بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 02.11.2012
من المؤكد اننا سنسمع او نقرا في هذه الايام مقولة " عيد وباي حال عدت يا عيد" ولكننا نقول بكل الاحوال وعلى الاقل.. حال وبحال افضل من سابقه عُدت وستعود ياعيد وسبحان من غيَّر الاحوال والظروف اللتي قادت الى ان تدُك الشعوب العربيه قلاع الطغاه واسوار العبوديه والسجون اللتي شيدها هؤلاء الطغاه حين ضربوا طوقا محكما على رقاب الناس وحياتهم وحرياتهم على مدى عقود من الزمن..اجيال مضت واخرى ولدت واجيال ما زالت عائشه وشاهده على عصور وعقود الظلمات والظلام التي فرضها الطغاه حين صادروا النور وصادروا فتيل القناديل حتى لا تضئ حلكة الظلام الدامس و كادوا ان يحجبوا نور الشمس ويحتجزوا نسمة الهواء حتى تحولت الاوطان العربيه الى اكبر سجون عرفها التاريخ...سجون شعوب..سجون فعليه قبع ويقبع بداخلها عشرات الالاف من السجناء والمعتقلين السياسيين وغيرهم وسجون كبيره اطلق عليها اسم دول عربيه وهي في الحقيقه لم تكن سوى مزرعه تابعه للحاكم وحاشيته التي استعبد العباد وعاث خرابا وفسادا في البلاد العربيه من المحيط الى الخليج ومن المشرق الى المغرب العربي وكامل العالم العربي اللذي حوله الطغاه الى حاله وحالات وظواهر ومظاهر لا تحصى ولا تعد من ظواهر الجهل والاميه ومرورا بسلب الحريات الفرديه والجماعيه وحتى الفقر المدقع الذي يعيشه ملايين العرب الذين لن يتمكنوا في هذه الاثناء لا شراء إضحية العيد ولا عيش بهجته بسبب ظروف عيشهم الصعبه والفقر المدقع الذين يعيشونه ويقبعون في مربعه منذ عقود من الزمن..حاكم يملك المليارات وشعوب فقيره وشبه جائعه..في بعض الدول العربيه اكثر من نصف عدد الشعب يعيش تحت خط الفقر او يقبع في مربع الفقر المدقع والحديث يدور عن ملايين العرب الفقراء والمنسيين ومن بينهم من يعيشون في بلاد النفط والبذخ العربي ويعانون من العوز والفقر والاميه وضيق الحال..في البلاد العربيه ملايين اللاجئين والمشردين الذين شردتهم الحروب اما الى خارج اوطانهم او في داخلها ولم يتمكنوا من العوده الى ديارهم منذ عقود من الزمن والحديث لايدور عن الشعب الفلسطيني فقط لابل يدور عن الشعب العراقي والشعب السوري والشعب اللبناني واليمني والليبي واللاجئين العرب بشكل عام اللذين يعيشون ظروف معيشيه صعبه في البلدان اللذي لجأوا اليها ومن بينها البلدان العربيه التي استقبلت اعداد كبيره من اللاجئين ولم تتمكن من توفير ظروف معيشيه وانسانيه ملائمه لهؤلاء اللاجئين.. من المؤسف جدا ان نتحدث اليوم عن الملايين من اللاجئين العرب وليس عن بضعة الاف وهذه الظاهره والحاله مؤسفه ومحزنه في ان واحد ان يتشرد العرب بسبب الاحتلال و الحروب ومن بينها حروب الطغاه على الشعوب و الحروب الطائفيه والقبليه التي نشبت وما زالت موجوده كظاهره في العراق وسوريا و لبنان وليبيا وحتى اليمن وبلاد الجزيره العربيه!
من هنا لابد لنا من القول ان صعوبات وعقبات جمه وقفت وتقف امام تحرر الشعوب العربيه من الطغاه في زمن اطلق عليه اسم "الربيع العربي" وهذه التسميه صارت بَّين وبين في ظل الواقع الجاري في العالم العربي وخاصة انهار الدم التي تسيل يوميا في بلاد الشام وحالة اللا استقرار التي تسود معظم الدول العربيه التي جرت فيها انتفاضات على نظام الحكم فما نراه اليوم ان الامور في ليبيا غير مستتبه والحرب ما زالت دائره في بني وليد وغيرها من مناطق في ليبيا وماهو جاري في اليمن وتونس والبحرين ولبنان لا يبشر باستقرار الامور ولا بنجاح الثورات في تغيير الواقع وبناء انظمه ديموقراطيه بديله للانظمه التي اطاحت بها الانتفاضات وما يجري في سوريا صار بمثابة كارثه وطنيه واقليميه حطبها الشعب السوري الذي يُقتل يوميا وتدَّمَّر مدنه وقراه فيما تزداد اعداد النازحين نحو الخارج والداخل ليصل العدد مافوق المليون من السوريين الذي ينتظرهم فصل شتاء قاسي دون توفرالظروف ودون وجود مقومات سكنيه وانسانيه لإيواء وإطعام هذا الكم الهائل من اللاجئين سواء لاجئي الداخل السوري او اللاجئين في الدول المجاوره .. طبعا النظام السوري يتحمل اكبر قدر من المسؤوليه عن هذا الوضع ولكن المعارضه ايضا شاركت في خلق هذا الوضع الصعب والواقع المُر ومهما حاولنا او حاول الاخرون تحميل المسؤوليه لهذا الطرف او ذاك فلابد من التعامل مع واقع وحاله حاصله وهي ان سوريا تقبع اليوم في عين الكارثه والفاس تعدَّى مرحلة دخول الراس ودخل الى مرحلة تقطيع وتجزير الجسد السوري جغرافيا وديموغرافيا واقتصاديا وسياسيا وانسانيا..كل المخالب مغروزه الان في الجسد السوري والمطلوب انقاذ ما يمكن انقاذه وتخفيف المعاناه عن الشعب السوري فيء الداخل وفي مخيمات الخارج...سوريا تحتاج ليست فقط لهدنة في ايام عيد الاضحى لابل الى هدنة تأمل في الجاري في هذا البلد العربي المنكوب..الجميع يتنبأ بسقوط النظام ولكن لا احد يحدد كيف و متى؟.. في تفاصيل كيف ومتى تكمُن معالم الكارثه السوريه!!
نعم.. في طيات كيف ومتى تكمن معالم مأسي قضايا عربيه كثيره وعلى راسها القضية الاقدم عربيا وتاريخيا وهي القضيه الفلسطينيه التي اصبحت مجمده في ثلاجة التاريخ في ظل احتلال استيطاني زاحف نحو كل شبر في فلسطين من جهه وفي ظل وجود سلطه فلسطينيه[بشقيها الغربي والشرقي] فاسده وعاجزه عن فعل اي شئ للشعب الفلسطيني من جهه ثانيه وبالتالي هنالك حديث وَّهمي وكاذب حول السلام والدوله الفلسطينيه والوحده الفلسطينيه بينما كل المؤشرات على الارض تشير الى عكس السلام وبُعد بلوغ هدف الدوله لابل ان الاستيطان الاسرائيلي يقضم يوميا المزيد من الاراضي الفلسطينيه ويقوم بتهويدها وتهويد القدس وحصار قطاع غزه على مراى من سلطة رام الله وسلطة غزه ايضا..هنا ايضا سيل من الشعارات والاقاويل العربيه والفلسطينيه دون الاجابه على سؤال كيف ومتى وما هي الاستراتيجيه لاسترداد الارض والحقوق الفلسطينيه وكيف بالامكان اعادة الوحده الفصائليه الفلسطينيه وكيف بالامكان مساندة الشعب الفلسطيني الشبه منسي..مصير مجهول في ظل احتلال زاحف نحو كل شبر من الارض الفلسطينيه!؟
في مصر الجديده اليوم لايوجد جديد تحت الشمس في علاقات النظام الجديد وسياسته الخارجيه سواء نحو الجاري في مصر او سيناء او اتفاقية كامب ديفيد او فلسطين وما نسمعه هو فقط شعارات ثوريه وجوفيه غير حقيقيه وغير واقعيه ولا يبدو ان النظام الجديد يملك استراتيجية نهوض تنهض بمصر وطنيا وسياسيا واقتصاديا لابل غياب استراتيجة تحرير مصر من وطأة عبودية المساعدات الامريكيه؟..مصر ما زالت في شرَّك التبعيه والتذبذب السياسي ولا يوجد اي جواب لكيف ومتى ستنهض مصر..شعارات وامنيات وتصريحات في ظل واقع مُر؟!
في الجزيره العربيه الذي يحكمها نظام عائلي لايوجد اي جديد سوى النفاق الرجعي العربي بثورية نظام العائله الحاكمه ودعمها المزعوم للثورات العربيه وكأن حال شعب الجزيره افضل حال وعلى مايرام بما يتعلق بالديموقراطيه والحريه والحقوق الانسانيه في حين ان النظام قد حوَّل كامل اراضي الجزيره الى محميه امريكيه.. الجزيره العربيه نعم غنيه بالنفط والموارد الطبيعيه, لكنها فقيره جدا بما يتعلق بحقوق الشعب والناس في ظل حكم اقطاعي واستبدادي يتحدث عن " مكرمه" خاصه عندما يمنح الناس قسط يسير من اموالهم وحقوقهم في الوطن والنفط!... في طيات كيف ومتى سيتغير هذا الوضع تكمن مكامن الخلل القائم في الجزيره العربيه منذ عقود طويله...وطن ومواطن منسي.. الحريه لا تشترى لا بالمال ولا بناطحات السحاب ولا بفضائيات التضليل والفبركه؟!
على شواطئ وطول الخليج العربي نمَّت منذ عقود مشايخ وامارات وسلطنات عربيه مصطنعه تعتمد في وجودها وامنها على الوجود الغربي والامريكي في هذه الدويلات ولسخرية التاريخ يزعم بعض امراء وملوك هذه الدول انهم مع القضايا والثورات العربيه بينما الحقيقه هي ان امراء وشيوخ هذه الدول يعتبرون وكلاء للاستكبار والاستعمار الغربي ولا علاقه لهم لا بعيد ولا من قريب بالوطنيه او الثوريه العربيه..سخرية التاريخ هي تسخير هذه الدويلات لفضائيات اخباريه واعلاميه واعلاميين ومفبركين مأجورين بهدف تلميع صورة الامراء والشيوخ في العالم العربي واظهارهم وكأنهم حريصون على القضايا العربيه والاسلاميه بينما الحقيقه ان حرصهم الاول يتركز على حماية وبقاء النظام عبر بقاء القواعد العسكريه الغربيه في هذه الدويلات وفي نفس الوقت الحفاظ على تسعيرة برميل النفط بما يتلائم مع مصالح الحكام والدول الغربيه المستهلكه للنفط.. متى وكيف سيتغير الحال في هذه المناطق العربيه فهذا هو السؤال المفتوح على مصراعيه نحو المستقبل؟..لن تقوم للأمه العربيه قائمه كلما زال وبقي هؤلاء عالقون في خاسرتها...في هذه الدويلات يوجد مواطنون من فئة البدون واخرون منسيون في وطن بدون هويه وطنيه..حال وطن ومصير مواطن !!
عن بلاد المغرب العربي حدث بلا حرج عن حكام عجَّزه ينازعون الموت ويحكمون اهم واكبر واغنى بلدان عربيه في هذه المنطقه منذ عقود بينما الشعب يعاني من الفقر والبطاله والعوز والنقص الحاد في المسكن ناهيك عن قوارب الموت التي تنطلق محمله بالشباب العربي المغربي الهاربون من واقع الفقر في بلدانهم نحو اوروبا ويلقون حتفهم في عرض البحار غرقا..المنسيون في الوطن والمنسيون في البحر...كيف ومتى ستتغير احوال شعوب المغرب العربي؟..سؤال مفتوح وقائم منذ زمن بعيد..انظمه فاسده وشعوب منسيه وهي في وسط اوطانها...انظمه تتحدث عن "مكرمه" عندما تمنح المواطن فتاتة خبز!!
لا ننسى السودان وشعب السودان والنظام الحاكم منذ عقود ورئيسه ابو العصا الراقصه على اوتار مأسي الشعب السوداني صاحب الوطن الكبير في المساحه الجغرافيه والضيق بضيق مساحات الحريه والحقوق.. وطن كبير يتحكم فيه النظام برقاب الناس وحرياتهم وحاضرهم ومستقبلهم..كل مطالبه بالحقوق تعني هزة عصا ومؤامره؟..تقسيم السودان الى شمال وجنوب..سبحان الله لم يكن مؤامره!..يحق للنظام مالا يحق لغيره وللشعب!..يحق له التأمر على وحدة التراب السوداني, لكن بدون هزة عصا..هزة خسر لامريكا والغرب؟!
كيف ومتى سيحدث التغييرالحقيقي لتحقق الشعوب العربيه جزء يسير من حقوقها؟..هذا هو السؤال المفتوح على مصراعيه من المحيط الى الخليج العربي ومن المغرب الى المشرق العربي والسؤال الاخر يبقى قائما ايضا وهو هل نجحت الرجعيه العربيه والامبرياليه الغربيه بتخريب مسار ثورات التغيير في العالم العربي وتحويلها الى معاول تهدم الوطن بدلا من النهوض به من ركام الدكتاتوريه وتحريره من قبضة الطغاه؟... كَّيف ومَّتى : حال وطن ومصير مواطن!...اسئله ستجيب عليها الاعوام القادمه وكل عام وانتم بالف خير اينما كنتم وتواجدتم في الوطن العربي والعالم...عيدكم مبارك وحياكم الله!!