بقلم : الشيخ حماد ابو دعابس* ... 07.03.2013
لم يعد بمقدور احد ان يحصي الممارسات العنصرية الاسرائيلية تجاه الفلسطينيين ، في القدس وفي الداخل وفي الضفة وغزة وفي كل مكان. لقد اصبحت كأنها امواج متلاطمة من ورائها بحر عظيم من الحقد والكراهية. فما ان تنكسر موجةٌ حتّى تحلَّ مكانها امواج اخرى لا حصر لها، من الممارسات المشينة ، التي يندى لها جبين البشريّة، ولا تصلح وصفاً إلا للحُقب السوداء المظلمة في التاريخ البشريّ.
• فبيوت العرب التي تُهدم في النقب والقدس والضفة ومناطق اخرى تحت ادعاء عدم الترخيص ، باتت بالآلاف. ومشهد كل بيت تهدمه الجرافات الإسرائيلية هو بحدِّ ذاته مقزِّز ، مستفزّ ، عدائي وإجرامي ، فضلاً عن كونه عنصري مقيت.
• المزروعات التي تُباد اصبحت كذلك بآلاف الدونمات وكلُّها شواهد على العنصرية الممنهجة ضدّ الارض العربية وكل ما عليها. واقتلاع اشجار الزيتون في قرى الضفة الغربية من قبل قطعان المستوطنين حدِّث ولا حرج.
• اما الاعتداءات على الاشخاص والأفراد من رجال ونساء. فقد تخطّت كل المعقول. ثمّ تأتي المحاكم الاسرائيلية لتحمي كلّ من يمارس هذه التصرفات العنصرية ضدّ العرب. بالأمس القريب اعتداء من مجموعة يهوديات على فتاة عربية ، تكتفي المحكمة بإصدار حكمها بإبعاد المعتديات عن القدس. وعليه فستعود هؤلاء العنصريات المجرمات الى مستوطناتهنّ ليمارسن حياتهنّ المعتادة، بتشجيع من المحكمة الاسرائيلية.
• واعتداء اخر في قاعة المحكمة ضدّ المحامي لعربي فلاح أسدي من قبل وكيل النيابة، لزم بسببه المستشفى لأربعة أيام، ولا نثق في المحكمة ان تقتصّ للمجني عليه من المتهم رغم حدوث الجريمة تحت اعين افراد جهاز القضاء الاسرائيلي وامن المحكمة.
• اما في القدس وباحات المسجد الاقصى ، فان رصدنا لجريمتين في يومين متتاليين كجزء من الممارسات العنصرية الاسرائيلية ضد حرمة المسجد الاقصى المبارك، ليست هي اول الجرائم ولا اخرها. فأولها كان اعتداء الجنود الاسرائيليين مع مجموعة النسوة والفتيات على احدى المصاطب في ساحات الأقصى، وركل احدهم للمصحف الشريف والدوس عليه، فهو تعبير عن صلفٍ وهمجيةٍ وعنصريةٍ لا يمكن السكوت عليها ولا قبولها بحال من الاحوال.
• وثانيها هو محاولة اقتحام المسجد الاقصى وقبة الصخرة المشرفة من قبل الليكودي المتطرف فيغلين ، وفي اليوم التالي للاعتداء على المصحف الشريف. ومع ان المصلين اعترضوا طريقه ومنعوا دخوله ، ثمّ تدخلت الشرطة لإخراجه ، فإننا لا نأمن من عودة هؤلاء الغلاة المتطرفين العنصريين لمثل هذه الممارسات والمحاولات البائسة لتدنيس باحات المسجد المبارك. فويل لهم بما كسبت ايديهم وويل لهم مما يمكرون.
" لا مستقبل " مع حكومة نتنياهو القادمة
رغم المفاوضات المتقدمة مع حزب " المستقبل " بزعامة الاعلامي يائير لبيد ، إلا ان حكومة نتنياهو المزعومة ، لا تحمل أي خير للمنطقة ، ولا لإمكانية تعايش اسرائيل مع جيرانها. والمستقبل الذي يحمله حزب المستقبل مع غلاة المتطرفين الاسرائيليين
( نتنياهو، ليبرمان ، بينيت )، يبدو تصادميّاً ، قاتماً للا يبشِّر بخير.
فمن وراء الدعوة الى تقاسم العبء الامني ، والمساواة في حمله ، وهو صلب مطلب شركاء نتنياهو الجدد ، تكمن اسباب قويّة للاصطدام مع المتدينين اليهود ومع وسطنا العربي. فالمتدينون اليهود على اختلاف مشاربهم لن يقبلوا ان تفرض عليهم الخدمة العسكرية مع طرف العلمانيين الإسرائيليين، ولن تمرّر بسهولة قضية خلافية من هذا القبيل ، عمرها من عمر دولة اسرائيل.
اما المواطنون العرب ، والذين يطالبون منذ عقود طويلة بالمساواة في الحقوق، ولم ينالوها في يوم من الايام . بل اعترفت كل مؤسسات الدولة العبرية على مدار السنين بالإجحاف المتراكم تجاه الاقلية العربية في البلاد على كل المستويات. جاءهم اليوم من يطالبهم بأن ينصفوا الدولة في حقوقها على المواطنين. أي ان لبيد يطالب المواطنين العرب ان يتقاسموا العبء في " دولة اليهود " كما تسمِّي نفسها.
ونحن نقول لمن يطالبنا بتقاسم العبء الأمني : اوقفوا هدم منازلنا ، ومصادرة ارضينا ، والاعتداء على قرانا، وأوقفوا سنّ القوانين العنصرية ضدّنا ، اوقفوا الاعتداء على مساجدنا ، واعتقلوا المستوطنين المتطرفين الذين حرقوا المساجد ودنّسوا المقدسات ، واقتلعوا الأشجار، انصفونا في محاكمكم. كفوا عنّا كلّ شروركم قبل ان تملكوا الجرأة لتطالبونا بالدفاع عنكم والمساعدة في حمايتكم.
وما اوباما الا عبدٌ لا يُرجى خيره
لا نصف اوباما بالعبد تعييراً بلون بشرته ، حاشا لله فما ذلك من ثقافتنا، ولكنه مجرّد عبدٍ مخلوقٍ من خلق الله ، لا يملك لنفسه ولا للمسلمين نفعاً ولا ضرّاً إلا ان يشاء الله . لقد أشبعنا وعوداً في خطابه في جامعة القاهرة قبل اربع سنوات. ولكن شيئاً ملموساً لم يتغيّر، واستمرّت امريكا تحت قيادته في الانحياز الاعمى والظالم مع اسرائيل ضدّ مصالح العرب والفلسطينيين. وها هو يشبع السوريين كلاماً وتحليلاً ، ولا يقدّم لهم شيئاً ذا بال. اما نتنياهو الذي صفعه مراراً ، من خلال دعمه لمنافسه رومني في الانتخابات الرئاسية . فها هو الرئيس الامريكي يأتي ذليلاً ليردّ اساءات نتنياهو بالإحسان له ، ولن يقدّم للقضية الفلسطينية شيئاً ، لأنه لم يتحرّر من هيمنة اللوبي الصهيوني. وعليه فلا خير يُرجى من زيارة اوباما. والمستقبل ليس بيد اوباما ولا مخططاته.
معروف ان نتنياهو سيسعى لابتزاز اوباما بقرارات بخصوص ايران ، والجاسوس الامريكي " بولارد " الداعم لإسرائيل. ولن يستفيد الفلسطينيون شيئاً من زيارة اوباما الذي يكرس ممارسات الاحتلال ، ولن يُغيِّر الحال إلا ان تدبّ الحياة من جديد في جسد الامّة العربية والإسلامية المتهالك.
وعليه فلا نعوِّل إلا على الله وحده ،ثمَّ على الحراكات الشعبية التي تسعى لإعادة صياغة المنظومة العربية والإسلامية . ولو طال الزمن. فصبر جميل والله المستعان.
والله غالب على امره