بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 13.09.2012
منذ بداية الازمه السوريه وانطلاق الاحتجاجات الشعبيه المناهضه لنظام الحكم والمطالبه بإسقاطه ونحن نعيش في غابة من الاخبار والاقاويل والمزاعم في احيانا كثيره لاتعرف صدقها من كذبها ولا تعرف ان كانت مجرد دعايه اعلاميه او حقيقه دامغه وفي هذا الاطار اخذت ديناميكية الاحداث في سوريا اكثر من منحى ومن مجرى سواء على المستوى السياسي او العسكري او الاعلامي وهذا المجرى الاخير لم يكن صادقا مئه بالمئه احيانا ولم يكن موضوعيا في احيانا اخرى في عرضه لمجرى الاحداث وهكذا وبهذا الشكل وعلى هذه الشاكله تطورت المواقف من الجاري في سوريا الى ان وصلت الى الدندنه الطائفيه والهويه الطائفيه والفرز الطائفي بين المعارضه والنظام السوري الذي ينحدر راسه من طائفه معينه بينما تركيبة هذا النظام عباره عن خليط من جميع الطوائف والمذاهب التي تعج بها بلاد الشام منذ قرون وعقود كثيره قبل مجئ حزب البعث و بلوغ عائلة الاسد دفة الحكم في سوريا وبالتالي يخطأ من يظن ان الحكم الدكتاتوري والفساد السياسي والاقتصادي مرتبط فقط براس الحكم او بطائفه معينه في هذا البلد او ذاك والدكتاتوريه بحد ذاتها كل الاوطان كانت وما زالت اوطان لها اذا توفرت شروط ومقومات وادوات هذه الدكتاتوريه لابل ان التاريخ قد علمنا ان اوروبا التي تنعم اليوم دولها الى حد بعيد بالديموقراطيه خاضت حروب طاحنه خارجيه وفيما بينها بسبب الدكتاتوريه والفاشيه والفكر الاستكباري الاستعماري و في ما يتعلق بدول ما يسمى بالعالم الثالث فحدث بلا حرج عن الانقلابات العسكريه وانظمة الحكم الدكتاتوريه التي ما زالت تعيث فسادا وخرابا في هذه الدول ومن بينها الكثير من الاقطار والدول العربيه والاسلاميه وبالتالي وما نجزم انه خطأا فادحا هو ان نعطي نظام الحكم السوري صبغة الطائفيه ونحكم مسبقا على ان طائفته تتبعه وتؤيده في سياسة الدمار والارض المحروقه الذي يتبعها النظام في حربه مع المعارضه السوريه.....
الحقيقه السياسيه الساطعه في سوريا هي ان تركيبة النظام السوري لا تشير لطائفه بعينها لابل لخليط وتركيبه تشمل جميع الطوائف والمذاهب السوريه التي انخرطت وما زالت منخرطه في حزب البعث وفي نظام ال الاسد وهؤلاء مجتمعون يتقاسمون المصالح والفساد و يقاتلون في صفوف الجيش السوري النظامي وقوات الامن ضد قوات المعارضه في حلب وإدلب وحمص وجميع المناطق السوريه بغض النظر عن الهويه الطائفيه للسكان اللذين يقطنون هذه المناطق..نعتقد او نجزم ان تركيبة الجيش السوري النظامي تشمل جميع الطوائف السوريه بما فيها السنيه والعلويه والمسيحيه وغيرها وهؤلاء جميعا يقاتلون في صفوف اجهزة النظام ضد المعارضه السوريه الذي يصبغها البعض بصبغة الطائفيه او بالاحرى شكل وكيفية الدعم العسكري والمالي الخارجي لهذه المعارضه يساهم في إعطائها هويه طائفيه وليست هويه وطنيه سوريه تشارك فيها جميع الطوائف من منطلق وطني واحد وهدف واحد وهو اسقاط النظام او تغييره بغض النظرعن الهويه الطائفيه لرأس هذا النظام.. لا يمكن انكار وجود ظاهرة التحزب الطائفي المحدوده كما هو القبلي ايضا, لكن بالمطلق لايمكن تعميمها بشكل مطلق على هذه الطائفه او تلك.. نعتقد ان الهويه الوطنيه السوريه اقوى بكثير من الهويه الطائفيه!!
الحقيقه المره ان الجاري في سوريا هو تدحرج الكُره نحو صبغ الصراع بصبغة الهويه الطائفيه والهويه المناطقيه في سوريا وهنالك انباء مؤكده وغير مؤكده عن ان القتل والتشريد في بعض المناطق السوريه الساخنه يجري احيانا على الهويه الطائفيه وهذا امر سئ للغايه وعايشناه في العراق الممزق طائفيا وسياسيا منذ الغزو الامريكي عام 2003 وحتى يومنا هذا مع التاكيد على ان نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين كان نظام بعثي وفي صفوفه وفي صفوف الجيش العراقي الوطني خدمت جميع الطوائف العراقيه وجميع هذه الطوائف قاتلت في صفوف الجيش العراقي والاجهزه الامنيه التابعه للنظام وجميع افراد وابناء الطوائف العراقيه كانت تحظى وتتمتع بمراتب عسكريه وسياسيه متقدمه وعاليه في الدوله العراقيه بغض النظر عن ماهية وايديولوجية وطائفة راس النظام انذاك!, بمعنى بسيط: الجيش العراقي[اللذي حله بريمر] لم يكن طائفي ولم يتكون من طائفه واحده والذين اقدموا على حله واختطفوا العراق ومارسوا القتل الطائفي فيما بعد من منطلق مزاعم "المظلوميه الطائفيه والمذهبيه" كانوا وما زالوا قراصنة قاموا بسرقة التاريخ الوطني العراقي والهويه العربيه العراقيه واستبدلوها بالهويه الطائفيه حتى يبرروا تعاونهم مع الاحتلال الذي عاونهُم على الاستيلاء على السلطه وتدمير هوية العراق الوطنيه اللتي جمعت و تجمع تحت سقفها جميع الطوائف والمذاهب العراقيه..استبدال الهويه الوطنيه بالهويه الطائفيه في العراق هو ما سعت له امريكا وحلفاءها وهو الحاصل اليوم في العراق السليب والاسير والمُحتل.. والامر نفسه اذا جازت المقارنه[فقط لمقارنة الحاله وليس لتبرير وجود نظام الحكم] هو الحاصل في سوريا الذي يحكمها نظام بعثي [راسه ينحدر من طائفه معينه فل نقل العلويه رغم عدم تحبيذي ذكر الطائفيه] تصطف في صفوفه رموز من جميع الطوائف والمذاهب السوريه والامر نفسه ينطبق على الجيش السوري النظامي الذي تخدم في صفوفه جميع مركبات المذاهب والطوائف السوريه وعلى راسها الطائفه السنيه مع التأكيد على ان كثير من الطبقات الميسوره من التجار وغيرهم في سوريا تنحدر من الطائفه السنيه تحالفت وتتحالف منذ عام 1971 مع النظام الحاكم ضمن لعبة المصالح المتبادله في حين وهذه تبدو مفارقه ان كثيرون ونسبه كبيره من طائفة رئيس النظام فقراء ويعيشون في فقر مدقع لابل من بينهم الكثيرون من العروبيون الوطنيون المعارضون للنظام البعثي بغض النظر عن كون راس النظام من هذه الطائفه...
...ببساطه ماهو موجود في سوريه شعب سوري عربي متعدد الطوائف والمذاهب ومتعدد حتى في المصالح والاتجاهات السياسيه والحقيقه ان هذه الطوائف والمذاهب مجتمعه لايحميها النظام الحاكم لابل هو [اي النظام] الذي يحتمي بها ويختبئ وراءها في صراعه على البقاء في الحكم باي ثمن حتى ولو تحول الامر الى صراع طائفي ومذهبي وديني...نعتقد ان الشعب السوري وبما فيها طائفة رئيس النظام المدَّعى عليها تدرك ان النظام زائل والوطن باقي دوما للجميع.. المنطق يقول بوجوب اتهام النظام وتركيبته بكل مقوماتها وليس الادعاء على طائفه بحد عينها وتحويل الامر الى حرب طائفيه كما يتمنى النظام واعداء الشعب السوري والامه العربيه..هؤلاء المسلحون القادمون عبر الحدود الى سوريا من كل بقاع الدنيا وابناء عمومتهم في الهدف الذين قدموا على ظهور الدبابات الامريكيه الى العراق2003 هم من ارادوا ويريدون تطييف الصراع في سوريا كما فعلوا ذلك في العراق حين اجج الطائفيون حرب الهويه الطائفيه ودمروا نسيج العراق الاجتماعي والطائفي والعرقي والحضاري اللذي تعايش فيه العراقيون فيما بينهم على مدى قرون تحت سقف الهويه الوطنيه العراقيه وليست الهويه الطائفيه والعرقيه...بوصلة الاحداث في سوريا تتجه نحو الحاله التضليليه التي حدثت في العراق وهي شعار الدفاع عن الطائفه والمظلوميه التاريخيه المزعومه التي برَّرت احتلال العراق والتعاون مع الاحتلال بهدف تأسيس حكم طائفي يعزل العراق لابل ينتزعه من محيطه العربي ويلقي برسَّنه ومفتاح مستقبله وحاضره في دهاليس طهران اولا وواشنطن ثانيا.. الشعوب تتكون بالعاده من طوائف واديان ومذاهب جميعها تكون وَّفيه للوطن وتتمتع بحقوق المواطنه..دولة المواطنه وليست دولة الطائفه والمذهب... هذا هو المطلوب في سوريا لتفادي الحاله العراقيه...المظلوميه هنا في تبرير الحاله تختلف فقط في اسماء الطوائف واستبدال الادوار لتبرير الحرب الطائفيه...نعتقد.. طبعا جازمين ان الشعب السوري تابع لامه عربيه عريقه وكبيره الف مره من الطائفيه والسؤال المطروح : هل يجوز استبدال مفهوم النضال من اجل الديموقراطيه واسقاط الدكتاتوريه بمفهوم دولة الطائفه والدفاع المزعوم عن الطائفه؟؟
من المؤسف جدا اننا العرب لا نتعلم من اخطاءنا التاريخيه والطائفيه والسياسيه حين يتلاعب الاعلام العربي النفطي ومفبركيه من مفكرين مأجورين بعقول الشعوب العربيه وحرفها عن التفكير المنطقي والوطني حول مساله بسيطه وهي ان الدكتاتوريه ليس لها اصل مرجعيه طائفيه محدده لابل نظام طاغي وطغاه تشكل وبامكانه ان يتشكَّل في كل بقاع الدنيا!!
...هنالك تحريف وتضليل اعلامي وسياسي وتبسيط للامور وببساطه وللمثال فقط وليس للحصر لايمكن للنظام السوري ان يُبيد طائفه لابل هو يبيد شعب عربي بكل طوائفه بغض النظر عن انتساب بشار الاسد للطائفه العلويه.. ابقوا معنا لنضرب لكم امثال لمن يدعون بالدفاع عن الُسُنه وهم بالمناسبه في سوريه كُثر وكفو بالدفاع عن انفسهم اذا تعرضوا لحرب طائفيه!..الم يكن الدكتاتور حسني مبارك سنيا؟.. سني المذهب..وقام بتدمير مصر العربيه بكل طوائفها وعلى راسها طائفة الاكثريه الذي ينحدر منها مبارك نفسه!... الم يتحالف النظام السعودي "السني" مع امريكا في غزو العراق وتدميره والحاق اشد الضرر بسُنة وشيعة العراق وشعبه كاملا ناهيك عن دكتاتورية هذا النظام الذي يحكم الجزيره العربيه بسنتها وشيعتها باسم عائله مدعومه من الامبرياليه الامريكيه...افيدونا ايها المفبركون!: كيف تُقام دوله باسم عائله!؟ وهل يوجد في العالم مثيل لهذا النظام العائلي والاقطاعي والطاغي؟...اليس راس النظام القطَّري الدكتاتوري التابع لامريكا والذي خرج من جلده بواسطة فضائية الجزيره سني المذهب؟ وشارك في تدمير العراق وسخَّر القواعد العسكريه للطائرات الامريكيه التي احرقت بغداد الرشيد...مفارقه عابره وفقط اريد التذكير والتنويه بهذه المفارقه وهي: ان يطالب مؤخرا الأسقف الجنوب افريقي الحائز جائزة نوبل للسلام ديزموند توتو بمحاكمة جورج بوش وتوني بلير كمجرمي حرب قتلوا الشعب العراقي بينما السعوديون وعرب الخليج يرقصون العرضه مع بوش قبل مغادرته الحكم ويغدقون عليه وعلى بلير بالهدايا!؟..راس الحكم في البحرين وباقي ممالك ومشايخ الخليح العربي وفي المغرب والمشرق العربي ايضا... اليس هؤلاء ايضا تابعون لهذه الطائفه ويحكمون الشعوب العربيه بالحديد والنار!...القصد من هذه الامثله ليس التحامل على هذه الطائفه او تلك لابل اظهار ان الانظمه الدكتاتوريه لاطائفه ولا دين لها محدد وسوريا ليست شاذه عن هذه القاعده.. والمطلوب هو الدفاع عن سوريا وكل مقومات ومركبات الشعب السوري وليس الدفاع عن طائفه بحد ذاتها كما يزعم المضلَّلون والمضللون بكسر حرف اللام؟؟.. المطلوب الدفاع عن كيان امتنا العربيه والاسلاميه بشفافيه وطنيه وليست بطائفيه محرفه وإنتقائيه..سوريا وبلاد الشام قلب الوطن العربي النابض وباقيه ما بقي البقاء والنظام الحاكم زائل لا محاله والمطلوب هو انقاذ سوريا وليست سكب الزيت على النار بحرب طائفيه تحرق الاخضر واليابس من اجل اسقاط نظام ساقط موضوعيا وهالك سياسيا.. الرجعيه العربيه والامبرياليه الامريكيه معنيه بإطالة الصراع في سوريا بهدف تدمير سوريا على جميع المستويات..بالمناسبه لو كان النظام السوري وطنيا كما يزعم لما وصلت الامور الى ماهي عليه من دمار هائل لحق بالمدن والمناطق السوريه ناهيك عن سيل وقوافل اللاجئين والاف القتلى والجرحى..لوكان وطنيا لرحل عن كرسي الحكم وابقى الوطن لاهله شبه سالما!!
في الختام لا بد لنا من القول ان هوية سوريا الوطنيه والعربيه اقوى بكثير من هويتها الطائفيه وعلى العابثون بوحدة هذا البلد سواء من النظام او المعارضه ان يكفوا عن اللعب بالنار واشعال المزيد من الحرائق والدمار في القُطر السوري..فل يرحَّل بشار ومعه القوى العدميه والمتطيفه ويوفروا على سوريا العروبه المزيد من الدمار والخراب والى الانظمه الرجعيه العربيه والمفبركين نقول ارفعوا اياديكم والسنتكم المُخربه عن سوريا ودعوا السوريون يمدون اياديهم للسلام الداخلي ويشمرون عن سواعدهم لبناء سوريا الجديده وليس سوريه الطائفيه..سوريه ما بعد نظام الاسد..سوريه العربيه لكل مواطن سوري بغض النظر عن طائفته ودينه وعرقه ولونه.. : نعم للهويه الوطنيه العربيه والف لا للهويه الطائفيه!!