بقلم : د. اوعاد الدسوقي ... 01.03.2012
في الوقت الذي لازم معظم رجال التيارات الدينية البيت خوفاً من أمن الدولة .ولم ينزل أي منهم للمشاركة في ثورة 25يناير الا بعد ثبوت رؤية النصر للميدان و إقتراب نهاية النظام . وفي الوقت الذي أطلق شيوخ الفضائيات صيحات التحذير و فتاوي التحريم التي تدعو الي عدم الخروج علي الحاكموولي الأمر.
لم تهاب المرأة المصرية قوات الأمن أو بطش النظام ولم ينطلي عليها فتاوي شيوخ البزنس!!. فخرجت المثقفة و الأمية .العاملة وربت البيت. طالبة الجامعة وتلميذة الثانوي للمشاركة في ثورة 25يناير منذ انطلاق الشرارة الأولي . بل هناك من شاركن في الأعداد والحشد علي صفحات الانترنت والفيس بوك في الايام السابقة علي الثورة .
ومن اجل الحرية والديمقراطية و العدالة الإجتماعية وحياة آدمية ومعاملة انسانية يظفر بها الشعب بشكل عام والجنس اللطيف بشكل خاص دفعت المرأة ثمن ذلك من كرامتها عندما أخُضعت لكشف العذرية و دفعت الثمن من جسدها عندما ضُربت وسُحلت وأصيبت وكان الثمن باهظاً عندما اُسيلت دماؤها الذكية الطاهرة في ميدان التحرير وجميع ميادين مصر. كانت المرأة نبراساً للثورة ومصدر للتفاخر والتباهي شعلة نشاط شاركت في تحرير الوطن من الفساد والقضاء علي الظلم والطغيان.
ولكن بدلا من تكريمها علي مواقفها المشرفة. وبدلاً من تقديم الشكر و العرفان ورد الجميل . باعتبارها احد أهم الأسباب البارزة التي جعلت هذه التيارات تصل الي قبة البرلمان سواء من خلال دورها في الثورة و الاطاحة بالنظام او من خلال حرصها و مشاركتها الكثيفة الغير مسبوقة في الانتخابات البرلمانية حيث كانت مشاركتها مصدر اهتمام و إشادة من جميع وسائل الإعلام العالمية. يبذل بعض رجال التيارات الدينية جهوداً حثيثة ومحاولات مستميتة لإقصاء المرأة ليس عن المشهد السياسي فحسب بعد ان جعلوا منها ديكور أنتخابي زيّـنــت به القوائم الانتخابية لا أكثر. بل إقصائها من المشهد المصري بالكامل.
انزعجت وصدمت كما صدم الكثير من اصحاب الفكر المعتدل والمنطق المتزن من تلك التصريحات العدائية والعنصرية اتجاه المرأة والتي جاءت علي لسان بعضاً ممن يتخذون الاسلام ستاراً _ والإسلام من فكرهم برئ _للتنفيث عن حقدهم و عقدهم و نفسياتهم المريضة ونظراتهم السوداوية والدونية للمرأة. فـ مرة تعلو اصواتهم مطالبه بمنع عمل المرأة. ومرة ان تحصل المرأة علي نصف الراتب الذي يحصل عليه الرجل لتوفير الاموال اللازمة لتوظيف الشباب. وان يكون اولوية التوظيف عند الاعلان عن المسابقات للرجال. متناسين ان أكثر من ثلث الأسر المصرية كما تشير الإحصائيات عائلها الوحيد امرأة تعمل وتكد وتصرف علي اسرتها كونها ارملة او مطلقة او هجرها الزوج لتلبية نداء الشيطان بـ الركض خلف رغباته ونزواته! او كونها عائل لأسرة ابنها عاق وربها مريض ولا معيل لهذه الاسرة سوي ابنة باره بوالديها تعمل من أجلهما . فـ ليقول لنا هؤلاء ماذا سيكون مصير تلك الاسر لو تم منع المرأة عن العمل او حصلت علي نصف أجر الرجل؟!
ولم يتوقف الأمر عند المطالبة بمنع عمل المرأة بل يطالب هؤلاء بالغاء القوانين التي انصفت المرأة الي حداً ما مثل قانون الخلع والحضانة وان لاتحمل المرأة جواز سفر خاص بها وغيرها من المطالب المكررة بحجج واهيه . فالخلع لا يتعرض مع الشريعة الاسلامية فالقرآن الكريم يبين مشروعية الخلع، وكذلك ثبت في السنة الشريفة ما يبين مشروعيته، وتطبيقه في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، روى البخاري والنسائي عن عبد الله بن عباس قال: جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إني ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكبر الكفر في الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته ؟ قالت: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة وكان هذا أول خلع في الإسلام. جمهور الفقهاء علّل مشروعية الخلع : يرى جمهور الفقهاء، مشروعية الخلع، لدلالة القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة .
وليس في كل الاحوال يعتبر الخلع سبباً من اسباب انهيار الاسرة بل في احيان كثيرة هو بمثابة طوق النجاة لفرار زوحة من جحيم زوج يضرب او يخون صاحب نزوات زيراً للنساء او زوج بخيل او زواج تم ارغامها عليه . فكيف تجبر الزوجة علي معاشرة زوج لا يصون كرامتها ولا يحافظ علي الاسرة او زوج اجبرت عليه بفعل جبروت أب وسطوة أسرة؟!
ثم نأتي الي موضوع الغاء المجلس القومي للمرأة الذي يطلق عليه اصطلاحاً مجلس الهانم نسبة الي زوجة المخلوع سوزان مبارك أري مطلب الغاء هذا المجلس ليس بسبب انه من صناعة ومخلفات النظام السابق كما يدعي مؤيدي فكره الإلغاء فلو كان الامر كذلك لطالبوا أيضاً بالغاء المجلس الاعلي للشباب والرياضة وهو احد الجهات التي تم تدشينها لتلميع جمال مبارك في الاوساط الشبابية تمهيدأ لتوريثه الحكم. اذاً هذا المطلب ما هو الا نوع من انواع العداء والعنصرية ضد المرأة ومحاربة اي جهة قد تعنى بشؤونها .
نعم وبكل تأكيد المجلس القومي للمرأة له سلبيات كثيرة و اخطأ واضحة ولكن المطالبة بألغائه مطلب سخيف فـ وجود هذا المجلس ككيان مؤسسي وتنظيمي يحارب تهميش المرأة والعنصرية ضدها ويحافظ علي حقوقها ويدافع عن مطالبها شيئ ضروري . فالمطالبة بألغائه خطأجسيم . يجب الابقاء علي المجلس مع اصدار حزمة من الاجراءات التي تدخل تغيرات جوهرية علي هذه المؤسسة مثل تعديل القانون المنظم للعمل فيه وتنقيح لائحته الداخلية وتقويم مساره وغربلة أخطاؤه و وضع برنامج ونظام عمل يسير وفقاً لطبيعة المجتمع المصري ويستمد منهجه من وسطية الإسلام وبما لا يتعرض مع الشرع .وان يتولي شأن المجلس قيادات نسائية ذات كفاءة مشهود لهن بـ النزاهه والخلق.
فمن الجهل بل من الغباء ربط بعض الحقوق التي حصلت عليها المرأة و نصفتها الي حداً ما بـ سوزان مبارك او بـ أي سيدة أ ولي سابقة ... فـالحقوق التي حصلت عليها المرأة كانت نتيجة كفاحها ونضالها سنوات طويلة منذ ثورة 19 الي ثورة 25يناير .
نتمني ان يدرك اصحاب الرأي المتشدد ان الصدام مع المرأة المصرية شديد الخطورة وان هذا التحدي والتهميش لنصف المجتمع كفيل بـ ان يسحب من تحت اقدامهم بساط السلطة وكرسي البرلمان في
الانتخابات القادمة . فـ المرأة المصرية لن تفرط في حقوقها التي حصلت عليها بتلك السهولة التي يعتقدها هؤلاء .
فمن الصعب ان ترضخ المرأة لتلك المحاولات و المؤامرات التي تحاك من اجل ادخالها قفص الحريم مرة اخري والعودة بها الي عصر الجواري وحرمانها م ن حقها في المواطنة التي يكفلها لها الدستور وكل الشرائع السماوية . القانون لا يفرق بينها وبين الرجل في الواجبات المفروضة فلماذا يتم التفريق بينها وبينه في الحقوق الممنوحة . المرأة ترفض وبقوة ان تكون جارية في حرملك الثورة المصرية!