بقلم : عطا مناع ... 06.02.2012
تكثفت في الآونة الأخيرة استطلاعات الرأي التي تعتقد أنها تتحفنا كفلسطينيين بنتائجها، وتحاول هذه المؤسسات إقناع الوعي الفلسطيني بنتائج تعكس في الغالب وجهات نظر أو مدفوعة الأجر، وقضية مدفوعة الأجر هذه باتت مفضوحة للشعب والمتابع ناهيك عن أنها تشكل موضة تهب كلما هبت الرياح التي تبشرنا بالانتخابات رغم أن المواطن الفلسطيني لم يعد مهتماً لا بالانتخابات ولا غيرها وتوجه لقرع ما توفر من الطناجر للاحتجاج على الواقع المأزوم. من الذي يفوز في الانتخابات؟؟ فتح أم حماس؟؟؟ ما هي نسبة حركة فتح ونسبة حماس؟؟؟ وهل أنت أيها الفلسطيني مع الانقسام أم ضده؟؟؟؟ مع سياسة فياض؟؟؟؟ مع الاعتقال السياسي أم ضده؟؟؟؟ وهل أنت مع حرية التعبير والتجمهر وتوزيع الصحف في مناطق الانقسام؟؟؟؟ شو رأيك يا فلسطيني ؟؟ هل أنت مع سيادة القانون والأمن والأمان؟؟؟ والمصيبة أنهم يرشون على الموت سكر كما يقال، وكأن الشعب الفلسطيني أصبح مختبر لاستطلاعاتهم "اللي ما عاد إلها طعمه" وخاصة أن الأسئلة التي يوجهونها للمواطن تقليدية ولم تعد أولوية في ظل قسوة الحياة والعنف الذي يطحن المواطن يوميا وعلى كافة الصعد.
تعالوا نقنع أنفسنا أن الانتخابات قادمة لا محالة!! وأننا كفلسطينيين سنعيش ما اصطلحنا على تسميته بالعرس الديمقراطي الانتخابي؟ السؤال الذي يطرح نفسه أو الحلقة المفقودة في الوعي ألفصائلي وبالتحديد أطراف الانقسام؟؟؟ هل سينزعج المواطن العادي الغلبان على أمرة إذا فازت حركة حماس أو فتح؟؟؟؟ لاحظوا لا نقول منظمة التحرير الفلسطينية التي نتغنى بها، ما الذي يريده المواطن العادي من الانتخابات؟؟؟ وهل بات معنياً بفلان أو علان أن يفوز؟؟ أم أن الهدف هو السياسة الاقتصادية والتنمية والأمان الاجتماعي وسيادة القانون واتخاذ السلطة التشريعية هو الحلم الذي يراودنا في النهار قبل الليل؟؟
إذا اتفقنا أن المواطن الفلسطيني والعربي أيضا ينزع للاستقرار والوصول إلى حملة المنشود؟؟؟ فلماذا هذا التقاتل على انتخابات لا تعدو أكثر من مسرحية نكتة تدخل بعض السرور إلى النفس جراء الاحتفالات الموسمية بها ؟؟؟ وما الذي يشجع الغلبانين على إعادة الكرة في ظل سيادة المثل الشعبي القائل اللي مجرب مجرب عقلة مخرب؟؟؟ دعونا من الانتخابات الأولى ولنتحدث عن الانتخابات الثانية التي فازت فيها حركة حماس، صفقنا ورقصنا وركبنا "الفوردات" بالجملة لندلي بأصواتنا؟؟ اقسمنا على القرآن ووعدنا بان ننتخب هذا أو ذاك من المرشحين والكتل، فماذا كانت النتيجة؟ انقسام وموت وحكومة هنا وإمارة هناك، انتخابات جلبت لنا الموت والجوع والأنفاق والاعتقال السياسي وهجمة احتلالية لم تشهد لها فلسطين مثيل.
إذا جلبت لنا الانتخابات التشريعية السابقة كل هذه الويلات فما الداعي لإجراء الانتخابات؟؟؟ أيعقل أن أزمات الشعب الفلسطيني ستنتهي بلمسة سحرية في حال إجراء الانتخابات؟؟ إذا كان هذا صحيح فلنرفع شعار نعم للانتخابات؟؟؟ وإذا كان ضرب من الخيال وأننا ندور في حلقة مفرغة فهذا يعني أن الانتخابات بعيدة المنال لان الشعب يعرف الحقيقة بعيداً عن استطلاعات الرأي التي تأخذ الطابع الدعائي، وطالما أن عشرات جولات الحوار بين الفصائل باءت بالفشل فلن تصلح الانتخابات ما أفسده الانقسام والقضية ليست أكثر من عرض عضلات بين فتح وحماس لحسم معركة الانقسام، وبالاستناد لمنهج التفكير الذي يسيطر على ساحة الانقسام الفلسطيني دعونا ندعوا اللة أن "يبقى الحال كما هو علية".
كما يقول إخوانا العراقيين ماكو انتخابات، لان الانتخابات تعبير عن عقد اجتماعي بين الشعب والسلطات التشريعية والتنفيذية وهم فشلوا بامتياز وتحول العقد الاجتماعي لسيف مسلط على رقاب الغلبانين من الشعب الفلسطيني، ماكو انتخابات لان الغالبية العظمى من الشعب فهمت الحقيقة ولا يمكن أن تخضع لمزاجية استطلاعات الرأي ولا بأس من العودة للاستطلاعات التي سبقت الانتخابات التشريعية الثانية لعلها تكون عبرة لنا، وبالتالي فأن الدعوة للانتخابات التشريعية ينطبق عليها المثل القائل القصة مش رمانة، بمعنى لا توجه نحو الديمقراطية ولا ما يحزنون وإنما معركة حسم أظن لن يكون فيها رابح وإنما مزيداً من التشرذم هذا إذا أحيانا اللة لنشهد الانتخابات القادمة.
هو الخطاب التضليلي الذي يخدر الشعب الفلسطيني بحبة الاكمول، وحبة الاكمول هذه مجرد تصريحات وخطابات هي السبب والنتيجة لما نحن فيه، وما عملية التنظير للانتخابات البلدية التي كنا على قاب قوسين منها إلا دليل فاضح على عقم الخطاب السائد الذي يقول أنا الشعب والشعب أنا، ولذلك كان من السهل على حكومة تصريف الأعمال تأجيل الانتخابات البلدية في الضفة الغربية وفي غزة حدث ولا حرج مع العلم أن الانتخابات البلدية خدماتية ومطلب وطني .
قد نكون كشعب فلسطيني بحاجة لوصفة غير سحرية، وهذه الوصفة متوفرة لكن العمى السياسي والأجندات التي أغرقت الساحة السياسية الفلسطينية في متاهات أُسقطت عليها من قوى خارجية قيدت الخطاب الذي يفترض أن يكون، وما التمسك بما هو قائم رغم فشلة إلا دليل صارخ على خطورة الواقع وعقمه، فعلى سبيل المثال طبلنا وزمرنا للتكنوقراط فماذا كانت النتيجة؟ تكنو قراط أثقلنا بالفساد حتى الرقبة، تكنوقراط يفتقر لأسباب وجوده وهو تعزيز فلسفة الصمود والصمود يعني الشعب، ولكن كيف يمكن أن يصمد الشعب الفلسطيني عندما يثقلونه بالمآسي والقوانين التي تقر بعيداً عن المجلس التشريعي المغيب أصلا.
الوصفة السحرية الغير سحرية بالوحدة الوطنية التي لا تعتمد"القبان"، لان الأوزان لا قيمة لها في حالتنا لان قانون الجاذبية فقد مفعولة في حالتنا، ولا يجوز آن نصدق أننا شعب كبقية الشعوب لأننا بكل بساطة في خضم مرحلة التحرر الوطني التي اختصرت بقرع الطناجر مع الاحترام لكل من يحمل طنجره ويقرعها لإسقاط الانقسام، ولا اعرف بصراحة ماذا بعد قرع الطناجر وإطلاق أبواق السيارات.
ما العمل: في أيام العز رفع إخواننا في حركة فتح شعار ما بحرث الأرض إلا عجولها، وجاءت المرحلة التي تقاد فيها العجول التي لطالما حرثت الأرض إلى المسلخ ليختلط الحابل بالنابل وتغيب البوصلة وتسود طبقة أحكمت قبضتها على البلاد والعباد، مرحلة تقاطعت فيها المتناقضات وباتت الامتيازات بصرف النظر عن حجمها ووزنها ترسم لنا الطريق التي حتماً لن تقودنا إلى الانتخابات التي هي تعبير عن الديمقراطية الضائعة في بلدنا.