بقلم : راسم عبيدات ... 08.02.2013
كما يقول المأثور الشعبي"تفضا القرد لمعط الجلد"،فالاحتلال في إطار استكمال حربه على المقدسيين في كل مناحي وتفاصيل حياتهم اليومية،وضع خطة شاملة لكل قرية وحي على حدا،محولاً القدس العربية إلى مربعات أمنية،فبعض أن شن حملة شرسة على قرية العيسوية الصامدة وكبؤرة نضالية مشتعلة،ومن اجل أن لا تعمم ظاهرة العيسوية على باقي قرى مدينة القدس،على مدار ما يقارب الشهر زج الاحتلال بقواته الشرطية واجهزة مخابراته وطواقم الداخلية والبلدية بتسمياتها وعناوينها المختلفة،من أجل شن حملة تقشيط وبلطجة على العيسوية،المخالفات للمركبات والسيارات وحتى للسابلة ولأتفه الأسباب،وكذلك مصادرة السيارات والممتلكات،لمن عليه مخالفة او غرامة حتى لو كانت قيمتها خمسين شيكل،وعملت بشكل مترابط سلطة الضرائب المسقفات"الارنونا"والدخل والتأمين الوطني وسلطة الإذاعة والداخلية لهدم المنازل غير المرخصة وتحصيل المخالفات والغرامات على ما يسمى بالبيوت غير المرخصة،والأجهزة الأمنية والشرطية من اجل اعتقال كل من له صلة او علاقة بالعمل المقاوم،....واعتقد الاحتلال بأن أساليب البلطجة والزعرنة ستدفع اهل العيسوية الى الاستسلام ورفع الراية البيضاء،ولكن العيسوية بقيت صامدة وكسرت وهزمت جحافل الغزاة،واليوم الاحتلال نقل المعركة إلى سلوان،ونفس الطواقم والأجهزة التي عملت في العيسوية اليوم تعمل في سلوان،وعلى مدار الساعة ولنفس الغاية والهدف،وبعد سلوان ستنتقل الحملة الى قرية مقدسية أخرى،حملة بلطجة وتقشيط مستمرة ومتواصلة.
حرب تشن على المقدسيين،بلطجة وزعرنة وعمليات تقشيط،ولا خدمات حقيقية تقدم للعرب المقدسيين مقابل الضرائب التي تجبى منهم،ورئيس بلدية يمتهن الكذب والخداع والدجل ويحاول ان يجمل صورته عند المقدسيين،ويقوم بزيارات علاقات عامة ومجاملة تقطر سماً،ويلتقيه من هم على هامش الحياة المقدسية،المعتقدين بأن لقاءاتهم معه ستجلب لهم الشهرة والاحترام بين المقدسيين،ففي الوقت الذي يحاول فيه ان يتحدث عن مشاريع وخدمات للعرب المقدسيين عملت ونفذت،أو مقرة أو ستعمل للمقدسيين،فهي في اغلبها ليس له وجود على الأرض،وما ان تنتهي زيارة العلاقات العامة لهذا الحي العربي او ذاك،حتى تقوم بلدوزراته بهدم بيوت مقدسية،او تجريف أراضي وتوزيع إخطارات وأوامر هدم جديدة،ونحن نسأل عن الخمسمائة مليون شيكل المخصصة لتحسين الشوارع في القدس الشرقية،اين جرى استثمارها؟؟ ولماذا شوارع القدس الشرقية توحي لك بأن المدينة تنتمي في القسم الشرقي منها،ما عدا الشوارع المؤدية الى المستوطنات، لعصر وقرن غير هذا العصر والقرن،وشارع القدس- بيت لحم القديم،خير شاهد ودليل،فهو مليء بالحفر و"المطبات" العوائق غير القانونية،ولم تجري عليه أعمال الصيانة أو الترميم وحتى السفلتة منذ عشرات السنيين،بإستثناء قفة"زفتة "توضع في هذه الحفرة او تلك لتجرفها المياه في اليوم التالي،أو تعود الحفرة كما كانت لكون العمل يفتقر الى المهنية والدقة،والشارع لا توجد عليه أعمدة إنارة ولا خطوط مشاة او عوائق "مطبات" قانونية،او حتى أرصفة او "كندريمات"،لا للمشاة من اجل السير عليها،او لحماية الشارع من خطر الانجراف بسب مياه الأمطار،أو حتى مصارف لتصريف مياه الأمطار،وخطر يتهدد حياة الناس،ودمار وخراب يلحق بالمركبات السائرة على الشارع،وهذا حال الشارع الرئيسي،فكيف بالشوارع الداخلية في القرى العربية؟،فهي فقط تحمل إسم شارع،وليس لها صلة بالشارع من قريب أو بعيد،تملؤها الحفر و"المطبات" التي هي أشبه بالهضاب،وتكسوها طبقة رقيقة ومتفرقة من الاسفلت،وهي أقرب في مناظرها الى الحياة البدائية،او مناطق تورا بورا في أفغانستان،لا الى مدينة في القرن الواحد والعشرين،وعلى سبيل المثال من يدخل قرية المكبر،يعتقد بأن هذه القرية المقدسية تنتمي الى قرون وعصور خلت....... وحال بقية القرى المقدسية،ليس بأحسن حال....وهم لا يريدون ان يقدموا خدمات للسكان العرب....ويفرضوا عليهم القيود والضرائب بأشكال ومسميات مختلفة...ويريدون من العرب المقدسيين،أن يشكروهم على أنهم يسمحون لهم بالبقاء على قيد الحياة.
المقدسيون مجرد وجودهم وبقاءهم في مدينة القدس،هو شكل من أشكال النضال والمقاومة والصمود....والمأساة رغم ما يشن من حرب شعواء من قبل الاحتلال على المقدسيين،فهم بالمقابل يتعرضون للظلم من ذوي القربى،حيث في أحيان كثيرة وفي اكثر من مناسبة جرى الطعن والتشكيك في وطنيتهم وانتمائهم،والمزايدة عليهم في النضال والكفاح والتضحية،رغم انهم ضربوا أمثلة مميزة ورائعة في النضال والكفاح والتضحية،وهناك من يحسدهم على حملهم للهوية الزرقاء المفروضة عليهم قسراً،تلك الهوية التي يترتب على العربي المقدسي،الكثير من التزامات بسببها،فهو يدفع أجرة بيته المالكة شهرياً،ربما أضعاف أجرة البيوت المستأجرة في الضفة الغربية،تحت مسمى ضريبة المسقفات "الأرنونا"،وبسببها لا يستطيع العيش في أي من مناطق الضفة الغربية،حيث يفقدها ويفقد حقوقه الاقتصادية والاجتماعية،وحتى وجوده في المدينة المقدسة،وفي سبيل عدم فقدانها وفقدان الإقامة في المدينة،يتكدس المقدسيون في بيوت أقرب إلى المخيمات،وفي العديد من الأحيان تكون منتهكة للخصوصيات،وبأجرة خيالية تزيد عن أجرة أحسن فيلا في الضفة الغربية.
والناس لا تعلم بأن حصول المقدسي على رخصة لإقامة بيت أشبه بالمعجزة،من كثرة التعقيدات البيروقراطية،ناهيك عن التكلفة العالية لرسوم الحصول على رخصة،حتى ان رسوم الحصول على رخصة لشقة واحدة في القدس،دون البناء توازي تكلفة بناء وتشطيب بيت على الطراز في الضفة الغربية.ورغم كل الإجراءات والممارسات القمعية بحق المقدسيين،يتخذ من قرارات ويسن ويشرع من قوانين عنصرية ضدهم ،بهدف طردهم وترحيلهم،فإنه لا مناص أمامهم سوى الصمود والثابت،فبصمودهم وثباتهم،ستبقى القدس عربية ومحور القضية، فلا حملات البلطجة ولا الزعرنة ولا التقشيط،ستفلح في اقتلاع المقدسيين ولا طردهم ولا تهجيرهم،ولا دفعهم لرفع الراية البيضاء.