أحدث الأخبار
الجمعة 22 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
عن الحكاية الازوادية والتدخل الفرنسي !!

بقلم : زهير ابن عياد* ... 05.02.2013

مثقلة بأطماعا ومطامحا تاريخية تحركت فرنسا في الاسابيع الاخيرة نحو بلاد مالي وتلك الصحاري غرب افريقيا , لتعيد ترتيب أمر مستعمراتها السابقة والتي تركتها منذ عشرات السنين شكليا وظاهريا لا غير . أدام الفرنسيس بليل التحكم ببوصلة هذه المستعمرات وأداروا شؤونها من وراء الكواليس بما ويتلائم مع مصالحهم وتطلعاتهم , وذلك بواسطة صنائع اصطنعتهم وسط هذه البلاد مناكفة وندا لقول " بيدي لا بيد عمرو " .
فرنسا – لا غرو – تقدمت نحو الضحل المالي ضاربة بعرض الحائط كل إخلاقيات الحقيقة , لا لهدفا صريحا حقيقي سوى الحفاظ على الشريان الحيوي من نفط وغاز في ظل وطأة البرد الشديد وموجات الصقيع التي تجتاحهم ,هذا على نحو ما يبدو , أما بإمبريالية أبعد وأعمق فمأربها تتمثل للمتبصر جيدا في وقف التمدد والزحف الاسلامي السني في تلك البلاد .
بعيدا عن المقدمات فالحكاية الازوادية من ألفها الى يائها , يظهر لك وبجلاء تربص وكيد مستعمر الامس لأبرز اقاليم افريقيا التي تضم بثناياها الارث الاسلامي العلمي الحضاري الثقافي التاريخي خاصة في تمبكتو , ولعلنا بهذا المقام نذكر شيئا عن الاسلام في تلك البلاد وما يتعرض له , فافريقيا عامة تنتهج الصوفية منهجا , وأزواد من المنظور الديني بمركباتها الطوارق والعرب وغيرهم ما عرفوا مذ فجرهم غير الاسلام دينا , وصلهم الاستعمار فيما وصل سنة 1844 أثناء تفشي النزعة الصوفية لديهم , فدق أسافين الفرقة والضلال , وأثار النعرات الطائفية العرقية , صحيح أنه جرّ أذياله عام 1960 او نحو ذلك , إلا انه خلّف تركة قميئة في تلك البلاد بندها العريض " التنصير " .
فخلّف مما خلّف رجالا إصطنعهم تشعبوا وتشبعوا بالثقافة الفرنسية وتقاليدها , فبنيت المدارس الفرنسية , وأستغلت ضائقة الناس من فقر وحرمان وجهل خاصة بسنوات المحل , فأرسلت وأرست البعثات , في ظاهرها إغاثية وباطنها تبشيرية تنصيرية , فكانت تناول المنكوبين باليمين كسرة خبز وأنجيلا باليسار , وأظلم من ذلك أنها بأحايين كانت تخطف الاطفال الصغار عنوة او إغراءا وترسلهم لفرنسا فتربيهم تربية علمانية ليبرالية لتؤهلهم فيما بعد كصنائع منيعة تصدّ وتشوش على انسيابية التمدد الاسلامي السني . هذا وقامت فرنسا استنادا للمقولة الشهيرة بحقهم - فرق تسد – بدعم وتهيئة الاجواء للصوفية والمتصوفة وذلك بجهل من الاخيرين , لتغذي وتؤسس لنزاعات مستقبلية قادمة في كل انحاء القارة السوداء , وما نلحظه اليوم ما هو إلا تجلي بارز لتلك النظرية , فالجماعات المسلحة في مالي بغض النظر عن افكارها هي سنية سلفية وقد قدمت لأزواد الصوفية , والمتصوفة مشهور عنهم تقديس الذوات والاضرحة وسلوكا يتعارض مع السنة بقدر ما , وعليه كان الصدام الخفي بين هؤلاء وهؤلاء الذين لا يتقبلون المساس بإرث الصوفية , صدام كان او يكاد أرست قواعده فرنسا الاستعمارية قبل عشرات السنين .
دون إشرافا من الامم المتحدة , ودون أي تبرير منطقي واقعي لسبب التدخل الميداني الجوي في مالي , هرولت فرنسا خلافا للمتوقع بطائراتها وجحافلها نحو شمال مالي التي تكبرها اضعافا واضعاف , فبلا إطار قانوني ولا شرعي سوى الاعتماد على مادة هزيلة هزلية من ميثاق الامم المتحدة , وهي المادة 51 التي تنص على الحق في الدفاع عن النفس الفردي والجماعي لأي عضو في المجموعة , وصراحة هذا البند او المادة لا يمكن الإرتكاز عليها بوجه من الوجوه , لأن مالي أولا عضو في مجموعة الدول الافريقية ولها حضور في الايكواس , وثانيا لان من دعا فرنسا للتدخل وإنقاذ مالي ودحر الأرهاب ( أقصد الرئيس المالي والذي جاء بإنقلاب عسكري لا نجزم بشرعيته ) هو وجماعاته في الاساس – ماليون متفرسنون إن لم يكن العكس – إذن كل عاقل يدرك ان النخبة السياسية المالية هي من ربتها فرنسا وألبستها نزعا من ثقافتها ورؤيتها السياسية الاستعمارية .
تعالوا الان لنناقش بشيئا من الإيجاز اهداف التدخل الفرنسي بمالي من وجهتين , الاول يأخذ بالرواية الفرنسية الرسمية , والاخر ينحدر للعمق ليرى الاهداف الخفية لذلك ولن نألو جهدا او نستميت في ذلك فالصورة واضحة وضوح النموذج الصومالي فيما مضى .
بغض النظر عن واقعية الاهداف التي طرحها فرانسو هولاند وسماسرته هي كالاتي :
- حماية السيادة والشرعية الماليه , والحفاظ على وحدة التراب المالي .
- حماية العرق الزنجي والمدنيين من تقدم الجماعات الازوادية المسلحة , وبالامس ما حدث كان الضد تماما فالعرب بتمبكتو تعرضوا للقتل ونهبت محالهم التجارية .
- فرنسا تؤازرها في ذلك القوى العظمى تخوّف العالم أجمع مدعية أن الجماعات المسلحة لا تكيل إعتبارا للإرث الصحراوي العريق المتمثل في مدينة تمبكتو , وأغلظت بالأيمان زيفا أن هذه الجماعات تحرق المخطوطات الاسلامية التي يرجع تاريخها للقرن الثالث عشر , كما وتدمر الاضرحة وتهدمها , فكان لزاما وواجبا ملحا أن تخرج فرنسا بقضها وقضيضها يرافقها سراق الاثار لصون هذا الارث الاسلامي ,ولا مانع لأجل ذلك أن تشرد 4 ملايين شخص .
- من الاهداف المعلنة بشكل صريح , مكافحة الارهاب ومنع قيام إمارة دينية شمال مالي , نجد ذلك مترجما في ما قاله الرئيس الفرنسي لمواطنيه حرفيا في خضم دفاعه عن حشر انفه بمالي " اننا بتدخلنا أنقذنا بلادنا من قبضة الارهابيين " .
هي إذن مقاصد واهداف سعت اليها فرنسا وبني الاصفر , وألبستها شيئا من الوجاهة , لغاية بنفس يعقوب , وقبل أن نتأرجح على طرف نقيض بذكر الغايات الخفية لفرنسا , أنوّه ونحن بهذا السياق ببعض السياسات الفرنسية تجاه افريقيا ودول الساحل المرقعة بالعباءة الفرنسية دون استحياء , ففرنسا جعلت من هذه الدول بغير رضى امريكا مستوطنات خاصة ذوات عمق اقليمي استراتيجي لها , لفرنسا كل الحق في الوصاية عليها , ومحرما على أيّا كان أن يتطلع للتحرر والأنطلاق من هذه التبعية . ومن جملة هذه السياسات ما يلي دون حصر :
1 ) فرنسا ما فتئت تمد يد العون والمساعدة للسلطات الافريقية بلا استثناء لقهر وترويض وتطويع الاقليات التحررية كالطوارق والعرب , ترويض وتطويع يصل في مراحل تعسفية لحد القتل والتعذيب الجماعي والتهجير , وما حصل في ضواحي باريس من صدامات قبل فترة بين الشرطة والمهاجرين الافارقة هي صورة مصغرة لما يجري وتريد له فرنسا ان يجري بالقارة السوداء . وعلى نقيض من ذلك تقوم بتأليب الاعراق والاقليات لسيرورة القلق في الهلال الخصيب , فالفرنسيس يعبثون لا مرية في السلم الافريقي ويتلاعبون به ليخلقوا اجواءا من المتاعب وعدم القدرة والعجز لدى السلطات والرؤساء , ليبقى هؤلاء بدورهم في أتكالية وإعتكازية على الحكمة الفرنسية .
2 ) تحض وتحرض وتتبنى نماذج لأنظمة فيدرالية , ففرنسا كغيرها من الدول العظمى بنظرة إستشراقية تجاهد لأن تجعل لها موطأ قدم ثابت ومستقر وهادئ في منطقة الساحل الغنية بالنفط الغاز واليورانيوم , ولهذا نرى فرنسا وتلك القوى تغذي أي نزعة انفصالية , خاصة للطوارق الذين يحاول الجميع استرضائهم واستمالتهم لنصبهم كحليف قويا عنيد يعوّل عليه بالوقوف بوجه قوى التحرر الصاعدة ووئد أي صحوة تتشكل في تلك المنطقة , ويسهر الطوارقي عاملا على مصالح فرنسا وأمنها , ولمّا لم تتمخض تلك المحاولات بطائل لرفض الطوارق لها , أجهض حلمهم بقيام دولة طوارقية خالصة .
3 ) الرضى عن انعدام التنمية بافريقيا ككل , والتلاعب بالأمان الأقتصادي وسحق الطبقات الفقيرة , والتسيس والتجيش بسياسة الفقر والإفقار وتعمد ديمومة ذلك وخنقهم فكرا وفعلا بمصطلح العالم الثالث كل ذلك لأجل استغلال مواردهم وخيراتهم , وفرنسا كما اسلفت انفا جعلت لها اتباعا واشياع يحكمون مستعمراتها , وهؤلاء الاشياع أبقوا شعوبهم في دوامة الفقر وقاموا بشحنه كلما إقتربت شعوبهم من الخط الاحمر , وذلك لان الفقراء برداء الجهل هم من يوصلون السياسيون لمناصبهم , ولهذا فالمصلحة تحكّم الاحتفاظ بفقرهم .
4 ) إعتماد جيوش ضعيفة تنقصها الخبرات والتقنيات الحديثة تتهاوى وتتقهقر امام بارودة صيد , تقهقر تصدر معه نداءات استغاثية لفرنسا لتهب لنجدتهم , وهذا ما تريده الاخيرة وخططت له منذ أزمان , وكان لها ذلك .
5 ) إفتعال الازمات وبث النزاعات العرقية الاثنية بين الاقليات والقبائل التي جعلت فرنسا بينهن تاريخا طويلا من الصراع الدموي , وحيّدت أي سلطة تأتي ديمقراطيا لما لذلك من تبعات توحدية صادرة من صلب الشعب .
6 ) تحويل الدول الافريقية الى بقع فسادا سوداء وكانتونات طائفية كما ذكر , وبهذه الامور تسهل السيطرة على مواردهم الهائلة .
الاهداف الحقيقية :
نجحت فرنسا بتأليب العالم وأوهمته أن حركات أزواد بصفتها تحررية ما هي إلا قوى إرهابية توشك او تكاد ان تلتهم وتسيطر على دول افريقية كاملة , ولعله من الظلم وإجحاف الازواديين حقهم التاريخي , فأزواد حقيقة الامر ببيئتها وتاريخها وواقعها ليست جزءا من مالي , وهي في ثقافتها وتقاليدها تختلف عن زنوج مالي , وفرنسا دون أدنى إعتباطية قامت بضم هذا الاقليم لمالي لأغراض في نفسها , هذا في ما سلف , أما الساعة هذه, فنجمل بإختصار بعض اهداف فرنسا من تدخلها السريع في مالي , ولكن نشير بادئ بدء ان لكل حملة اهداف متنوعة تغطي الغطاء الفكري لمريديها , فالسلطات الفرنسية بها الطامع الاقتصادي وبها المغامر وبها المسيحي التبشيري وبها الباحث عن المجد وغيرهم كثير ولهذا تأتي الحملة متنوعة الاهداف تحقق لكل فئة مطلبها :
- الحملة الفرنسية على ما تدعيّه الارهاب هي من حيث الصميم إستهداف للحركة الاسلامية في تلك المنطقة , وقتل أي تحالف عربي طوارقي متأثرا بالربيع العربي , فالعرب بحركاتهم الراديكالية واطروحاتهم السلفية , وابرزهم انصار الدين بما تملكه من خبرة طوبوغرافية وضراوة شرسة في قتال الصحراء , والطوارق بحركاتهم الوطنية التي تمتلك ترسانة عسكرية قوية بفضل العائدين من كتائب معمر القذافي , فخشيت فرنسا كل الخشية من تلاحم هذين الشقين وتعاضدهما , مما يشكل لها تهديدا استراتيجيا خطيرا , فكانت الحملة ...
- فرنسا أرادت زرع المطبات ووضع العصي بوجه تمدد الربيع العربي في دول المغرب العربي , وذلك بتدخلا كهذا لإرباك وبلبلة الاوضاع بهذه الدول , فعقب أن استطاعت تونس التحرر ودمقرطة شعبها , خشيت فرنسا من هذه الدول اللحاق بركب تونس , فكانت الحملة
- بيت القصيد في التدخل الفرنسي هو الحفاظ على نفط وغاز مالي خاصة أن أزواد تضم 70% منه , وكذلك صيانة وحماية الثروات المعدنية الهائلة وسط رمال مالي المتحركة , وإبعاد شبح التخريب والتعطيل عن اليورانيوم في النيجر ومالي , والدفاع عن الشركات الفرنسية وغيرها التي تعبث وتبحث بارض دول الساحل عن الخيرات والنعم , وبالمعنى الاعم هو تدخل جاء لحماية مصالح اوربا وفرنسا الاقتصادية تحديدا , وأهم من ذلك كله الوقوف وتطويق محاولات تمدد ايران والصين في دول الساحل الافريقية .
- منذ قيام الربيع العربي وهناك نغمة سائدة في الاروقة الغربية تتمحور حول تأمين والأتجاه اكثر نحو مصادر طاقة جديدة , ففي الفقه الاستراتيجي للغرب هناك مقولة تقول " إن نقطة دم تعادل نقطة نفط بالشرق الاوسط " , هذه العبارة الاستغلالية أخذت تتقلص مع دخول الربيع العربي , فالولايات المتحدة أصبحت تتحول لدولة نفطية ضخمة وستقلص بحلول السنوات القادمة إعتمادها على نفط العرب من 80% الى 50% , ولا شك سيأتي يوم يتم فيه تهميش دول الشرق الاوسط وإفقادهم وزنهم السياسي , لهذا كان لزاما على دول اخرى من جملتهن فرنسا المبادرة بإحياء حلمها الاستعماري القديم لتعويض إنسحاب الولايات المتحدة وأنهيار الشرق الاوسط .
- الهلال الافريقي بمثابة درع وحزام يحمي اوربا من تدفق المهاجرين , هؤلاء الذين تفوق قضيتهم اهمية قضايا الاقتصاد الوطني عندهم , وعلى أعتاب هذه القضية تسقط حكومات وتستنهض أخر , فنجد كبار الباحثين والاكاديميين في تلك البقاع يهولون الامر ويصفونه بأسلمة أوربا وكأن المسلم طوفان جيوموفولوجي سيغير معالم أرضهم وبلادهم , لهذا أسرعت فرنسا مدعومة لوجستيا من أوربا وانجلترا الى وئد المشكلة بعقر دارها , وشد هذا الحزام الرخو وزرع الشوك به ليعيق تقدم المهاجرين .
- إجهاض الحلم الأفريقي , ففرنسا عقب خروجها الرمزي من مستعمراتها عقدت اتفاقيات تجارية مشبوهة جدا , ولهذا ستسعى للحفاظ على كينونة هذه الاتفاقيات بأي ثمن , وبقراءة أوضح فرنسا لا ترغب بالإنماء وبالوعي للافارقة او التقدم فكريا وعلميا , يبرز لنا ذلك بمعنى اخر في الصفقات السوداء التي إجريت مع الجزائر والمغرب جراء السماح للطيران الفرنسي العبور بأجواءهما , وعندي أن الجزائر بمحاباتها لمستعمر الأمس قد ضربت اخلاقيات الكرامة بصلبها وأهانت مليون شهيدا تلقبّ بهم , وزرعت رأسها بالرمال فيما تتربص بها القوى الكبرى وتبتزها لنفطها وغازها , فلا شك عندي البتة أن فرنسا وعقب استمالتها للجزائر سترسل الارهابيين وقطاعي الرؤوس للدوحة الجزائرية لتربكها وتقلقلها وتستبيحها فيما بعد , وما حدث في عين اميناس ما هو إلا عينة وجس نبض .
- قد تكون الحملة هي لتنفيس المأزق الاقتصادي الذي يمرّ به الغرب , لما لا ؟ وفرنسا قد وجدت من يدفع فاتورة هذه الحرب الجدلية , فالامارات استعدت وسلائل قبيلة الأزد وعمود قحطان دعمت فرنسا ماليّا في مالي بعد خبائثها في مصر .
قطعا , بأي شكل من الأشكال لا يمكن تقويم التدخل الفرنسي في مالي تحت خانة الحفاظ على سيادة دولة وحماية ارواح مواطنين تكاد أن تزهق , وهذا ليس مدعاة للتعجب فمنذ متى كان بني الاصفر يحرصون على وحدة التراب المالي ومواطنيه , وهم يتفرجون ببلاهة على ما يحدث في سوريا وبورما والعراق , إنها أيها السادة اخلاقيات جهابذة الاستعمار البغيض واساطينه , استعمار وبالأحرى إستخراب لا اخلاقي متجذرا في نفوسهم اشرأبت أعناقهم لإعادة صروحه كما فعل ويفعل هذا اللورنس , الأنيق ببدلته المتألق بهيئته – برنارد ليفي – وكيف عبر الصحراء ليدعّم ويرسي دعائم الاستعمار الجديد , في ظرف شهور تسلل لليبيا ورتب الاوراق وأقام وخلع , وكل ذلك بشهادة برلسكوني نفسه حين فضح التدخل الفرنسي في ليبيا قبل اسبوع .
أما قضية الارهاب والتحاجج به فمشكوكا بها من الاساس وبرمتها , وهنا تسائل اؤكد لك أحقيته بعد سطور , لماذا لا تكون فرنسا هي من ترسل الارهابيين وذباحي الرهائن وقاطعي الرؤوس لتزرع الارباك والبلبلة وتحقق مأربها فيما بعد , فقضية تضخيم الارهاب والقاعدة ككل بحاجة الى إعادة نظر , خاصة أن هناك طرف خيط يجر الى ما اقصده كما حدثتك , فقد تكشّف اخيرا وظهر ذلك بعدة صحف أن الفرنسي برنارد ليفي هو من يقف وراء تأسيس التنظيمات القتالية في العراق والتي نسبت للقاعدة , الى هنا .
قد تكون فرنسا خرجت من مستعمراتها السابقة شكلا لا مضمونا , إلا اننا نعيد ونكرر أنها تركت فيها من يرعى ويحرص مصالحهم من جنرالات وزعامات , ولذلك نرى أن هذه الشعوب ما زالت فقيرة شاظفة , وبلادهم غنية بالنفط والغاز والذهب والمعادن وغيرها .
ختاما لا يغتر المتبصر جيدا بالتقدم السريع للقوات الفرنسية فالحرب ستتوسع وهكذا يراد لها من جميع الاطراف المتحاربة , فسيستعر اوارها حتى يتمدد النزاع ويسود الاضطراب السياسي والامني جميع دول الجوار , خاصة أنك مهما ملكت من عدة وعدد وعتاد لن تحقق طائلا ترجوه بسبب نظرية أثبتتها الجماعات المسلحة منذ الالفين ( لا إنكسار ولا إنتصار ) , الهلال الافريقي سيغرق في حرب استنزاف طويلة خاصة الجزائر ومورتانيا اللتان تعانيان من اوضاع اجتماعية اقتصادية سياسية امنية ركيكة وهشة .
فأمام إزدواجية الاهداف الفرنسية التي لا تعني سوى تعسف واستعمار قميء لا يسعنا إلا الانتظار عما تسفر عنه الاوضاع الانسانية هناك في مالي ولعلنا نساهم بما في مقدورنا لمؤتمر المانحين الذي سيعقد في باريس لغوث وإعمار مالي وشمالها , ونسأل الله أن يسلمّ الجزائر وبلاد شنقيط شر ذلك , واخر القول كلمة بسيطة لمن يتوهم ويظن أن الاستعمار لم يعد إلا في كتب التاريخ , نقول له : إن طغيان الطغمة الاستعمارية وقيمها ما زالت تلوكها فرنسا تنظر اليها في ذلك شذرا انجلترا , ومعا تنصبان ذواتهما حماة العالم وسلمه , وقد تكون رأيت ببؤبؤ عينك عواقب كل تدخلا سافرا في شؤون الدول الاخرى كما حدث في الصومال افغانستان العراق السودان اليمن ...
أزواد أقليما اسلاميا يستحق منا الاهتمام والعناية لا التجاهل , فعلينا إستيعاب تلك الاحداث ومعرفتها حق المعرفة لأن ازواد اولا واخيرا بغطاءها البشري هي من حيث العمق قضية اسلامية عربية .

*كاتب من النقب