بقلم : زهير بن عياد ... 10.01.2013
رسالة الى رفيقا لي جمعتنا تعليلة البدو سنين ، واقصتني عنه مصانع البلاد :
مهد لي العذر بربك ، لست بغواص لؤلؤ دارين ولا تاجر العيس اليمان ، جهدت لأمخر العباب واطآ عكاظ وابرك بالمربد ، فكانت لي الحياة أيام عشتها - مع من ذكرت - خميص البطن طاوي ثلاث ، ارتجي زعزوع القبائل :
دنولي الحمرا ومدوا رسنها ... وهاتوا ذلولي وانسفوا فوقها الكور
ياما حلى النسلاف بأول ظعنها ... مستجنبين الخيل يبرا لهن خور
قد أدركت معشرا توسمتهم شم الذرى ، وغرتني أجسامهم ، فقلت ملجأي هؤلاء غداة الروع ، لكني وأبيك خذلت ، عقب ان ضريت نفسي لانفعهم ، وشتت شملي لأجمعهم " لكني والراية المنصوبة والصحف المكتوبة لاجلجلن لهم حدثا تتحدث به العرب قاطبة " ، أخي طعنت عندهم بظهر فحدثتني ذاتي أن ذاتي حرة بقولها :
سأترك ماءكم من غير ورد ... وذاك لكثرة الوراد فيه
اذا سقط الذباب على طعام ... رفعت يدي ونفسي تشتهيه
وتجتنب الاسود ورود ماء ... اذا كان الكلاب ولغن فيه
نهضت ، وقلت ما انا بأخا مصيبة لأغيب عن الديار ، هي نتفا من الوقت سأقضيها منشدا العود للجنوب عودا أزهري يا جنوب !
***
كنا وقد نتزاور وينشد الواحد منا عن الاخر إن غاب ، فتبدل الحال وتغير :
رسالة لصديق
كنت قد بنيت لك بقلبي حيا قديم ، الجأ أليه كلما حلتني خطوب ، وفي هذا اليوم حدثت ذاتي أن لا يكتمل طالع السعد ويدبر النحس من نجوم سمائي ، إلا بزيارة أتم نهاري بها نحو مباري الريح ، اشارت علي البيضاء (سيارتي) بان ارتاح هنيهه فأبيتها ذلك بادئ بدء ، فألحت حتى دفعني دافع الرفق بها فارحتها ، ما ان استقرت حتى انتفضت وانخفضت ببابها منشدا :
زر من تحب وإن شطت بك الدار - وحال من دونه حجب وأستار
لا يمنعك بعد من زيارته - إن المحب لمن يهواه زوار
طال يأسي حتى استبانت على الجبين خطوط ، وقتل طمعي دون تينك الحظوظ ، رامت بي النفس أن اراه وأسر ولكن هيهات هيهات فدون ذلك اللامبالاة بأسرها ، تريثت وما أن أرى سوادا مقبلا احسبه هو ، فإذا هو سراب ظمآن بصلب القائظة ، ارعويت وتمتمت حان مني الرحيل ، ربما أني احمل عليهم بثقيل ، فصدوا صدودا غير محتمل ، عقب أن تذللت لهم وطلبتهم بغمز وهمز ، قد تعرض طيف الود بيننا فكسر سهمي فانثنيت ولم أرمي ؛ أنشد مقتنعا بصدق القائل :
زر غبا تزدد حبا !!
***
جلست وجدي يوما فهو يرى وينشد :
هناك ضوءا
يقد الرمال قدا
أراه وقد يقتحم ناحيتي اقتحاما
كأنه عند بعد حلقة في فلاة
تزداد حجما كلما اقترب آوان اقترابها
هناك على مد البصر ، حيث الافق الابدي
يرمق ببصرة عدة نظرات مكسورة
ترتد أليه سريعا ، كأنه يستشف للحظات عمقه البعيد
أما أنا ، فتهت وانشدت أنشودة التائه :
حار نجمي فلما استبطأني غار ؛؛ فغدوت ببرجي وقد يتراءى لي الليل نهار ؛؛ فغدوت أرمي ببدعي وبنات افكار ؛؛ فما تحدث الا كدائرة في لجة الماء حين حين يرمى فيه احد الاحجار ؛؛ آيست فكفكفت كفكفة محتار ؛؛ ولما لم استبن ضربت يمينا بيسار ...
***
موت بعير :
نظرت من شرفة الغد
فتراءى لي ظلا خفيفا
كأني به شاحب اللون
أمعنت النظر
تبينت معالمه
فبرزت لي على مهل
ملامحه
أنه الولعي الطحطيح
الصادق الصريح
الحلو المليح
له قبرا يتميز عن باقي القبور
كأنهم اعجاز وهو مقدم الصدور
قلت له استرخ فانت عند رب غفور
رحمك الله يا رحمة واسعة
انتم السابقون ونحن اللاحقون !!
كأني به بعير ليلى الاخيلية
ذاك ، الذي دهنته بالقطران يوما
لا لا أنه بعير ، تبع ، ضل طريقه
في احدى غزواته الاسطورية !
ويك لك : ارى به صورة بعير شليويح
العطاوي ،
ايها البعير ، عد فالزمان ليس بزمانك
والايام هذه لا طلبة لك بها
عد فأني أشفق عليك من صبيان القرن
***
لم أعد اسمع للماء خريرا ، ذلك الذي ما فتأ ينكسر في الاخاديد الضيقة ليفلح في التسلل حيثما أراد ، راقبته في يوما ربيعيا حينما مرت سحابة شرود , يتقدم بجسارة ويتغلغل في اعماق البلان والشجر ، مرت سريعا تلك السحابة ، أشرقت فأشرفت عقبها شمس من الشموس ، فجأة لفت نظري ذاك الضب الذي جاءه غبه وساعة موته ، فخرج يتفيأ شعاع الشمس
" تسلبدت " له تسلبدا شديدا حتى قبضت عليه ، ونحرته على صخرته تلك ، منشدا أغنية بلهاء زلفاء " جبر من بطن أمه للقبر " ، عالجته بسكينا غدارة ، جلبت بعض اعواد يابسة ، فشلت الثعول وقطرات الماء في الاستقرار بها ، قلبته يسرة فيسرة وأكلته بيميني !!
***
أين أنت يا ذا الصباح ؟!
أهلا بمن صباحه ضباب ندي ، صباح عنفوان الصاج حين تقتحمه اعواد القيشة ، فتفوح بالانحاء رائحة الحياة التي تقضي على بقايا نوما يتجفل ، فتقرفص القرفصاء من حرد الطاهية تتناول كسرة مليحة ، ارجاؤها مونقه ، بخف غصون مورقه ، بها احمراريات متدفقه ، بحسن رائق وطعم فائق ، تحيط بالكسرة غلظة واسمرارا دائر فتقوره تقوير طائر ، صباحا لك مختص ، صباح موسم الأرغفه حين ترتص ، صباح هذه اللحظات النادرة التي بعمقها غنية وافرة !
***
للباحثين عن كنوز البادية حقيقية أم ظاهرية !
ليت لك ، انا صنوك في ذلك ، ذكروا ان حقلا يتضور باطنه في الشمال ، هيا بنا نحبوا صوبه ، علنا نجد ما نصبو له ، لا لا : لن أبتغي السهول الفسيحه والمروج المليحة والزقازيق المريحة ، نما الي فيما نما ، أن البر منبت الرجال ومحط الثقال ومطمع كل ذي بال ، بيع ولا كبيع النخاسه ، تسوقني بهذه الأثناء أفانين الخيال على الابواب ، فما أرى إلا بواكير ما اتمناه ، وقد حدثتك فيما حدثتك إن وقر لك بفلسفة خاصة ، حيث إضمحل ربيب المعاني ، وتألبت الافكار علي ، وجزف ذاتي عن تينك الاوتار ، فبت اعدو القهقرى أجمع سقط الكلام وما فضل ،فانصعت حرصا على تلك الشوارد ، حيران ذا حذر لو ينفع الحذر ،ليتني أخي لم اقتن الادب صاحبا كم قنية جلبت اسى لفؤاد ، كنت قد نشرت كنانتي يوما بقفاف الارض وعاودت طيها ، أترى أزالت الظباء أم حبسها مستكن ، أيا نفسي أوتعلمين :
أن كل ظنين انت مفارقه شتاتا وان طال التعاشر على ما قيل ، وانا بعد أنا ليت أنا ليت شعري أنا ، ينتظر هواه ليميل بي حيثما أريد ، ضالتي في خلاء الارض وصحصاحها الموحش ، ما زلت أنتظر ، ريثا لا عجل ، فكن معي ذا نفسا طويل ، لا بد ان تجمعنا يوما المجامع ، وإن رابك أخا السوء فأني ذئبا لا ينهش أخيه ، ولكن بي غضبة من غضاب المضرية إن استليتها فقد
وطئت لك شعاب الهلاك ، حتى تلج رمالا بلا ضفاف فتظمأ فاسقيك الأعاصير ، وأمد لك السلاسل حتى تلتمس النجاة ، وتطلب الاسباب ، ولابددن عزمك ، واصدي حواسك لكيلا تشحذ ، لأجعلن ملمسك اقسى وأخشن من جلد البعير الجرب ، لأقذفن في ثغرك كل صنم وحجر ، فحد ناحية ، فالجو مكفهرا شديد !!
***
شخصت العيون ؛؛ قبل المغيب ؛؛ ترنو للشرق ؛؛ في سرا غريب ؛؛ لا مبالاة حين يمر القطيع ؛؛ لا ريب ؛؛ أن بتلك النظرة ؛؛ سرا قدسيا ؛؛ سرمديا عجيب ؛؛ هناك في الشرق ؛؛ حيث ولدت بين مراعي الطعوس ؛؛ احاديث كثيرة ؛؛ حملتها السحابة ؛؛ حيث أنا الآن ؛؛ ترى ما هذا السكون ؛؛ وما سر تلك النظرة ايها الشيخ ؟؟!!
أيها الشيخ :
نشدتك الله أن ترد علي رقاديا ونومي ، فقد شردت عني وساديا ، أتقي الله في زولا أمتم به الكرى فاحيا اللياليا ... اريد نوما لو انه نوم مغنما لغنيت !