بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 21.06.2012
حاولت ان اتصور حال العرب والوطن العربي من خلال مجرى التاريخ والاحداث فتصورت انسان غريق كل ما حاول الخروج من دائرة الغرق وجد من يزج به ثانيه الى عمق الغرق وفي اطار هذا التصور عدت بذاكرتي الى بيروت الثمانينات والسبعينات وتقسيمات الغربيه والشرقيه والدمار الهائل الذي لحق انذاك بباريس الشرق ولبنان ومن ثم مررت بذاكرتي الى بغداد الرشيد بعد عام 2003 وسماءها تمطر جثث قيل عنها انذاك مجهولة الهويه واخذتني خارطة ذاكرتي الى طرابلس الغرب وسِرد ليبيا التي دمرت على راس اهلها2011 وتذكرت فلسطين ومخيم جنين عام 2002 ومن ثم حطيت رحالي في دمشق الشام حيث يشتعل حريقا جديدا في نقطة وبؤرة جديده من خارطة الوطن العربي; والواقع المر أننا لم نتعلم كثيرا من ويلات وهول ما اصابنا من حروب اهليه وحروب استكباريه احتلاليه دمرت بالكامل دول وجيوش عربيه و قتلت وشردت ملايين من البشر ودمرت مستقبل ملايين اخرى..حروب خلفت وراءها مأسي واحقاد وضحايا وفقر وعوز ودمار وطني واجتماعي شامل لابل انها حروب قد كسرت جِرار ولم تتمكن من إعادة تركيبها او صناعتها من جديد..نعم.. نعرف وندرك تماما ان الطغاه لا يرون في الاوطان سوى مصدر رزق وسلطه وما الشعوب بالنسبه لهم سوى جموع بشريه تعيش على بقعة جغرافيه اسماها الطغاه بالدوله وهي الدوله التي تحكمها عصابه اوعائله اعمَّت عيونها عظمه السلطه والتسلط والمناصب التي توزع على الحاشيه وهذه الحاشيه الفاسده بدورها ملكت و تملك المال والادوات لقمع واستعباد الشعوب وهي مستعده كما يبدو ان تقاتل حتى النهايه تحت مقولة " علينا وعلى اعداءنا" وتحت شعار " اما بقاءنا او دمار الوطن" وهذا هو الجاري اليوم كما يبدو في سوريه ولا يبدو ان المسؤوليه تقع فقط على النظام الحاكم لابل ان ما يسمى بالمعارضه تشارك في صناعة الكارثه!!
كل الدلائل تشير الى ان سوريه تنزلق بخطوات متسارعه نحو حرب اهليه قد تطال نيرانها دول عربيه مجاوره,حيث صرح مسؤول عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة إيرفيه لادسو ألثلاثاء الماضي، بالقول أن “سوريا الآن في حرب أهلية و أنه يمكننا قول ذلك . من الواضح أن ما يجري هو أن حكومة سوريا فقدت السيطرة على أنحاء واسعة من أراضيها، على مدن عدة، لصالح المعارضة وهي تحاول استعادة السيطرة عليها”.. واضح ان الحريق ينتشر بسرعه وواضح ان سوريه تحترق في اتون نار النظام والمعارضه والفعل وردة الفعل ..واضح تماما ان الثوره السوريه اللتي بدأت سلميا قد تحولت الى صراع مسلح على السلطه بين نظام متشبث بالسلطه ويملك السلاح وبين معارضه بدأت تتسلح باسلحه نوعيه وكميه وتلقى دعم خارجي ومن الواضح ايضا ان ساحة الصراع وميدان المعركه اخذ في التوسع والانتشار على طول وعرض جغرافيا سوريا وخارج سوريا حيث طرابلس لبنان الجالسه على فوهة بركان طائفي.. في سوريا اليوم لا صوت يعلو على صوت الرصاص في ظل المجازر المتتاليه وهنالك قوى خارجيه وداخليه تؤجج الصراع عنوة ولا تريد لسوريا سوى الدمار والخراب وديمومة الاحتراب الداخلي اللتي تدفع وستدفع سوريا الشعب وسوريا الوطن ثمنه دما وخرابا ودمارا.. في سوريا يرسم النظام والمعارضه معا خارطة الكارثه الوطنيه السوريه .. خارطة الحرب الاهليه والطائفيه..في سوريا تداخلت التدخلات ودخلت القوى الامبرياليه والرجعيه العربيه على الخط حيث تفيد الانباء الى أن السعودية وقطر تسلحان مقاتلي ما يسمى ب "الجيش السوري الحر"، وهذا ما سيأجج الصراع المتواصل منذ 15 شهرا ..حتى اسرائيل مغتصبة الارض العربيه والسوريه تذرف دموع التماسيح على الشعب السوري وتراقب الوضع عن كثب ناهيك عن دور امريكا ودورها السئ في احداث سوريا وفي احداث ماجرى ويجري في العالم العربي المهدد بحروب اهليه ليس في سوريا فحسب لابل ايضا في ليبيا المدمره والمقسمه ومصر بوجود الفلول في سباق الرئاس واليمن بعد خديعة الشعب والثوره والعراق اللذي قسمته امريكا طائفيا ودمرت بنيته ونسيجه الاجتماعي والديني ناهيك عن البحرين الذي يروج فيها النظام بكون الصراع طائفي..
..هنالك اشكاليه سياسيه ووطنيه قائمه في العالم العربي وهو ان الانظمه هي صاحبة الخيارات التي صادرت حرية الشعوب على مدى عقود ونحن نعتقد انه لو كان خيار الاصلاح واستبدال السلطه مطروح على اجندة الطغاه لما وصلنا لحروب اهليه ولا لتدخلات اجنبيه والكارثه ان بعض الانظمه العربيه كسوريا مثلا غلفَّت وجودها بشعارات وطنيه وقوميه فيما كانت قوتها العسكريه والمخابراتيه والقمعيه ترتكز فعليا على الطائفيه وحتى ولو افترضنا جدليا ان النظام السوري ليست طائفيا لكن في الواقع الجاري سيجد الشعب السوري المذبوح صعوبه كبيره لتصديق هذا الطرح في ظل المجازر الحاصله وتورط الجيش السوري النظامي في الحرب الدائره بين الشعب والنظام.. الحرب في سوريا تأخذ منحى طائفي وعرقي بغيض يشبه الى حد بعيد الحرب في البوسنه والهرسك وكوسوفو وكرواتيا في تسعينات القرن الماضي ودور الصرب في هذه الحرب ونهايتهم في كوسوفو وكرواتيا..نهايتهم كانت الطرد والتشريد دون ان يتعاطف احدا معهم بسبب تورطهم في مجازر بشعه وحرب تطهير عرقي.. الحاله السوريه والمجازر اليوميه وجرائم الشبيحه والاغتصاب تذكرنا فعلا بافعال الصرب في البوسنه والهرسك ..صربيا الدوله استوعبت كثير من المجرمين الصرب وكذلك الابرياء الهاربين في اعقاب انتهاء الحرب والسؤال المطروح اين سيجد شبيحة النظام السوري ملاذا لهم بعد ارتكاب الفظائع ودمار سوريا؟ .. هؤلاء اللذين يرتكبون الفظائع يدمرون وطنهم باياديهم ويضعوا خطوط اللا عوده واللا ملاذ لشريحه ليست بصغيره من الشعب السوري..شخصيا[ الكاتب] لا اريد التصديق ان شبيحة النظام ينحدرون فقط من طائفه واحده ولا اريد التصديق بهذا الانتحار الطائفي والجماعي اذا كان الامر صحيحا بانحدار الشبيحه من طائفة رئيس النظام السوري..ما لم يستوعبه البعض الغارق في برك الدم في سوريا هو بانهم يخطون خطى نحو اقتلاع الذات من الوطن ويضعون الاساس لنهايه مأساويه لسوريه الوطن و للبعض الذي شارك ويشارك في الفظائع... الذاكره والهويه الجماعيه ولربما طبيعة البشر " الانتقاميه" لا ترحم طائفه او جماعه ارتكب اعضاء منها فظائع بحق جماعات اخرى والحكم على هذه الجماعه سيكون قاسيا سواءا على المجرمين او الابرياء في صفوف هذه الجماعه او الطائفه , والتاريخ فيه امثال حيه كثيره وليس فقط حرب البوسنه والهرسك وكرواتيا وكوسوفو ونهاية الاقليات الصربيه في هذه الدول والمناطق..لم يشارك كل الصرب في فظائع الحرب, لكنهم تشاركوا وتقاسموا جميعا نفس المصيرالمأساوي بعد ان وضعت الحرب اوزارها..!!
في سوريا التي تنزلق يوما بعد يوم عمقا في مستنقع الحرب الاهليه والطائفيه الامر صار اخطر من خطير والبلاد تجلس على فوهة كارثه وطنيه يشارك فيها النظام والميليشيات المسلحه والدول الاقليميه والعالميه..السلاح بدأ يتدفق على البلاد وحامليه في تكاثر وعدد الضحايا والمجا زر في تزايد والاتهامات في تزايد بين جيش النظام وجيوش المعارضه حول المسؤوليه عن هذه المجازر ..واضح ان هنالك فوضى عارمه بدأت تجتاح البلاد وهنالك هيشه كبيره من الاخبار والاقاويل والاكاذيب والحقائق على الارض اللتي تفرض الفرز والانشقاق بين مقومات ومركبات الشعب السوري مما يزيد الطين بله والمواجهه تصبح اكثر دمويه وماساويه..كثير من وسائل الاعلام العربيه اججت الصراع ولم تعقلنه وتحصره في مسار ثوري لشعب واحد ثائر على نظام حكم واحد .. تحريض ثوري مسؤول وتحريض طائفي مدمر...معقل ومعاقل النظام شئ ووجدان وعقلانية الشعب شئ اخر...شعب سوري ام طوائف سوريه...سوريه الشعب والوطن ام سوريا النظام والطائفه..هذا هو سؤال بيت القصيد... الذي جرى ان سوريا دخلت مربع نقطة اللا عوده في تدمير الذات...شراكه بين المعارضه والنظام في رسم خارطة الكارثه والنهايه الماساويه القادمه...!!
من المؤسف القول ان وحشية النظام وفظائعه وتسليح المعارضه بالاضافه الى الهجمات الانتحاريه كلها عوامل تزج بسوريا نحو حرب اهليه طاحنه حطبها وزيتها كان وسيكون الشعب والوطن السوري بكل طوائفه واطيافه واماكن تواجده الجغرافيه والطائفيه.. نحن نتحدث عن التواجد الجغرافي السكاني وفقدان الدوله السيطره على اجزاء واقسام من هذه الجغرافيا والمناطق يعني سيطرة المعارضه عليها وانطلاقها نحو المزيد من المناطق واتساع رقعة الحرب وبالتالي وكما تشير الانباء الوارده من سوريا هنالك بوضوح بوادر فرز جغرافي وديموغرافي بين مركبات الوطن السوري والدوله السوريه وهذا ما يعني نظريا وعمليا ان الصراع اخذ الان طابعا عسكريا ومناطقيا واخذ شكل مواجهات داميه وحرب كر وفر بين النظام وجيش المعارضه...النظام لم يعد يسيطر على جميع المناطق مثلما كان الحال قبل 15 شهرا..فقدان السيطره يعني ترسيخ واقع جديد على الارض وهو تقاسم النظام والمعارضه السيطره على مناطق معينه واستمرار الصراع حول المزيد من فقدان السيطره او اعادة السيطره على بعض المناطق من قبل النطام..عنصر جغرافي وديموغرافي مهم من عناصر و مقومات الحرب الاهليه زد على هذا عنصر الجهوزيه القتاليه ومستوى تدريب قوات المعارضه وميزان القوه بين الاطراف المتحاربه...في سوريا بدأت الامور تاخذ بعدا اقليميا وعالميا ومذهبيا والامور خرجت عن سيطرة النظام والمعارضه.. هنالك تحالف بين النظام السوري وايرانوحزب الله وميليشيات عراقيه شيعية وفي المقابل تحظى المعارضه بدعم دول الخليج والغرب والقادم هو دمار وحرب بين معسكرين....سوريه... خارطة الكارثه:سوريه والحرب الاهليه.. والسؤال المطروح من سينقذ سوريا من الكارثه وهل توجد قوه وطنيه سوريه وعربيه لحسم الامور ووقف مسلسل الدمار الجاري؟ ..نتمنى ان يهب كامل الشعب السوري في ثورة تصحيح المسار وانقاذ الوطن من النظام والمعارضه في ان واحد.. ان يرسم الشعب السوري خارطة طريق لانقاذ سوريا من الكارثه الحاصله والقادمه؟!