بقلم : الاب منويل مسلم ... 08.02.2013
يا قدسُ، يا مدينةَ الأحزان*
يا دمعةً كبيرةً تجولُ في الأجفان
من يوقفُ العدوان؟
عليكِ، يا لؤلؤةَ الأديان (1)
من المسيحيين الفلسطينيين العرب،
الى من يهمهم الامر في العالم العربي والاسلامي – السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ننظر بكل جوارحنا الى الاقصى المبارك كل حين. امتدت اليه يد الصهاينة تحمل المعول. وقد وقف الاقصى وحيدا صارخا مناديا: "يا عرب ، يا مسلمون أنا في خطر.ها ان الفأس قد وضعت على اصولي."
افهموا ياعرب:
نحن على اسنة الرماح وقد ادمانا الاحتلال الطويل. صحيح اننا جائعون وعطشى وخائفون وفي السجون والمنافي. لكننا اهل الرباط ليوم الدين لا نخاف الخوف ونبحث اولا عن حريتنا وكرامتنا وحقوقنا وقدسنا ومقدساتنا او نموت دونها.
افهموا ياعرب،
"لا حجار الصخرة ولدت ذليلة وعمدان الاقصى ما هي اسيرة
حرة وحارسها عينه بصيرة للرب الواحد هي مرهونة" (2)
الاقصى اكبر منا جميعا واعزّ منا جميعا وهوفي ضمير شهدائنا الاكرمين منا واسرانا البواسل وجرحانا المتالمين وابنائنا البررة. ولا معنى للعرب بدون الاقصى.
افهموا ياعرب،
قد هالتنا نكبة شعبنا باقتلاعه من ارضه لاحلال شعب آخر بديلا عنه. عشنا الشتات ماضيا ونعيشه حاضرا. بل ان شتاتنا اليوم صار مركّبا . يشددون الخناق علينا وعلى ارضنا ومقدساتنا فنحن وهي في سجون تحولت الى جحيم، والهدف: الشعب الى الشتات والارض لاسرائيل ضما واستملاكا.
افهموا يا عرب،
في وسط محيط الظلم المتلاطم حولنا ، شتات آخر يهددنا في اخلاقيات الافراد والاسرة والمجتمع والاقتصاد والدين والاعلام والتربية والتعليم والسياسة، مما يهدد كرامتنا بل بقاءنا ايضا.
"و إنما الأمم الأخلاق ما بقيت *** فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا" (3)
زد ما يُدبّر لهذا الشعب من مكائد وما تسبقها من مقدِّمات، في ظل وجود إرادة دولية سافرة تساندها للعبث بالوحدة الوطنية الفلسطينية، والنيل من تماسك البيت الداخلي.
لذلك فاننا :
ننادي المسلمين والمسيحيين في العالم ونقول: "القدس تنازع" . فاما ان تحملوا اليها الدواء وانتم تعرفونه، والمثل يقول:
"ولو عرف الطبيب دواء داء يرد الموت ما قاسى النزاعا"(4)
او تحملون المعول والرفش والاكفان تحفرون خندقا تدفنون انفسكم فيه.
ننادي بهبّة سياسية اسلامية وعربية ومسيحية بوقف فوري لجميع اجراءات الحفريات تحت المسجد الأقصى وحوله وإقامة كنس يهودية تحته وفي جوانبه، مما يهدد باندلاع عنف شديد وجرائم حرب مركبة يعرض الوجود المسيحي والإسلامي في مدينة القدس أما للقتل او الترنسفير او الاذلال. وان حدث – لا سمح الله – فانه سيهدد الأمن والاستقرار ليس في المدينة المقدسة فحسب بل في كافة دول الجوار ومثلها في أرجاء العالم. والخطر الذي يهدد الاقصى يهدد طريق الالام والقيامة والمقدسات المسيحية كلها.
ننادي العرب كل العرب ان يحركوا الزمن المتوقف عند ابواب الخيام. وهم قادرون على ذلك ويعرفون المفاتيح. فمنذ 65 عاما وقضية فلسطين عالقة وشعبها محاصر يحتاج الى كل مقومات التنمية منذ تاريخ نكبته. وليفرضوا قرارا على صانعي القرار في العالم بحل عادل شامل ودائم لقضية فلسطين ولاجئيها ومقدساتها وشتاتها وتقرير مصيرها واقامة دولتها.
ننادي شعبنا ان يحافظ على وحدته الوطنية وتحقيق المصالحة بين الفرقاء. "فالعرب لا يهزمون من قلة وانما يهزمون من تفرقة".(5)
ننادي العالم بوأد الفلسفة العنصرية الصهيونية وخفض سقف تسلح الجيش الاسرائيلي ونزع اسلحة الدمار الشامل.
وفي الوقت ذاته:
نلفت الانتباه إلى حقوق العرب المسلمين والمسيحيين في الأماكن المقدسة ، ومن العدالة أن يعترف الجميع بها ويحترمها.
"ان المسيحيين والمسلمين في العالم كله ، مشدودة قلوبهم إلى هذه البلاد الفلسطينية. فان أعطي القسم الأكبر منها للشعب اليهودي فسيكون ذلك بمثابة صفعة لتعلّقهم الروحي بهذه الأرض. وان أصبح الشعب اليهودي هو الأكثرية فان ذلك يعتبر تدخلا في الممارسة السلمية لتلك الحقوق التي يتمتع بها اهل هذه الأرض المقدسة".(6)
نلفت انتباه المؤمنين في العالم أن يولوا الأوضاع في فلسطين كل الاهتمام ، وان يعرف حكام جميع الدول مطالب شعبها المشروعة بطريق ايجابية لا لبس فيها.
نلفت الانتباه الى ما في قلوبنا نحن شعب فلسطين من اماني وامل ورغبات لتنظيم الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بطريقة عادلة يفيد منها الجميع دون ان يُحرم انسان واحد من حقه، لان الجميع يتوقون الى حياة حرة كاملة تليق بالانسان.
نلفت انتباه المجتمع على احترام الانسان وحياته وكرامته. وان كل ما يضاد الحياة نفسها ، هي اعمال مشينة تلحق العار بالذين يتعاطونها اكثر مما تلحقه بضحاياها.
نلفت انتباه المؤسسات الخاصة والعامة لتكون في خدمة كرامة الانسان ومصيره. وفي الوقت ذاته ان تقاومّ بقوة وفاعلية كل انواع الاستعباد السياسي والاجتماعي. وتحافظّ على حقوق الانسان الاساسية في ظل كل نظام سياسي.
خاتمة :
السلام الشامل والدائم يرتكز على العدالة. وحقنا في الاقصى مقدس و الاعتداء عليه ياتي بالحرب لا بالسلام.
علينا نحن العرب ان نشكل نواة عدالة تحفظها قوة الحق ونحيطها كما تحيط الصدفة باللؤلؤة.
الموت للموت والحياة للحياة
والقدس تسلم عليكم فاسلموا.
الاب منويل مسلم
(1) نزار قباني
(2) الاب منويل مسلم
(3) احمد شوقي
(4) عنترة بن شداد
(5) ( خالد بن الوليد في معركة اليرموك).
(6) البابا بندكتوس الخامس عشر سنة 1922