بقلم : الشيخ حماد ابو دعابس ... 24.03.2013
عامٌ بعد عام ، ويومٌ بعد يوم يزداد الصراع حدّةً حول الارض العربية في الداخل وخصوصاً في النقب. الحكومات الاسرائيلية تزداد عنصرية وعدائية للعرب ، تكرِّس اموالاً وجهوداً ضخمة من اجل تصفية ما تبقّى من ارض للمواطنين العرب في النقب.
وخطةٌ تلو خطوةٍ ثمّ مخطّطٍ تنفيذي وتعديلات عليه وجولات وزارية ومؤسساتية ، مدعومةً بالإغراء والترغيب تارةً وبالقمع والترهيب تارةً أخرى. جرافات هنا تهدم المنازل بالآلاف ، وآليّات هناك تبيد المزروعات وتصادر الاراضي بآلاف الدونومات. وحكومةٌ يمينية متطرِّفة تضع مخطط برافر بيغن على اجندتها. واذ كان غلاة المستوطنين هم الذين يتولّون اكثر الوزارات اتصالاً بالأراضي والتطوير والتخطيط ، فان خطورة الموقف اصبحت تُنذر بالشرّ المستطير والفواجع الداهمة.
وكأننا بدولة اسرائيل بعدما انشغل العرب بأنفسهم ، تفرّغت هي لمواطنيها العرب "لتصفّي معهم الحساب " ، ولتقضي على ما تبقّى لديهم من امال في مستقبل آمن ومستقر. فباتت تحاصرهم في كل ميدانٍ وتنتزع منهم كل مقوّمات استمرارية البقاء. الامر الذي يحتّم عل جماهيرنا العربية في الداخل وعلى رأسها النُخب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والفعاليات والحركات والاحزاب ان تُكثِّف فعالياتها التوعوية والتعبوية ، لتصعّد نضالها الجماهيري وتزداد تنظيماً وإبداعاً في مواجهة هذه السيناريوهات الكارثية .
يوم الارض نفسٌ جديدٌ للنضال
المناسبة السنوية التي تحييها الجماهير العربية في الداخل الفلسطيني في نهاية شهر اذار تحت مسمّى يوم الارض ، هي فرصةٌ متجدّدة وميدانٌ لشحذ الهمم وتجديد الانطلاقة لفعاليات نضالية مخلصة وقويّة ومنظمة. انّ خروج الجماهير العربية بعشرات الالاف الى المسيرات والمهرجانات والفعاليات ومعسكرات العمل المتعلّقة بيوم الارض هي تجذر وتعزيز لعقيدة حبِّ الارض والتمسّك بها . والاصرار على الصمود والرباط فيها . وتأكيدٌ على رفض السياسات الاسرائيلية ، والمخططات الجهنميّة الهادفة لتصفية الارض العربية ومصادرتها لصالح المطامع الاسرائيلية التي لا تنتهي. التوعية والتعبئة والمشاركة الجماهيرية ليست بالأمر الهيّن المفهوم ضمناً بل هي نتاج جهود متواصلة ، وعمل جاد على مدار السنوات والأشهر. فمشاركة اكثر من عشرة آلاف متظاهر في مدينة بئر السبع في مظاهرة السادس من اكتوبر 2011 ، وأكثر من خمسة آلاف في مظاهرة امام مبنى رئيس الحكومة الاسرائيلية في القدس. لم يكن بالامر المألوف ولا المعروف سلفاً في النقب.
ولا بدّ لهذه الوتيرة التعبويّة والتوعوية ان تستمر حتّى تظلّ الرسالة واضحةً وقويةً وصارمةً في وجه السلطات الاسرائيلية ، بأنه على قدر التصعيد والتضييق والمؤامرات يكون التحدّي الشعبي ، والحراك الجماهيري. وأن عرب النقب عندما تحصرهم السلطات الى الحائط لا يبقى امامهم خيار إلا الصمود والصبر والرباط والإصرار على البقاء ، وإطالة امد الصراع حتّى تتغيّر الظروف او تسقط مخططات الظلم والاستبداد وينال عرب النقب حقّهم في الحياة الكريمة على ارضهم وفي قراهم ومنازلهم. والحصول على الاعتراف بها وبكامل امكانات العيش الكريم فيها.
نحو تنظيم الصفوف وتكثيف الجهود
لا شكّ ان عمل لجنة التوجيه لعرب النقب يعتبر قفزة ايجابية في تاريخ النضال من اجل حق المواطنين العرب في النقب على ارضهم وقراهم . ولقد تأسست لجنة التوجيه في حينه على خلفية تلكؤ وضعف الاداء لدى المجلس الاقليمي للقرى غير المعترف بها. ولكن مع مرور الوقت وسياسة فتح الابواب فقد اختلطت الاوراق في كل من لجنة التوجيه والمجلس الاقليمي المنتهية ولايته والآخر المنتخب مما استدعى ضرورة الأخذ بزمام المبادرة ، لإعادة ترتيب الاوراق ، بحيث تحسم قضية الاعتراف بالمجلس الاقليمي المُنتخب لكي يتسنّى له مزاولة عمله بالشكل اللائق والذي يمثِّل القضية المقدسة للقرى غير المعترف بها. ثُم المضي مع لجنة التوجيه نحو ترتيب صفوفها ونجاعة عملها ، وكثافة نشاطاتها في وجه التحدِّيات الجسيمة التي يتعرّض لها النقب. وعليه فإنها دعوة لجميع الاحزاب والحركات والفعاليات المشاركة في النضال الجماهيري ان ترتقي الى حجم التحدِّي وتتعاون من اجل هذا الهدف السامي والمصلحة العليا لشعبنا وأرضنا ووطننا.
كما كان متوقّعاً ..... عاد اوباما " بخفيّ باراك "
الزيارة التي وُصفت بالتاريخية للرئيس الامريكي للأراضي المقدّسة ، لم تأتِ بأي جديد. بل إنّ التأكيد على سياسة التحيُّز الامريكي المطلق الى جانب المواقف الاسرائيلية ، وعدم القدرة على طرح مبادرات في ميدان " السلام الغائب " ، كلّ ذلك لا يجعل من مفاسد الزيارة اضعاف منافعها. بل لعلّ من أبرز ما تفتّقت عنه قريحة اوباما، انه اطلق أيادي القيادة الاسرائيلية باتخاذ القرار بضرب ايران دون الرجوع للبيت الابيض ، وهذا ما كان يسعى اليه جاهداً ايهود براك وزير الدفاع الاسرائيلي السابق . وها هو التعهُّد الامريكي يقع هديّة مشكوك في قيمتها ولكن في سلّة وزير الدفاع الاسرائيلي الجديد " يعلون " الذي لا أظنّه متلهّفاً لضربة ٍ أُحادية الجانب من اسرائيل تجاه ايران . وبذلك يكون اوباما قد عاد بإنجاز كان يطلبه " باراك" ليس ليناله بل ليظلّ يطالب به ، ولعلّه " بسطار " تخفَّف من ايهود باراك ليعيده اوباما " ليعلون" قبل ان يطلبه.
والله غالب على امره