أحدث الأخبار
الجمعة 22 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
دور قطر و"الجزيرة" المشبوه وإعادة تأهيل حماس!!

بقلم : راسم عبيدات ... 04.03.2012

بداية علينا أن نعترف بأن التمردات الاجتماعية العربية المتشظية والقائمة على الانفعال العاطفي والوجداني والفوران الجماهيري التائه المفتقد للهوية الفكرية والرؤيا الفلسفية والأدوات المعرفية والأيدولوجية والسياسية والبرنامج البديل والفاقدة للرأس القيادي والعقل المدبر والحاضنة التنظيمية،قد أنتجت شئنا ام أبينا شتاء اسلامياً،والعالم العربي، هو اليوم أمام اتفاق أميركي مع الإخوان المسلمين، وحقبة «إخوانجية» بنكهة أمريكية،مع موافقة أمريكية على قيام دولة الخلافة الراشدة، شريطة رضاها عن الخليفة والمشاركة في تعيينه، وشريطة أن لا يكون شيعياً بالمطلق،وهي بذلك تسقط حجج الإخوان و"التحريرين" والسلفيين و"الجهاديين" والتكفيريين بعدم إقامة دولة الخلافة.
وضمن هذا المخطط وهذا الاتفاق علينا أن نعي وندرك بأن قطر وفضائية الجزيرة القطرية جزء هام من هذا المخطط والاتفاق وتلك الصفقة التي تضمن للأخوان المسلمين الحكم والقيادة في العالم العربي، ما يعرف بحقبة أو مرحلة الشتاء الإسلامي،وبما يضمن خدمة المصالح الأمريكية في المنطقة،وإقامة الدولة الدينية المتحللة من الإلتزامات القومية والهادمة للمشروع القومي العربي،والمذررة والمفتتة والمفككة والمجزئة والشاطرة للجغرافيا العربية والمعاودة بنائها وتركيبها على أساس الثروات والموارد،والمنتجة لسايكس – بيكو جديد على نحو أسوء،ولكون قطر تمتلك أكبر مدحلة إعلامية فضائية"الجزيرة" وما تتمتع به من غنى ومليارات بفعل توفر حقول الغاز والبترول فيها،وكذلك خضوع المرجعية الدينية السنية لتعليماتها وأوامرها "إصدار الفتاوي الموجهة"ممثلة بالشيخ القرضاوي،ولكونها تحتضن اكبر قاعدة عسكرية أمريكية،فقد أنيط بها دور أكبر من حجمها وقدراتها في هذا المشروع،ومن هنا وجدنا قناة الجزيرة وبأوامر وتعليمات مباشرة من المخابرات الأمريكية المركزية"السي أي أيه"،والتي ثبت باعتراف مديرها العام السابق وضاح خنفر علاقتها بالمحطة،فقد أنيط بها هدف مركزي هو صناعة رأي عام وجماهير تثق بها وتؤمن وتصدق ما تبثه من أخبار وتقارير وصور وتغطبة للأحداث،ولتحقيق هذا الهدف والغاية والوصول الى قلوب الناس والجماهير واختراق عقولهم وتغيير أفكارهم ومفاهيمهم وهز قناعاتهم ومعتقداتهم ومبادئهم وغسل أدمغتهم،فقد بدأت الجزيرة مشوارها ومسيرتها ،ليس على غرار منظر ومؤدلج الدعاية النازية "غوبلز" اكذب وثم أكذب وأستمر في الكذب حتى تعتقد الناس بانك تقول الحقيقة،بل من خلال نقل الخبر الصادق والامين في البداية حتى تصبح مصدر ثقة للمشاهد والمواطن،ومن ثم تبدأ شيئا فشيئا دس السم في العسل للمواطن لتصل الى الهدف والمخطط المرسوم،وحقيقة هذا الدور للجزيرة بدات تتضح ملامح خطوطه من خلال التغطية للاحداث على الساحة الفلسطينية وخصوصا بعد الحسم العسكري الذي قامت به حماس في غزة،ليبلغ هذا الدور القذر ذروته في نشر ما يسمى بوثائق ويكليكس والتنازلات الفلسطينية في ما يسمى بالمفاوضات،حيث كان هناك قصدية في تشويه الموقف الفلسطيني،ليس بغرض حماية الحقوق والثوابت الوطنية الفلسطينية والدفاع عنها،بل لغرض دفع الساحة الفلسطينية الى المزيد من الشرذمة والانقسام خدمة لاهداف واغراض امريكية واسرائيلية وحماس"الأخوان المسلمين" بأنها التيار "المقاوم والرافض للتنازلات"والذي يجب أن يكون بديلاً لمنظمة التحرير الفلسطينية،وكذلك منع أي عملية توحد فلسطيني وانهاء حالة الانقسام،ولينكشف هذا الدور التامري بشكل سافر ووقح على قضايا ومصالح الامة العربية،تحديدا في القضيتين الليبية والسورية حيث تحت يافطة وذريع الديمقراطية ومساندة ودعم "الثورات" العربية،البست الأنظمة فيها اثواب الشياطين والمعاداة لمصالح شعوبها ،واشادت بدور قوى"الثورة"والمساعدات العسكرية والمالية التي تقدمها القوى الغربية الاطلسية لهذه القوى في سبيل "حماية المواطنين الابرياء من القتل"،مع عمليات تضخيم وتحوير وتهويل لما يجري،وبث صور مفبركة ومشاهد مرعبة عن جرائم مفترضة تقشعر لها الأبدان ،كما كشفته قناة الدنيا السورية الفضائية عن فبركات أعلامية بثتها قناتي الجزيرة والعربية عن جرائم وهمية إرتكبتها القوات السورية في بابا عمرو بحمص والرستن،ناهيك عن التضخيم والتهويل لحجم المسيرات والمظاهرات والاحتجاجات والقوى المعارضة،ولتتضح اهداف هذا القوى ومعها الجزيرة وجوقة الفضائيات المطبلة من نفس الجوقة بالسيطرة على ثروات ليبيا ووضعها تحت الحماية العسكرية الغربية،والعمل على تقسيم سوريا الى اكثر من دولة وادخالها في اتون حروب اهلية وطائفية ،وإسقاط المشروع القومي العربي ،وبما ينهي الصراع مع اسرائيل ويوسع من عملية التطبيع والعلاقات معها.
أما حمد فدوره تحديدا في المخطط فكان العمل على فكفكة الحلقة الايرانية- السورية – اللبنانية- الفلسطينية،سوريا من خلال العمل على تخريبها عبر تسليح وتمويل ليس فقط قوى الاخوان المسلمين وما يسمى بجيش سوريا الحر ،الذي شكل وأعلن تسمية واحدة من ما يسمى بكتائبه بكتيبة الشيخ حمد،بل عمد الى السطو على مؤسسة الجامعة العربية،واستصدار قرارات عنها بفرض عقوبات إقتصادية على سوريا،ومن ثم العمل على طرد السفراء السوريين من الاقطار العربية،ومحاولة استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي بالتدخل العسكري في سوريا،بعد تأكد حمد وعربان الخليج من فشل بعثة المراقبين العرب التي أرسلت الى سوريا بقرار من جامعة الدول العربية المسطي على قراراتها في فبركة قرار يتفق وما يهدف اليه حمد وعربان مشايخ الخليج والأمريكان،بأن القوات السورية تمارس قتل المدنيين وترتكب جرائم حرب،ولكن الفيتو الروسي- الصيني أفشل المخطط القطري- الخليجي- التركي- الأمريكي- الأوروبي الغربي-وبالتالي تداعت قطر ومعها عربان الخليج وتلك الأطراف الى عقد ما يسمى بمؤتمر"أصدقاء" سوريا في تونس،بتمويل من قطر من أجل استصدار قرار يعترف بما يسمى بالمجلس الوطني السوري كممثل للشعب السوري،وتسليح ما يسمى بالجيش السوري الحر،ولكن ذلك المؤتمر أخفق اخفاقا كبيراً،بسبب الخلافات التي نشبت بين القوى المشاركة في المؤتمر،حيث كان حمد ومعه السعودية يلحون على أمريكا وأوروبا الغربية من أجل تسليح ما يسمى بالجيش السوري الحر،على أن تقوم تلك الدول وفي المقدمة منها قطر بدفع كل تكاليف الحرب على سوريا،وحمد كان يعمل من أجل تضيق الخناق على القيادة السورية،من خلال محاولة إظهار أن القيادة السورية باتت معزولة،ولذلك ضمن الصفقة الأمريكية- الأخوانجية،لم تكن حماس بمعزل عن تلك الصفقة،فمرجعيتها الدينية الشيخ القرضاوي،أفتى بجواز إستعانة ما يسمى بالجيش السوري الحر بالقوى الاطلسية ل"تحرير"سوريا،وشريانها المالي الرئيسي حمد مالياً وأعلاميا وسياسياً يدعم ما يسمى بجيش سوريا الحر،وبالتالي هي كحركة او كأمتداد لحركة الاخوان المسلمين،والتي تاريخياً كانت تشكل الدرع الحامي والواقي للأنظمة من القوى اليسارية والعلمانية،هي تكن كرهاً للنظام السوري،ولكن طبيعة علاقتها وتحالفها مع سوريا،لم تنبع من مواقف مبدئية أو استراتيجية،بل أملتها ظروف وضرورات قسرية،حيث أنه بعد فوز حماس في الانتخابات التشريعية في كانون ثاني/2006،وما استتبع ذلك من فرض حصار ومقاطعة عليها عربية واقليمية ودولية،لم تجد من يحضتنها ويدافع عنها سوى سوريا،حيث وفرت لها ساحة عمل وحركة ومكاتب ومقرات وغيرها،ولكن حركة حماس بعد الشتاء الاسلامي وما حققته حركة الاخوان من نجاحات في الانتخابات في تونس ومصر وليبيا،كانت كل الدلائل والمؤشرات تشير الى أنها جزء من صفقة الاخوان مع أمريكا،وستخضع لعملية تأهيل،حيث عمل حمد على إجراء مصالحة بين حماس والنظام الأردني،في تمهيد لخروج حماس من سوريا،وكذلك رعاية حمد لإتفاق ابو مازن- مشعل "اتفاق الدوحة"حول المصالحة الفلسطينية،وفتح مزاريب المال على حماس،جعل تلك الحركة البرغماتية والميكافيلية تستجيب لحمد،وتغادر سوريا،وتعلن وقوفها الى جانب الشعب السوري و"الثورة" السورية تصريحات هنية من القاهرة،وتصريحات ابو مرزوق والتي تراجع عن جزء منها بعد أن شعر ان قوات ما يسمى بالجيش السوري الحر قد تفككت وانهارت،حيث أعلن أن خروج الحركة من سوريا كان نتيجة للجوء القيادة السورية للحل الأمني ،وأبو مرزوق يعلم جيداً مع الفارق في التشبيه لصالح القيادة السورية،أنه في سبيل السلطة فإن حماس علقت المقاومة الى اشعار آخر،وحظرت على كل فصائل العمل الوطني والاسلامي المقاومة،واعتبرت أن من يطلق صواريخ على الاحتلال غير صواريخها،فقط يخدم الاحتلال؟،وهي كذلك تدرك أنها أول من لجأ الى الحل الأمني والحسم العسكري من أجل السلطة والمصالح الفئوية والأجندات الخارجية،حيث تجاوزت كل الخطوط الحمراء واستباحة الدم الفلسطيني.
حماس اليوم تخضع الى إعادة تأهيل وجراحة على يد حمد والاخوان المسلمين،من أجل أن تعود الى مكانها الطبيعي،ولكي تكون جزء من النظام السياسي العالمي،والصراع حتى اللحظة الراهنة لم يحسم في داخلها،فهناك أقلية تريد أن تشكل حزباً سياسياً كما هو الحال في مصر والأردن يجنبها الاعتراف باسرائيل والاتفاقيات الموقعة معها،وأغلبية تريد لها أن تكون جزء من حركة الأخوان المسلمين وتستجيب بالكامل لشروط حمد والتي هي شروط أمريكا واسرائيل،تصريحات مشعل حول المقاومة السلمية وقبول ابو مازن رئيس للوزراء في حكومة وفاق وطني أو تكنوقراط،بأن يجري الاعتراف والتعامل معها كما هو الحال مع بقية قوى الأخوان في الاقطار العربية الأخرى.

القدس- فلسطين