بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 03.01.2013
في هذه الايام لفظ هذا العام انفاس ايامه الاخيره وفي هذه الاثناء نحن في صدد وداع عام واستقبال بداية عام جديد وبهذه المناسبه لابد من التوجه بتحايا خاصه للامه العربيه والاسلاميه والبشرية جمعاء, لكننا نتوجه بتحيه خاصه للشعب الفلسطيني اللذي سطر وما زال يسطر كل عاما اروع اساطير الصمود والتضحيه سواء على ارض الوطن او في مخيمات اللجوء والمهجر وفي هذا العام حدثت احداث كثيره وجسيمه من بينها وكالعاده النضال المتواصل للشعب الفلسطيني ومن بينها الاضراب البطولي ومعركة الامعاء الخاويه اللتي خاضها اسرانا البواسل في سجون الاحتلال ومن بينها احداث كثيره برز منها العدوان الاسرائيلي الاخير على غزه وسقوط المئات من الشهداء والجرحى وبلوغ صواريخ المقاومه الفلسطينيه تل ابيب لاول مره وعليه ترتب القول بواجب توجيه التحيه لاسرى الحريه الصامدون في سجون الاحتلال الاسرائيلي وواجب توجيه تحيه خاصه للاطفال الفلسطينيون الذين ما برحوا الميدان طوعا ام قسرا وواجب الترحم على شهداءنا الابرار وواجب الدعاء بالشفاء لجرحى العدوان الاسرائيلي وواجب توجيه التحيه للشعب الفلسطيني اينما كان وتواجد وطنا ومهجرا وفي كل قريه ومدينه فلسطينيه وعلى راسهم المرابطون البواسل في زهرة المدائن والمسجد الاقصى المبارك اللذي تستهدفه قوات الاحتلال الاسرائيلي بشكل مباشر الى حد تهديد وجود وبقاء الاقصى.. التحيه بكل معناها وفحواها للشعب الفلسطيني في الضفه والقدس وغزه والجليل والساحل والمثلث والنقب ومخيمات المهجر وهو الشعب الذي عانى وما زال يعاني الامرين من تداعيات الاحتلال الاسرائيلي لوطنه فلسطين, لكنه في المحصله اثبت انه شعب عصي على الانكسار وما زال يقار ع الاحتلال جيل بعد جيل وحال لسانه يقول اما فلسطين او فلسطين وحتى لوبلغ الامد امده والحين حينه وحتى لو تمادى الغاصبون فالمدى لنا والنفس الطويل لنا والحق كل الحق معنا وما ضاع حق ووراءه مطالب واحد وما بالك ان كان عدد المطالبين بالملايين..!!
الحديث اعلاه هو غيض من فيض الاصرار الفلسطيني على الحق ورفض الباطل والاحتلال وهو اصرار يتناقض تناحريا مع خطاب اكثرية الفصائل و القيادات الفلسطينيه وعلى راسها سلطة اوسلو اللتي تحكم في رام الله وغزه شكليا بينما الحاكم الحقيقي والمتحكم بمصير الشعب الفلسطيني هو الاحتلال الاسرائيلي الذي يحتل الضفه الفلسطينيه والقدس ويحاصر غزه برا وبحرا وجوا لكن يخطأ من يظن ان اسرائيل وحدها هي اللتي تعيق تحرر الشعب الفلسطيني وتحول دون نضاله من اجل هذا الهدف السامي والحقيقه هي ان السلطه الفلسطينيه بشقيها الغربي والشرقي تساهم بشكل كبير والى حد بعيد في كسب الوقت لصالح الاحتلال الذي يفرض سلطته اليوم على المزيد من الاراضي الفلسطينيه من خلال الاستيطان والمستوطنات والقوه العسكريه في حين ان ردود فعل السلطه على افعال الاحتلال تتمثل في تصريحات كاذبه وتضليليه حول انجازات وهميه وسياسيه في رام الله من جهه وادارة الازمات والزعم بالانتصارات في غزه من جهه ثانيه وبالتالي ماهو جاري ان القضيه الفلسطينيه ضائعه منذ عقود بين حانا انجازات رام الله السياسيه ومانا انجازات غزه العسكريه بمعنى اننا ضَّيعنا لحانا ببساطه بين حانا رام الله و مانا غزه والخلاف الدائر بين حركتي فتح وحماس على مقاليد سلطة اوسلو..سلطة اوسلو اختزلت القضيه الفلسطينيه في امور اداريه وماليه وتركت المجال مُتاح لاستفحال الاستيطان الاسرائيلي في الضفه والقدس وكامل الاراضي الفلسطينيه لابل ان سلطة اوسلو في رام الله متمثله في مستشار رئيس السلطه تتوعد الفلسطينيون ان هُم قاموا بانتفاضه جديده بالتصدي لهذه الانتفاضه في الضفه وقمعها حيث قال مؤخرا مستشار محمود عباس السيد نمر حماد ردا على سؤال في مقابله مع قناة الميادين الفضائيه بانه: لن يسمح بقيام انتفاضه فلسطينيه جديده وسيتصدى لها بكل قوه على حد قوله ويزعم في الوقت نفسه بعدم جدوى الانتفاضه وهو في الحقيقه معادي لكل اشكال النضال الفلسطيني وسلطته لم تحقق للشعب الفلسطيني اي شئ منذ اوسلو سوى انشاء دويلة الراتب الاوسلويه ودويلة الوهم العضوه الغير رسميه في الامم المتحده في حين ازداد فيه عدد المستوطنين والمستوطنات في الضفه والقدس اضعاف اضعاف من ماكان عليه الوضع قبل وجود سلطة اوسلو عام 1993..!
لا ادري عن اي انجازات تتحدث سلطة اوسلو بشقيها الغربي والشرقي سوى انجازات المقلوب والاخفاقات التي دمرت مقومات القضيه الفلسطينيه وشرذمت الوطن والشعب الفلسطيني وعزل قطاع غزه عن الضفه وتفتيت جغرافيه الوجود الفلسطيني وطنا ومهجرا.. انجازات المقاومه شئ واخفاقات السلطه الفلسطينيه شئ اخر لابل ان المقاومه والانتفاضه الفلسطينيه هي التي اتاحت لرموز اوسلو بدخول الوطن وتأسيس سلطة الموز والراتب الفاشله وطنيا في جميع النواحي الوطنيه وهي السلطه التي تكَّرش منتسبيها ونسيوا الوطن والقضيه الفلسطينيه وهي السلطه التي تنازلت عن ثلثي فلسطين التاريخيه وما زالت في حالة تنازل مستمره لصالح إلاحتلال والمستوطنات الاسرائيليه وهي السلطه اللتي تنازلت موضوعيا عن حق العوده لللاجئين وهي السلطه التي شكلت حاجز امني بين الاحتلال والشعب الفلسطيني لمنع التماس بين الاحتلال والشعب المُحتل والسجين في كانتونات ويمضي اكثر ايامه واقفا على الحواجز الاسرائيليه في انتظار تصريح مرور او تصريح عمل او تصاريح اخرى وهي السلطه التي همَّشت مكانة القدس وتركتها فريسه للإحتلال والاستيطان والتهويد الذي ابتلع بالفعل القدس وعروبة القدس..يبدو ان اسرائيل وامريكا الهَّت الشعب الفلسطيني بوجود سلطه فلسطينيه لتحصر الصراع وتحاصره في مواقع جغرافيه صغيره وكأن القضيه الفلسطينيه مرتبطه فقط بقطاع غزه وبعض مناطق الضفه والهموم المعيشيه واليوميه لسكان هذه المناطق..الذي جرى ان السلطه الفلسطينيه لم تتخلى عن ثلثي فلسطين التاريخيه فقط لابل تخلت ايضا عن ثلثي الشعب الفلسطيني الذي وصل تعداده اليوم 2012 ما فوق ال 11مليون نسمه يعاني الكثير من بين هذا الشعب الويلات وشغف العيش خاصة سكان المخيمات في المهجر والداخل وقطاع غزه والقدس والضفه الخ....
يعجب المرء في كيفية ان تقود سلطه فلسطينيه مرتبطه بالاحتلال الاسرائيلي اقتصاديا وسياسيا شعب يقبع تحت نفس الاحتلال اللتي تتقاضى هذه السلطه رواتب موظفيها منهُ والعجب كل العجب يكمن في ان قضيه بحجم القضيه الفلسطينيه تخضع لمصالح سلطه خاضعه بالكامل للإحتلال ومرتبطه به اقتصاديا وامنيا وسياسيا وبالتالي الجاري في فلسطين ليس فقط امر غير عادي وغير معقول لابل انه كارثه وطنيه تتواصل فصولها عام بعد عام وتلحق افدح الاضرار بمقومات القضيه الفلسطينيه التي هُمشت الى حد بعيد في ظل وجود سلطه فلسطينيه يحارب منتسبيها والمنتفعين من وجودها على بقاءها واستمرارها الذي يعني استمرار تغييب القضيه الفلسطينيه وتدمير مقوماتها التاريخيه والجغرافيه والديموغرافيه وهذا هو بالفعل الجاري اليوم على ارض فلسطين سواء على مستوى استمرار الاحتلال والاستيطان المكثف الذي يستهدف اخر الجيوب المتبقيه من الارض الفلسطينيه من جهه او على مستوى تهميش قضية اللاجئين واهمالها بالكامل من جهه ثانيه وبالتالي ماهو جاري هو المقلوب والذي يعني ان السلطه الفلسطينيه مرتبطه بالاحتلال وشروط وجودها ايضا مرتبطه بهذا الاحتلال وليست مرتبطه بالقضيه الفلسطينيه وتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني...السلطه الفلسطينيه اصبحت بكل وضوح كيانا للفلسطينيين المنتفعين من الاحتلال الاسرائيلي ومرتبطين به وهؤلاء المنتفعين يدافعون عن هذا الكيان والدكان ولا علاقه لبرنامجهم السياسي او الاقتصادي بالقضيه الفلسطينيه لامن بعيد ولا من قريب[على مستوى رام الله] والسلطه الفلسطينيه الغربيه صارت كيانا يدافع عن وجوده العقائدي والاقتصادي والسياسي ولا علاقه له بمجمل مكونات القضيه الفلسطينيه[على مستوى غزه].....التصريحات التي تطلقها قيادات ومكونات السلطه الفلسطينيه بشقيها الغربي والشرقي هي تصريحات استهلاكيه ودعائيه لهذه الكيانات وهي في المحصله تضر بمقومات القضيه الفلسطينيه الجغرافيه والديموغرافيه...الصراع على السلطه عزل قطاع غزه عن الضفه الفلسطينيه وكامل الوطن الفلسطيني وهذا الامر اخطر مما يسوقه البعض المنتفع من وجود كيانات سلطة اوسلو...
....الذي جرى ان الاحتلال الاسرائيلي قد قطَع اوصال وتواصل الشعب الفلسطيني جغرافيا وديموغرافيا من خلال الاحتلال والاستيطان ومن ثم جاءت السلطه الفلسطينيه لتساهم من خلال خنوعها وعجزها وارتباطها بهذا الاحتلال في تكثيف الاستيطان وتثبيت الاحتلال من جهه وتساهم من خلال الصراع على سلطة اوسلو في تفتيت وتقطيع عناصر التواصل بين ما تبقى من جيوب جغرافيه فلسطينيه والامر لا يتعلق بعزل الضفه عن غزه فقط لابل عزل القدس عن الضفه وتقطيع الضفه جغرافيا اربا اربا من خلال الجدار العازل والمستوطنات والشوارع والممرات الالتفافيه التي اقامها الاحتلال للتواصل بين المستوطنات الاسرائيليه وهي المستوطنات والممرات اللتي حوَّلت كامل المناطق الفلسطينيه الى كانتونات وجيوب غير متواصله جغرافيا وديموغرافيا...احيانا كثيره يحتاج الفلسطيني الى عشرة اضعاف الوقت المطلوب حتى يزور جاره او القريه المجاوره لانه مضطر ليلف دوره كامله عبر الحواجز والممرات والجدار العازل حتى يصل الى جاره او القريه المجاوره ناهيك عن ان الرحله من مناطق الضفه الى القدس تستغرق زمن طويل ان لم تكن مستحيله في ظل الحواجز والعقبات والممرات والمطبات التي زرعها الاحتلال الاسرائيلي بهدف تقطيع اوصال وتواصل القدس مع محيطها الجغرافي والديموغرافي الفلسطيني... حتى القدس العربيه نفسها اصبحت مقطعه الى جيوب جغرافيه وديموغرافيه ولا ننسى بالطبع الجاري في مدينة الخليل اكبر المدن الفلسطينيه التي حولها المستوطنون الى جيوب مقطعه وقتلوا شريان الحياه في شارعها الرئيسي وحَّولوا حياة الفلسطينيون في هذه المدينه الى جحيم حيث الحواجز والاسلاك اللتي تعيق حتى وصول الاطفال الفلسطينيون الى مدارسهم ناهيك عن عذاباتهم وما يتعرضون له من ارهاب مبرمج في ذهابهم وايابهم من المدارس التي تكون احيانا قريبه جدا من مكان سكناهم لكنهم يضطروا الى سلوك طرق ملتويه والتفافيه وبعيده بسبب المستوطنين والاسلاك الشائكه وحواجز قوات الاحتلال... والسؤال المطروح: لماذا تذهب سلطة اوسلو بعيدا الى نيويورك لتحقق لها انجاز وهمي بينما الواقع على الارض ا مَّر من المُر؟.. الجواب بسيط : هذه السلطه كذبه تاريخيه جاء بها الاحتلال والامريكان والغرب الامبريالي لتكون داعمه موضوعيا وعمليا للإ حتلال.. روابط قرى جديده ومتطورهتنظيميا واعلاميا! ...شاهدة زور على سرقة اخر ما تبقى من جيوب فلسطينيه...سلطه يدافع منتسبيها عن بقاءها كدكان ينتفعون منه ولا علاقه لها ولهم لامن بعيد ولا من قريب بالواقع الفلسطيني وهو واقع شديد المراره ويعكس نفسه على جميع مكونات ومركبات وحياة الشعب الفلسطيني والقضيه الفلسطينيه...هل سمعتم في التاريخ ان قياده وطنيه تمنع شعبها من مقارعة الاحتلال وتتوعد بقمع انتفاضته كما يفعل ويصرح عباس ومستشاره الشاطر؟
...الامر صار واضح ولا يحتاج الى قواميس تفسير وهو ان هذه السلطه كانت وما زالت جزء من استراتيجية الاحتلال والاستيطان الاسرائيلي وهي منخرطه ومندمجه بالكامل مع مخططات هذا الاحتلال, ولا تذهبوا بعيدا لا الى نيويورك ولا الى جنيف ولا حتى الى رام الله المطله على القدس..انظروا ببساطه الى هذه الجيوب الجغرافيه والديموغرافيه الفلسطينيه المقطعه ليست في الضفه والقدس وغزه فحسب لابل في كامل فلسطين التاريخيه...انها استراتيجية احتلال سافر منذ عام 1948 وحتى يومنا هذا,,, لكن الكارثه وتكريث الكارثه يكمن في وجود سلطه تزعم انها وطنيه وفلسطينيه وتفعل العكس... الاحتلال الاسرائيلي والسلطه وما تبقى من جيوب جغرافيه وديموغرافيه فلسطينيه افضل دليل على هول الخديعه التاريخيه المسماه بسلطه فلسطينيه والسؤال المطروح على كامل الشعب الفلسطيني: الى متى ستستمر سياسة التقطيع والجيوب في ظل وجود سلطه عاجزه وفاسده ومندمجه مع مخططات الاحتلال موضوعيا وعمليا..؟!