أحدث الأخبار
الجمعة 22 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
خبزُ وحلمُ ووجع ..!!

بقلم : سحر أبو ليل ... 18.05.2012

ما زلتُ في مكانٍ ما...
رغم نبضي الضعيفِ..
وسأمي الظريفِ من الحياة !
ما زلتُ في زاويةٍ ما
بين لفافات تبغهِ ..
ومنافض سجائرهِ ..
أتسرب ظلاً متمزقاً..
بين اصابعهِ ..
على مهلٍ ..على مهل !
فأنا اعرفه جيداً ..
واحفظ عدد زفراته ..
كما احفظ آية الكرسي تماماً..
رغم إلحادي ،
لتحفظني طالما حفظتهُ ..
في موتي الليلي المتكررِ..
في الغياب !
ويا ليتك كنت تعرف..
مرار الضياع ،
بين شبه قصيدةٍ..
وسطوة قصةٍ لا تنتهي
وحرث السماءِ..
كل ليلةٍ بالذكريات
ورسمَ آلاف الحكايات !
ما زلتُ في ناحيةٍ ما..
من نواحي القلب ..
أنا اعرف ذلك يا ابي..
واعرفك تماماً..
كما اعرف كل فلسطيني غيركَ
فنحنُ شعبٌ يتقن ابجدية البوح
وهتافات الجرح والنوح !
ينامُ طيفك على خاصرة حلمي ..
فتصحو القيامة..
يدغدغُ صوتك غيمتين غاضبتين..
في وجعي ..
فتلوب سمائي..
وتمطر احرفاً متكسرة
هذي الحكاية ..
فأنا اقسم اني من هذي البلد..
بلد الآبار والعيون..
في الجليل..
حيث يبكي السرو بصمت..
حيث يفوح الياسمين ..
هناك حيث يولد الادب !
فلماذا يا ابي ..
بكت جدتي ، حين ولدتُ..
قالت : خذوها عني ..
"هذي بنت مش ولد"
"وأنا والله يا ستي من هذي البلد"..
واعرّفك عن نفسي ان شئتِ:
أنا امٌ لسبعةِ ابناءٍ يحلمون :
ابني الأول :
قهوتي وهالي المطحون..
والثاني:
مفتاح بيتٍ في بلد غريبة..
والثالث:
قوس قزحٍ من احلامٍ وجنون
والرابع ان شئتِ:
دمعٌ ساهرٌ لا ينام
والخامسُ :
صورَ اقارب وأسرى في السجون
والسادسُ:
كتب ناطقة بضادٍ ونارٍ ونون
والسابع:
رجلٌ من رواية زمني القادم..
في الغرام !
أنا من هذي البلد..
ففي زاوية مطبخي اليمنى..
ينامُ خبزي العربي ..
وفي الزاوية المقابلة..
حزمة زعترٍ ورمانٍ كنّاوي..
وأنا اطبخ مثلكِ تماماً..
بحبٍ وسمنٍ بلدي ..
وبذائقة اللاجئ ..
المتيم الميتم المعذبِ ..
إن يحن !
"وأنا والله يا ستي من هذي البلد
بنت مش ولد "
وتعجبني فيَّ انوثتي ..
وشاماتي ونهدي ..
والرجل الشهم فيّ ..
وطيبة القلبِ ورثتها بالفطرة..
عن ابنكِ رغماً عني
ولي طيفهُ في المنفى
خلٌ وفي !
ما زلتُ في مكانٍ ما ..
فرائحة عطري..
لا زالت معلقةً لديك يا ابي..
عند بابِ البيت ..
هناك تماماً ..
الى جانب حوض النعناعِ والميرميه
والعلّيق المنتحرَ بحسرته ..الميت !
وصورتي المعلقة ..
فوق حائط الصالون وحيدة..
مثلي تماماً..
كأوراق نرجسةٍ حزينةٍ..
أو جريدة !
وصوتي يناديكَ من رام الله..
الى حيفا..
الى جليلنا وارضنا المسروقة..
فهل تسمع؟
ام اني صرتُ المنسية الغريبة؟
يعذبني وجهكَ الغاضب يا ابي ..
كما تعذبني القضية..
فهل من منقذٍ
ينقذ فيَّ نبض الهوية ؟

•رمان كناوي: نسبة الى كفركنا – قرية في الجليل تشتهر بالرمان