بقلم : ... 05.08.2013
عمّمت المجموعات الشبابيّة الفاعلة في الحراك الشبابي ضدّ مخطّط "برافر" بيانًا حيّت فيه جماهير شعبنا، وجمعيّات ومؤسّسات المُجتمع المدني، والأحزاب والفعاليّات السياسيّة الفاعلة على ما أظهرته من روح وطنيّة ووحدويّة ومسؤوليّة في إنجاح يوم الغضب في الأوّل من آب، والذي اتسم بالسلمية والتنظيم وبحضور شبابي متميز يدل على وعي شعبنا بخطورة المرحلة، مما لم يرق لأجهزة الأمن الإسرائيلية التي بادرت لاستخدام العنف وسياسة الاعتقالات المعتادة لعرقلة نضالنا المشروع.وجاء في البيان: "مستمرّون في نضالنا ضد مُخطّطات التطهير العرقي مهما زادت الشرطة من قمعها، ولن نسمح بنكبة أخرى سواء سُمّيت "برافر" أو "بيغن" أي مُسمىً آخرَ".وشدّد البيان على أنّ الوحدة الوطنيّة هي الضمان الوحيد للانتصار في هذه المعركة، وأن الشباب الفاعل والناشط هو جزء لا يتجزّأ من ألوان الطيف السياسي الوطني الفلسطيني، وأن قرار التصعيد النضالي في مواجهة مخطط برافر، إنما يعتمد على المبادئ التي وضعتها لجنة المتابعة العليا عشية الخامس عشر من تموز.كما حيّت المجموعات الشبابيّة كل الوقفات التضامنية وكل النشطاء العرب والأجانب في كلّ من المغرب، تونس، لبنان، الأردن، موريتنايا، ليبيا، اليمن، ايرلندا، بريطانيا، الولايات المتحدة، كندا، البرازيل... وكل من ساهم من قريب أو من بعيد.وقال البيان: "لأهلنا نقول، نحن أبناؤكم وشبابكم، وضعنا على عاتقنا أن نأخذ دورنا الطلائعي، وارتضينا مهمة الدفاع عن بلدنا، محبة لها ورداً لجميلها علينا، وأنتم سبقتمونا في النضال، وسطرتم من قبلنا دروساً في الوطنَّية والتضحية من أجل مجتمعنا وبلدنا ووطننا، فكونوا معنا في الشارع، نساءً وشيوخاً وأطفالاً وصبايا وأخوة، لنفرض حقنا في أن نؤمّن مستقبلنا وعيشنا الحر الكريم".وأشار البيان إلى أنّه قد اعتُقل أكثر من مائة ناشط في مختلف التظاهرات والاحتجاجات، رغم سلمية المظاهرات، وأضاف: "يبادر الأمن دوماً إلى الاعتداء على شبابنا واستفزازه بهدف فض المظاهرات. وهو ما يستلزم التأكيد على أن كل الطرق لن تتمكن من عرقلة نضالنا، ونؤكد أن سياسة الاعتقال والملاحقات الممنهجة لنشطائنا ورفاقنا، لن تثنينا أبداً عن مواصلة طريقنا. إن شعباً يتطلع للحرية لن يخشى أجهزة القمع".واختتم البيان بالتأكيد على أنّ الأوّل من آب هو البداية فقط، وأنّ الحراك الشبابي مستمرّ في نضاله نحو تكثيف العمل الشعبي، ومقاومة المشروع بكافة الأشكال النضاليّة، ولن يتوقف حتّى إسقاط "برافر" وسحبه بشكل كامل!!
بقلم : عبد الباري عطوان ... 12.12.2012
لم تشهد مصر حالة من الفوضى والانقسام طوال تاريخها الحديث مثلما يحدث حاليا، فالبلد يعيش حالة وصلت الى الاحتراب الاهلي، ومن استمع الى الشعارات المرفوعة والتهديات التي وردت على لسان قادة هذه المظاهرات من الجانبين، يدرك ان الصدام الدموي بات وشيكا.
فشل الجانبين في الوصول الى اتفاق يضع مصلحة مصر العليا وشعبها فوق كل اعتبار، وغياب دور الحكماء، والتحريض الاعلامي، الداخلي والخارجي، غير المسؤول، كلها عوامل تدفع بتمهيد الطريق لتدخل المؤسسة العسكرية واعلان حالة الطوارئ، والسيطرة على مقادير الأمور في البلاد.
هذه النخبة، بفشلها افسدت الحياة السياسية المصرية، واجهضت الديمقراطية الوليدة، واعادت التأكيد عمليا على المقولة التي تقول ان الشعوب العربية لا تستطيع ان تتعايش في ظل نظام ديمقراطي لا تستحقه، وتحتاج الى دروس ومدرسين لإعادة تأهيلها.
المعارضة لا تريد اعلانا دستوريا لأنه ينصّ على تحصين قرارات الرئيس..'طيب'.. جرت الاستجابة لهذا الطلب بإلغاء هذا الاعلان باستبداله بآخر، فجرى رفض الثاني، فقرر الرئيس طرح مشروع الدستور على الشعب للاستفتاء، وانقسم القضاة بشأن الاشراف عليه.
الرئاسة المصرية تتخبط بدورها، تصدر قرارات ثم تتراجع عنها بعد ساعات، وتدعو لاستفتاء قبل ان تؤمن له الاشراف القضائي المطلوب، وترفع اسعار بعض السلع ثم تلغي القرار، وتطالب بحوار شعبي حوله.
مصر الآن تُحكم من قبل عدة رؤوس، في ظل غياب المرجعيات، والشعب هو الضحية، لا يستطيع ان يفهم ما يجري حوله، او يميز بين الخطأ والصواب، الصالح والطالح.
مصر اصبحت تنتظر البيان العسكري الاول لمجلس قيادة الثورة، نقولها بكل أسف، نحن الذين عارضنا، وسنظل نعارض حكم العسكر. فالجيش بدأ يعود الى الحلبة السياسية بقوة، بعد ان وفر له زعماء الاستقواء بالمظاهرات والاحتجاجات الفرصة الذهبية في هذا الخصوص.
بالأمس اصدر القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع ما بدا وكأنه 'الفرمان العسكري الاول' بالدعوة الى حوار وطني ينعقد اليوم الاربعاء لحل الأزمة السياسية التي تعصـــف بالبــــلاد. وقال مصدر مقرّب من المؤسسة العسكرية ان الفريق عبد الفتـــاح الســـيسي يدعو كل قطاعات الشعب للاجتماع في حوار وطني، وانه اي الفريق السيسي والرئيس محــمد مرسي، سيحضران جلسة الحوار هذه.
المعارضة الممثلة في جبهة الانقاذ التي يتزعمها الدكتور محمد البرادعي وتضم السيدين حمدين صباحي وعمرو موسى، قاطعت دعوة الرئيس مرسي للحوار التي وجهها اليهم يوم السبت الماضي، ومن المؤكد انهم، وهم الذين يتمسكون بالدولة المدنية ويرفضون الدولة الدينية، قالوا انهم 'يدرسون' هذه الدعوة الجديدة، ربما لأنها صادرة من المؤسسة العسكرية التي يحترمها الجميع في مصر.
انه لامر غير مسبوق ان يقبل رئيس الدولة وهو القائد الاعلى للقوات المسلحة، المشاركة في حوار يدعو الــــيه قائــد الجيش الذي اصدر الرئيس مرسي قرارا بتعيينه في منصبه هذا ووزيرا للدفاع في الوزارة، التي يشكل هو كرئيس مرجعيتها الاولى والأخيرة؟
لوغاريتمات مصرية غير مفهومة على الاطلاق، وتؤكد ان النخبة السياسية المصرية كلها تتخبط، وتعجز عن التوافق والتعايش فيما بينها، في الوقت الذي تدعي الحرص على الديمقراطية، واعادة بناء هياكل الدولة على اساسها.
فإذا بات قائد المؤسسة العسكرية هو الوسيط الذي يصدر الدعوة للحوار، فلماذا كانت ثورة هذه النخبة على المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي كان يتزعمه المشير حسين طنطاوي، ومطالبتها باستقالته او إقالته؟
ومع كل ما تقدم، يجب ان تستجيب جميع الاطراف المتحاربة على الساحة السياسية المصرية لهذه الدعوة للحوار، رغم كل التحفظات عليها، وعدم التذرع بالحجج لتبرير المقاطعة، لأنها قد تشكل، اي الدعوة للحوار، فرصة الانقاذ الأخيرة للبلاد من حمامات دماء، او حرب اهلية مدمرة لا قدر الله.
قادة جبهة الانقاذ يجب ان يكونوا اول المبادرين بالذهاب الى مائدة الحوار الوطني في القرية الاوليمبية اليوم، وان يتحلوا بالمرونة من اجل مصلحة مصر العليا، والكفّ عن تحريض الشارع، ليس من منطلق التنازل للرئيس وحركة الاخوان التي ينتمي اليها، وانما لإبعاد شبح الفوضى والدولة العسكرية بالتالي.
في المقابل، نتمنى على الرئيس مرسي ان يتوقف، ولو لبضعة اسابيع عن اصدار الإعلانات الدستورية، وتجميد الدعوة الى الاستفتاء الشعبي حول مشروع الدستور، والكفّ عن اصدار اي قرارات برفع الاسعار او غيــــرها، وعدم مجاراة المعارضة في حشد انصاره وتياره للنزول الى الشوارع والميادين احتجاجا.
نطالب بهدنة ولو لأسابيع، لتهدئة الخواطر، ووقف التصعيد، هدنة بدون مظاهرات في ميدان التحرير او مدينة نصر، او ميدان الجامعة، او امام قصر الاتحادية، وان يستمر الحوار الذي سيبدأ اليوم لبضعة ايام، ريثما يتم التوصل الى مخرج لهذه الأزمة، يحافظ على الثورة، ويحول دون خطفها او وأدها، ويكرّس الديمقراطية التي دفع الشعب دمه وارواح شهدائه من اجل الوصول اليها.