بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 27.12.2012
يُقال ان فلان فقد عقله من هول الحدث ونخشى ما نخشاه ان الاطراف المتحاربه في سوريا قد فقدت عقلها وصوابها في خضم الاحداث واضاعت الاتجاه لتبحر بالشعب والوطن السوري في بحر من الدم والدمار والخراب والقضيه هنا لم تعد قضية اما مع النظام او مع المعارضه لان الدمار الذي يلحق بسوريا يوميا مصدره الحرب الدائره بين قوات المعارضه وقوات النظام التي بدأ كما يبدو يفقد سيطرته على المزيد من المناطق السوريه فيما تزداد قوة الميليشيات مع اتساع رقعة المناطق اللتي تسيطر عليها قوات المعارضه السوريه المدعومه من قبل عدة دول اقليميه وعالميه, لكن ما يجب التأكيد عليه ان الاحداث في سوريا بدأت بانتفاضه شعبيه على نظام حكم ما زال يتشبث بالحكم بالرغم من الدمار الهائل الذي لحق بالوطن والشعب السوري والحقيقه هي انه لايمكن تصور ان يستمر النظام نفسه بحكم سوريا بعدما جرى من تغيرات كبيره واحداث جسيمه وخسائر فادحه لحقت بالشعب والوطن السوري ونحن هنا لا نريد ان نخوض في شكل وبرامج المعارضه السوريه بقدر الخوض في تجارب تاريخيه خاضت فيها الشعوب حروب طويله مع الاستعمار والاستكبار والنتيجه كانت هزيمة الاستعمار بالرغم من فداحة الخسائر والتضحيات التي قدمتها هذه الشعوب والتجربه التاريخيه علمتنا انه دوما كان مناصرين للاستعمار واخرون مناصرون وداعمون لثورات الشعوب والتجربه التاريخيه علمتنا ايضا ان الحروب الاهليه تنتهي او انتهت عادة اما بحسم المعركه من قبل طرف من الاطراف او بحل سياسي ينهي الحرب ونحن نعتقد ان سوريا اليوم تترنح بين هاتين التجربتين التاريختين فمن ناحيه اولى هنالك حرب بين جيش النظام وقوات المعارضه ومن ناحيه ثانيه هنالك بوادر حرب اهليه وصبغه طائفيه لهذه الحرب التي حصدت ارواح عشرا ت الالاف من السوريين وشردت مئات الالوف الى خارج وداخل سوريا والسؤال المطروح : ما الفائده من استمرار هذا الدمار في ظل بوادر تشير الى حتمية سقوط هذا النظام في المحصله النهائيه بغض النظر عن خلفية وايديولوجية من سيخلفون هذا النظام في حكم سوريا؟..هنالك ضبابيه وعدم وضوح في الرؤيه حول ماهية وخلفية المعارضات السوريه وهذه حقيقه ستعكس نفسها لاحقا سلبا على الوضع في سوريا سواء في شكل النظام الجديد او في استمرار الصراع على السلطه بين المعارضه...؟
في سوريا اليوم يوجد معضله واشكاليه كبيره حول الجيش النظامي السوري الذي زج به النظام في معركه شبه خاسره ضد الشعب السوري والمؤسف في الامر ان الجيش السوري الوطني لم يحذو حذو الجيش التونسي والجيش المصري في الحفاظ على البلاد والابتعاد عن النظام من جهه والوقوف مع مطالب الشعب السوري من جهه ثانيه وبالتالي ما جرى ويجري في سوريا كان "خطأ" مزدوج من قبل النظام والجيش وهذا الخطأ[طبعا فرضية القصد تنفي امكانية الخطأ] حطَّم صورة الجيش العربي السوري بالكامل ليصبح هذا الجيش جيش نظام وليس جيش نظامي وطني في دوله وطنيه بغض النظر عن النظام ومن هُم في الحكم والذي جرى ويجري اليوم ان الاحداث تجاوزت المراحل الاولى اللذي كان بإمكان الجيش السوري ان يلعب فيها دورا ايجابيا لصالح الشعب والثوره وتجنيب سوريا هذا الخراب والدمار الهائل الذي لحق بسوريا منذ اندلاع الانتفاضه السوريه ومرورا بتطورها نحو الحرب الشبه اهليه وحتى يومنا هذا التي وصلت فيه الامور الى معركة كسر العظم بين النظام والمعارضه الغير متجانسه ايديولوجيا وغير متناسقه في الاهداف... قَّد تبلغ المعارضه السوريه مرحلة سقوط النظام, لكن مرحلة مابعد سقوط النظام ستكون الاصعب والاعقد وجميع الاحتمالات وارده من احتمال وضع الحرب اوزارها وحتى احتمال استمرارها فيما بين المعارضه نفسها او احتمال الحرب الطائفيه والمناطقيه!؟
من هنا يبدو ان سوريا الان تعيش مرحلة اسقاط النظام ايا كان الثمن والنظام بدوره يحاول اطالة عمره في معركه خاسره على المدى الطويل او القصير لان المتغيرات على الارض ستفرض التغيرات في المواقف الدوليه والاقليميه ومواقف الدول التي تعتبر ذاتها حليفه للنظام السوري, بمعنى بحسابات السياسه وحصاد البيدر يبدو جليا الان ان التوجه الاقليمي والعالمي والعربي يشدو الى تقليل الخسائر وتقصير عمر الحرب في سوريا من خلال تحييد النظام او اسقاطه بغض النظر عن الطريقه التي ستؤدي الى هذه النتيجه التي ستنقل سوريا الى مرحله وحقبه تاريخيه جديده غير واضحة المعالم حتى الان لكنها ستتتبلور في حينها عبر تباينات سياسيه بين الاطراف ذات البرامج والمشاريع االمختلفه حول كيفية وشكل نظام الحكم الذي سيحكم سوريا بعد سقوط النظام الحالي..!!
الجميع يتحدث عن الشعب السوري والجميع يزعم بتمثيل مصالح وطموحات هذا الشعب سواء النظام الذي يقصف قرى ومدن هذا الشعب او المعارضه التي تحارب النظام وتتمترس ايضا في القرى والمدن السوريه ..واضح ان المعادله القتاليه في سوريا صارت هدم كل شئء.. علينا وعلى اعداءنا والدمار في المحصله يلحق بارواح وممتلكات الشعب السوري اينما تواجد في الوطن السوري او في مخيمات اللاجئين في دول الجوار , بمعنى ان الشعب السوري هو اولا واخيرا ضحية هذه الحرب بين النظام والمعارضه وفي حالة سقوط النظام وهو كما هو واضح ساقط لا محاله ستكون هناك حالات فرز واستقطاب بين القوى التي شاركت في معركة اسقاط هذا النظام وسيكون هنالك فروع واصول ودخلاء واصول ضابطه وشجرة انتساب وطني سوري وفي المقابل سيكون هنالك صعوبه جمه في استيعاب او تطبيق ايديولوجية القوى الوافده للقتال من خارج سوريا وما هو دورها في بناء المستقبل السوري في حقبة مابعد النظام..هل ستغادر هذه القوى سوريه بعد انتهاء القتال ام ستقاتل من جديد لفرض برنامجها في سوريه الجديده... الامر لن يكون بسيطا في سوريه وبناء دولة المواطن والمواطنه لجميع السوريين سيستغرق وقتا طويلا و بلسمة الجراح في اعقاب الحرب ستكون من اصعب المهام السياسيه وإحتمال اندلاع الحرب الطائفيه والمذهبيه غحتمال موجود ناهيك عن صعوبة إعادة إعمار بلاد ودوله مدمره!!
في سوريه تعيش اثنيات وطوائف كثيره ومتعدده وقد تضررت جميعها من الحرب الراهنه و الضرر هنا لا ينسحب على الطائفه الاكبر او الاصغر لابل على جميع مكونات الشعب السوري اللتي مزقتها هذه الحرب وهنا لابد من التنويه لاهمية دور الشعب السوري في الداخل وتضحياته الجسيمه وانجا زاته بينما يقتصر دور المعارضه في المهجر على الاعلام والمؤتمرات والقياده الفعليه والوهميه وهذه النقطه بالذات ستثير خلاف كبير حول سؤال حول من يستحق القياده ومن ينتهز الوضع ناهيك عن المتطفلون والمتسلقون على جراح واشجان الشعب السوري الذي دخل في حرب مع جيش نظامي مسلح كان من المفروض ان يكون جيش وطني يحمي الشعب فتحول الى جيش نظام معادي للشعب ويخوض معه معركه داميه حصدت ارواح عشرات الالوف من السوريين..ايا كانت الاهداف والاستراتيجيات الداخليه والخارجيه, لكن في المحصله كان ومازال الشعب السوري هو الوقود والمحرك الرئيسي لمعركة التحرر من نظام عائلي دكتاتوري وهذا الشعب يدفع الثمن من دماءه واشجانه بينما المعارضه الخارجيه الهلاميه تعيش في بحبوحه ورغد عيش وهي مرتبطه إما باجنده غربيه او عربيه رجعيه وعليه ترتب القول ان الانتهازيون والغربان سيتكاثرون في مرحلة مابعد سقوط النظام وسيحاولوا ايجاد موطأ قدم لهم في سوريا رغم انهم لم يشاركوا في الثوره ولم يقدموا التضحيات الجسيمه الذي قدمها الشعب السوري البطل على مدار ما يقارب العامين من الاشتباك مع قوات النظام.. الشعب يريد وهنالك من يريد للشعب ان يصبح حصان طرواده له ومطيه لاهدافه او لاجنده خارجيه.. مثلا وببساطه دول الخليج العربيه تريد الحيلوله دون دمقرطة سوريا وتحبذ اسلمة النظام القادم على دمقرطته ..الغرب وامريكا يريدون نظام مهلهل وتابع للغرب لابل يريدون سوريا مدمره وضعيفه الى حين ترتيب اوراقها الداخليه والخارجيه..الحاله السوريه الراهنه صعبه جدا وتداخلت فيها امور كثيره وتدخلت فيها ايضا دول اقليميه وعالميه وعربيه مما يصعب الامور ويزيدها تعقيدا!
في سوريا الان لاصوت يعلو على صوت السلاح والمعارك تزداد حده وشراسه مع ازدياد الاسلحه وتنوعها وزيادة فاعليتها في ارض المعركه الممتده على طول وعرض سوريا ووصلت الى مخيم اليرموك ومشارف العاصمه دمشق الذي يعتبرها النظام خط احمر,لكن في المحصله مايجري في سوريا كارثه وطنيه ودمار للوطن السوري والنظام السوري يتحمل الجزء الاكبر من المسؤوليه عن هذا الدمار المتدحرج والمتواصل وكأن حال لسان النظام يقول علينا وعلى اعداءنا وإما انا او دمار سوريه وفي المقابل تقف معارضه او بالاحرى معارضات تفتقر لبرنامج سياسي لحقبة ما بعد سقوط النظام وهنالك احتمالات وارده بان مرحلة ما بعد سقوط النظام هي الاصعب وام المصاعب وعلى راس هذه المصاعب منع انزلاق سوريا في اتون حرب اهليه وطائفيه ومذهبيه تؤدي الى هلاك سوريا الارض وسوريا الشعب وسوريا الدوله...نعم نؤمن ان الشعب السوري بكل اطيافه يحلم بالعداله ودولة المواطن والديموقراطيه والامن السياسي والاقتصادي وهذا الشعب يريد حتما اسقاط النظام ووضع حد للمأساه السوريه لكن هنالك من يريدون امور اخرى للشعب السوري والدوله السوريه...الاجنده في سوريا كثيره وعنكبوتيه.. المعضله السوريه : الشعب يريد وهنالك من يريد للشعب شئ اخر والنظام وجزء من المعارضه السوريه والقوى الاقليميه والعالميه هم من يريدون هذا الشئ الاخر.. حلم الشعب السوري بالحريه والعداله حلم مشروع وكبير, وحلم اعداءه بما فيهم النظام هو تدمير سوريا واستعباد هذا الشعب؟!