على أكثرية الأراضي العربية في النقب من جهة، وتعليب وحصر أكثر عدد ممكن من العرب على أصغر مساحة جغرافية في النقب من جهة ثانية، وبالتالي ورغم دعاية إسرائيل لاكذوبة ديموقراطيتها, إلا أن الأساليب التي تتبعها في مُصادرة حق الوجود العربي تُثبت أن إسرائيل دوله اجتثاثيه كيانا وسياسه, وعازمة على تدمير أُصول معالم هوية الوجود العربي في النقب بشتى الطرق سواء من خلال مصادرة الأرض أو عدم الاعتراف بالقرى العربية أو هدم البيوت العربية أو حتى الدعاية الإعلامية الكاذبة حول "تطوير" حياة البدو.
من هنا يبدو واضحا انه في في طيات مخططات "التطوير" الإسرائيلي لحياة البدو في النقب تَكمُن تفاصيل وأساليب تضليلية لخطة اجتثاث إجرامية يحكُمها منطق القوة والاستبداد اللذي يختبئ وراء عناوين مثل "البناء غير المُرخص" و"استيلاء البدو على أراضي الدولة", بمعنى تشريع ما تقوم به الدولة الاحلاليه الصهيونيه ضد عرب النقب وفي المُقابل تجريم الوجود العربي ونزع شرعيته التاريخية ضمن أساليب وقوانين إسرائيلية كان وما زال هدفها خدمة المشروع الاستيطاني والإحلالي الإسرائيلي في النقب!....... اسرائيل تُمارس كل اشكال الاجرام بحق الانسان والكيان البدوي في النقب سواء على مستوى العائله او الفرد او الطفل او المجتمع ككل!!..... قامت اسرائيل عمليا وموضوعيا بتحويل اكثر من ثمانين الف بدوي في النقب الى لاجئين داخل النقب وداخل مخيمات لاجئين تطلق عليها اسرائيل زورا " مدن اسكان وتطوير" بدو النقب!!
لا يمكن ان تغطي الشمس برغيف خبز ولا يمكن لإسرائيل أن تستمر في محاولة بيع الوهم وترويج الأكاذيب حول زعمها ب" تطوير حياة بدو النقب"، والحقيقه هي ان ما يجري لعرب النقب لا يترك شَكّاً ولا وهماً ولا حتى ظنا حول أهداف إسرائيل وأساليب تَعامُلها مع أهل الدار والدِيارفي النقب، وهُم في الحقيقة من يحق لهم البت في شرعية الأساليب الإسرائيلية والوجود الاستيطاني الاسرائيلي في النقب، وليس العكس كما هوجاري في الوقت الراهن ومنذ أكثر من نصف قرن من التشريد والظلم المُبرمج الذي يتعرض له أصحاب الحق من قبل رُعاة الباطل والمقلوب الذين يهدمون بيوت عرب النقب ويتركون اطفالهم في العراء!! والسؤال المطروح:: هل اساليب القرصنه والاجتثاث والتعليب تدل على دوله تحترم " مواطنيها" ام على دولة احلاليه تمارس الظلم والقرصنه كسياسه رسميه...؟؟ ومن هو المارق تاريخيا في هذه الحاله؟؟.. اسرائيل ام بدو النقب؟؟؟!!
الحق التاريخي وكل الحق يكمن في شرعية انتماء البدو العريق لهذه الرقعة الجُغرافية النقباويه التي يفوح من تُرابها عبق التاريخ وعبق أهل هذه الأرض, ومهما كانت قوة البلدوزرات وقوة الباطل الإسرائيلي الآني وأياً كانت الأساليب, لكن يبدو ان اسرائيل قد بدأت تخسر رهانها على الجهل والتجهيل وعملاء السلطه الاسرائيليه,,, ويبدو الامر في الوقت الراهن ان ابناء وبنات واطفال القرى العربيه في النقب باقون وصامدون على الأرض وأمام عُيونهم ماثلة صوره حية .:عن كيف "طَوّرَت" وصنعت إسرائيل اكثر من ثمانين ألف ضحية من عرب النقب يقطنون في جيتوات حجرية وهدفها النهائي جلب البقية الباقية في ديارها إلى هذه الجيتوات البائسة تاريخياً واجتماعياً واقتصادياً.
من الواضح ان مشروع الاجتثاث الجاري بحق عرب النقب لا يعتمد فقط على الجرافات والبلدوزرات التي تهدم بيوت عرب النقب أو تلك الطائرات التي تَرُش مزارعهم بالمواد السامة أو دوريات اسرائيل السوداء " الدوريات الخضراء" التي تُلاحق البدو وتصادر مصادر رزقهم فحسب, لابل يعتمد ايضا على التضليل الاعلامي والرهان على الجهل ووالتجهيل بحق عرب النقب وشق صفهم وزرع الفرقه بينهم لتمريرمشاريع اسرائيل الإحلالية واللاإنسانية التي أسفرت نتائجها عن هذا الكم الهائل من إلحاق الظلم والطغيان بحق وحقوق عرب النقب، وهذا الكم الهائل من الخراب والتخريب والتغريب الاجتماعي الذي فرضته سياسة إسرائيل كواقع مُر يَعيشه أبناء عرب النقب وخاصة في مدن التوطين والتنكيل القسري المسماه"مدن تطوير"، ناهيك عن حرمان سكان القرى غير المعترف بها من أدنى الحقوق الإنسانية وأقَلها شُرب الماء والعناية الصحية!.
وأخيراً وليس آخراً، وعود على بدء، يبدو جلياً أنّ وعي عرب النقب في تزايد وتَمسكهم بأرضهم وصمودهم يزداد اصرارا وقوه ومقاومه لمشاريع الاقتلاع والاجتثاث يُقلق دوائر الدولة الإسرائيلية التي يزداد قمعها وظُلمها وهمجيتها عام بعد عام و يوماً بعد يوم في محاولة الإسراع في عملية اجتثاث عرب النقب من ديارهم وأراضيهم من جهة، وتحقيق حلم تهويد النقب وحصار العرب في النقب من جهة ثانية, ولكن وكما يبدو جلياً على الاقل في هذه الفتره أن صمود عرب النقب وخاصة في القرى الغير معترف بها, وعدم انجرارهم وراء الدعاية والإغراءات الإسرائيلية سيقف عائقاً أمام نجاح المشاريع الإسرائيلية بشكل كامل ... التحية كل التحية والإجلال إلى المرابطينو الصامدين على أرضهم وفي ديارهم من عرب النقب رغم الظلم والمطاردة والحرمان والفقر والمعاناه والاضطهاد الذي تُمارسه إسرائيل ضد عرب النقب., والخزي والعار لكل من ساوم ويساوم على ارضه وتجاوب مع مشاريع الاجتثاث والتوطين,, ومهما طال الظلم والباطل سيبزغ فجر الحق وفجر الانعتاق من قمقم الظلم الاسرائيلي!!!