أحدث الأخبار
الجمعة 22 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
غزوة رمضان في بنزرت!!

بقلم : رشاد أبوشاور  ... 22.08.2012

أمّا غزوة رمضان في بنزرت، فلم تتم في رمضان الفتوحات الكبيرة، ولكنها تمت في رمضان الذي أتمّ به المسلمون صيامهم يوم السبت، واحتفلوا بعيده يوم الأحد المنصرم.
فأين تمت غزوة رمضان الجديدة هذه، ولماذا؟!
هي لم تتم لتحرير القدس، وإنقاذ الأقصى المهدد بالهدم لإقامة (الهيكل) في موقعه!
الغزوة تمت في مدينة (بنزرت) التونسية الساحلية العريقة، مدينة الشهداء الذين سقطوا برصاص المستعمر الفرنسي، بعد أن هبوّا من الريف لينضموا لأهلهم في المدينة، وافتدوا تونس الخضراء بأرواحهم.
ما دام هدف الغزوة ليس تحرير بيت المقدس، فما هو إذا؟!
التوانسة العرب الأقحاح، المنحازون للمقاومة الفلسطينية واللبنانية، أعدوا لمهرجان تضامني مع المقاومة، ونصرة القدس في يومها الذي تقرر أن يكون في كل 29 رمضان من كل عام، وهو اليوم الذي اتفق عليه بعد حريق الأقصى عام 1969، وبات يوما عالميا لكل مسلمي العالم.
(السلفيون) أعدوا ما استطاعوا من قوة..من سيوف ، وبلطات، وهراوات، ومدى، وما توفر لهم، أو وفّر لهم من موجهيهم، وداعميهم، ومموليهم، وأعلنوا على مواقع التواصل الاجتماعي أن المهرجان لن يمر، لأنهم سيفشلونه بالقوة، وأن ضيف المهرجان (سمير القنطار)، الذي وصفوه (بالشيعي)، سيلقى جزاءه.
نفذ هؤلاء وعدهم ووعيدهم، فاندفعوا إلى حيث يعقد المهرجان، وانقضوا على (الكفرة الفجرة) أبناء تونس الذين اعدوا للمهرجان، وحشدوا له، وأوقعوا في صفوفهم عشرات الجرحى..وأفشلوا المهرجان، وسلّم الله المناضل الكبير سمير القنطار، فلم تشف قلوب السلفيين بقتله، ليدخلوا به الجنة!
نقلت فضائية (الميادين) بالأصوات والصور، وشهادات من كان دمهم يسيل من وجوههم ورؤوسهم حقيقة ما جرى، والذي يمكن وصفه بأنه جريمة مدبرة، وأن من اقترفوا الفعل الأحمق ليسوا سوى جهلة مهمتهم بث الرعب في صفوف التوانسة، بحيث لا يجرؤون على التعبير عن انتمائهم، وعن تأييدهم للمقاومة العربية في فلسطين ولبنان، وعن عشقهم للحرية.
اتصلت الميادين بالمناضل الكبر سمير القنطار، وكان ما يزال في تونس، واستوضحت الأمر منه، فروى بعض ما جرى، كونه كان ضيف المهرجان، والمفترض أن يتحدث فيه، فكان مما قاله أنه التقى قبل يوم من المهرجان بالسيد راشد الغنوشي رئيس حزب (النهضة) الحاكم في تونس، وأنه قضى معه 3 ساعات كاملة.
هنا أسأل: الشيخ راشد يعرف من هو سمير القنطار الذي قضى 30 عاما في سجون الاحتلال، وكان عميدا للأسرى العرب. إنه يعرفه، ويقدّر قيمته، بدليل استقباله له على مدى ثلاث ساعات قبل يوم من مهرجان بنزرت، فلماذا لم يوعز بحمايته هو الذي ما زال مطلوبا، ومطاردا من العدو الصهيوني، لا سيما والشيخ راشد متابع بالتأكيد لنشاطات السلفيين، ولتهديداتهم بإفشال المهرجان، ولحملة الكراهية والحقد على حزب الله، والطائفة الشيعية؟!
ألا يعرف سلفيو بنزرت من هو سمير القنطار، البطل العربي اللبناني الذي قضى في سجون الاحتلال 30 عاما، والذي ما زالت إحدى رئتيه تحتفظ برصاصة من معركة قادها في (نهاريا)، بهدف اختطاف صهاينة لاستبدالهم بالأسرى الفلسطينيين، والذي حرره حزب الله بعملية كبيرة شجاعة.
من نفذوا العمل البشع يعرفون سمير القنطار، وكان هدفهم اغتياله خدمة لمموليهم، وموجهيهم النفطيين، وهو جزء من دورهم في تخريب ثورة الشعب التونسي، وتهديم كل مابناه منذ الاستقلال وحتى اليوم، وللمجتمع المدني التونسي الذي تحصل فيه المرأة على المساواة مع الرجل كإنسانة وليس (أمة) تمتع وتنجب!.
من استهدفوا مهرجان التضامن مع المقاومة، والاحتفاء بيوم القدس، وحياة البطل العربي الكبير سمير القنطار، ودورهم بث الخوف في نفوس التوانسة نساءً ورجالاً، ودفعهم للانكفاء، والتقاعس عن الاستمرار في الثورة حتى استكمال أهدافها في التغيير.
في تونس غليان، وعودة للبداية، بداية انطلاقة الثورة التونسية من( سيدي بوزيد) بلد الفقر والغضب، بلد الشهيد البوعزيزي الذي أشعل بجسده نيران الغضب في كل بلاد العرب، من ثار منها، ومن ينتظر ويتحفز.
كما دخل النفط على الثورة الفلسطينية، وارتهنها، وأفسدها، دخل النفط على الثورات العربية، والتف عليها، موّل الثورة المضادة علنا، وأطلق رياح الجهل، وخطاب اللاعقل، برعاية أمريكية..تشرف على توجيه رياح السموم التي تهب من شبه جزيرة العرب لتغرق كل بلاد العرب بالغبار المسموم، تحرم العرب من النهوض والتقدم بثورات شعبية نقية، تميّز العدو من الصديق، تعتمد على نفسها، ولا تلتمس الحرية من حلف الناتو، وبالوصاية الأمريكية الصهيونية.
مال النفط الذي خدم دائما أعداء العرب والمسلمين، عمل منذ انطلاقة الثورات العربية على خلط الأوراق، ونصرة الثورة المضادة، وهو ما تجلّى في التآمر على ثورة اليمن الشعبية على نظام عبد الله صالح وأسرته وأتباعه ومنتفعي نظامه المتخلف، وفي قمع حراك شعب البحرين بالدبابات علنا أمام أنظار العالم، وبدون إدانة من أمريكا، وأتباعها ذئاب الغرب الاستعماري الذين مزقوا أمتنا، وفرضوا عليها حكاما جهلة خانوا كل آمال الأمة، ولا سيما في فلسطين.
رأينا دور السعودية التآمري المفضوح في مؤتمر الدول الإسلامية ..وأين؟ في مكة..أم القرى، والذي توقع منه ملايين المسلمين أن يضع استراتيجية عملية تنفذ فورا لتحرير الأقصى والقدس، فإذا بمؤتمر مكة يتخذ قرارا حاسما (جهاديا) واحدا في شهر رمضان المعظم: تعليق عضوية سورية!
يا لقرار الدول الإسلامية!..التي والله اجتمعت على باطل، واشتريت أصوات كثير منها لتوظف في الباطل، أصوات من وجهوا أنظارهم إلى دمشق الشام لمحاصرتها خدمة لأمريكا والغرب، والكيان الصهيوني، أولئك الذين أشاحوا بأنظارهم عن القدس، والأقصى، وقبة الصخرة..لأنهم أعجز وأجبن من أن يرفعوا أصواتهم احتجاجا، بالحد الأدنى، على ما تقترفه (إسرائيل) في القدس، فتبدل معالمها، وتهودها علنا..بحيث لا يبقى من معالمها المسلمة المسيحية..ما يذكّر بإسلاميتها ..وعروبتها!
الرؤساء والملوك الذين جلبهم آل سعود من بلادهم بالأمر، والابتزاز، والرشوة، بطائرات أرسلت لتحملهم إلى مكة، ليجلسوا صامتين، وليوافقوا مرغمين..هل يمثلون الإسلام، والمسلمين، وهل أدوا فريضة الجهاد لإنقاذ القدس والأقصى؟!
هل تقيم لهم (إسرائيل) وزنا، مهما خف هذا الوزن؟
أم تراها تحسب الحساب الحقيقي لتهديدات السيد حسن نصر الله التي أطلقها في يوم القدس، وتوعد بتحويل حياة ملايين (الإسرائيليين) إلى جحيم إذا ما فكرت بالعدوان على لبنان؟.
في بلد الثورة العربية الأول: تونس..التي لم تعرف يوما (سني و..شيعي)، والتي صدر لها هذا الخطاب التضليلي النفطي الجهنمي، ثمّ مخاض عنيف، ولا بد لشعب تونس أن يحشد كل طاقاته إلى أقصاها في مواجهة الجهل والتخلف والحماقة، حتى ينقذ نفسه، ومستقبله، و..تونس الخضراء من التصحر النفطي السعودي، وخطاب الجهل والتخلف والبلطجة.. وأحسب أن شعب تونس سيفعل، وسينتصر، وسيحمي ثورته، وسيكملها...