بقلم : ... 02.06.2013
يروي الصياد عطا زينب (80 عاماً) تأثره الشديد عندما شاهد رفات عشرات الفلسطينيين الذين شارك في حمل جثثهم ودفنهم في مقبرة جماعية قبل نحو 65 عاماً، بعد استشهادهم برصاص العصابات اليهودية في معارك الدفاع عن مدينة يافا، قبل سقوطها عام 1948 .وقال عطا زينب إن “القائمين على مقبرة الأزخانة التاريخية استعانوا بي لكي أروي لهم ما حدث في مدينة يافا قبل 65 عاماً بعد أن عثروا على بقايا عشرات الأشخاص وهياكل عظمية في المقبرة قبل نحو عشرة أيام، لأنني من الشهود القلائل الذين لا يزالون على قيد الحياة ويتذكرون أحداث يافا في تلك المرحلة” .وكان سكان أفادوا بالعثور على رفات عشرات الأشخاص في المقبرة، تبين أنها رفات فلسطينيين قتلوا خلال حرب 1948 . وأضاف “كنت فتى في ال 15 من العمر أعمل صياداً مع والدي عندما نشبت الحرب في يافا، وكنا نسكن في قرية اسمها العربية جنوب يافا في منطقة بيت فدان، تحولت اليوم إلى مستوطنة اسمها بات يام” .وتابع “عندما بدأت المعارك حول يافا صرنا نحمل جثث المجاهدين والشهداء، وغالباً ما كانت جثثاً لمجهولين جمعت من الشوارع ودفناها بسرعة بسبب المعارك في مقبرة الأزخانة التي لم يكن يوجد سواها في مدينة يافا” . وأضاف “كانت عملية الدفن محفوفة بالمخاطر، إذ كنا نتسلل تحت جنح الظلام لندفن يومياً بين أربعة أو ستة أشخاص، ندخلهم من فتحة صغيرة في مدفن إحدى العائلات ونكدسهم بعضهم فوق بعض” .ومضى يقول “كنا نحمل ضحايانا بملابسهم وأحذيتهم من رجال ونساء وأطفال، لا نعرف أسماءهم ولا يعرف أهلهم عن مقتلهم، وكنا نجدهم في أغلبية الأحيان في الشارع، ولم نكن نصلي عليهم، بل نكتفي بقراءة الفاتحة على الطريق” . وتابع “كنا نتحرك تحت زخات الرصاص، وكانت العصابات اليهودية لا تتردد في إطلاق النار علينا ونحن في المقبرة” .وأضاف “كانت الجثث تأتي من أربع جبهات، جبهة حسن بيك المنشية في الشمال، وجبهة بيت فدان في الجنوب، وجبهة سكنة درويش في الغرب، وجبهة أبو كبير من الشرق، وكان الشبان يأتون حاملين الجثث لدفنها في قبر جماعي في مقبرة الأزخانة معرضين حياتهم للخطر” .وأوضح عطا “شاركت في دفن نحو مئة فلسطيني خلال ثلاثة إلى أربعة أشهر، كانت الحرب شرسة وكان القناصة اليهود يتمركزون في بناية البيرة أعلى بناية في يافا، ولا يجرؤ أحد على السير في الشارع في النهار، وحتى في الليل كنا نركض ونحن نحمل قتلانا لإيصالهم إلى المقبرة” . وتابع بتأثر “ما زلت أذكر جارتي أم فخري التي قتلت وهي تصلي، حملناها ووضعناها في المقبرة الجماعية التي كنا نسميها فستقية” . ولفت عطا زينب إلى أنه هرب مع أهله من قريتهم العربية إلى حي العجمي في يافا . وقال “عدنا إلى قريتنا بعد شهر، إلا أن منازل القرية كانت هدمت وصودرت أرضنا، ونعيش الآن في بيت عربي هرب أصحابه من الحرب وصادرته الحكومة وصنفته ضمن ما يعرف ب (أملاك غائبين) ونحن ندفع إيجاره للقيم على أملاك الغائبين” .من جهة أخرى أوضح المسؤول عن مقبرة الأزخانة الشيخ محمد أبو نجم “نحن نقوم بترميم مقبرة الأزخانة التاريخية، وأثناء الترميم أي قبل نحو عشرة أيام وجدنا منطقة بدون شواهد ولا تشبه القبور داخلها فتحة مملوءة بهياكل عظمية وهي عبارة عن ست غرف” . وأضاف أبو نجم “إن مؤسسة الأقصى للتراث التي ترمم المقبرة سوف تستعين بأطباء شرعيين لمعرفة سبب وفاة هؤلاء والفترة الزمنية التي قضوا فيها لأننا نريد أن نوثق ما حدث في فلسطين” .وكانت مدينة يافا المؤلفة من أكثرية عربية والتي هجّر القسم الأكبر من سكانها أو طرد في ،1948 ألحقت عام 1950 ب “تل أبيب” وباتت إحدى ضواحيها!!