بقلم : نقولا ناصر ... 14.1.09
(بالرغم من اهمية الدعم السياسي والدبلوماسي الاميركي للعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة فان الدعم العسكري الذي لا يحظى باضواء الاعلام لا يقل اهمية)
عندما يطالب ممثلو هيئات دولية محترمة محايدة مثل الصليب والهلال الاحمر ووكالات متخصصة تابعة للامم المتحدة مثل المفوضة السامية لحقوق الانسان نافي بيلاي ووكالة الاونروا لاغاثة اللاجئين الفلسطينيين وغيرهم كثيرون يمثلون المنظمات الانسانية غير الحكومية بفتح "تحقيق في جرائم حرب وانتهاكات حقوق انسان محتملة في غزة" ، كما قالت بيلاي يوم الجمعة الماضي ، ويخرج العالم من النرويج الى تشيلي مرورا بلندن والبحر المتلاطم من ملايين البشر الذين اغلقوا شوارع العواصم والحواضر العربية والاسلامية احتجاجا على المجزرة التي ترتكبها قوات الاحتلال الاسرائيلي في القطاع المحاصر منذ ثماني سنوات وتشذ عن ذلك واشنطن فقط لكي لا تلوذ بالصمت فحسب -- والصمت في هذه الحالة هو في حد ذاته موقف مثير للاشمئزاز والسخط -- بل لتجاهر سلطتاها التنفيذية والتشريعية بتاييدها ودعمها للعدوان باعتباره دفاعا اسرائيليا عن النفس ، ليخرج بالرغم من ذلك من يتساءل في العاصمة الاميركية عن اسباب العداء المستشري لاميركا في الوطن العربي والعالم الاسلامي !
فالكونغرس الاميركي الذي اجاز قرارين "غير ملزمين" من مجلسيه ، الشيوخ يوم الخميس الماضي وبالاجماع ، والنواب في يوم الجمعة التالي بمعارضة خمسة اصوات وامتناع 22 نائبا عن التصويت ، قد انضم الى الرئيس جورج بوش الابن في دعم العدوان الاسرائيلي باعتباره "دفاعا عن النفس" وجزءا من "الحرب على الارهاب" لان اطلاق الصواريخ من القطاع "عملا ارهابيا" يتطلب وجود "اليات مراقبة" دولية على الارض تمنع تهريب الصواريخ عبر الانفاق كشرط مسبق لوقف العدوان ، مما دفعه ليل الخميس الماضي الى اصدار تعليماته لوزيرة خارجيته كوندوليزا رايس بالامتناع عن التصويت على قرار مجلس الامن الدولي رقم 1860 ليضعها في موقف شخصي محرج امام نظرائها العرب بخاصة بعد ان اضطرت الى التخلي عن القرار الذي اقترحت هي نفسها مسودته وكانت فاعلة رئيسية في صياغتها . ان شبه اجماع السلطتين التنفيذية والتشريعية على الموقف نفسه يعكس اجماعا بين ادارتي بوش الراحلة وباراك اوباما المقبلة وبين الحزبين الجمهوري والديموقراطي على مواصلة الانحياز لاسرائيل ظالمة او مظلومة كثابت في السياسة الخارجية الاميركية يحول واشنطن عمليا الى شريك لدولة الاحتلال الاسرائيلي في كل مغامراتها العدوانية والتوسعية بكل ما تنطوي عليه هذه المغامرات من جرائم حرب وانتهاكات صارخة للقانونين الدولي والانساني .
بعد انهيار الاتحاد السوفياتي السابق اواخر القرن العشرين الماضي تقلصت اعداد من يستعدون الولايات المتحدة لاسباب ايديولوجية الى الحد الادني بحيث لم يعد عديدهم بين العرب والمسلمين يزيد على قلة قليلة نخبوية استطاعت العولمة الراسمالية التي تقودها واشنطن استيعاب الكثيرين منهم في واجهاتها الليبرالية التي تتاطر في المنظمات غير الحكومية المعنية بخوض معارك دينكوشيتية دفاعا عن حقوق وحريات فردية للانسان والطفل والمراة وغير ذلك في اوطان صادرت الهيمنة الاميركية سيادتها الوطنية وارادة شعوبها الحرة في تقرير مصيرها اما بالغزو والاحتلال المباشرين كما في العراق او بالغزو والاحتلال بالوكالة الاسرائيلية كما في فلسطين وسوريا ولبنان او بالحصار والعقوبات الاقتصادية والامثلة العربية والاسلامية على ذلك عديدة ، بينما اختار النظام العربي الرسمي كدول تجزئة منفردة وكمنظمة اقليمية ممثلة بجامعة الدول العربية ، ومثله النظام الاسلامي ممثلا بمنظمة المؤتمر الاسلامي ، اتقاء شر انفراد القطب الاميركي الاوحد في صنع القرار الدولي بالتساوق او التقاطع او الخضوع الصريح لاستراتيجيته العالمية والاقليمية على حد سواء ، باستثناءات معدودة على الاصابع ، لكن بالرغم من ذلك فان الادارات الاميركية ، بغض النظر عما اذا كانت قيادتها ديموقراطية او جمهورية ، تبدو حريصة على تفسير واحد لهذه "الواقعية" السياسية العربية والاسلامية وهو انها واقعية الضعفاء فحسب لكي توغل هذه الادارات في مكابرتها في اثمها السياسي وصلف قوتها العسكرية وانحطاطها الاخلاقي ، وليس موقفها من العدوان الاسرائيلي على عرب فلسطين ومسلميها في قطاع غزة الا المثال الاحدث الذي لم تتورع فيه عن المجاهرة بانحيازها للجلاد ضد الضحية دون حتى ان تحاول الاقتداء بالحكمة العربية الاسلامية التي تقول ان بليتم فاستتروا ، ولو في الاقل حماية لصدقية حلفائها واصدقائها امام شعوبهم بدل ان تستغل اهتزاز هذه الصدقية لاستغلال ضعفهم السياسي الناجم عنها من اجل ابتزاز المزيد من التنازلات من هؤلاء الحلفاء والاصدقاء.
في السابع من الشهر الجاري كتب بول روجرز في "اوبن ديموكراسي" الليبرالية يقول ان "ما يحدث في غزة ... ليس حربا اسرائيلية ، بل عملية (عسكرية) مشتركة للولايات المتحدة واسرائيل . وهكذا فان طائرات اف – 16 الهجومية وحوامات الاباتشي الحربية لا تعتبر طائرات اسرائيلية بقدر ما ينظر اليها كطائرات اميركية بعلامات اسرائيلية".
وهذه الشراكة الاميركية في العدوان ليست دبلوماسية فقط كما اتضح من الموقف الاميركي الذي حال نهاية الاسبوع الماضي دون مجلس الامن الدولي واصدار قرار ملزم بوقف فوري للعدوان ، اذ بالرغم من اهمية الدعم السياسي والاعلامي الاميركي للعدوان الاسرائيلي على القطاع فان الدعم العسكري الذي لا يحظى باضواء الاعلام لا يقل اهمية.
ان الطائرات الحربية التي تقتل الاطفال والنساء والشيوخ وعائلات بكاملها ورجال الاسعاف والاطباء والصحفيين في بيوتهم واثناء تادية اعمالهم او في الملاذات اللآمنة التي وفرتها لهم الامم المتحدة في مدارس الاونروا ، دون ان تفرق بين مدني وبين مقاوم او بين عضو في حماس وبين عضو في فتح او بين مسلم وبين مسيحي (استشهد حتى الآن اربعة مسيحيين من اقل من ثلاثة آلاف) ، والتي دمرت -- بالاضافة الى المساجد (وبناية من اربعة طوابق لمؤسسة مسيحية) والمنازل والمدارس والمؤسسات الاعلامية -- كل البنى التحتية المدنية التي بنتها منذ انشائها سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية الحليفة لواشنطن ، لا حركة حماس ، من اموال دافعي الضرائب الاميركيين والاوروبيين واليابانيين بصفة اساسية (قدر رفيق الحسيني مدير مكتب الرئيس الفلسطيني محمود عباس قيمة الخسائر المادية للعدوان حتى السابع من الشهر الجاري باكثر من ملياري دولار اميركي) ، ... ان هذه الطائرات ليست من صنع اميركي فحسب بل كذلك ذخائرها الفوسفورية الحارقة وقنابلها المفجرة للاعماق وجميعها ممولة اميركيا ينفق الاحتلال عليها من حوالي اربعة مليارات دولار قيمة مساعدات اميركية سنوية تدفعها واشنطن لتل ابيب ، لا بل ان البنتاغون لم يجد في رد الفعل العربي الرسمي على العدوان ما يسبب له أي حرج في اليوم الخامس عشر للعدوان لكي يمتنع عن اعلان مناقصات لتزويد جيش الاحتلال بذخائر جديدة يستخدمها في عدوانه.
وفي خضم حمام الدم الجاري في غزة يغيب عن وسائل الاعلام حقيقة ان الاستعدادات الاسرائيلية لشن هذا العدوان على القطاع جارية منذ عام 2005 ، أي منذ السنة التي اعادت فيها قوات الاحتلال انتشارها من داخل القطاع الى حدوده لتضرب حوله طوقا عسكريا محكما ، وكانت الولايات المتحدة مشاركة في هذه الاستعدادات وليست على علم بها فقط . فالقوات الغازية حاليا لغزة اجرت تدريباتها في منشاة تدريب عسكرية بنيت في صحراء النقب في تلك السنة في منطقة تشبه القطاع في طوبوغرافيتها واطلق عليها اسم "البلدية" ، وهي عبارة عن مجسم لمدينة من مدن مخيمات اللاجئين في غزة ، بمساجدها وازقتها واسواقها ومنازلها التي يزاحم بعضها بعضا ، وقد افتتحت "البلدية" رسميا في اواسط عام 2007 باسم "مركز التدريب القومي ل(حرب) المدن" ، وكان سلاح المهندسين الاميركي هو الذي بنى المنشاة كاملة وقد تم تمويلها بصفة اساسية من المساعدات العسكرية السنوية لاسرائيل ، ويتم فيها تدريب القوات الاميركية المحتلة للعراق على حرب المدن ضد المقاومة العراقية ، وكما قال البريغادير جنرال عوزي موسكوفيتش القائد الاسرائلي الاول للمنشاة فان الهدف منها هو ان تكون "مركز معرفة (عسكرية) ثمينة يستفيد منها حلفاؤنا الاميركيون وغيرهم من الاصدقاء".
بين ضغط المقاومة والتزامات كامب ديفيد
ان تحرك الجنرال جيمس جونز مرشح الرئيس المنتخب لمنصب مستشار الامن القومي والمبعوث الامني الخاص لادارة بوش الى الشرق الاوسط خلال الايام القليلة الماضية لاقناع مصر بالموافقة على تغيير مهمة البعثة العسكرية الاميركية في صحراء سيناء من مراقبة الالتزام المصري بمعاهدة كامب ديفيد الى مراقبة الحدود المصرية مع قطاع غزة بحجة ان الجيش الوطني المصري قد اثبت عجزه عن ضبط هذه الحدود انما هو تحرك بقدر ما يحمل من اهانة وطنية بقدر ما يشير الى ان الشريك الاميركي يستعد عسكريا ايضا لكي يؤمرك بواجهة دولية ، على طريقة تدويل الاحتلال الاميركي للعراق وافغانستان ، أي مكسب عسكري على الارض يحققه العدوان الاسرائيلي على امتداد ما يعرف باسم ممر او طريق فيلادلفي (المعروف عربيا باسم صلاح الدين) ، وهو المنطقة الحرام البالغ طولها حوالي اربعة عشر كيلومترا وعرضها كيلومتر واحد الفاصلة بين الحدود المصرية الفلسطينية مع قطاع غزة والتي كانت تحت السيطرة الاسرائيلية حتى اعادت قوات الاحتلال انتشارها من القطاع فسلمتها الى الجيش المصري تحت مراقبة اوروبية على المعابر طبقا للاتفاق الخماسي على فتح معبر رفح عام 2005 . ويسعى العدوان الاسرائيلي الحالي الى اعادة سيطرته على المنطقة وتوسيعها ثم تسليمها الى قوة دولية عمادها اميركي تنوب عنه في منع التسلل منها او حفر الانفاق تحتها ، وهذه هي الجائزة الكبرى التي يامل الاحتلال الاسرائلي في الحصول عليها من عدوانه الذي بداه في السابع والعشرين من الشهر الماضي وهي الجائزة التي يعطل الشريك الاميركي أي جهد دولي لوقف العدوان حتى تحصل اسرائيل عليها .
والجدير بالذكر هنا ان الولايات المتحدة مولت العام الماضي حملة مصرية يقودها خبراء من سلاح الهندسة الاميركي للكشف عن هذه الانفاق وتفجيرها حيث ما زال عدد الضحايا الفلسطينيين لمثل هذه التفجيرات سرا بعيدا عن وسائل الاعلام يعتم عليه الحرص المصري الفلسطيني على عدم صب الزيت على علاقات تسعى دولة الاحتلال ، وخصوصا منذ العدوان ، الى زيادة توتيرها ، ويكاد يكون امرا مؤكدا نتيجة لتبادل المعلومات الامنية المعروف والمعلن بين الشريكين ان خبراء سلاح الهندسة الاميركي او رؤساءهم قد مرروا ما جمعوه من معلومات عن الانفاق الى الجانب الاسرئيلي الذي مما لا شك فيه قد استفاد منها في قصف ما قال انه يزيد على سبعين نفقا فجرها خلال عدوانه الحالي بواسطة القنابل الارتجاجية التي حصل عليها من شريكه الاميركي .
وقد حول الشريك الاميركي مطالبة دولة الاحتلال الاسرائيلي بمثل هذه "القوة الدولية" الى شرط مسبق لموافقته على وقف العدوان كما ارتهنت دولة الاحتلال لهذا الشرط نفسه وقف عدوانها واستجابتها للقرار رقم 1860 ، وقد نجح شريكها الاميركي في العدوان في ان يؤجل القرار انسحاب قوات العدوان البرية الى ما بعد حصول اسرائيل على جائزتها بالنص في بنده الاول على وقف اطلاق نار فوري ومستدام ومحترم بالكامل "يقود" الى انسحاب هذه القوات دون تحديد أي سقف زمني لانسحابها ! ووفقا لرويتز في الرابع من الشهر الجاري فان اسرائيل غير راضية عن مقترحات اوروبية بانشاء "وجود دولي" على امتداد الحدود المصرية الفلسطينية وهي تريد "مراقبين مسلحين تسليحا ثقيلا ومجهزين للبحث عن الانفاق وتدميرها" ، لا بل انها تطمح الى "بناء جدار تحت الارض على الجانب المصري من ممر فيلادلفي (صلاح الدين)" كما كانت لديها خطة قديمة لحفر قناة مائية على امتداد الممر متصلة بالبحر الابيض المتوسط ، اذا وافقت مصر.
لكن مصر باسم السيادة الوطنية لم توافق لا على بناء المنشات المقترحة ولا على أي تواجد عسكري دولي لادارتها فوق ترابها على الجانب المصري من الحدود ، كما اتضح بعد زيارة اموس جلعاد المستشار السياسي لوزير الحرب الاسرئيلي ايهود باراك للقاهرة بدعوة مصرية يوم الخميس الماضي لبحث ترتيبات امن الحدود في اطار المبادرة المصرية – الفرنسية لوقف العدوان ، مما يهدد بفشل هذه المبادرة الا اذا قررت اسرائيل احتلال الممر بصفة دائمة لكي تتمكن من اغلاق المنفذ الوحيد لقطاع غزة الذي لا تسيطر عليه بالوسائل التي تقترحها ، لكن دولة الاحتلال حتى الآن ترى بان البديل لذلك هو اعادة احتلال مؤقتة للمنطقة لتسلمها بعدها الى ما يسميه البعض "وجودا دوليا" وبعض آخر "قوة دولية" وآخرون "قوات حفظ سلام دولية " وغيرهم "قوة مراقبين دوليين" على الجانب الفلسطيني من الحدود الذي سيدار اسميا تحت علم سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية وهي التي يعترف الشريكان الاسرائيلي والاميركي بها قيادة شرعية وحيدة للشعب الفلسطيني ، غير ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد اعلن بان الحوار الوطني وصناديق الاقتراع ، لا القوة المسلحة ، هي طريق عودته الى القطاع كما ان رفض حماس وفصائل المقاومة التي تقودها للقرار 1860 وللمبادرة الفرنسية وغيرهما من المشاريع التي تؤسس لاي تواجد عسكري دولي خصوصا على الحدود مع مصر يعيد الاطراف جميعها الى المربع الاول مما يعني استمرار العدوان واستمرار المقاومة له وبالتالي يعني فشل الهدف الرئيسي للعدوان ، اللهم الا اذا غيرت مصر موقفها.
وبما ان السلطة الفلسطينية ليست بحاجة الى اقناع او ضغوط للتساوق مع المخطط الاسرئيلي الاميركي كما يستدل من دعوات الرئاسة الفلسطينية لحركة حماس للموافقة على القرار 1860 وعلى المبادرة المصرية ، لذلك من المتوقع ان تتصاعد ضغوط الشريكين الاسرائيلي والاميركي على مصر بخاصة لكي تتجاوب مع خططهما على حساب السيادة المصرية المنقوصة اصلا على حدودها مع القطاع ومع دولة الاحتلال بسبب القيود المفروضة على ممارسة هذه السيادة بموجب معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية ، وربما يتذكر المراقبون ان تمويل واشنطن لبعثة خبراء سلاح الهندسة الاميركي الذين كانوا يكتشفون الانفاق من غزة ويفجرونها على الجانب المصري من الحدود انما حصل على الموافقة المصرية فقط بعد اقتطاع اكثر من مائة مليون دولار من قيمة المعونة الاميركية السنوية لمصر وغير ذلك من اشكال الضغط المعلن والمستتر ، ليتساءل المراقب عما اذا كان اجدى لمصر حقا ، طالما انها ستتعرض لضغوط الشريكين في كل الاحوال ، ان تجد في العدوان الجديد المتجدد على القطاع وفي المقاومة الباسلة له فرصة تاريخية ذهبية لاستكمال سيادتها على حدودها ، وهذه معركة وطنية مصرية آتية لا ريب فيها يحاول الشريكان الاميركي والاسرائيلي تاجيلها الى اطول مدى ممكن ، وهي معركة دفاع عن السيادة الوطنية المصرية الكاملة ستجد القاهرة في التاييد الشعبي المصري والعربي والاسلامي والعالمي العارم المساند للمقاومة الفلسطينية في القطاع سندا لها فيها باعتبار الانتصار المصري فيها مقدمة لانضمام مصر الى امتها على الجانب الاخر من الحدود مع القطاع الذي تحاول دولة الاحتلال الان اسرلته بواجهة دولية تتخذ عناوين مصرية وفلسطينية لها .
ومثل هذه الاسرلة ايا كانت واجهاتها ستكون تغييرا استراتيجيا هاما من المؤكد الا مصلحة وطنية مصرية فيه لانه اولا يحول حدودا عربية بينية كادت تتعرب فعلا مرة ثانية الى حدود مصرية اسرائيلية ، ولانه ثانيا يغلق المنفذ الفلسطيني الوحيد عبر بوابة عربية الى العالم الخارجي وهو منفذ "فلسطيني" لا "غزاوي" لان الوحدة الوطنية السياسية والاقليمية آتية ايضا لا ريب فيها ان عاجلا او آجلا مهما طال امد الانقسام الحالي الشاذ ، ولانه ثالثا وصفة مؤكدة لاستمرار المقاومة واتساعها مما يعني اصدار شهادة وفاة لعملية سلام ماتت فعلا منذ ثماني سنوات وتاكد موتها بوفاة رائدها الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات قبل اربع سنوات ، ولانها رابعا تحكم الحصار على القطاع وتضع جميع مفاتيحه بايدي دولة الاحتلال الاسرائيلي بعد ان كاد احدها يقع في يد مصرية او فلسطينية ليتحول حديث القرار 1860 والمبادرة المصرية الفرنسية المتعثرة وغيرها عن أي فتح دائم "دون انقطاع" لمعابر القطاع امام الحاجات الانسانية لاهله الى نكتة سمجة لا تستطيع العناوين "الانسانية" لها منع أي منهم من رؤية مخاطرها الاستراتيجية على النضال الوطني الفلسطيني او اقناعه باقتراب توقف معاناتهم الانسانية وموتهم البطيء في ضوء تجربتهم المرة مع "انسانية" الاحتلال منذ ما يزيد على الاربعين عاما .