بقلم : علي الكاش ... 25.12.08
لا اعتقد ان احدا يخالفنا الرأي في أن قضية منتظر شغلت الرأي العام العالمي وستبقى تشغله ردحا من الزمن مهما حاوت الولايات المتحدة بماردها الأعلامي الضخم أن تخفف من وطأة الزلزال الزيدي الذي هز امريكا في عقر دارها وتعداها ليهز بقية دول لعالم، لقد تحول الرئيس بوش جراء فردتي حذاء منتظر من الغول المخيف الى الصعلوك السخيف، واللطيف ان تنتهي رحلته السياسية بهذه الطريقة المهينة ليس على مستوى شعوب العالم التي تكره الوجه الأمريكي القبيح بل تعداه الى زعماء دول العالم الذين ما برحوا يتخذون من الرئيس بوش مقبلاتا لنوادرهم ووجبة دسمة لسخريتهم, ففي اجتماع زعماء امريكا اللاتينية الذي حضره رؤساء(33) دولة أفتتح الرئيس البرازيلي لوتيس ايتاسيو لولا الجلسة بكلمة مقتضبة جاء فيها " من فضلكم لا يخلع أحد منكم حذائه " وفي الوقت الذي ضجت فيه القاعة بالضحك اعطى الكلمة للرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز مهددا أياه " سأرميك بفردة حذاء إذا تجاوزت الوقت المحدد"!
لا نبالغ إذا قلنا ان منتظر الزيدي فعل ما لا تفعله أقوى أسلحة التدمير الشامل التي كان يبحث عنها الرئيس الأمريكي في العراق ولم يخطر بباله ان هذا السلاح الذي كان يخشاه لم يكن سوى فردتي حذاء اعادت للأنسان العربي ثقته بنفسه ومجده التليد وفتحت عيون العالم على معاناته. ولا نبالغ أيضا عندما نقول ان عدد المنتقدين لهذا الحدث التأريخي لم يتعدى أصابع اليد على المستوى الرسمي العراقي وهم حفنة من العملاء الذين يشبهون حذاء منتظر بلا قيطان أي لا يحلون ولا يربطون، وكذلك على المستوى العربي والعالمي حيث تكاد النسبة لا تقارن بل هي فاجعة كما رأينا على مستوى الزعماء أما الشعوب فالنتيجة من المخزي ان يناقشها احد عندما أنهالت الإشادات والاوسمة وعروض زواج على منتظر، انها مشاعر عفوية تعبر عن أمتنانها لمنتظر بالشكل الذي تراه وقد اسعدتنا بتنوعها وتشكيلها والوانها الزاهية وقيمتها المعنوية.
الحقيقة ان بعض العملاء التزموا جانب الصمت تجاه الحدث فلم يعارضوا وهو الموقف الذي يليق بعهم كعملاء ! ولا أيدوا وهو الموقف الذي لا يليق بهم بتاتا لأننا سنعتبره نوعا من المزايدات المكشوفة التي نحن في غنى عنها بعد أن اغنانا منتظر وجعلنا من الأثرياء، لم يكن الصمت نوع من الصدمة لأن الذي صدم حقا منها وهو الرئيس بوش إستفاق وعلق عليها فكيف بمن كان بعيدا عن مسرح الحدث رغم يقينه انه سيتلقاها مستقبلا؟ السبب كان التضامن الشعبي الرائع مع منتظر والذي تجلى بوضوح على كل الأصعدة في مختلف دول العالم من زعماء وسياسيين وبرلمانيين واتحادات ونقابات وهيئات بإنشطة مختلفة، لذا ليس من المنطق أن يقف أحد امام هذا الموج الشعبي الهادرلأنه سيجرفه بقوه ويرميه جانبا موحلا بالشوائب ومحطم الأضلع، والسبب الآخر هو الأنتخابات القادمة فمن الغباء ان تضيع الكتل أصوات عديدة باعلانها موقفا معارضا لمأثرة منتظر، فالعراقيون مهما اختلفوا في بعض الأمور التفصيلية فأن الخطوط العامة تجمعهم والموقف الشعبي من منتظر واضح تجلى في التظاهرات التي شهدتها معظم المدن العراقية التي أيدت منتظر وطالبت حكومة الإحتلال بالإفراج عنه.
وطالما ان الدولة تبوق بإنها " دولة القانون" وهو الشعار الذي رفعه حزب المالكي في الأنتخابات القادمة فان مسألة منتظر هي الإمتحان الحقيقي للمالكي لكشف مدى إلتزامه بالشعار الذي اعلنه وإلا فأن حزبه مهدد بالأنهيار وسيفقد سمعته وقاعدته الشعبية المحدودة جدا، في حين ان التزامه الوطني تجاه منتظر من شأنه ان يرفع رصيده ورصيد الحزب في البورصة الشعبية، إنها فرصة ذهبية لا بد للمالكي من إقتناصها.
بمعنى أدق ان مسألة منتظر أصبحت هي السيف القاطع بين الصح والخطأ وبين الحق والباطل وبين الصدق والكذب وبين الألتزام والتهرب، ومن المؤكد انها ستنعكس على الأنتخابات القادمة وتقرر مصير الكثير من القوائم لذلك فأن حذاء منتظر تجاوز الرقعة الجغرافية لرأس بوش ليصل الى زعماء رؤوس بعض القوائم التي ينطبق عليهم المثل" بين حانه ومانه ضاعت لحانا" فقد سبب لهم منتظر ارتباكا غير متوقع وصداعا لا يعالج, با إنه دحس موسا حادا في أفواههم ان بقي جرحهم وان أخرج جرحهم أيضا، سيما ان رصيد منتظر يزداد يوم بعد آخر وقد انهالت رسائل التهديد والوعيد لكل من تعرض لمنتظر وضربه مما حدا للبعض المتهم بضربه أن يعلن للرأي العام بأنه لم يكن حاضرا الأجتماع أو أنه بريء من ضربه.
ما يحز في النفس ويترك مرارة على الشفاه وقوف حرس الرئيس الأمريكي كالاصنام دون ردة فعل في حين يشارك الحرس العراقيون وبعض الأعلاميين بضرب شقيقهم وزميلهم مقدمين بذلك نموذجا حيا لأنهيار الأخلاق وموت الضمائر وضحالة العمالة، لقد شاهد العالم بأجمعه ديمقراطية العراق الجديد من خلال ضرب صحفي تسمح له الديمقراطية المزعومة بأن يعبر عن سخطه بالشكل الذي يراه وليس بوش فقط من تعرض من الرؤساء للأهانة فكثير منهم تلقى البيض الفاسد والطماطم من شعبه مع اعترافنا بأن الرئيس بوش يحتفظ بحقوقه الكاملة من حيث انه الرئيس الوحيد الذي صافحت وجهه الأحذية.
كان عملية ضرب منتظر إهانة لمشاعر كل العراقيين ولا أعتقد ان أي عراقي سينسى هؤلاء الأوغاد الذين ضربوا منتظر والمستقبل سيكون شاهدا على كلامنا، وان كان منتظر خضع للمحاكمة بسبب إهانته الرئيس بوش فمن الأولى بالمحكمة الضالة وقاضيها الذليل ان يحاكم كل من أعتدى على منتظر كي يكشف لنا عن نزاهته ونزاهة قضائه مع شكوكنا بذلك. سيما ان الأشخاض الذين اعتدوا على منتظر يمكن معرفتهم من خلال الفيلم الذي عرض وإستجواب بقية الحضور، إما الجبناء الذين اعتدوا عليه خلف الكواليس فأننا نطالب بمثول إبراهيم الجعفري أمام القضاء لأنه صرح بكل صفاقة وقباحة " لقد جعلنا منتظر يبكي كالنساء" !
إنها الرجولة بمعناها الشفافي الجديد للخونة من أمثال الجعفري كما صورها له عقله السقيم ، ربما هي نفس الرجولة التي جعلته يقدم سيف ذو الفقار الى أكبر المجرمين في العالم رامسفيلد الذي سيمثل للقضاء في بلده بسبب جرائمه في العراق وغوانتينامو، سيف الإمام علي كرم الله وجهه يلطخ بهذه الصورة البشعة ويسلم الى ارذل مجرم عرفه العراقيون والعالم وما تزال يديه ملطخة بدماء العراقيين، والله تحدثني نفسي بأن الإمام كرم الله وجهه وخلق ليبكي الجعفري فعلته الشنعاء، عجبي على أشباه الرجال وهم يتحدثون عن بطولات مزعومه سرعان ما تظهر حقيقتها وتتحول الى تخاذلات عفنه في فم أبطالها الموهومين، خسئت أيها المجرم فالعراقيون لم يصفحوا لك السيف المدنس بعد ولكن غبائك وشفافيتك السرابية أوقعتك في شر أعمالك وفي فخ آخر، الأول سماوي على يد الأمام والأخر أرضي على يد منتظر فلا طلت السماء ولا ثبت في الأرض فهل من عار بعد هذا؟
إنظر أيها الجعفري لعقلك الذي تجاوز شهادة الدكتوراة كما تدعي ولكنه لم يتمكن من تجاوزعقل مجنون بتصرفه! النساء لا تبكي إلا عزيزه، ودموعها صادقة وهي تعبرعن الألم الذي يختلجها في الأعماق فتجد فيه متنفسا لتفريغ شحناته وإلا قتلها، انه نعمة من الرحمن لتهدئة الوجدان، ولا يتشفى بالدموع الا من فقد الحياء والغيرة. المرأة تذرف الدموع الساخنة على زوجها وإبنها وحبيبها وأبيها وأخيها وقريبها ! فأين أنت من مغزى الدموع التي إنسابت على قلبك الضاميء كالماء الزلال عندما أوقدت حكومتك بتحريض رجال الدين من أمثالك نار الفتنة بعد تدمير العتبات المقدسة في سامراء، هل تعلم مقدار الدموع التي إنسابت لتشكل نهرا ثالثا يوازي نهري دجلة والفرات في مستواه؟ وهل تعلم ان الجسر الوحيد الذي شيدته حكومتك البغيضة كان جسر التنهدات.
أن ابكيتم منتظر فلا فخر لكم بهذا لأن منتظر ابكى العالم بدموع الفرح، ولا أظن فاتك مرأى المرأة البطلة- التي تسخر من دموعها لبلاهتك - عندما أطلت من بيتها لتهلهل وعيونها تذرف بدموع الفرح ولدها وهي تراه يسقط تحت أقدام الطغاة والخونة يركلونه كالحمير، إنها أم منتظر وصدى هلاهلها سيبقى داويا في رؤوسكم الفارغة كدوى الطبول تقلقكم نهارا وتحول ليلكم الى كوابيس، أما نحن الذين لا نعرف كيف نهلهل فنكتفي بالتصفيق حتى تدمى أيادينا وإن أدميت، عنئذ سنتذكركم ونصفق لكم ولكن بالأحذية هذه المرة.
غلطتان ارتكبتها بحمق منقطع النظير احدهما بحق الأمام علي(رض) والأخرى بحق منتظر ولا اعتقد ان العراقيون سينسونها وستلمسها قريبا في نتائج الإنتخابات فمن ينتخب قائمتك لا يحب الأمام ولا اولاده واحفاده ولا يحب منتظر أيضا.