بقلم : د.عبد الستار قاسم ... 24.07.2013
حزب الله ليس بحاجة إلى شهادة من أحد، لكن دول الاستعمار واستغلال الشعوب وسفك الدماء الأوروبية تصر على إعطائه شهادة بأنه حزب وفيّ لأمته ودينه، وملتزم بمبادئه وأهدافه، ومصر على مقاومة الاحتلال والتأسيس لاستقلال لبناني وعربي حقيقي. هذا زمن يُعرف فيه الحق بالقوة، وإذا كانت الدول الأوروبية تظن أنها قادرة على تصنيف الناس بالإرهابيين أو المعتدلين أو الضالين والمهتدين، فإن أحزابا مثل حزب الله ستقلب الطاولة لتُعرف القوة بالحق وليتراجع الجبروت لصالح المستضعفين المظلومين.
من هو الشخص الذي يمتدحه الأمريكيون والصهاينة والبريطانيون والفرنساويون؟ أو من هي الجهة التي تلاقي هكذا مديح؟
هو الشخص الخائن، أو الجهة الخائنة التي لديها الاستعداد لتساوم على القضايا والمصالح العربية لصالح أهل الغرب وربيبتهم إسرائيل. لم نجد أي جهة أوروبية أو أمريكية تمتدح قائدا عربيا وطنيا، أو مفكرا عربيا وطنيا، أو فقيها دينيا عربيا وطنيا مسلما كان أو مسيحيا، وإنما نسمعهم يمتدحون الخونة والمنحرفين والمساومين والعملاء الذين لديهم الاستعداد للتخلي عن المصالح العربية والقضايا العربية السياسية والاقتصادية والاجتماعية العربية ليطوعوا أبناء الأمة ومؤسساتها للإرادة الغربية والرغبات والمصالح الغربية.
لا يعتلي جاسوس أو خائن او ساقط أو سافل أو منحط أو عميل سدة المسؤولية في الوطن العربي إلا ونجد أهل الغرب وإسرائيل يقيمون حملات التبجيل والمديح والثناء له، ويصفونه بأحلى الصفات وأفضلها، ويوظفون إعلامهم لتسويقه على أنه الفذ والعبقري والملهم والمنقذ والمخلص والبطل الذي سيأخذ بيد شعبه إلى بر الأمان حيث الرخاء والرفاه والأفراح والبهجة والحبور.
عندما تقول أوروبا إن حزب الله إرهابي فهذا يعني أنه على حق، وعندما تقول إن قائدا عربيا معتدل فهذا يعني أنه خائن وعميل. نحن العرب على وعي تام بأهداف أوروبا وسادتها الإسرائيليون والأمريكيون، ولا نتوقع منها إلا الشر والأذى والعدوان ونهب الثروات. أوروبا بقيادة بريطانيا وفرنسا ألحقتا الأحزان والآلام بشعوبنا العربية، ومزقت بلادنا وأضعفتنا ومكنت الصهاينة من رقابنا. لو كان حكامنا يخجلون، أو في وجوههم بعض حياء لما أقاموا علاقات مع هذه الدول النجسة وبالأخص بريطانيا وفرنسا.
وقبل أن تتطاول أوروبا على الآخرين، عليها أن تبحث عن استقلالها، وأن تبحث عن إرادة داستها النعال الأمريكية والإسرائيلية. أوروبا ليست حرة في أغلب سياساتها الخارجية، وهي لا تستطيع أن تتحدى السياسة الأمريكية، بل هي مبرمجة الآن لكي تطيع، وتتبنى السياسة الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة العربية الإسلامية، ومن فقد إرادته لا يحق له أن يتطاول على من يعتبرون إرادتهم الحرة أمرا مقدسا تهون النفوس في سبيله.
وللقادة العرب الخاسئين لا بد من القول إن هؤلاء الذين يدعمونكم ويحافظون على حكمكم ويمكنوكم من رقاب الأمة غير دائمين، وعندما يزولون عن وطننا ستزولون معهم. نحن نعي أن قادة لبنانيون وغير لبنانيين قد ابتهجوا للقرار الأوروبي عسى في ذلك ما يعجل في سقوط حزب الله وزواله، لكن حزب الله باق وهم إلى زوال.
لكن عظيم الأمر يتجلى في أن أحزابا وفئات عربية وإسلامية عدة قد تم تصنيفها على أنها إرهابية من قبل الغرب، وهي ما زالت تتنابز فيما بينها، ومستعدة للاقتتال الداخلي. الغرب يحيك المؤامرات ويحشد القوات من أجل خراب ديارنا وبقاء سيطرته علينا، وبعض أحزابنا الموصوفة بالإرهاب تلهث وراء الفتن الداخلية وتصنف الناس بين شيعي وسني وأرثوذكسي وماروني وعربي وكردي. المسلم الحقيقي هو الذي يقاتل من قاتلنا وأخرجنا من ديارنا وحرض على إخراجنا، وهؤلاء هم الفرنساويون والبريطانيون والأمريكيون والصهاينة وأغلب حكام العرب.