بقلم : ... 30.09.2013
نظّمت الأطر والجمعيات النسوية، وممثلين عن فصائل العمل الوطني، امس إعتصاماً أمام مبنى محافظة طولكرم، إحتجاجاً وإستنكاراً لحادثة القتل الأخيرة في بلدة دير الغصون شمال طولكرم، والتي راحت ضحيتها فتاة، قتلها والدها خنقاً على خلفية ما يسمى "الشرف". .وجاء الإعتصام بمشاركة ربيحة ذياب وزيرة شؤون المرأة، وجمال سعيد مسيّر أعمال شؤون محافظة طولكرم، وسهام ثابت عضو المجلس التشريعي، وماجدة المصري وزيرة الشؤون الإجتماعية السابقة، وعدد من الناشطات والمهتمات بالأطر النسوية، وممثلي الدوائر الرسمية والأهلية. ورفع المشاركون في الإعتصام يافطات كتب عليها شعارات داعية الى وقف العنف ضد النساء، والعمل على حمايتهنّ، إضافة الى سرعة إقرار قانون العقوبات الفلسطيني. وتلت ندى طوير من الإتحاد العام للمرأة الفلسطينية، بياناً إستنكرت فيه "الحادث الإجرامي" الذي وقع مساء السابع عشر من الشهر الجاري، حيث أقدم أحد المواطنين في دير الغصون على قتل إبنته خنقاً على خلفية ما يسمى "شرف العائلة"، مشيرة الى تنامي هذه الظاهرة ليرتفع الى "25" حالة خلال العام الجاري، وتحت غطاء "الشرف". وطالب البيان الرئيس محمود عباس، والمجلس التشريعي، بإقرار قانون العقوبات الذي كان ثمرة جهود إئتلاف "قانون العقوبات" من قبل كافة المراكز النسوية والحقوقية والإتحاد العام للمرأة الفلسطينية. بدوره، قال سعيد أن محافظة طولكرم ملجأ للجميع، وان هذه الوقفة تسلط الضوء على قضية هامة، وهي عدم تفعيل قانون العقوبات والقتل خارج إطار المحاكم فيما يخص جرائم "الشرف"، مطالبا بإنهاء الإنقسام وتفعيل المجلس التشريعي لإقرار قانون العقوبات المعطل. وحيّت ذياب الحركة النسوية ومؤسسات طولكرم، الذين وقفوا جميعاً ضد الحوادث الإجرامية التي طالت النساء تحت مسمى "الشرف" مطالبة بإقرار قانون العقوبات الفلسطيني الذي عمل عليه الجميع، وضرورة طرحه على الكتل البرلمانية ومن ثم مجلس الوزراء ليتم رفعه الى الرئيس من أجل إقراره. وأكدت ذياب، انه يجب الوصول الى مجتمع تسوده العدالة الإجتماعية، ووقف كل من تخوّل له نفسه قتل النساء!!
بقلم : د.خالد الحروب ... 14.05.2012
تاريخ العلاقة الصينية مع القضايا العربية على مدار عقود طويلة يعكس سجلًا إيجابيّاً وإلى وقت قريب جداً. فبكين وقفت إلى جانب الحقوق العربية وكان يُنظر إليها على الدوام نظرة تقدير واحترام عميقين على مستويات رسمية وشعبية أيضاً. على المستوى الشعبي تحديداً لم يحدث أن هُوجمت الصين أو انتقدت فضلًا عن أن تحرق أعلامها في الشوارع والمظاهرات كما رأينا في الثورة الليبية والثورة السورية. والسياسة الصينية الحالية المُتحالفة مع النظام السوري على رغم كل القمع اليومي الذي يقترفه ضد شعبه قد تهدد بإنهاء التاريخ الطويل والسجل الإيجابي الذي بنته السياسة الصينية في المنطقة، التي قامت في معظمها على مبدأ تأييد القضايا العادلة للشعوب. وفي العقد الأخير أو أكثر تبدلت السياسة الصينية وخفت المكون المبدئي فيها وتغول مكون المصلحة ولو على أية حسابات أخرى.
والموقف الصيني الحالي من الثورات العربية يضر بصورة الصين والنظرة إليها في المنطقة، على المستوى الشعبي والنخب المثقفة والمسيسة. والصين التي تفتخر بثورتها الشعبية الكبرى في القرن العشرين تصطف الآن إلى جانب نظام فاسد. وتبريرات الموقف الصيني، بحسب الرؤية الرسمية التي تسمعها هنا، تقوم على الآتي: أولاً: الصين لا تنحاز إلى أي من "الطرفين" في الصراع على سوريا، وهي تحاول المساعدة على إنهاء الصراع من موقف محايد. ثانياً: الصين تؤمن بأن الحل يجب أن يكون عبر الطرق السلمية وليس العنف. ثالثاً: الصين تعارض أي تدخل خارجي وخاصة إذا كان عسكريّاً، وترى أن أمور السوريين يجب أن تترك لهم كي يسووها بأنفسهم. رابعاً: التدخل الغربي في الثورات العربية يؤكد نزعة الغرب نحو بناء سياسة دولية تعزز القطبية الأحادية، بخلاف ما تريده الصين للعالم من سياسة دولية مرتكزة على تعددية قطبية.
وكل واحدة من هذه النقاط يمكن الرد عليها بسهولة بما يدفع للتساؤل عن جوهر الموقف الصيني ومحاولة استكناه جذوره الحقيقية. فالحديث عن "الحياد" بين الطرفين لا يمكن أن يؤخذ بجدية حقاً. أولًا، هناك خطأ أخلاقي كبير في مجرد القول إن هناك "طرفين" في الصراع ثم مساواتهما ببعضهما بعضاً. كيف يمكن مساواة الجلاد بالضحية، النظام القامع مع الشعب المقموع؟ ثم بعد ذلك كيف يمكن أن تزعم بكين الحياد وهي تقف بالطول والعرض مع النظام الأسدي وهي، مع موسكو، درعه الدولي وحاميته من السقوط؟ من التصويت في مجلس الأمن وحتى كل موقف سياسي ودبلوماسي يومي الصين تقف في معسكر النظام. ونقطة تفضيل الحل السلمي هي نقطة بلاغية وشعاراتية أكثر من كونها حقيقية. فالنهج السلمي كان هو ما تبنته الثورة السورية منذ يومها الأول وأصرت على التمسك به حتى الآن. والذي انتهج العنف ودفع الثورة إلى العنف المسلح هو النظام لأنه لا يريد ثورة سلمية بل يريد العنف كي يسوغ قمعها وإبادتها بالوسائل التي يتقنها. والنظام عاجز عن أي "نهج سلمي" مع الشعب والمعارضة لأن هذا لا يدخل في قاموسه وهو غير متمرس عليه، ولذلك فقد كانت "سلمية الثورة" أكثر أسلحتها مضاء وتعجيزاً للنظام. والجانب الآخر من "الحل السلمي" هو مقابلته مع الحل العنفي الذي قد يأتي على شكل تدخل خارجي، وهو ما يقود إلى النقطة الثالثة من مسوغات الموقف الصيني. بعد أن يصل عنف النظام إلى مستويات تدمير مدن بكاملها وأحياء على رؤوس ساكنيها ويتم إطلاق ماكينة حربه على شعبه من دون أي رادع وبالاحتماء وراء "الدرع الروسي والصيني" دبلوماسيّاً وسياسيّاً ودوليّاً فإن الحديث عن "حل سلمي" يصبح غير مناسب. فليس هناك "طرفان" يخوضان حرباً متكافئة، هناك طغمة مستبدة أعلنت استعدادها لإبادة الشعب السوري من أجل البقاء في السلطة ونهب ثروات البلد. والذي تقوم به الصين وروسيا الآن، من وجهة نظري، هو تدخل خارجي لكن لصالح النظام. وتسويغ ذلك بالقول إن الحل يكمن في أيدي السوريين أنفسهم وعليهم أن يسووا أمورهم بأنفسهم من دون تدخل الآخرين هو تساذج على الآخرين. وإذا ترك السوريون لتسوية أمورهم بأنفسهم فمعنى ذلك أن يُترك النظام للتغول في الدماء والمزيد من الدماء.
وجوهر الموقف الصيني يبدأ، خارجيّاً، من النقطة الأخيرة، أي مناكفة الغرب في مسألة "الجيوبوليتيكا" الدولية ومحاولة إثبات نقطة أن الصين آخذة في التشكل كقطب سياسي وليس فقط كقطب اقتصادي عالمي. وهي في هذا تتوافق تماماً مع روسيا، وهو توافق سنرى تمثلاته في السياسة الدولية في أكثر من ميدان بغض النظر عن القضية أو المكان أو الضحايا المحتملين. ومعنى ذلك أن بكين وموسكو لا تكترثان لما يدفعه الشعب السوري من ثمن طالما أن "المبدأ" الذي تريدان تثبيته هو الذي يقود المسألة، وهو مبدأ: نحن هنا! داخليّاً، جوهر الموقف الصيني ينطلق من التخوف من عدوى الربيع العربي. وهنا فمن حق الصين أن تشعر بالتوتر من صور المليونيات في الميادين العامة، من تونس إلى القاهرة إلى صنعاء وبنغازي، التي حظيت بأقل قدر ممكن من التغطية الإعلامية هنا. فهذا البلد متعدد القوميات والثقافات والمتوحد تحت قيادة وسلطة الحزب الشيوعي لا يحتمل رؤية أي انفلات باتجاه الديمقراطية، ويصوّر ذلك على أنه بداية طريق محفوف بالمخاطر التي تتربع على رأسها مخاوف التقسيم. وعدوى "ميدان التحرير" هي الهاجس الأكبر للقيادة الصينية، ذلك أن ميدان "تيان آمين" في قلب بكين هو معلم تحرير آخر وهو قابل للحراك في أي وقت. والمعادلة الصينية التقليدية شبه معروفة التي يستبطنها الخطاب الرسمي هي كالتالي: الحفاظ على الصين بلداً موحداً ومتحداً حتى لو كان ذلك بالقوة، أو الخضوع لضغوط التغيير والديمقراطية والحرية التي قد تقود إلى التقسيم. ولكن هذا الخطاب يختزل كل الخيارات في اثنين بهدف إخافة مئات الملايين من الصينيين من الفوضى والتجزئة. هناك خيار الإصلاح الحقيقي والتدريجي الذي ينقل البلد إلى الديمقراطية خطوة خطوة من دون مخاطر الفوضى.