بقلم : سمر الاغبر ... 28.08.2011
صدمنا جميعا من وقع خبر مقتل سوسن من مخيم جباليا في قطاع غزة على يد والدها, وعدنا وكما هي العاده في كل جريمه مشابهه, لسماع نداءات وخطابات التنديد المستنكرة لما حدث ,تلك التنديدات التي تملأ صحافتنا ومجالسنا فور سماع خبر مقتل فتاة او امرأة، حيث يقفز الى الذهن مباشره بأنها جريمه على خلفية ما يُسمى "بالشرف", تثور ثائرتنا ما بين مُطالبين/ات بتعديل القوانين ,وبين من يُعطي صكوك وشهادات حسن الخلق والالتزام الديني ,ويتسابق في اعلان التزام الضحية بالمعايير المجتمعية والدينية المطلوبة منها كامرأة, في مجتمع تحتاج فيه النساء للتوقيع على ولائها له ولعاداته وتقاليده في كل لحظة، وفي كل مكان تتواجد فيه، وان تستسلم لمشيئة الرجل حتى لو ذبحها بلا سبب او نتيجة لبعض النفسيات والسلوكيات المريضة التي يتسم بها هذا الزوج او ذاك الأب أو الأخ .
سوسن هي ضحية لسلوك أب متسلط معتوه ومريض، تاريخه مليء بالجنايات، وهو كما ورد في الإعلام هارب من السجن المركزي بغزة عندما اندلع العدوان الإسرائيلي على غزة فيما سمي "بالرصاص المصبوب"، يعني شخص مكانه الطبيعي داخل السجن وليس بين أبناء المجتمع، ولا في وسط أبنائه الغير آمنين عليهم ولا على حياتهم، وهذا ما كان، قتل ابنته سوسن بدم بارد بلا سبب سوى ادعائه بأنها مقصرة في أداء واجبها المنزلي، وسبق أن عذبها بطريقة بشعة أكثر من مرة .
وعلى بشاعة هذه الجريمه ومثيلاتها مما يحدث في مجتمعاتنا العربيه سواء ترافق ذلك بضجة إعلامية ,او تلك الجرائم التي لا نسمع بها,تحدث وتُدفن مع ضحاياها, تلك الخطايا الممزوجة بتخلف أفكارنا ومُعتقداتنا ابتداء بما يدعونه مفهوم للشرف، مرورا بالتسلط الذكوري وليس انتهاء بمن يعانون مرضا نفسيا وسلوكيا من الرجال، وبالمقابل مفروض علينا نحن النساء الخنوع والخضوع لهذا الظلم المتعدد الأشكال والدوافع، لكي لا نوصم اننا نساء بلا "شرف", حتى لو كانت تلك المفاهيم تتعارض مع التعاليم السمحة للدين، او بما ينص عليه القانون الفلسطيني من حقوق للمساواة والحريات بين كافة أبناء المجتمع دون تمييز.
إن ما يحدث يوميا على مرأى ومسمع المجتمع بعاداته وتقاليده من قتل معنوي مرافق لأبشع انواع القهر الذي تواجهه نساء بلادنا لمجرد أنهن نساء, يعتبر قتل لا يقل خطورة ولا أذى عن القتل المباشر الذي يلونه دم الضحايا, وهو واقع مخفي لا يستفز حملات النداءات والاستنكارات كما هو الحال عندما تقتل فتاة او تتعرض للأذى المباشر ..
لا شك بان الثقافة الذكورية السائدة في مجتمعنا بمجموع عاداته وتقاليده والتي تعتبر من المقدسات بالنسبة إلى غالبية أبناء مجتمعنا, إضافة إلى قصور القوانين، تلعب دورا أساسيا في الحط من قيمة المرأة وقدرها، إلى جانب ضعف وعي المرأة وقدرتها المحدودة في الدفاع عن حقوقها، او مشاركتها الفاعلة في كافة المجالات التي تستنهض دور المرأة في الدفاع عن حقوقها، وتمكنها من التصدي لكل الممارسات التي تحط من قدرها، وتتعامل معها دون البشر .
ولكن ما يزيد الطين بله أن الكثيرين ممن يدعون التقدمية والمناصره والدفاع عن المرأة وحقوقها، ولا يألوون جهدا بالمزاوده على تفهمهم لما تعانيه النساء في مجتمع كمجتمعنا ,هؤولاء المُتناصرين مع النساء ,تجدهم في سلوكهم اليومي ونظرتهم وتفكيرهم يُمارسون ابشع انواع القتل المعنوي والقهر المُغلف بأجمل وارقى الشعارات.
ما جرى لسوسن من قتل بشع وبدم بارد، يضيف إلى سجل الاضطهاد النسوي ضحية جديدة، كما يضيف إلى سجل شعبنا وصمة عار جديدة، يتحمل مسئوليتها المجتمع بأكمله بسبب ثقافته السائدة، وبسبب سلطته المتراخية في وضع حد لمثل هذه الجرائم، ولمجلسه التشريعي المتواني في سن قوانين رادعة لكافة التجاوزات التي تطول المرأة وحقوقها، وفي تراخي القوى الديمقراطيه الحيّه عن وضع قضايا المرأة في سلم اولوياتها.
أخيرا أقول، بان لسوسن ولنا الحق في الحياة كما للرجال .. لنا الحق باحترامكم .. لنا حق العيش بمساحات مساويه لمساحاتكم، ولنا الحق بان تتخذ أقصى العقوبات بمن يسلبنا الحياة بكافة الاشكال والصور،، لا بل هو واجب عليكم وعلى المجتمع...
كفى... لقد ادميتمونا!!!